وَالتَّقْيِيدُ بِالْأُنْثَى مَعَ ذِكْرِ نَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَأَقَلُّهُ) أَيْ الْكَفَنِ (ثَوْبٌ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ) كَالْحَيِّ فَيَخْتَلِفُ قَدْرُهُ بِالذُّكُورَةِ وَغَيْرِهَا (وَلَوْ أَوْصَى بِإِسْقَاطِهِ) لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ الْآتِي ذِكْرُهُ فَإِنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ بِمَثَابَةِ مَا يُجَمَّلُ بِهِ الْحَيُّ فَلَهُ مَنْعُهُ، فَإِذَا أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ كُفِّنَ بِسَاتِرِهَا لَا بِسَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي التَّكْفِينِ سَتْرُ كُلِّ الْبَدَنِ لَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِ سَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْوَرَثَةُ يُكَفَّنُ بِهِ وَالْغُرَمَاءُ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا فِي التَّكْفِينِ بَلْ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ فَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءُ وَلَمْ يُسْقِطْهُ عَلَى أَنَّ فِي هَذَا الِاتِّفَاقِ نِزَاعًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهُوَ مَعَ حَمْلِهِ عَلَى مَا قُلْنَا مُسْتَثْنًى لِتَأَكُّدِ أَمْرِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ لِلْغُرَمَاءِ مَنْعَ مَا يُصْرَفُ فِي الْمُسْتَحَبِّ وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِمَا ذُكِرَ وَاخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ فِي تَكْفِينِهِ بِثَوْبٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوَاتَّفَقُوا عَلَى ثَوْبٍ أَوْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ كُفِّنَ بِثَلَاثَةٍ. (وَأَكْمَلُهُ لِذَكَرٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ ز ي بِتَصَرُّفٍ
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْكَفَنِ) لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ إلَّا رَأْسَ الْمُحْرِمِ وَوَجْهَ الْمُحْرِمَةِ ح ل. (تَنْبِيهٌ) .
حُكْمُ الذِّمِّيِّ فِي الْكَفَنِ حُكْمُ الْمُسْلِمِ حَتَّى لَوْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ يُكَفَّنُ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ فَيْئًا أَيْ: حَيْثُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَلَا وَصِيَّةَ بِإِسْقَاطِ شَيْءٍ مِنْهَا شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ فَإِذَا سُتِرَتْ الْعَوْرَةُ سَقَطَ الْحَرَجُ حِينَئِذٍ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَبَقِيَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مُتَعَلِّقًا بِالْوَرَثَةِ إنْ كَانَ هُنَاكَ تَرِكَةٌ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجِبُ سَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَمَحَلُّهُ إنْ كُفِّنَ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ أَوْ مِنْهَا وَهُنَاكَ دَيْنٌ وَلَمْ تُجِزْ الْغُرَمَاءُ وَإِلَّا وَجَبَ ثَلَاثٌ ز ي (قَوْلُهُ: بِالذُّكُورَةِ إلَخْ) أَيْ: لَا بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَيَجِبُ فِي الْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُ بَدَنَهَا إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِزَوَالِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ وَوُجُوبِ سَتْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ لَيْسَ لِكَوْنِهِمَا عَوْرَةً بَلْ لِكَوْنِ النَّظَرِ إلَيْهِمَا يُوقِعُ فِي الْفِتْنَةِ غَالِبًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَى بِإِسْقَاطِهِ) أَيْ: فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِإِيصَائِهِ وَقَوْلُهُ: لَا بِسَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ أَيْ: لَا يَجِبُ ذَلِكَ وَيَسْقُطُ الْحَرَجُ عَنْ الْوَرَثَةِ كَبَاقِي الْأُمَّةِ عَلَى كَلَامِهِ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ ذَلِكَ أَيْ: الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يُكَفَّنُ بِسَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ حِينَئِذٍ أَيْ: حِينَ إذْ أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا أَنَّ أَقَلَّ الْكَفَنِ ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ أَوْصَى بِالِاقْتِصَارِ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ لَيْسَ مَحْضَ حَقِّ الْمَيِّتِ بَلْ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَيْضًا فَلَمْ يَمْلِكْ إسْقَاطَهُ كَمَا أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا زَادَ عَلَى الثَّوْبِ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَحْضُ حَقِّ الْمَيِّتِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ ح ل وم ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ: فَقَطْ وَلَا حَقَّ لِلْمَيِّتِ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَقَطْ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَهَذَا عَلَى طَرِيقَتِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِلْمَيِّتِ مَعًا م ر (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْعَوْرَةِ مَنْدُوبٌ أَيْ: وَالْقَاعِدَةُ إجَابَةُ الْغُرَمَاءِ فِي مَنْعِ الْمَنْدُوبِ وَكُلٌّ مِنْ الْمَبْنِيِّ وَالْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ ضَعِيفٌ، وَقَدْ أَجَابَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ إلَخْ وَهَذَا الْجَوَابُ لَا يُعْقَلُ إلَّا بِمُلَاحَظَةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي فَجَعْلُهُمَا جَوَابَيْنِ فِيهِ تَسَمُّحٌ قَالَ: اط ف وَغَرَضُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ تَأْيِيدُ طَرِيقَتِهِ مِنْ وُجُوبِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ فِي التَّكْفِينِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِكَوْنِهِ) أَيْ: سَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ وَاجِبًا فِي التَّكْفِينِ أَيْ: لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ أَيْ: مُتَمَحَّضًا لَحِقَهُ عِنْدَ الشَّارِحِ وَيَتَوَقَّفُ سُقُوطُهُ عَلَى إسْقَاطِهِ عِنْدَ الشَّارِحِ لِكَوْنِهِ مَحْضَ حَقِّهِ ح ل. (قَوْلُهُ: مَعَ حَمْلِهِ عَلَى مَا قُلْنَا) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ حَقُّهُ لَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِيضَاحُ هَذَا أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ صَارَ بِمَثَابَةِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَاجِبٌ لِحَقِّهِ وَلِلْغُرَمَاءِ مَنْعُهُمَا فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُمْ مَنْعَ هَذَا أَيْضًا فَيُقَالُ فِي جَوَابِهِ هُوَ مُسْتَثْنًى لِتَأَكُّدِ أَمْرِهِ ح ل (قَوْلُهُ: مُسْتَثْنًى) أَيْ: مِنْ قَاعِدَةِ إجَابَةِ الْغُرَمَاءِ فِي مَنْعِ الْمَنْدُوبِ وَهَذَا مِنْهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ فَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْدُوبِ سَاتِرُ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ فَتُجَابُ فِيهِ الْوَرَثَةُ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ: وَإِلَّا يَكُنْ مُسْتَثْنًى فَلَا يَصِحُّ دَعْوَى الِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ أَيْ: لِأَنَّ مَا جَزَمَ بِهِ يُنَافِي هَذَا الِاتِّفَاقَ الْمَفْرُوضَ صِحَّتُهُ تَأَمَّلْ، فَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ وَأُقِيمَتْ عِلَّتُهُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِمَا ذَكَرَ) أَيْ: بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ فَإِذَا أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ أَيْ: وَلَوْ انْتَفَتْ وَصِيَّتُهُ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَلَوْ هُنَا لَيْسَتْ امْتِنَاعِيَّةً بَلْ هِيَ لِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ وَلَوْ لَمْ يُوصِ إلَى قَوْلِهِ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةٍ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ بِمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْعِ الزَّائِدِ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَإِذَا أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ أَيْ: فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ كَانَ وَأَجَازَتْ الْغُرَمَاءُ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَجَبَ ثَلَاثَةٌ وَإِلَّا وَجَبَ وَاحِدٌ فَقَطْ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَا زَادَ عَلَى الثَّوْبِ مَحْضُ حَقِّ الْمَيِّتِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ فَلَوْ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِذَلِكَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَهِيَ أَوْضَحُ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَكْمَلُهُ لِذَكَرٍ ثَلَاثَةٌ) إنْ قُلْت الثَّلَاثَةُ وَاجِبَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ سَابِقًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute