وَلَوْ صَغِيرًا (ثَلَاثَةٌ) يَعُمُّ كُلٌّ مِنْهَا الْبَدَنَ غَيْرَ رَأْسِ الْمُحْرِمِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» (وَجَازَ أَنْ يُزَادَ تَحْتَهَا قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ) كَمَا فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ بِابْنٍ لَهُ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (وَ) أَكْمَلُهُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الذَّكَرِ مِنْ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى الْمَزِيدِ عَلَى الْأَصْلِ خَمْسَةٌ. (إزَارٌ فَقَمِيصٌ فَخِمَارٌ فَلِفَافَتَانِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفَّنَ فِيهَا ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْإِزَارُ وَالْمِئْزَرُ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَالْخِمَارُ مَا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ، وَلَيْسَتْ الْخَمْسَةُ فِي حَقِّ غَيْرِ الذَّكَرِ كَالثَّلَاثَةِ فِي حَقِّ الذَّكَرِ حَتَّى تُجْبَرَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا كَمَا تُجْبَرَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ فِي الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهَا سَرَفٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهَا لَمْ يَبْعُدْ وَبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ وَذِكْرُ التَّرْتِيبِ فِي الْمَذْكُورَاتِ مِنْ زِيَادَتِي (وَمَنْ كُفِّنَ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِثَلَاثَةٍ فَهِيَ لَفَائِفُ) بِوَصْفِهَا السَّابِقِ.
(وَسُنَّ) كَفَنٌ (أَبْيَضُ) لِخَبَرِ: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَمَغْسُولٌ) لِأَنَّهُ لِلصَّدِيدِ وَالْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ كَمَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَأَنْ يَبْسُطَ أَحْسَنَ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعَهَا) إنْ تَفَاوَتَتْ حُسْنًا وَسَعَةً كَمَا يُظْهِرُ الْحَيُّ أَحْسَنَ ثِيَابه وَأَوْسَعَهَا (وَالْبَاقِي) مِنْ لِفَافَتَيْنِ أَوْ لِفَافَةٍ (فَوْقَهَا وَ) أَنْ (يُذَرَّ) بِمُعْجَمَةٍ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ (عَلَى كُلٍّ) مِنْ اللَّفَائِفِ قَبْلَ وَضْعِ الْأُخْرَى عَلَيْهَا (وَ) عَلَى (الْمَيِّتِ حَنُوطٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْكَافُورُ، وَذَرِيرَةُ الْقَصَبِ وَالصَّنْدَلُ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الْهَوَامَّ وَيَشُدُّ الْبَدَنَ وَيُقَوِّيَهُ، وَيُسَنُّ تَبْخِيرُ الْكَفَنِ بِالْعُودِ أَوَّلًا (وَ) أَنْ (يُوضَعَ) الْمَيِّتُ (فَوْقَهَا) بِرِفْقٍ (مُسْتَلْقِيًا) عَلَى ظَهْرِهِ (وَ) أَنْ (تُشَدَّ أَلْيَاهُ) بِخِرْقَةٍ بَعْدَ أَنْ يُدَسَّ بَيْنَهُمَا قُطْنٌ عَلَيْهِ حَنُوطٌ. (وَأَنْ يُجْعَلَ عَلَى مَنَافِذِهِ) كَعَيْنَيْهِ وَمَنْخَرَيْهِ وَأُذُنَيْهِ وَعَلَى مَسَاجِدِهِ كَجَبْهَتِهِ (قُطْنٌ) عَلَيْهِ حَنُوطٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِمَا ذَكَرَ إلَخْ فَكَيْفَ يَجْعَلُهَا هُنَا أَكْمَلَ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهَا أَكْمَلُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ وَجَازَ أَنْ يُزَادَ تَحْتَهَا قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ وَإِلَّا فَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي نَفْسِهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَتُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمْ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرًا) أَيْ: أَوْ مَحْرَمًا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: يَمَانِيَةٍ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ أَيْ: مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ الْيَمِينِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ) أَيْ: أَنَّهُمَا لَيْسَا فِي كَفَنِهِ أَصْلًا كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ اج عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ أَنْ يُزَادَ تَحْتَهَا إلَخْ) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ وَرَضُوا بِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: فَلِفَافَتَانِ) لَا يُنَافِي مَا يَأْتِي أَنَّهُ إذَا كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لَفَائِفَ؛ لِأَنَّ ذَاكَ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لَفَائِفَ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ الْخَمْسَةُ فِي حَقِّ غَيْرِ الذَّكَرِ كَالثَّلَاثَةِ فِي حَقِّ الذَّكَرِ) أَيْ: فَلَا تُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا وَلَا تَجُوزُ إذَا كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: حَتَّى تُجْبَرَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَمِنْ عِبَارَةِ م ر أَنَّ الْخَمْسَةَ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَلَا تَجُوزُ إلَّا بِرِضَا الْوَرَثَةِ وَلَا تَجُوزُ إذَا كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَأَنَّ الثَّلَاثَةَ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَتُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى رُشْدِهِمْ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَإِلَّا حَرُمَتْ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهَا مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ رِضَا الْوَرَثَةِ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ إلَخْ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ لَا حُرْمَةَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْخَمْسَةِ لِأَنَّهُ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ إكْرَامُ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: بِوَصْفِهَا السَّابِقِ) أَيْ: يَعُمُّ كُلٌّ مِنْهَا الْبَدَنَ.
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ أَبْيَضُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الْأَبْيَضِ الْآنَ لَمْ يَبْعُدْ لِمَا فِي التَّكْفِينِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ وَلَوْ أَوْصَى بِغَيْرِ الْأَبْيَضِ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ لَا تُنَفَّذُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَمَغْسُولٌ) أَيْ: قَدِيمُ مَغْسُولٍ أَيْ: فَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ الْكَفَنُ مَلْبُوسًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ (قَوْلُهُ: حُسْنًا وَسَعَةً) لَوْ تَعَارَضَا الْحُسْنُ وَالسَّعَةُ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الثَّانِي ع ش وس ل. (قَوْلُهُ: مِنْ لِفَافَتَيْنِ) أَيْ: فِي تَكْفِينِ الذَّكَرِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لِفَافَةٍ أَيْ: فِي تَكْفِينِ غَيْرِ الذَّكَرِ مِنْ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْحَنُوطِ أَيْ: فِي تَرْكِيبِهِ إذْ هُوَ شَيْءٌ مُرَكَّبٌ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَغَيْرِهَا وَالْمُرَادُ بِذَرِيرَةِ الْقَصَبِ وَالصَّنْدَلِ بِنَوْعَيْهِ أَنْوَاعٌ مِنْ الطِّيبِ اهـ (قَوْلُهُ: بِالْعُودِ أَوَّلًا) أَيْ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ع ش (قَوْلُهُ: مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ) وَتُجْعَلُ يَدَاهُ عَلَى صَدْرِهِ وَيُمْنَاهُ عَلَى يُسْرَاهُ أَوْ يُرْسَلَانِ فِي جَنْبَيْهِ أَيُّهُمَا فَعَلَ فَحَسَنٌ أَيْ: فَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصَلِّي حَيْثُ كَانَ جَعْلُهُمَا عَلَى صَدْرِهِ أَفْضَلَ مِنْ إرْسَالِهِمَا بِأَنْ جَعَلَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ ثَمَّ أَبْعَدُ عَنْ الْعَبَثِ بِهِمَا؛ وَلِمَا قِيلَ إنَّهُ إشَارَةٌ إلَى حِفْظِ الْإِيمَانِ وَالْقَبْضِ عَلَيْهِ وَكِلَاهُمَا لَا يَتَأَتَّى هُنَا شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ تُشَدَّ أَلْيَاهُ) أَيْ: قَبْلَ لَفِّ اللَّفَائِفِ عَلَيْهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَيُجْعَلُ عَلَى مَنَافِذِهِ قُطْنٌ) أَيْ: دَفْعًا لِلْهَوَامِّ وَعَنْ الْمَنَافِذِ وَقَوْلُهُ: وَعَلَى مَسَاجِدِهِ أَيْ: مَوَاضِعِ سُجُودِهِ إكْرَامًا لَهَا وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ. (قَوْلُهُ: كَجَبْهَتِهِ) أَيْ: وَأَنْفِهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَبَاطِنِ كَفَّيْهِ وَأَصَابِعِ قَدَمَيْهِ.
وَهَلْ يَشْمَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute