للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْلَةُ جَمْعٍ هِيَ لَيْلَةُ الْمُزْدَلِفَةِ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ كَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانٍ وَمَجْنُونٍ فَلَا يُجْزِئُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ لَكِنْ يَقَعُ حَجُّهُمْ نَفْلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الْمَجْنُونِ كَحَجِّ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَاتَهُ الْحَجُّ لِصِحَّةِ حَمْلِهِ عَلَى فَوَاتِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ (وَلَوْ) (فَارَقَهَا) أَيْ: عَرَفَةَ (قَبْلَ غُرُوبٍ وَلَمْ يَعُدْ) إلَيْهَا (سُنَّ) لَهُ (دَمٌ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ لَا إنْ عَادَ إلَيْهَا وَلَوْ لَيْلًا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا يُسَنُّ لَهُ وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي الْمَوْقِفِ (وَلَوْ وَقَفُوا) الْيَوْمَ (الْعَاشِرَ غَلَطًا وَلَمْ يَقِلُّوا) عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فِي الْحَجِيجِ لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ التَّاسِعُ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَأَكْمَلُوا ذَا الْقِعْدَةِ ثَلَاثِينَ، ثُمَّ بَانَ لَهُمْ أَنَّ الْهِلَالَ أَهَلَّ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ (أَجْزَأَهُمْ) وُقُوفُهُمْ سَوَاءً أَبَانَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي الْعَاشِرِ أَمْ بَعْدَهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ إذْ لَوْ كُلِّفُوا بِهِ لَمْ يَأْمَنُوا وُقُوعَ مِثْلِ ذَلِكَ فِيهِ وَلِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً عَامَّةً بِخِلَافِ مَا إذَا قَلُّوا وَلَيْسَ مِنْ الْغَلَطِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِأَنَّهُ إنَّمَا سَمَّاهَا لَيْلَةَ جَمْعٍ رَدًّا لِمَا قِيلَ أَنَّهَا تُسَمَّى لَيْلَةَ عَرَفَةَ وَأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِ اللَّيْلِ يَسْبِقُ النَّهَارَ وَكَأَنَّ قَائِلَهُ تَوَهَّمَهُ مِنْ إعْطَائِهَا حُكْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ فِي إدْرَاكِ الْوُقُوفِ وَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ حَجّ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ حُكْمُ اللَّيْلَةِ كَحُكْمِ النَّهَارِ فِي إجْزَاءِ الْوُقُوفِ أُضِيفَتْ اللَّيْلَةُ لِعَرَفَةَ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: لِأَنَّهُ إنَّمَا سَمَّاهَا إلَخْ عِلَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَعْلُولِ أَيْ: وَفِيهِ رَدٌّ إلَخْ لِأَنَّهُ إلَخْ وَلَيْلَةُ مُزْدَلِفَةَ هِيَ لَيْلَةُ النَّحْرِ وَأُضِيفَتْ لِمُزْدَلِفَةَ لِوُجُوبِ الْمُكْثِ فِيهَا لَحْظَةً مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْهَا كَمَا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَمُغْمًى عَلَيْهِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَجْنُونَ يَقَعُ حَجُّهُ نَفْلًا بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ فَإِنَّ حَجَّهُمَا لَا يَقَعُ نَفْلًا وَلَا فَرْضًا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَهُ وَلِيٌّ يُحْرِمُ عَنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانُ فَإِنَّهُ لَا وَلِيَّ لَهُمَا فَهُمَا وَإِنْ أَحْرَمَا عَنْ أَنْفُسِهِمَا قَبْلَ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُمَا مَنْ يَنُوبُ عَنْهُمَا بِأَعْمَالِ الْحَجِّ ز ي ع ش، وَفِي كَلَامِهِ ضَعْفٌ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّكْرَانِ. وَقَوْلُهُ: يُحْرِمُ عَنْهُ فِيهِ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْجُنُونَ طَرَأَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَكَيْفَ يَقُولُ يُحْرِمُ عَنْهُ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى يُحْرِمُ أَيْ: يَجُوزُ لَهُ الْإِحْرَامُ ابْتِدَاءً لَوْ كَانَ الْجُنُونُ مُقَارِنًا لِلْإِحْرَامِ وَإِذَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ فَيَجُوزُ لَهُ إتْمَامُ أَعْمَالِ الْحَجِّ عَنْهُ إذَا جُنَّ فِي الْأَثْنَاءِ،

وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ س ل: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَجْنُونَ يَقَعُ حَجُّهُ نَفْلًا؛ لِأَنَّ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى أَعْمَالِهِ كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ عَنْهُ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَقَعُ حَجُّهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا إنْ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ إفَاقَتِهِ وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا كَالْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ إنْ زَالَ عَقْلُهُ وَقَعَ حَجُّهُ نَفْلًا وَإِلَّا وَقَعَ فَرْضًا وَقَوْلُهُ: وَسَكْرَانَ أَيْ مُتَعَدِّيًا س ل. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَقَعُ حَجُّهُمْ نَفْلًا) فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَبْنِيَ بَقِيَّةَ الْأَعْمَالِ عَلَى إحْرَامِ الْمَجْنُونِ دُونَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ فَيَبْقَيَانِ عَلَى إحْرَامِهِمَا لِإِفَاقَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْرِمُ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ دَمٌ) أَيْ: كَدَمِ التَّمَتُّعِ وَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ ابْنُ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ) وَهُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ عَادَ إلَيْهَا وَلَوْ لَيْلًا) غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ عَوْدُهُ فِي اللَّيْلِ لَا يُسْقِطُ وُجُوبَ الدَّمِ؛ لِأَنَّ الْوَارِدَ الْجَمْعُ بَيْنَ آخِرِ النَّهَارِ وَأَوَّلِ اللَّيْلِ وَقَدْ فَوَّتَهُ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَفُوا الْعَاشِرَ) وَلَوْ بَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ آخِرَ اللَّيْلِ أَيْ: لَيْلَةَ الْعِيدِ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ ذَلِكَ الْوَقْتُ الْوُقُوفَ فَيَقِفُوا بَعْدَ الزَّوَالِ فَغَلَطًا مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ لَا حَالٌ بِتَأْوِيلِهِ بِغَالِطِينَ ح ل لِأَنَّ إعْرَابَهُ حَالًا يُوهِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوُقُوفُ وَقْتَ الْغَلَطِ حَتَّى يُجْزِيَ؛ لِأَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا فَيَخْرُجُ مَا إذَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْعَاشِرَ قَبْلَ الزَّوَالِ، ثُمَّ وَقَفُوا بَعْدَ الزَّوَالِ عَالِمِينَ أَنَّ وُقُوفَهُمْ كَانَ فِي الْعَاشِرِ مَعَ أَنَّهُ يَجْزِيهِمْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف. وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَفُوا إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوُقُوفُ لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْقَاضِي وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنَ الْمُقْرِي فِي مَتْنِ إرْشَادِهِ فَصَرَّحَ بِصِحَّةِ الْوُقُوفِ لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ فَيَكُونُ الْعَاشِرُ كَالتَّاسِعِ وَعِبَارَتُهُ بَيْنَ زَوَالِ يَوْمِهِ، أَوْ ثَانِيهِ لِغَلَطِ الْجَمِّ، وَفَجْرِ غَدِهِ وَاعْتَمَدُوهُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجْزِي قَبْلَ الزَّوَالِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيَكُونُ أَدَاءً وَلَا يَصِحُّ نَحْوُ رَمْيٍ إلَّا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَتَقَدُّمِ الْوُقُوفِ، وَلَا ذَبْحٌ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ شَمْسِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَمُضِيِّ قَدْرِ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَتَمْتَدُّ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ عَلَى حِسَابِ وُقُوفِهِمْ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقِلُّوا) عِبَارَةُ شَرْحِ حَجّ مَعَ الْمَتْنِ: إلَّا أَنْ يَقِلُّوا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فِي الْحَجِيجِ فَيَقْضُونَ حَجَّهُمْ هَذَا فِي الْأَصَحِّ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ الْعَامَّةِ. (قَوْلُهُ: لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ التَّاسِعُ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ غَلَطًا فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ

(قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُمْ) وَيَكُونُ أَدَاءً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقَضَاءُ أَصْلًا شَرْحُ م ر بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ يَوْمِهِ الْمَخْصُوصِ فِي غَيْرِ الْغَلَطِ وَإِلَّا فَهُوَ يَقْضِي بِالْفَسَادِ شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُمْ وُقُوفُهُمْ أَيْ بَعْدَ زَوَالِ الْعَاشِرِ لَا قَبْلَهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ الْعَاشِرُ وَيَكُونُ لَيْلَةَ الْعِيدِ هِيَ الَّتِي بَعْدَهُ وَيَجْزِي الْوُقُوفُ فِيهَا وَلَا تَدْخُلُ أَعْمَالُ الْحَجِّ إلَّا بَعْدَ نِصْفِهَا وَيَجِبُ مَبِيتٌ بِمُزْدَلِفَةَ فِيهَا وَالْيَوْمُ الَّذِي بَعْدَهُ هُوَ يَوْمُ الْعِيدِ فَلَا تُجْزِئُ الْأُضْحِيَّةُ قَبْلَ طُلُوعِ شَمْسِهِ وَيَحْرُمُ صَوْمُهُ وَتَكُونُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةً بَعْدَهُ تَجْزِي الْأُضْحِيَّةُ فِيهَا وَيَحْرُمُ صَوْمُهَا وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>