للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُفْتَتَحًا بِنِيَّةٍ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَبِفَتْحِهَا مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا فِيهِمَا، وَقِيلَ بِضَمِّهَا كَذَلِكَ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَا يَأْتِي وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ» . (فُرُوضُهُ) سِتَّةٌ: أَحَدُهَا (نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ) عَلَى النَّاوِي أَيْ: رَفْعِ حُكْمِهِ كَحُرْمَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْوُضُوءِ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَإِذَا نَوَاهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْقَصْدِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُفْتَتَحًا بِجُزْئِهِ، وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِعْمَالِ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى الْأَعْضَاءِ وَلَوْ بِغَيْرِ فِعْلٍ ق ل. فَإِنْ قُلْت هَذَا التَّعْرِيفُ لَا يَشْمَلُ التَّرْتِيبَ. قُلْت الْأَوْلَى أَنْ يُزَادَ فِي التَّعْرِيفِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ أَيْ وَهُوَ التَّرْتِيبُ شَوْبَرِيٌّ بِالْمَعْنَى. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ أَيْ ذَاتًا، أَوْ صِفَةً وَهِيَ تَقْدِيمُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فَيَدْخُلُ التَّرْتِيبُ ح ف. (قَوْلُهُ: مُفْتَتَحًا) بِفَتْحِ التَّاءِ حَالٌ مِنْ اسْتِعْمَالُ، وَيَجُوزُ كَسْرُهَا حَالًا مِنْ فَاعِلِ الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ، وَالتَّقْدِيرُ اسْتِعْمَالُ الْمُتَوَضِّئِ حَالَ كَوْنِهِ مُفْتَتِحًا إلَخْ، شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا) وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى فُرُوضٍ وَمَكْرُوهَاتٍ وَمُسْتَحَبَّاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ. وَشَرْطُهُ الْإِسْلَامُ وَالتَّمْيِيزُ، وَالْمَاءُ الْمُطْلَقُ، وَالْعِلْمُ بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ، وَعَدَمُ الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ وَالشَّرْعِيِّ، وَعَدَمُ الْمُنَافِي، وَالْعِلْمُ بِكَيْفِيَّتِهِ وَدُخُولُ الْوَقْتِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ، وَعَدَمُ تَعْلِيقِ النِّيَّةِ وَجَرْيُ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ، وَتَحَقُّقُ الْمُقْتَضَى، وَالْمُوَالَاةُ بَيْنَ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ أَيْضًا ع ش.

(قَوْلُهُ: مَا يُتَوَضَّأُ بِهِ) أَيْ إذَا هُيِّئَ لِلْوُضُوءِ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُهَيَّأْ؛ لِذَلِكَ فَلَا يُسَمَّى وُضُوءًا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ) الْمُرَادُ بِعَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَإِلَّا، فَقَدْ تَكُونُ صَحِيحَةً وَهِيَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ اج عَلَى التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ طُهُورٍ) بِضَمِّ الطَّاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ اج وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَسْتَدِلَّ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ وَهُوَ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» لِأَنَّهُ أَصْرَحُ فِي الْمَقْصُودِ وَشُمُولُ الطَّهُورِ لِلتَّيَمُّمِ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِذِكْرِهِ خِلَافًا لِلْبِرْمَاوِيِّ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَمْ يُذْكَرْ هُنَا. (قَوْلُهُ: فُرُوضُهُ سِتَّةٌ) فُرُوضٌ جَمْعٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَكُونُ مَعَ صِيَغِ الْعُمُومِ وَدَلَالَةُ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ أَيْ مَحْكُومٌ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى إلَى أَنَّ كُلَّ فَرْضٍ مِنْ فُرُوضِهِ سِتَّةٌ فَتَقْتَضِي الْعِبَارَةُ أَنَّ فُرُوضَ الْوُضُوءِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَهُوَ فَاسِدٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَغْلَبِيَّةٌ، أَوْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْمَجْمُوعِ شَرْحُ م ر وَعَبَّرَ بِالْفُرُوضِ لَا بِالْأَرْكَانِ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ، لِأَنَّ النِّيَّةَ يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، فَلَمَّا جَازَ تَفْرِيقُهَا عَلَى أَفْعَالِهِ لَمْ يَبْقَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ ارْتِبَاطٌ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُ نِيَّتِهَا عَلَى أَرْكَانِهَا صَارَتْ شَيْئًا وَاحِدًا، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ فَسَدَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا كَأَنْ رَكَعَ بِلَا طُمَأْنِينَةٍ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَسَلَ يَدَيْهِ غَسْلًا لَا يُعْتَدُّ بِهِ كَأَنْ كَانَ عَلَيْهِمَا نَحْوُ شَمْعٍ فَإِنَّ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ الْوُضُوءِ لَا يَبْطُلُ. فَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَمَّا امْتَنَعَ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ عَلَى أَفْعَالِهَا كَانَتْ حَقِيقَةً وَاحِدَةً مُرَكَّبَةً مِنْ أَجْزَاءٍ فَنَاسَبَ عَدُّ أَجْزَائِهَا أَرْكَانًا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لَمَّا كَانَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ مُسْتَقِلًّا بِلَا تَرْكِيبٍ عَبَّرَ فِيهِ بِالْفَرْضِ اهـ.

إطْفِيحِيٌّ. (قَوْلُهُ: رَفْعِ حَدَثٍ) الْمُرَادُ بِالْحَدَثِ هُنَا السَّبَبُ بِدَلِيلِ تَقْدِيرِ الْمُضَافِ فِي قَوْلِهِ أَيْ رَفْعِ حُكْمِهِ وَلَوْ أَرَادَ الْمَعْنَيَيْنِ الْآخَرَيْنِ لَمْ يَحْتَجْ لِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ وَإِنَّمَا حُمِلَ الْحَدَثُ عَلَى السَّبَبِ وَاحْتَاجَ لِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ لِأَنَّ قَوْلَهُ سَوَاءٌ أَنَوَى رَفْعَ جَمِيعِ أَحْدَاثِهِ إلَخْ، وَكَذَا قَوْلُهُ: كَأَنْ بَالَ وَلَمْ يَنَمْ إلَخْ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ هُنَا أَحَدُ الْأَسْبَابِ فَإِذَا قَالَ نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ فَالْمُرَادُ رَفْعُ حُكْمِهِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ هَذَا الْمَعْنَى فَلَوْ أَرَادَ بِالْحَدَثِ نَفْسَ السَّبَبِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ اهـ.

ح ل بِالْمَعْنَى وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ لَا يَكْفِي لِلْمُجَدِّدِ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ سم وَلَا يَكْفِي أَيْضًا الطَّهَارَةُ عَنْ الْحَدَثِ وَتَكْفِي نِيَّةُ فَرْضِ الْوُضُوءِ، وَيُرَادُ مَا هُوَ عَلَى صُورَةِ الْفَرْضِ ح ل. (قَوْلُهُ: عَلَى النَّاوِي) أَيْ كَائِنٌ عَلَى النَّاوِي، قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَلَوْ قَالَ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا لَوْ وَضَّأَ الْوَلِيُّ الصَّبِيَّ وَالْغَاسِلُ الْمَيِّتَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ فَكَأَنَّهُ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعُ حُكْمِهِ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْحَدَثِ الْأَسْبَابُ وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الَّتِي تَتَأَتَّى فِيهَا جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا مَا لَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ) أَيْ وَإِنَّمَا كَانَ رَفْعُ الْحُكْمِ هُوَ الْمُرَادَ لِأَنَّ إلَخْ، ح ل. (قَوْلُهُ: فَإِذَا نَوَاهُ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>