للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ فَإِنْ تَرَاخَى عَنْهُ سُمِّيَ عَزْمًا وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَالْأَصْلُ فِيهَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَتَعْبِيرِي بِإِلَيْهِ أَيْ: الْوُضُوءِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِإِلَى طُهْرٍ لِأَنَّهُ يُوهِمُ صِحَّةَ الْوُضُوءِ بِنِيَّةِ الْمُكْثِ بِالْمَسْجِدِ مَثَلًا لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى طُهْرٍ وَهُوَ الْغُسْلُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (مَقْرُونَةٍ بِأَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ) فَلَا يَكْفِي قَرْنُهَا بِمَا بَعْدَ الْوَجْهِ لِخُلُوِّ أَوَّلِ الْمَغْسُولِ وُجُوبًا عَنْهَا وَلَا بِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ تَابِعَةٌ لِلْوَاجِبِ نَعَمْ إنْ انْغَسَلَ مَعَهُ بَعْضُ الْوَجْهِ كَفَى لَكِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِخُصُوصِهَا أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَا يَفْتَقِرُ إلَى وُضُوءٍ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِشَيْءٍ مِنْ أَفْرَادِهِ ع ش وَعِبَارَةُ ح ل كَصَلَاةٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ كَأَنْ قَالَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ، أَوْ مَسَّ الْمُصْحَفِ قَالَ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى وُضُوءٍ أَجْزَأَ، وَإِنْ لَمْ يَخْطُرْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ وَكَوْنُ نِيَّتِهِ حِينَئِذٍ تَصْدُقُ بِوَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِمَّا يَفْتَقِرُ لَهُ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ اهـ قَالَ م ر فِي الشَّرْحِ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ مَا لَا يَتَأَتَّى لَهُ فِعْلُهُ حَالًا كَالطَّوَافِ وَهُوَ بِمِصْرَ مَثَلًا وَصَلَاةِ الْعِيدِ فِي نَحْوِ رَجَبٍ وَمَا لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ وَلَا يُصَلِّيَ بِهِ غَيْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى بِهِ رَفْعَ حَدَثٍ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةٍ دُونَ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّ حَدَثَهُ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ.

وَقَوْلُهُ: كَالطَّوَافِ إلَخْ، مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ كَأَنْ يَقُولَ فِي هَذَا الْوَقْتِ إلَّا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْخُطْوَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ) اعْتِبَارُ الِاقْتِرَانِ فِي مَفْهُومِ النِّيَّةِ يُشْكِلُ بِتَحَقُّقِهَا بِدُونِهِ فِي الصَّوْمِ وَلَا مَعْنَى لِلِاسْتِثْنَاءِ فِي أَجْزَاءِ الْمَفْهُومِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِفِعْلِهِ) الضَّمِيرُ لِلشَّيْءِ وَهُوَ فِعْلٌ أَيْضًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُضَافُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَالْمُضَافُ إلَيْهِ بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَاخَى) أَيْ الْفِعْلُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْقَصْدِ وَعِبَارَةُ ح ل فَإِنْ تَرَاخَى أَيْ الْقَصْدُ عَنْهُ أَيْ الْفِعْلِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَهَذَا لَيْسَ مِنْ التَّعْرِيفِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: سُمِّيَ) أَيْ الْقَصْدُ عَزْمًا أَيْ فَقَطْ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ يُقَالُ لَهُ عَزْمٌ وَنِيَّةٌ س ل. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ) ذَكَرَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ أَنَّ لِلْقَلْبِ أُذُنَيْنِ يَسْمَعُ بِهِمَا كَمَا أَنَّ فِي الرَّأْسِ أُذُنَيْنِ وَلِلْقَلْبِ عَيْنٌ كَمَا أَنَّ لِلْبَدَنِ عَيْنًا قَالَهُ الرَّاغِبُ. قَوْلُهُ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَيْ إنَّمَا صِحَّةُ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ وَالْحَنَفِيَّةُ يَمْنَعُونَ هَذَا وَيُقَدِّرُونَ إنَّمَا كَمَالُ الْأَعْمَالِ وَالْجَوَابُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ تَقْدِيرَ الصِّحَّةِ أَقْرَبُ إلَى نَفْيِ الذَّاتِ مِنْ نَفْيِ الْكَمَالِ لِأَنَّ مَا انْتَفَتْ صِحَّتُهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ شَرْعًا فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ بِخِلَافِ مَا انْتَفَى كَمَالُهُ فَإِنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ شَرْعًا فَكَأَنَّ ذَاتَه مَوْجُودَةٌ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُوهِمُ إلَخْ) هَذَا الْإِيهَامُ مَدْفُوعٌ بِقَوْلِهِ اسْتِبَاحَةُ أُذُنَيْهِ اسْتِبَاحَةُ مَا ذُكِرَ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَأَيْضًا، فَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ، أَوْ مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ كَقِرَاءَةٍ أَيْ، أَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ مَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ كَقِرَاءَةٍ فَلَا يَكْفِيهِ رَفْعُ الْحَدَثِ أَيْ مَعَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْغُسْلِ وَقَوْلُهُ: تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ أَيْ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ حَدَثَهُ أَصْغَرُ وَهُوَ يَسْتَبِيحُ مَعَهُ الْمُكْثَ فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ، فَلَفْظُ الِاسْتِبَاحَةِ يَدْفَعُ هَذَا الْإِبْهَامَ فَدَلَّ كَلَامُ الْأَصْلِ أَوَّلًا وَآخِرًا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالطُّهْرِ فِي كَلَامِهِ الْوُضُوءُ، كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ حَجّ. (قَوْلُهُ: مَقْرُونَةً) بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ عَلَى الْحَالِ مِنْ النِّيَّةِ، أَوْ صِفَةً لَهَا وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَلَا يَكْفِي إحْضَارُ نَفْسِ الصَّلَاةِ غَافِلًا عَنْ الْفِعْلِ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ يُتَّجَهُ مِثْلُهُ هُنَا عِنْدَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَالطَّهَارَةِ وَنَحْوِهِمَا اهـ بِحُرُوفِهِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ ع ش. (قَوْلُهُ: بِأَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ) فَلَوْ قَامَتْ بِهِ عِلَّةٌ أَسْقَطَتْ غَسْلَهُ وَجَبَ قَرْنُهَا بِأَوَّلِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ أَوْ مَسْحُهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ بَعْدَهُ فَلَوْ سَقَطَ عَنْهُ غَسْلُ جَمِيعِ أَعْضَائِهِ إلَّا رِجْلَيْهِ وَجَبَ قَرْنُهَا بِأَوَّلِ غَسْلِهِمَا ز ي فَلَوْ عَمَّتْ الرِّجْلَيْنِ كَفَى تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ جَبِيرَةٌ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ جَبِيرَةٌ صَلَّى كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ ع ش وَمِثْلُ الْغُسْلِ الْمَسْحُ فِيمَا لَوْ كَانَ بِوَجْهِهِ جَبِيرَةٌ فَيَكْفِي قَرْنُ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ مَسْحِهَا قَبْلَ غَسْلِ صَحِيحِ الْوَجْهِ فَتَعْبِيرُهُمْ بِالْغَسْلِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ سم وَانْظُرْ لَوْ نَوَى عِنْدَ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ كَشَعْرٍ فِيهِ فَأُزِيلَ هَلْ يَجِبُ إعَادَتُهَا عِنْدَ غَسْلِ مَا بَعْدَهُ، أَوْ لَا اكْتِفَاءً بِالنِّيَّةِ عِنْدَهُ كَمَا لَا يَجِبُ غَسْلُ مَحَلِّهِ حَرِّرْ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ع ش: إنَّهَا لَا تَجِبُ إعَادَتُهَا.

(قَوْلُهُ: كَفَى) أَيْ الْقَرْنُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ إلَخْ) فِيهِ إشْكَالٌ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الِاعْتِدَادِ بِنِيَّةٍ لَمْ تُقَارِنْ غُسْلًا مَفْرُوضًا لِأَنَّ وُجُوبَ إعَادَتِهِ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مَفْرُوضًا ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ نَازَعَ فِي وُجُوبِ إعَادَةِ غَسْلِ ذَلِكَ الْجُزْءِ مَعَ الِاعْتِدَادِ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّهَا تُوجِبُ الِاعْتِدَادَ بِالْمَغْسُولِ قَالَ لِأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي الْمَذْهَبِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِصِحَّةِ النِّيَّةِ وَإِجْزَاءِ الْمَغْسُولِ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>