للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ (وَأَيَّامٍ) لَيَالٍ (بِيضٍ) وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَتَالِيَاهُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِصِيَامِهَا» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَالْأَحْوَطُ صَوْمُ الثَّانِي عَشَرَ مَعَهَا وَوُصِفَتْ اللَّيَالِي بِالْبِيضِ لِأَنَّهَا تَبْيَضُّ بِطُلُوعِ الْقَمَرِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا وَسُنَّ صَوْمُ أَيَّامِ السُّودِ وَهِيَ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ وَتَالِيَاهُ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ صَوْمُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مَعَهَا (وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» وَخَبَرِ النَّسَائِيّ «صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَيْ مِنْ شَوَّالٍ بِشَهْرَيْنِ فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ» أَيْ كَصِيَامِهَا فَرْضًا وَإِلَّا فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا (وَاتِّصَالُهَا) بِيَوْمِ الْعِيدِ (أَفْضَلُ) مُبَادَرَةً لِلْعِبَادَةِ

وَتَعْبِيرِي بِاتِّصَالِهَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِتَتَابُعِهَا لِشُمُولِهِ الْإِتْيَانَ بِهَا مُتَتَابِعَةً وَعَقِبَ الْعِيدِ

(وَ) سُنَّ صَوْمُ (دَهْرٍ غَيْرِ عِيدٍ وَتَشْرِيقٍ إنْ لَمْ يَخَفْ بِهِ ضَرَرًا، أَوْ فَوْتَ حَقٍّ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَمَمَاتَهُ وَسَائِرَ أَطْوَارِهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ) أَيْ أَعْمَالُ الْأُسْبُوعِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الْعَرْضُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَإِنَّهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَأَمَّا الْعَرْضُ عَلَى اللَّهِ فِي لَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ كُلَّ سَنَةٍ فَلِجُمْلَةِ أَعْمَالِ السَّنَةِ وَكُلُّ ذَلِكَ لِإِظْهَارِ الْعَدْلِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ إذْ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ وَلِإِظْهَارِ شَرَفِ الْعَامِلِينَ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَعْمَالُ الْأُسْبُوعِ إجْمَالًا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَأَعْمَالُ الْعَامِ إجْمَالًا لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَلَيْلَةَ الْقَدْرِ وَأَمَّا عَرْضُهَا تَفْصِيلًا فَبِرَفْعِ الْمَلَائِكَةِ لَهَا بِاللَّيْلِ مَرَّةً وَبِالنَّهَارِ مَرَّةً. (فَائِدَةٌ)

تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَعَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَائِرَ الْأَيَّامِ اهـ ثَعَالِبِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَنَا صَائِمٌ) أَيْ قَرِيبٌ مِنْ زَمَنِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ بَعْدَ الْغُرُوبِ كَمَا تَقَدَّمَ ح ف.

