أَوْ غَصْبٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُخْرِجُ عَنْ غَيْرِهِ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا. وَوُجُوبُ فِطْرَةِ زَوْجَةِ الْكَافِرِ عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي وَصُورَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ تَحْتَهُ وَيَدْخُلَ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ عَنْهَا لِأَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْمُؤَدِّي وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْفِطْرَةَ لَا تَجِبُ لِمَنْ حَدَثَ بَعْدَ الْوُجُوبِ كَوَلَدٍ وَرَقِيقٍ لِعَدَمِ وُجُودِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَأَنَّ الْكَافِرَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَةُ نَفْسِهِ لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلِأَنَّهَا طُهْرَةٌ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا. نَعَمْ وُجُوبُ فِطْرَةِ الْمُرْتَدِّ وَمَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ (لَا عَنْ حَلِيلَةِ أَبِيهِ) فَلَا تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهَا وَإِنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا لِلُزُومِ الْإِعْفَافِ الْآتِي فِي بَابِهِ؛ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ لَازِمَةٌ لِلْأَبِ مَعَ إعْسَارِهِ فَيَتَحَمَّلُهَا الْوَلَدُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِلْقَرِيبِ كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَقَالَ ح ل وَع ش: أَيْ لِلْمَالِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مَا نَحْنُ فِيهِ، لِأَنَّ مَحَلَّهُ زَكَاةُ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ هُنَا بِغَيْبَةِ الْمَالِ الَّذِي يُزَكِّي مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ غَصْبٌ) أَيْ لِلرَّقِيقِ وَالْمَالِ، وَقَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُخْرِجُ عَنْ غَيْرِهِ إلَخْ. . . الْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ عَلَى حُرٍّ وَمُبَعَّضٍ إذْ هَذَا تَعْمِيمٌ فِي الْمُخْرِجِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْمُخْرَجِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: أَمْ كَافِرًا) أَيْ فَيُخْرِجُ وَيَنْوِي هُوَ لَا الْمُخْرَجُ عَنْهُ، لِأَنَّ نِيَّةَ الْكَافِرِ لِلتَّمْيِيزِ، وَالنِّيَّةُ الَّتِي لَا تَصِحُّ مِنْهُ نِيَّةُ الْعِبَادَةِ كَمَا قَالَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ) لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ التَّخَلُّفِ عَلَى الْأَصَحِّ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى كُفْرِهِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَيَتَبَيَّنُ فُرْقَتُهَا مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ فَلَا زَوْجِيَّةَ وَلَا وُجُوبَ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْفِطْرَةَ عَلَيْهَا كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ (قَوْلُهُ:، لِأَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ عَدَمُ تَوْجِيهِ صِحَّةِ الْخِطَابِ إلَيْهِ إذْ هُوَ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ هُنَا م ر أَيْ لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ عَنْهُ أَيْ فَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ لَا يُخَاطَبُ أَيْ خِطَابَ اسْتِقْرَارٍ. وَأَجَابَ سم بِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ يُخَاطَبُ خِطَابَ إلْزَامٍ لِذِمَّتِهِ لَا خِطَابَ تَكْلِيفٍ أَيْ فَهُوَ مُخَاطَبٌ هُنَا خِطَابَ شَغْلِ الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُخْرِجْ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ ح ف وَشَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ الْمُؤَدِّي) أَيْ بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ لَا بِطَرِيقِ الضَّمَانِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ جَوَازُ إخْرَاجِ الْمُتَحَمَّلِ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُتَحَمِّلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ نَظَرًا لِكَوْنِهَا طُهْرَةً لَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا وَيَنْبَنِي عَلَى كَوْنِهَا بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ لَا بِطَرِيقِ الضَّمَانِ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ أَعْسَرَ وَزَوْجَتُهُ مُوسِرَةٌ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي وَجَبَتْ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ وَهُوَ إدْرَاكُ الْجُزْأَيْنِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُودِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْضُ الْجَنِينِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَبَاقِيهِ بَعْدَهُ لَمْ تَجِبْ، لِأَنَّهُ جَنِينٌ مَا لَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ م ر وَقَالَ سم: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْبَعْدِيَّةِ الْمَعِيَّةُ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْكَافِرَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَةُ نَفْسِهِ) أَيْ إخْرَاجُهَا أَيْ لَا يُطَالَبُ بِهَا وَلَا يُجْزِئُهُ إخْرَاجُهَا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ ذَلِكَ فِي زَكَاةِ الْمَالِ ح ل وَعِبَارَةُ م ر وَالْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ مُطَالَبَتِهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَإِلَّا فَهُوَ مُعَاقَبٌ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ اهـ فَلَوْ خَالَفَ وَأَخْرَجَهَا هَلْ يُعَاقَبُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ، لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْفُرُوعِ وَكَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ صِحَّةِ إخْرَاجِهَا بِأَنْ يَأْتِيَ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ أَوَّلًا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ حَجّ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ الثَّانِي وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَلَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ أَرَادَ إخْرَاجَهَا عَمَّا مَضَى لَهُ فِي الْكُفْرِ فَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ قَضَائِهِ لِمَا فَاتَهُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْكُفْرِ عَدَمُ صِحَّةِ أَدَائِهِ هُنَا فَلَا يَقَعُ مَا أَدَّاهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا وَقَدْ يُقَالُ تَطَوُّعًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ لَا فَرْضِهَا وَلَا نَفْلِهَا فَلَمْ يَصِحَّ مَا فَعَلَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ عَمَّا فَاتَهُ فِي زَمَنِ الْكُفْرِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ فَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا فِي زَمَنِ الْكُفْرِ فِي الْجُمْلَةِ إذْ يُعْتَدُّ بِصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ مِنْهُ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ وُجُوبُ فِطْرَةِ الْمُرْتَدِّ) مِنْ حُرٍّ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَمَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُرْتَدٍّ مَوْقُوفٌ أَيْ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ عَلَيْهِ مَوْقُوفٌ لَا الْوُجُوبُ فَالْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ تَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا يُطَالَبُ بِالْإِخْرَاجِ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَيُطَالَبُ بِالْإِخْرَاجِ لِأَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْإِسْلَامِ ح ل (قَوْلُهُ: مَوْقُوفٌ) أَيْ وَقْفُ تَبَيُّنٍ لَا وَقْفُ وُجُوبٍ وَيُجْزِئُهُ الْإِخْرَاجُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا يَأْتِي أَوَّلَ الْبَابِ الْآتِي ع ش وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: مَوْقُوفٌ فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ تَبَيَّنَ بَقَاءُ مِلْكِهِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ وَعَنْهُ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا وَلَوْ أَخْرَجَهَا حَالَ رِدَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ تَبَيَّنَ إجْزَاؤُهَا وَإِلَّا تَبَيَّنَ عَدَمُ إجْزَائِهَا وَالْكَلَامُ فِي الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ حَالَ الرِّدَّةِ وَأَمَّا الَّتِي وَجَبَتْ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَيَجِبُ إخْرَاجُهَا مُطْلَقًا، لِأَنَّهَا دَيْنٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَا عَنْ حَلِيلَةِ أَبِيهِ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ طَرْدِ قَاعِدَةٍ فُهِمَتْ مِمَّا مَرَّ وَهِيَ كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَكْسِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute