إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْوَجْهَ وَجَبَ إعَادَتُهُ وَلَوْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ فِي أَثْنَاءِ غَسْلِ الْوَجْهِ دُونَ أَوَّلِهِ كَفَتْ وَوَجَبَ إعَادَةُ الْمَغْسُولِ مِنْهُ قَبْلَهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فَوُجُوبُ قَرْنِهَا بِالْأَوَّلِ لِيُعْتَدَّ بِهِ وَقَوْلِي غَسْلُ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَهُ تَفْرِيقُهَا عَلَى أَعْضَائِهِ) أَيْ: الْوُضُوءِ كَأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ وَهَكَذَا كَمَا لَهُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ (وَ) لَهُ (نِيَّةُ تَبَرُّدٍ) أَوْ تَنْظِيفٍ (مَعَهَا) أَيْ: مَعَ نِيَّةِ شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ لِحُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. .
(وَ) ثَانِيهَا (غَسْلُ وَجْهِهِ) قَالَ تَعَالَى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] (وَهُوَ) طُولًا (مَا بَيْنَ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ) أَيْ: الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَنْبُتَ فِيهَا شَعْرُهُ (وَتَحْتَ مُنْتَهَى لَحْيَيْهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ يَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى (وَ) عَرْضًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِي الْبَحْرِ وَصَحَّحَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي صِحَّةَ الْوُضُوءِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ وَلَمْ يُوجِبَا إعَادَةَ شَيْءٍ وَعَلَى هَذَا فَلَا إشْكَالَ كَذَا بِخَطِّ الشَّوْبَرِيِّ وَفِي عَدَمِ وُجُوبِ إعَادَةِ الْجُزْءِ مَعَ قَصْدِ الْمَضْمَضَةِ نَظَرٌ لِوُجُودِ الصَّارِفِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْوَجْهَ) أَيْ وَحْدَهُ بِأَنْ نَوَى غَيْرَ الْوَجْهِ فَقَطْ، أَوْ نَوَاهُمَا، أَوْ أَطْلَقَ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ وَعَبْدِ الْبَرِّ وَعِ ش.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ هُنَا أَرْبَعَ صُوَرٍ: قَصْدُ الْوَجْهِ فَقَطْ، قَصْدُ الْمَضْمَضَةِ، قَصْدُهُمَا مَعًا أَطْلَقَ فَالنِّيَّةُ يَكْتَفِي بِهَا فِي الْجَمِيعِ وَسُنَّةُ الْمَضْمَضَةِ تَفُوتُ فِي الْجَمِيعِ، وَكَذَا سُنَّةُ الِاسْتِنْشَاقِ أَيْ لِتَقَدُّمِ غَسْلِ بَعْضِ الْوَجْهِ عَلَيْهِمَا وَتَقَدُّمُهَا عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ شَرْطٌ لِحُصُولِهِمَا وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الْبَعْضَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ إعَادَتِهِ فِيهَا فَمُقْتَضَاهُ حُصُولُ سُنَّتِهِمَا تَأَمَّلْ وَيَجِبُ إعَادَةُ ذَلِكَ الْجُزْءِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ دُونَ الْأُولَى وَهَذَا حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ ع ش وم ر خِلَافًا لِمَا فِي الْحَوَاشِي وَإِنْ كَثُرَتْ شَيْخُنَا ح ف أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ قَرَنَ النِّيَّةَ الْمُعْتَبَرَةَ بِمَا قَبْلَ الْوَجْهِ فَعُلِمَ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَأْلُوفَةِ مُسْتَحْضِرًا لِلنِّيَّةِ فَاتَتْهُ سُنَّتُهُمَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحِلَّانِ إلَّا إنْ غَفَلَ عَنْ النِّيَّةِ عِنْدَهُمَا، أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ؛ بِأَنْ نَوَى الْمَضْمَضَةَ مَثَلًا وَحْدَهَا، أَوْ نَوَى سُنَنَ الْوُضُوءِ أَوْ أَدْخَلَ الْمَاءَ فِي مَحَلِّهِمَا مِنْ أُنْبُوبَةٍ حَتَّى لَا يَنْغَسِلَ مَعَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الْوَجْهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِابْنِ حَجَرٍ ز ي. (قَوْلُهُ: لِيَعْتَدَّ بِهِ) أَيْ لَا لِيَعْتَدَّ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَفْرِيقُهَا) أَيْ النِّيَّةِ بِسَائِرِ صُوَرِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ ع ش عَلَى م ر كَأَنْ يَقُولَ نَوَيْت غَسْلَ الْوَجْهِ مَثَلًا عَنْ الْوُضُوءِ، أَوْ عَنْ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ، أَوْ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ شَوْبَرِيٌّ قَالَ ح ل وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ التَّفْرِيقَ يَأْتِي فِي السُّنَنِ أَيْضًا اهـ قَالَ سم.
وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ عِنْدَ الْمَسْنُونِ كَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَلَعَلَّ مِنْ صُوَرِهِ: نَوَيْت مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ عَنْ سُنَّةِ الْوُضُوءِ اهـ.
وَفَائِدَةُ التَّفْرِيقِ عَدَمُ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بِإِدْخَالِ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ قَبْلَ نِيَّةِ رَفْعِ حَدَثِهَا شَوْبَرِيٌّ. قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهَا نِيَّةَ نَحْوِ تَبَرُّدٍ، أَوْ لَا. وَلَا بَيْنَ أَنْ يَنْفِيَ غَيْرَ ذَلِكَ الْعُضْوَ كَأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ لَا عَنْ غَيْرِهِ، أَوْ لَا وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ رَفْعَ الْحَدَثِ وَلَمْ يَقُلْ عَنْهُمَا كَفَاهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَحْتَجْ لِلنِّيَّةِ عِنْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ وَغَسْلِ رِجْلَيْهِ إذْ نِيَّتُهُ عِنْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ الْآنَ كَنِيَّتِهِ عِنْدَ وَجْهِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ) ، أَوْ الْوُضُوءَ أَوْ الِاسْتِبَاحَةَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ ز ي. (قَوْلُهُ: كَمَا لَهُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ سَلِيمًا أَمَّا السَّلِسُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِوُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فِي حَقِّهِ، وَأَمَّا تَفْرِيقُ النِّيَّةِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ السَّلِيمِ وَالسَّلِسِ عَمِيرَةٌ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ نِيَّةُ تَبَرُّدٍ مَعَهَا) أَيْ مَعَ سَائِرِ صُوَرِ النِّيَّةِ وَحَيْثُ وَقَعَ تَشْرِيكٌ بَيْنَ عِبَادَةٍ وَغَيْرِهَا كَمَا هُنَا فَاَلَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ مُطْلَقًا وَالْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُ الْبَاعِثِ فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ بَاعِثَ الْآخِرَةِ أُثِيبَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ نَوَى قَطْعَ وُضُوئِهِ انْقَطَعَتْ نِيَّتُهُ فَيُعِيدُهَا لِلْبَاقِي وَحَيْثُ بَطَلَ وُضُوءُهُ فِي أَثْنَائِهِ بِحَدَثٍ، أَوْ غَيْرِهِ أُثِيبَ عَلَى مَا مَضَى إنْ بَطَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَإِلَّا فَلَا وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ شَرْحُ م ر وَقَوْلُ م ر انْقَطَعَتْ نِيَّتُهُ وَهَلْ مِنْ قَطْعِهَا مَا لَوْ عَزَمَ عَلَى الْحَدَثِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَزَمَ عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي بِمُبْطِلٍ كَالْعَمَلِ الْكَثِيرِ لَمْ تَبْطُلْ إلَّا بِالشُّرُوعِ فِيهِ أَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ هُنَا بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ مَا غَسَلَهُ بَعْدَ الْعَزْمِ اهـ.
ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مَعَهَا) ؛ بِأَنْ يَكُونَ مُسْتَحْضِرًا لَهَا فَإِنْ غَفَلَ عَنْهَا وَنَوَى التَّبَرُّدَ وَجَبَ إعَادَةُ مَا فَعَلَهُ مِنْ حِينِ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
. (قَوْلُهُ: غَسْلُ وَجْهِهِ) قَالَ شَيْخُنَا لَوْ سَقَطَ غَسْلُ الْوَجْهِ مَثَلًا لَمْ يَجِبْ غَسْلُ مَا لَا يَتِمَّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ الْمَتْبُوعُ سَقَطَ التَّابِعُ مِنْ خَطِّ ع ش. (فَرْعٌ)
لَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ جِهَةِ صَدْرِهِ وَآخَرُ مِنْ جِهَةِ ظَهْرِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا م ر بِأَنَّ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ هُوَ الَّذِي مِنْ جِهَةِ صَدْرِهِ لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ بِهِ دُونَ الَّذِي مِنْ جِهَةِ ظَهْرِهِ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الثَّانِي هُوَ الَّذِي بِهِ الْإِحْسَاسُ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُ فَقَطْ ع ش