سَوَاءٌ أَنَوَى رَفْعَ جَمِيعِ أَحْدَاثِهِ أَمْ بَعْضِهَا وَإِنْ نَفَى بَعْضَهَا الْآخَرَ فَلَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ كَأَنْ بَالَ وَلَمْ يَنَمْ فَنَوَى رَفْعَ حَدَثِ النَّوْمِ فَإِنْ كَانَ عَامِدًا لَمْ يَصِحَّ أَوْ غَالِطًا صَحَّ هَذَا (لِغَيْرِ دَائِمِهِ) أَيْ: الْحَدَثِ أَمَّا دَائِمُهُ فَلَا تَكْفِيهِ نِيَّةُ الرَّفْعِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ نِيَّةِ الطَّهَارَةِ عَنْهُ لِبَقَاءِ حَدَثِهِ (أَوْ) نِيَّةِ (وُضُوءٍ) وَلَوْ بِدُونِ أَدَاءً وَفَرْضٍ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ، أَوْ أَدَاءُ فَرْضِ الْوُضُوءِ (أَوْ) نِيَّةُ (اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إلَيْهِ) أَيْ: الْوُضُوءِ كَصَلَاةٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ بِخِلَافِ نِيَّةِ غَيْرِ مُفْتَقِرٍ إلَيْهِ لِإِبَاحَتِهِ مَعَ الْحَدَثِ فَلَا يَتَضَمَّنُ قَصْدُهُ قَصْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ سَوَاءٌ أَسُنَّ لَهُ الْوُضُوءُ كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ، أَوْ حَدِيثٍ أَمْ لَا كَدُخُولِ سُوقٍ وَسَلَامٍ عَلَى أَمِيرٍ. وَالنِّيَّةُ شَرْعًا قَصْدُ الشَّيْءِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
رَفْعَ الْحَدَثِ، فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَقْصُودِ وَهُوَ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ الْحُرْمَةُ وَلَمَّا كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي يُنْوَى هُوَ الْوُضُوءُ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ نِيَّةَ الرَّفْعِ لَا تَكْفِي دَفَعَ ذَلِكَ بِهَذَا التَّعْلِيلِ. وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ نِيَّةَ الرَّفْعِ تَشْتَمِلُ عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ الْوُضُوءِ فَإِذَا نَوَى الرَّفْعَ، فَقَدْ نَوَى الْوُضُوءَ مِنْ حَيْثُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَنَوَى) أَيْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ رَفْعَ جَمِيعِ أَحْدَاثِهِ الَّتِي وُجِدَتْ مِنْهُ أَمْ بَعْضَهَا ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُتَقَدِّمًا أَمْ مُتَأَخِّرًا.
فَإِنْ قُلْت الْمُتَأَخِّرُ لَا يُسَمَّى حَدَثًا أُجِيبَ بِحَمْلِ الْأَحْدَاثِ الْمُتَعَدِّدَةِ عَلَى مَا لَوْ وُجِدَتْ دَفْعَةً كَأَنْ مَسَّ وَلَمَسَ وَبَالَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُمْ إذَا نَوَى بَعْضَ أَحْدَاثِهِ بِذَلِكَ حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ مُرَتَّبَةً فَنَوَى الْمُتَأَخِّرَ لَمْ يَصِحَّ وَفِي الْمِصْبَاحِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي صِحَّةِ نِيَّةِ رَفْعِ الْبَعْضِ بَيْنَ وُجُودِهَا مَعًا، أَوْ مُتَرَتِّبَةً لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ نَاقِضًا بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَمْ بَعْضُهَا) لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا ارْتَفَعَ بَعْضُهُ ارْتَفَعَ كُلُّهُ أَيْ إذَا ارْتَفَعَ مُضَافًا لِبَعْضِ أَسْبَابِهِ، فَقَدْ ارْتَفَعَ مُطْلَقًا، وَقَدْ يُعَارَضُ بِالْمِثْلِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَسْبَابَ الَّتِي هِيَ الْأَحْدَاثُ لَا تَرْتَفِعُ وَإِنَّمَا يَرْتَفِعُ حُكْمُهَا الَّذِي هُوَ الْمَنْعُ مِنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَهُوَ وَاحِدٌ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ التَّعَرُّضُ فِي نِيَّتِهِ لَهَا أَيْ لِشَيْءٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَيَلْغُو ذِكْرُهَا فَذِكْرُ شَيْءٍ مِنْهَا كَعَدَمِ ذِكْرِهِ فَذِكْرُهُ وَعَدَمُهُ سِيَّانِ لِمَا عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ رَفْعُ الْحُكْمِ لَا نَفْسُ الْحَدَثِ ح ل. (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ عَلَى النَّاوِي أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ كَمَا لَوْ نَوَى الرَّجُلُ رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ إنْ كَانَ غَالِطًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ بُرُلُّسِيٌّ وَشَوْبَرِيٌّ، وَقَدْ يُشْكِلُ تَصْوِيرُ الْغَلَطِ فِي ذَلِكَ مِنْ الرَّجُلِ؛ فَإِنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ مَا عَلَيْهِ يَظُنُّهُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي حَقِّ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَظُنَّ حُصُولَ الْحَيْضِ لَهُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ تَصَوُّرِهِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ خُنْثَى اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ ثُمَّ خَرَجَ دَمٌ مِنْ فَرْجِهِ فَظَنَّهُ حَيْضًا فَنَوَاهُ، وَقَدْ أَجْنَبَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَكَرِهِ فَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ غَلَطًا اهـ.
ع ش عَلَى م ر وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ. (قَوْلُهُ: حَدَثُ النَّوْمِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ السَّبَبُ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَالِطًا صَحَّ) أَيْ عَلَى الْقَاعِدَةِ وَهِيَ أَنَّ مَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ لَا جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ إذْ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلْحَدَثِ؛ لِصِحَّةِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، أَوْ جُمْلَةً لَا تَفْصِيلًا، فَإِنَّهُ يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ، فَالْأَوَّلُ كَالْغَلَطِ مِنْ الصَّلَاةِ إلَى الصَّوْمِ وَعَكْسِهِ، وَالثَّانِي كَالْغَلَطِ فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِيهِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ رَفْعُ حُكْمِهِ وَهُوَ يَرْتَفِعُ، وَإِنْ كَانَ رَفْعًا خَاصًّا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ رَفْعِ حُكْمِ الْحَدَثِ الرَّفْعُ الْعَامُّ لِأَنَّ حَمْلَهُ فِي حَقِّهِ عَلَى الْخَاصِّ يَأْبَاهُ إذْ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ لَا تُخَصِّصُ النِّيَّاتِ ح ل فَإِنْ أَرَادَ الرَّفْعَ الْخَاصَّ كَفَى قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُمْ إذَا نَوَى الرَّفْعَ الْخَاصَّ صَحَّتْ نِيَّتُهُ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ ذَلِكَ الْقَصْدِ يَتَضَمَّنُ الِاسْتِبَاحَةَ الْخَاصَّةَ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ لَا بِمَعْنَى أَنَّهَا رَفَعَتْ جُزْءًا مِنْ حَدَثِهِ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ أَبَدًا مُبِيحَةً لَا رَافِعَةً فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ يُعَضُّ عَلَيْهِ بِالنَّوَاجِذِ اهـ.
وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِيهِ نِيَّةُ الرَّفْعِ أَيْ إنْ أَرَادَ بِالرَّفْعِ رَفْعَ الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ أَوْ الْمَنْعِ الْعَامِّ أَوْ أَطْلَقَ الرَّفْعَ أَمَّا لَوْ أَرَادَ رَفْعَ الْمَنْعِ بِالنِّسْبَةِ لِفَرْضٍ وَنَوَافِلَ فَيَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّيَمُّمِ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُ بِوُضُوئِهِ إلَّا فَرْضًا وَنَوَافِلَ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَدَاءُ فَرْضِ الْوُضُوءِ) وَتَدْخُلُ الْمَسْنُونَاتُ كَالدَّلْكِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ فِي هَذِهِ النِّيَّةِ وَنَحْوِهَا تَبَعًا كَنَظِيرِهِ فِي نِيَّةِ فَرْضِ الظُّهْرِ مَثَلًا لِأَنَّ السُّنَنَ تَدْخُلُ تَبَعًا حَجّ بِإِيضَاحٍ وَإِنَّمَا صَحَّ الْوُضُوءُ بِنِيَّةِ فَرْضِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُوجِبَهُ الْحَدَثُ فَقَطْ اهـ.
خِضْرٌ بِخَطِّهِ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ وَأَجَابَ م ر بِقَوْلِهِ لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِهِ فِعْلُ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ الْمَشْرُوطِ لِلصَّلَاةِ وَشَرْطُ الشَّيْءِ يُسَمَّى فَرْضًا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: كَصَلَاةٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ) أَيْ؛ بِأَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ مَثَلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute