غَيْرُهَا وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ مُكْثِرًا فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ، أَوْ مُتَوَسِّطًا فَمِنْ مُتَوَسِّطِهَا أَوْ مُقِلًّا فَمِنْ خَشِنِهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ تَكْفِينِ الصَّبِيِّ بِالْحَرِيرِ وَجَوَازُ التَّكْفِينِ بِالْمُتَنَجِّسِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَنْعُ الثَّانِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّاهِرِ وَإِنْ جَوَّزْنَا لُبْسَهُ لِلْحَيِّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا. (وَكُرِهَ مُغَالَاةٌ فِيهِ) لِخَبَرِ «لَا تُغَالُوا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَرِيعًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَ) كُرِهَ (لِأُنْثَى نَحْوُ مُعَصْفَرٍ) مِنْ حَرِيرٍ وَمُزَعْفَرٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْحَرِيرَ لِحَكَّةٍ أَوْ جَرَبٍ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهُ لِانْتِهَاءِ حَاجَتِهِ بِمَوْتِهِ وَلَمْ يَخْلُفْهَا شَيْءٌ آخَرُ بِخِلَافِ الشَّهِيدِ فَإِنَّهُ وَإِنْ انْتَهَتْ حَاجَتُهُ بِمَوْتِهِ لَكِنْ خَلَفَهَا شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ اسْتِحْبَابُ تَكْفِينِهِ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِالطِّينِ عِنْدَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَلَوْ حَشِيشًا وَإِنْ اكْتَفَى بِهِ فِي الْحَيَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ ح ل وَمَا يَقَعُ مِنْ جَعْلِ الْحِنَّاءِ فِي يَدَيْ الْمَيِّتِ وَرِجْلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ ذَلِكَ فِي الرِّجَالِ لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهِمْ فِي الْحَيَاةِ وَيُكْرَهُ فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الْمَيِّتِ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَقَالَ الْعَنَانِيُّ قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ أَيْ: وُجُوبًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَكْفِينُهُ فِي غَيْرِ اللَّائِقِ بِهِ لِأَنَّهُ إزْرَاءٌ بِهِ وَهُوَ حَرَامٌ قَالَهُ الشَّيْخُ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا هُوَ أَظْهَرُ فِي خِلَافِهِ وَلَا وَجْهَ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ) وَإِنْ كَانَ مُقَتِّرًا عَلَى نَفْسِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْمُفْلِسِ بِأَنَّ ذَاكَ يُنَاسِبُهُ إلْحَاقُ الْعَارِ بِهِ الَّذِي رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ لَعَلَّهُ يَنْزَجِرُ عَنْ مِثْلِ فِعْلِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ ح ل (قَوْلُهُ: فَمِنْ خَشِنِهَا) أَيْ: قَلِيلِ الْقِيمَةِ أَيْ: وَإِنْ اعْتَادَ الْجِيَادَ فِي حَيَاتِهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: تَكْفِينِ الصَّبِيِّ) أَيْ: وَالْمَجْنُونِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: مُنِعَ الثَّانِي مَعَ الْقُدْرَةِ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ: مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّاهِرِ أَيْ: وَلَوْ حَرِيرًا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ كَمَا قَالَهُ سم وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الطَّاهِرِ كُفِّنَ بِالْمُتَنَجِّسِ وَيُنْزَعُ مِنْهُ حَالَ الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ مُغَالَاةٌ فِيهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَارِثُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ غَائِبًا أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مُفْلِسًا حَرُمَتْ الْمُغَالَاةُ مِنْ التَّرِكَةِ شَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَوْ كَفَّنَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ التَّرِكَةِ وَأَسْرَفَ فَعَلَيْهِ غُرْمُ حِصَّةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَلَوْ قَالَ: أَخْرِجُوا الْمَيِّتَ مِنْ الْقَبْرِ وَخُذُوهُ أَيْ: الْكَفَنَ لَمْ يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُمْ نَبْشُ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ الْكَفَنُ مُرْتَفِعَ الْقِيمَةِ وَإِنْ زَادَ فِي الْعَدَدِ فَلَهُمْ النَّبْشُ وَإِخْرَاجُ الزَّائِدِ قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مُرْتَفِعِ الْقِيمَةِ وَالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ حَتَّى جَازَ النَّبْشُ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ؟ قُلْت الزِّيَادَةُ فِي الثَّانِي أَصْلٌ مُتَمَيِّزَةٌ فِي نَفْسِهَا بِخِلَافِ الْأُولَى فَهِيَ تَابِعَةٌ وَغَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُغَالَاةِ عَنْ تَحْسِينِهِ فِي بَيَاضِهِ وَنَظَافَتِهِ وَسُبُوغَتِهِ فَإِنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» أَيْ: يَتَّخِذُهُ أَبْيَضَ نَظِيفًا سَابِغًا وَلِخَبَرِ «حَسِّنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ بِهَا فِي قُبُورِهِمْ» فَإِنْ قِيلَ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِمْرَارُ الْأَكْفَانِ حَالَ تَزَاوُرِهِمْ، وَقَدْ يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُسْلَبُ سَرِيعًا قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا بِاعْتِبَارِ الْحَالَةِ الَّتِي نُشَاهِدُهَا كَتَغَيُّرِ الْمَيِّتِ، وَأَنَّهُمْ إذَا تَزَاوَرُوا يَكُونُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي دُفِنُوا بِهَا وَأُمُورُ الْآخِرَةِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا ع ش عَلَى م ر.
وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَرِيعًا اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «حَسِّنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمَوْتَى تَتَبَاهَى بِأَكْفَانِهِمْ» وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُبَاهَاةَ إمَّا قَبْلَ الْبِلَى أَوْ بَعْدَ إعَادَتِهَا فَقَدْ وَرَدَ أَنَّهَا تَعُودُ لَهُمْ بَعْدَ قِيَامِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ ثُمَّ تُسْلَبُ عَنْهُمْ عِنْدَ الْمَحْشَرِ، وَنُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ س ل وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَكْفِينُ الْمَرْأَةِ وَدَفْنُهَا فِي ثِيَابِهَا الْمُثَمَّنَةِ وَلَوْ بِمَا يُسَاوِي أُلُوفًا مِنْ الذَّهَبِ كَالْبِشْتِ الْمُزَرْكَشِ بِالذَّهَبِ وَفِي صِيغَتِهَا كَذَلِكَ وَلَا يَحْرُمُ مِنْ جِهَةِ إضَاعَةِ الْمَالِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ لِغَرَضٍ وَهُوَ هُنَا إكْرَامُ الْمَيِّتِ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الْمَوْتَى تَتَبَاهَى بِأَكْفَانِهِمْ وَأَيْضًا فَفِي هَذَا تَسْكِينٌ لِلْحُزْنِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَثَلًا إذَا رَأَتْ مَتَاعَ بِنْتِهَا بَعْدَ مَوْتِهَا يَشْتَدُّ حُزْنُهَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْوَرَثَةِ قَاصِرٌ وَأَنْ تَتَّفِقَ الْوَرَثَةُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهَا دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسْلَبُ) أَيْ: يَبْلَى فِي الْقَبْرِ كَمَا تَبْلَى الْأَجْسَادُ فَإِذَا أُعِيدَتْ الْأَجْسَادُ عَادَتْ الْأَكْفَانُ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ الْقُبُورِ وَالذَّهَابِ إلَى الْمَحْشَرِ فَيَحْصُلُ التَّبَاهِي بِالْأَكْفَانِ فَإِذَا وَصَلُوا إلَى الْمَحْشَرِ تَسَاقَطَتْ الْأَكْفَانُ وَحُشِرُوا حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا أَيْ: غَيْرَ مَخْتُونِينَ ثُمَّ عِنْدَ السَّوْقِ إلَى الْجَنَّةِ يُكْسَوْنَ بِحُلَلِ الْجَنَّةِ وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute