وَ) سُنَّ (تَطْيِيبُ بَدَنٍ وَلَوْ بِمَا لَهُ جِرْمٌ) وَلَوْ امْرَأَةً بَعْدَ الطُّهْرِ (لِإِحْرَامٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» (وَحَلَّ) تَطْيِيبٌ لِإِحْرَامٍ (فِي ثَوْبٍ وَاسْتِدَامَتُهُ) أَيْ: الطِّيبِ فِي بَدَنٍ، أَوْ ثَوْبٍ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الطِّيبِ أَيْ: بِرِيقِهِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُحْرِمٌ» وَخَرَجَ بِاسْتِدَامَتِهِ مَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الطِّيبَ مِنْ بَدَنِهِ، أَوْ ثَوْبِهِ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ، أَوْ نَزَعَ ثَوْبَهُ الْمُطَيَّبَ، ثُمَّ لَبِسَهُ لَزِمَتْهُ فِدْيَةٌ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ رَائِحَتُهُ مَوْجُودَةً فِي ثَوْبِهِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ مَاءٌ ظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ امْتَنَعَ لُبْسُهُ وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَ حِلَّ تَطَيُّبِ الثَّوْبِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَوَقَعَ فِي الْأَصْلِ تَصْحِيحُ أَنَّهُ يُسَنُّ كَالْبَدَنِ
(وَسُنَّ خَضْبُ يَدَيْ امْرَأَةٍ لَهُ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ إلَى الْكُوعَيْنِ بِالْحِنَّاءِ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَنْكَشِفَانِ وَمَسْحُ وَجْهِهَا بِشَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا تُؤْمَرُ بِكَشْفِهِ فَلْتَسْتُرْ لَوْنَ الْبَشَرَةِ بِلَوْنِ الْحِنَّاءِ أَمَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ لِلْمُحْرِمِ وَالْقَصْدُ أَنْ يَكُونَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ فَإِنْ فَعَلَتْهُ فَلَا فِدْيَةَ وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَلَا يُسَنُّ لَهُمَا الْخَضْبُ بَلْ يَحْرُمُ (وَيَجِبُ تَجَرُّدُ رَجُلٍ لَهُ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ (عَنْ مُحِيطٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ لُبْسُهُ فِي الْإِحْرَامِ الَّذِي هُوَ مُحْرِمٌ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ مِنْ زِيَادَتِي وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ لَكِنْ صَرَّحَ فِي مَنَاسِكِهِ بِسَنِّهِ وَاسْتَحْسَنَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ.
وَاعْتَرَضُوا الْأَوَّلَ بِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْإِحْرَامُ لَمْ يَحْصُلْ وَلَا يَعْصِي بِالنَّزْعِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَأُيِّدَ الثَّانِي بِشَيْئَيْنِ ذَكَرْتهمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُمَا وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ فَجَوَابُهُ أَنَّ التَّجَرُّدَ فِي الْإِحْرَامِ وَاجِبٌ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِالتَّجَرُّدِ قَبْلَهُ فَوَجَبَ كَالسَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ وَقَوْلِي: مُحِيطٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مَخِيطِ الثِّيَابِ لِشُمُولِهِ الْخُفَّ وَاللَّبَدَ وَالْمَنْسُوجَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
ضَعِيفٌ وَالْمَقِيسُ مُعْتَمَدٌ وَهُوَ الْجَدِيدُ وَالْقَدِيمُ الْكَرَاهَةُ كَمَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَرِيضُ يَتَعَهَّدُ بِنَفْسِهِ بِمَا ذُكِرَ لِيَكُونَ طُهْرُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ فَلَا يَكُونُ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فِيهِ مَجَازُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَيِّتِ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ شَوْبَرِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَتَطْيِيبُ بَدَنٍ) أَيْ: لِغَيْرِ صَائِمٍ وَغَيْرِ مُحَدَّةٍ فِي الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ امْرَأَةً) أَيْ: غَيْرَ مُحَدَّةٍ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ شَابَّةً خَلِيَّةً أَمْ لَا وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ مِنْ عَدَمِ سَنِّ التَّطَيُّبِ فِي ذَهَابِ الْأُنْثَى لَهَا بِأَنَّ زَمَانَ الْجُمُعَةِ وَمَكَانَهَا ضَيِّقٌ وَلَا يُمْكِنُهَا تَجَنُّبُ الرِّجَالِ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ شَرْحُ م ر وَقَضِيَّتُهُ سَنُّ التَّطَيُّبِ لِلتَّحَلُّلِ الثَّانِي حَرِّرْ شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ: قَوْلَهُ وَلِحِلِّهِ أَيْ: بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَشْعَثَ بِوَاسِطَةِ الْإِحْرَامِ وَعِبَارَةُ ح ل وَلِحِلِّهِ أَيْ: لِتَحَلُّلِهِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَحِلُّ بِهِ جَمِيعُ الْمُحَرَّمَاتِ إلَّا الْجِمَاعَ كَمَا يَأْتِي وَمِثْلُهُ ز ي. (قَوْلُهُ: وَحِلُّ تَطْيِيبٍ فِي ثَوْبٍ) أَيْ: مَعَ الْكَرَاهَةِ ح ل وَس ل. (قَوْلُهُ: وَاسْتِدَامَتُهُ) وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ الِاسْتِدَامَةِ مَا إذَا لَزِمَهَا الْإِحْدَادُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَتَلْزَمُهَا إزَالَتُهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لِمَا رُوِيَ إلَخْ) دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِدَامَةِ وَقَوْلُهُ: كَانَ كَانَ هُنَا لِلتَّحْقِيقِ أَيْ: أَتَحَقَّقُ النَّظَرَ لِأَنَّهَا تَأْتِي لَهُ. (قَوْلُهُ: بِرِيقِهِ) أَيْ: لَمَعَانِهِ وَقَوْلُهُ: فِي مَفْرِقِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، وَفَتْحِهَا: وَسَطُ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ فَرْقِ الشَّعْرِ ع ش. (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ فِدْيَةٌ) أَيْ: لِلطِّيبِ مَعَ فِدْيَةُ اللُّبْسِ إنْ كَانَ مَلْبُوسًا مَخِيطًا. (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ تَكُنْ رَائِحَتُهُ مَوْجُودَةً) مُفَرَّعٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ لَزِمَتْهُ فِدْيَةٌ إنْ كَانَتْ رَائِحَتُهُ مَوْجُودَةً
. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ خَضْبُ يَدَيْ امْرَأَةٍ لَهُ) أَيْ: غَيْرَ مُحَدَّةٍ وَيُسَنُّ الْخَضْبُ لِغَيْرِ الْمُحْرِمَةِ أَيْضًا إنْ كَانَتْ حَلِيلَةً وَإِلَّا كُرِهَ وَلَا يُسَنُّ لَهَا نَقْشٌ وَتَسْوِيدٌ وَتَطْرِيفٌ وَتَحْمِيرُ وَجْنَةٍ بَلْ يَحْرُمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى خَلِيَّةٍ وَمَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا زَوْجُهَا ز ي. (قَوْلُهُ: بِشَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْحِنَّاءُ وَقَوْلُهُ: فَتَسْتُرُ لَوْنَ الْبَشَرَةِ وَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِيَدَيْهَا مَخْضُوبَتَيْنِ وَالْحُرْمَةُ بَاقِيَةٌ وَإِنَّمَا أَفَادَ الْخَضْبُ نَوْعَ سَتْرٍ فِي الْجُمْلَةِ سم
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ) شَامِلٌ لِلْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ) أَيْ: لِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ فِي الْبَدَنِ فَلَا يُنَافِي سَنُّ خَضْبِ لِحْيَتِهِ بِالْحِنَّاءِ وَكَذَا بِالسَّوَادِ فِي الْجِهَادِ لِيُظْهِرَ لِلْكُفَّارِ شَبَابَهُ وَقُوَّتَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَجَرُّدُ رَجُلٍ) أَيْ: وَلَوْ مَجْنُونًا وَصَبِيًّا فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا قَابَلَ الْمَرْأَةَ ح ل وَبِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضُوا الْأَوَّلَ) أَيْ: الْقَوْلَ بِالْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْصِي) ؛ لِأَنَّهُ آتٍ بِوَاجِبٍ. (قَوْلُهُ: بِشَيْئَيْنِ ذَكَرْتهمَا إلَخْ) حَاصِلُهُمَا أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ صَيْدٌ قَبْلَ الْإِحْرَامِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ كَمَا لَا يَجِبُ تَجَرُّدُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَبِأَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ ابْتِدَاءً فَكَذَا هُنَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّجَرُّدُ ابْتِدَاءً أَيْ: وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الصَّيْدَ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى إزَالَتِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ التَّجَرُّدِ؛ لِأَنَّ التَّجَرُّدَ لَا يَحْصُلُ بِهِ أَيْ: بِالْإِحْرَامِ فَوَجَبَ قَبْلَهُ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْوَطْءَ حَالَ الْعِصْمَةِ وَوُجُوبِ النَّزْعِ بَعْدَ ذَلِكَ لِخُرُوجِهَا عَنْ الْعِصْمَةِ لَا لِأَجْلِ التَّعْلِيقِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَطْءَ يَقَعُ فِي النِّكَاحِ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَلِأَنَّ مُوجِبَهُ لَيْسَ الْوَطْءَ بَلْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُ الْإِحْرَامِ بِالْوَطْءِ اهـ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ يُؤَيِّدَانِ عَدَمَ الْوُجُوبِ لَا السَّنَّ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute