إذَا لَمْ يُصَادِفْ وَقْتَ وُضُوءٍ وَلَا غُسْلٍ انْتَهَى وَاقْتَصَرَ فِي التَّنْبِيهِ عَلَى الْغُسْلِ
(وَ) أَنْ (يُسَبِّحَ لِرَعْدٍ وَبَرْقٍ) رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ إذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ وَقَالَ: سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَقِيسَ بِالرَّعْدِ الْبَرْقُ (وَ) أَنْ (لَا يُتْبِعَهُ) أَيْ الْبَرْقَ (بَصَرَهُ) قَالَ تَعَالَى {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ} [النور: ٤٣] .
رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا رَأَى أَحَدُكُمْ الْبَرْقَ أَوْ الْوَدَقَ أَيْ الْمَطَرَ فَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ
(وَ) أَنْ (يَقُولَ عِنْدَ مَطَرٍ اللَّهُمَّ صَيِّبًا) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ مَطَرًا (نَافِعًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَيَدْعُوَ بِمَا شَاءَ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «يُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ عِنْدَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ وَنُزُولِ الْغَيْثِ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَرُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ» (وَ) أَنْ (يَقُولَ) فِي (إثْرِهِ) أَيْ فِي إثْرِ الْمَطَرِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ (مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ) عَلَيْنَا (وَرَحْمَتِهِ) لَنَا (وَكُرِهَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا) بِفَتْحِ نُونِهِ وَهَمْزِ آخِرِهِ أَيْ بِوَقْتِ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي إضَافَةِ الْأَمْطَارِ إلَى الْأَنْوَاءِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْمُهِمَّاتِ وَلَيْسَ بَحْثًا لِلشَّارِحِ وَأَمَّا قَوْلُ م ر كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ فَفِيهِ نَظَرٌ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
وَفِيهِ أَنَّهُ عَلَى جَعْلِهِ مِنْ كَلَامِ الْمُهِمَّاتِ يُنَافِي مَا نَقَلَهُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ م ر مِنْ أَنَّ صَاحِبَ الْمُهِمَّاتِ يَشْتَرِطُ النِّيَّةَ فِي هَذَا الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ قَالَ وَخِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ قَوْلِهِ اهـ عَلَى قَوْلِهِ وَأَنَّهُ لَا نِيَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا نِيَّةَ إلَخْ مِنْ كَلَامِ الْمُهِمَّاتِ وَكَلَامُ م ر فِيهِ حَذْفٌ وَالْأَصْلُ وَخِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي قَوْلِهِ لَا نِيَّةَ فِيهِ إلَّا إنْ صَادَفَ، فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِمَا قَبْلَهُ كَمَا فَهِمَهُ الشَّوْبَرِيُّ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ يَقُولُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ مُطْلَقًا وَالْإِسْنَوِيَّ يَقُولُ لَا تُشْتَرَطُ إلَّا أَنْ يُصَادِفَ وَقْتَ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ فَتُشْتَرَطُ فَيَكُونُ الشَّارِحُ مُوَافِقًا لِلْأَذْرَعِيِّ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُصَادِفْ إلَخْ) بِأَنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا وَلَمْ يُصَلِّ بِهِ صَلَاةً وَلَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ غُسْلٌ وَاجِبٌ وَلَا مَسْنُونٌ وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا نِيَّةَ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْوُضُوءِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَخْصُوصَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا حَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ لِأَنَّ الْغَرَضَ إمْسَاسُ الْمَاءِ لِتِلْكَ الْأَعْضَاءِ فَهُوَ عَلَى صُورَةِ الْمُتَوَضِّئِ اهـ قَالَ ع ش وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ التَّرْتِيبُ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ وُصُولُ الْمَاءِ لِهَذِهِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِدُونِ التَّرْتِيبِ وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ السُّنَّةِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِكَمَالِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ مَعَ التَّرْتِيبِ
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُسَبِّحَ إلَخْ) أَيْ عِنْدَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْأَوَّلَ وَلَمْ يَرَ الثَّانِيَ وَالرَّعْدُ هُوَ الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْ السَّحَابِ وَالْبَرْقُ النَّارُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهُ وَقِيلَ الرَّعْدُ مَلَكٌ وَالْبَرْقُ أَجْنِحَتُهُ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ فَالْمَسْمُوعُ هُوَ صَوْتُهُ أَوْ صَوْتُ سَوْقِهِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ وَأُطْلِقَ الرَّعْدُ عَلَيْهِ مَجَازًا س ل.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ ابْنَ الزُّبَيْرِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: تَرَكَ الْحَدِيثَ) أَيْ الْكَلَامَ الَّذِي كَانَ مَشْغُولًا بِهِ سَوَاءٌ كَانَ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ أَوْ غَيْرِهِ ع ش اط ف (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِالرَّعْدِ الْبَرْقُ) أَيْ فِي طَلَبِ التَّسْبِيحِ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْبَرْقِ سُبْحَانَ مَنْ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: سَنَا بَرْقِهِ) السَّنَا بِالْقَصْرِ الضَّوْءُ وَبِالْمَدِّ الشَّرَفُ قَوْلُهُ: يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ أَيْ يُضْعِفُهَا بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ) أَيْ فَلَا يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: فَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ شَامِلٌ لِلْإِشَارَةِ بِغَيْرِ الْبَصَرِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ قَالَ م ر، وَكَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَكْرَهُونَ الْإِشَارَةَ إلَى الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ وَيَقُولُونَ عِنْدَ ذَلِكَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ فَيُخْتَارُ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ فِي ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ صَيْبًا) مِنْ صَابَ يُصَوِّبُ إذَا نَزَلَ إلَى أَسْفَلَ (قَوْلُهُ: أَيْ مَطَرًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ مَطَرًا نَازِلًا مِنْ عُلُوٍّ إلَى أَسْفَلَ لِأَنَّ الصَّيِّبَ مَعْنَاهُ النَّازِلُ مِنْ عُلُوٍّ إلَى أَسْفَلَ (قَوْلُهُ: يُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ) عِبَارَةُ م ر تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُقَارَبَةُ وَبِالصُّفُوفِ حَالُ الْجِهَادِ وَبِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظِهَا أَيْ التَّوَجُّهِ إلَيْهَا كَمَا فِي ق ل (قَوْلُهُ وَرُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ وَرُؤْيَتُهُ لَهَا وَكَانَ الزَّمَنُ قَرِيبًا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَيْ فِي إثْرِ الْمَطَرِ) لَمْ يَقُلْ أَيْ الْمَطَرِ بِإِسْقَاطٍ فِي إثْرٍ لِأَجْلِ حِكَايَةِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ فِي إثْرٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الثَّاء وَبِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَعَ الثَّاءِ كَمَا ضَبَطَهُ بِالْقَلَمِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِنَوْءٍ كَذَا) أَفَادَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْبَاءِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مُطِرْنَا فِي نَوْءِ كَذَا لَمْ يُكْرَهْ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ ق ل، وَالنُّونُ بِفَتْحِ النُّونِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ النَّوْءُ فِي أَصْلِهِ لَيْسَ هُوَ نَفْسَ الْكَوْكَبِ فَإِنَّهُ مَصْدَرُ نَاءَ النَّجْمُ يَنُوءُ نَوْءًا أَيْ سَقَطَ وَغَابَ وَقِيلَ أَيْ طَلَعَ وَنَهَضَ. بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ نَجْمًا مَعْرُوفَةُ الْمَطَالِعِ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِمَنَازِل الْقَمَرِ الثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ يَسْقُطُ فِي كُلِّ ثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً نَجْمٌ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ وَيَطْلُعُ آخَرُ مُقَابِلُهُ مِنْ الْمَشْرِقِ مِنْ سَاعَتِهِ فَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إذَا كَانَ عِنْدَ ذَلِكَ مَطَرٌ يَنْسُبُونَهُ إلَى السَّاقِطِ الْغَارِبِ مِنْهَا، وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ إلَى الطَّالِعِ مِنْهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَلَمْ نَسْمَعْ أَنَّ النَّوْءَ السُّقُوطُ إلَّا فِي هَذَا