(قَوْلُهُ: وَأَيَّامِ لَيَالٍ بِيضٍ) ؛ لِأَنَّ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ كَصَوْمِ الشَّهْرِ إذْ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَمِنْ ثَمَّ تَحْصُلُ لَهُ السُّنَّةُ بِثَلَاثَةٍ غَيْرِهَا لَكِنَّهَا أَفْضَلُ. اهـ. ز ي قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَأَنْ تَكُونَ أَيَّامَ الْبِيضِ فَإِنْ صَامَهَا أَتَى بِالسُّنَّتَيْنِ وَيَتَرَجَّحُ الْبِيضُ بِكَوْنِهَا وَسَطَ الشَّهْرِ وَوَسَطُ الشَّيْءِ أَعْدَلُهُ وَلِأَنَّ الْكُسُوفَ غَالِبًا يَقَعُ فِيهَا وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِمَزِيدِ الْعِبَادَةِ إذَا وَقَعَ. (قَوْلُهُ وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ) أَيْ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيُبْدَلُ بِالسَّادِسِ عَشَرَ مِنْهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَبْيَضُّ إلَخْ) فَحِكْمَةُ صَوْمِهَا شُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى هَذَا النُّورِ الْعَظِيمِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الثَّامِنُ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ وَهِيَ السَّابِعُ، أَوْ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ وَتَالِيَاهُ فَإِذَا بَدَأَ بِالثَّامِنِ وَنَقَصَ الشَّهْرُ صَامَ أَوَّلَ تَالِيهِ لِاسْتِغْرَاقِ الظُّلْمَةِ لِلَيْلَتِهِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ يَقَعُ صَوْمُهُ عَنْ كَوْنِهِ أَوَّلَ الشَّهْرِ أَيْضًا فَإِنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ أَوَّلَ كُلِّ شَهْرٍ وَسُمِّيَتْ اللَّيَالِي بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَسْوَدُّ بِالظُّلْمَةِ مِنْ عَدَمِ الْقَمَرِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إلَى آخِرِهِ فَحِكْمَةُ صَوْمِهَا طَلَبُ كَشْفِ تِلْكَ الظُّلْمَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ وَتَزْوِيدُ الشَّهْرِ الَّذِي عَزَمَ عَلَى الرَّحِيلِ بَعْدَ كَوْنِهِ كَانَ ضَيْفًا وَقِيلَ طَلَبًا لِكَشْفِ سَوَادِ الْقَلْبِ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ تَرَكَ بَيَانَ وَجْهِ تَسْمِيَةِ اللَّيَالِيِ بِالسُّودِ كَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا لِلِاخْتِصَارِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ) قَالَ السُّبْكِيُّ: الْمَعْنَى مَنْ صَامَ كُلَّ عَامٍ رَمَضَانَ فَرَمَضَانُ مَفْعُولٌ عَلَى التَّوَسُّعِ وَلَيْسَ ظَرْفًا هُنَا فَالْمُرَادُ جَمِيعُهُ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ قَالَ الْعَلَّامَةُ ح ل ظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّ الثَّوَابَ الْمَذْكُورَ خَاصٌّ بِمَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَلَا يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِحْبَابِهَا لِمَنْ لَمْ يَصُمْهُ بِعُذْرٍ بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ فَإِنْ لَمْ يَصُمْهُ تَعَدِّيًا حَرُمَ عَلَيْهِ صَوْمُهَا عَنْ غَيْرِ رَمَضَانَ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ فَوْرًا اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَتْبَعَهُ) أَيْ حَقِيقَةً إنْ صَامَهُ وَحُكْمًا إنْ أَفْطَرَهُ؛ لِأَنَّ قَضَاءَهُ يَقَعُ عَنْهُ فَكَأَنَّهُ مُقَدَّمٌ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ وَأَطْعَمَ عَنْهُ، ثُمَّ شُفِيَ يَوْمَ الْعِيدِ، ثُمَّ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ حَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ الْمَذْكُورُ كَمَا حَقَّقَهُ الْبِرْمَاوِيُّ. (قَوْلُهُ: كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ) مَحَلُّهُ إنْ وَاظَبَ عَلَى صِيَامِهَا كُلَّ سَنَةٍ وَإِلَّا بِأَنْ صَامَهَا سَنَةً فَقَطْ كَانَ كَصِيَامِ السَّنَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّهْرِ الْعُمُرُ وَبِهِ قَالَ ع ش لَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ الْآتِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّهْرِ السَّنَةُ. (قَوْلُهُ وَخَبَرِ النَّسَائِيّ) أَتَى بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ مُبَيِّنٌ لِلْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: كَصِيَامِهَا فَرْضًا) أَيْ بِلَا مُضَاعَفَةٍ كَمَا قَالَهُ حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَخْتَصُّ) أَيْ الْفَضْلُ الْمَذْكُورُ بِمَا ذُكِرَ أَيْ بِصِيَامِ رَمَضَانَ وَسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا بِسَنَةٍ

وَعِبَارَةُ حَجّ وَالْمُرَادُ ثَوَابُ الْفَرْضِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِخُصُوصِيَّةِ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ مَعْنًى إذْ مَنْ صَامَ مَعَ رَمَضَانَ سِتَّةً غَيْرَهَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الدَّهْرِ

. (قَوْلُهُ: صَوْمُ دَهْرٍ) وَمَعَ نَدْبِهِ فَصَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ م ر. (قَوْلُهُ، أَوْ فَوْتَ حَقٍّ) أَيْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>