للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَقَدَ تِسْعِينَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَمَعْنَى ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ أَيْ عَنْهُ فَلَمْ يَدْخُلْهَا، أَوْ لَا يَكُونُ لَهُ فِيهَا مَوْضِعٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ خَافَ بِهِ ذَلِكَ (كُرِهَ) وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ» (كَإِفْرَادِ) صَوْمِ يَوْمِ (جُمُعَةٍ، أَوْ سَبْتٍ أَوْ أَحَدٍ) بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ (بِلَا سَبَبٍ) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ» وَخَبَرُ «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلِأَنَّ الْيَهُودَ تُعَظِّمُ يَوْمَ السَّبْتِ وَالنَّصَارَى يَوْمَ الْأَحَدِ فَلَوْ جَمَعَهَا، أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهَا لَمْ يُكْرَهْ؛ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ لَمْ يُعَظِّمْهُ أَحَدٌ أَمَّا إذَا صَامَهُ بِسَبَبٍ كَأَنْ اعْتَادَ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ فَوَافَقَ صَوْمُهُ يَوْمًا مِنْهَا فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ، وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ» وَقِيسَ بِالْجُمُعَةِ الْبَاقِي وَقَوْلِي، أَوْ أَحَدٌ بِلَا سَبَبٍ مِنْ زِيَادَتِي (وَكَقَطْعِ نَفْلٍ غَيْرِ نُسُكِ) حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ (بِلَا عُذْرٍ) فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] إمَّا بِعُذْرٍ كَمُسَاعَدَةِ ضَعِيفٍ فِي الْأَكْلِ إذَا عَزَّ عَلَيْهِ امْتِنَاعُ مُضِيفِهِ مِنْهُ، أَوْ عَكْسِهِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ لِخَبَرِ «الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَقِيسَ بِالصَّوْمِ غَيْرُهُ مِنْ النَّفْلِ أَمَّا نَفْلُ النُّسُكِ فَيَحْرُمُ قَطْعُهُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ لِمُخَالَفَتِهِ غَيْرَهُ فِي لُزُومِ الْإِتْمَامِ وَالْكَفَّارَةِ بِإِفْسَادِهِ بِجِمَاعٍ (وَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ) إنْ قَطَعَهُ؛ لِأَنَّ «أُمَّ هَانِئٍ كَانَتْ صَائِمَةً صَوْمَ تَطَوُّعٍ فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَنْ تُفْطِرَ بِلَا قَضَاءٍ وَبَيْنَ أَنْ تُتِمَّ صَوْمَهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقِيسَ بِالصَّوْمِ غَيْرُهُ وَذِكْرُ كَرَاهَةِ الْقَطْعِ مَعَ قَوْلِي غَيْرِ نُسُكٍ بِلَا عُذْرٍ مِنْ زِيَادَتِي

، وَالْأَصْلُ اقْتَصَرَ عَلَى جَوَازِ قَطْعِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ

(وَحَرُمَ قَطْعُ فَرْضٍ عَيْنِيٍّ) وَلَوْ غَيْرَ فَوْرِيٍّ كَأَنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِتَرْكِهِ لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ وَخَرَجَ بِالْعَيْنِيِّ فَرْضُ الْكِفَايَةِ فَالْأَصَحُّ وِفَاقًا لِلْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ إلَّا الْجِهَادَ، وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَالْحَجَّ، وَالْعُمْرَةَ وَقِيلَ يَحْرُمُ كَالْعَيْنِيِّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَلَوْ مَنْدُوبًا كَذَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ كحج وَمُقْتَضَاهُ الْكَرَاهَةُ مَعَ فَوْتِ الْحَقِّ الْوَاجِبِ قَالَ شَيْخُنَا وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي هَذِهِ حُرْمَتُهُ تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ عَلَى الْمَنْدُوبِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مُجَرَّدِ الْخَوْفِ وَأَمَّا عِنْدَ الْعِلْمِ، أَوْ الظَّنِّ فَيَحْرُمُ رَاجِعْهُ بِرْمَاوِيٌّ وق ل.

(قَوْلُهُ: وَعَقَدَ تِسْعِينَ) لَعَلَّ الْمَعْنَى أَشَارَ بِتِسْعِينَ وَهِيَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِبْهَامَ وَيَجْعَلَ السَّبَّابَةَ دَاخِلَهُ تَحْتَهُ مَطْبُوقَةً جِدًّا ح ل وع ش وَالتِّسْعِينَ كِنَايَةٌ عَنْ الثَّلَاثَةِ أَصَابِعَ الْمَبْسُوطَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ أُصْبُعٍ فِيهِ ثَلَاثُ عُقَدٍ وَكُلُّ عُقْدَةٍ بِعَشَرَةٍ فَتُضْرَبُ فِي تِسْعَةٍ بِتِسْعِينَ وَهَذَا اصْطِلَاحٌ لِلْحِسَابِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَقِيلَ إنَّ التِّسْعِينَ كِنَايَةٌ عَنْ عَقْدِ السَّبَّابَةِ لِأَنَّ كُلَّ عُقْدَةٍ بِثَلَاثِينَ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ عَقَدَ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الضَّرَرُ مُبِيحًا لِلتَّيَمُّمِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ صَوْمُ رَمَضَانَ مَعَ ذَلِكَ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالضَّرَرِ هُنَا مَا دُونَ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ ق ل. (قَوْلُهُ: لَا صَامَ) دُعَاءٌ، أَوْ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ. (قَوْلُهُ كَإِفْرَادٍ إلَخْ) خَرَجَ نَفْسُ الصَّوْمِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ بِرْمَاوِيٌّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ نَذْرِهِ ح ف.

(قَوْلُهُ: فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ) أَيْ مِنْ قَضَاءٍ، أَوْ نَذْرٍ، أَوْ كَفَّارَةٍ ق ل. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ إلَخْ) وَبِهِ يَرِدُ مَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِانْتِفَاءِ الْكَرَاهَةِ إذْ غَايَةُ الْجَمْعِ أَنَّهُ ضَمُّ مَكْرُوهٍ لِمَكْرُوهٍ ح ل وَيَرِدُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَكْرُوهَ الْإِفْرَادُ وَمَعَ الضَّمِّ يَزُولُ قِيلَ وَلَا نَظِيرَ لِهَذَا فِي أَنَّهُ إذَا ضُمَّ مَكْرُوهٌ لِمَكْرُوهٍ آخَرَ تَفُوتُ الْكَرَاهَةُ شَرْحُ حَجّ اهـ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ اعْتَادَ صَوْمَ يَوْمٍ إلَخْ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ فَوَافَقَ فِطْرُهُ يَوْمًا يُسَنُّ صَوْمُهُ كَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ يَكُونُ فِطْرُهُ فِيهِ أَفْضَلَ لِيَتِمَّ لَهُ صَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ لَكِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ صَوْمَهُ لَهُ أَفْضَلُ شَرْحُ حَجّ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.

قَوْلُهُ {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] فَتَكُونُ الْأَعْمَالُ خَاصَّةً بِالْمَنْدُوبَةِ وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ عَلَى كَلَامِهِ وَلَوْ حُمِلَتْ الْأَعْمَالُ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ الْوَاجِبَةِ وَالْمَنْدُوبَةِ وَالنَّهْيُ عَلَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِلتَّحْرِيمِ وَالتَّنْزِيهِ لَكَانَ ظَاهِرًا رَاجِعْ. (قَوْلُهُ كَمُسَاعَدَةِ ضَيْفٍ) أَيْ مُسْلِمٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إذَا عَزَّ) أَيْ شَقَّ. (قَوْلُهُ: أَمِيرُ) بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَرُوِيَ أَمِينُ بِالنُّونِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ) وَإِذَا أَفْطَرَ لَمْ يُثَبْ عَلَى مَا مَضَى إنْ خَرَجَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِلَّا أُثِيبَ م ر.

(قَوْلُهُ: أَمَّا نَفْلُ النُّسُكِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الشُّرُوعَ فِيهِ شُرُوعٌ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُتَصَوَّرُ الشُّرُوعُ فِي نَقْلِهِ بِمَا إذَا كَانَ الْفَاعِلُ صَبِيًّا وَأَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ، أَوْ عَبْدًا وَأَذِنَ لِسَيِّدِهِ ح ل لَكِنَّ الْحُرْمَةَ خَاصَّةٌ بِالْبَالِغِ الرَّقِيقِ. (قَوْلُهُ: فِي لُزُومِ الْإِتْمَامِ إلَخْ) أَيْ فَأَشْبَهَ الْفَرْضَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ أَيْ لِوُجُوبِ إتْمَامِهِ عِنْدَهُمْ وَيَرِدُ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ إلَخْ وَتَأْوِيلُهُمْ الصَّائِمَ بِمُرِيدِ الصَّوْمِ وَقَوْلُهُمْ إنْ شَاءَ صَامَ أَيْ إنْ شَاءَ الصَّوْمَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي الْمُتَلَبِّسِ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ هَانِئٍ) بِكَسْرِ النُّونِ وَبِالْهَمْزِ آخِرَهُ مِنْ التَّنْوِينِ وَاسْمُهَا فَاخِتَةٌ بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ وَحَرُمَ قَطْعُ فَرْضٍ عَيْنِيٍّ) وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ كَمَا ذَكَرَهُ عُلَمَاءُ الْأُصُولِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ) قَالَ فِي الْإِمْدَادِ لِمَا فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهَا مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ غَيْرَ الصَّلَاةِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَحَمْلِهِ وَدَفْنِهِ يَجِبُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَيَمْتَنِعُ الْإِعْرَاضُ عَنْ ذَلِكَ بَعْدَ الشُّرُوعِ نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ مِنْ الْإِعْرَاضِ إنْ كَانَ لِغَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>