قَالَ لَهُ غَدَاةَ يَوْمِ نَحْرٍ: الْتَقِطْ لِي حَصًى قَالَ: فَالْتَقَطْت لَهُ حَصَيَاتٍ مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ» وَالتَّصْرِيحُ يُسَنُّ أَخْذُهَا مَعَ التَّقْيِيدِ بِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ زِيَادَتِي فَالْمَأْخُوذُ سَبْعُ حَصَيَاتٍ لَا سَبْعُونَ (وَ) أَنْ (يُقَدَّمَ نِسَاءً وَضَعَفَةٌ بَعْدَ نِصْفٍ) مِنْ اللَّيْلِ (إلَى مِنًى) لِيَرْمُوا قَبْلَ الزَّحْمَةِ وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ سَوْدَةَ أَفَاضَتْ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ بِإِذْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالدَّمِ وَلَا النَّفَرَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهَا» وَفِيهِمَا «عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ» (وَ) أَنْ (يَبْقَى غَيْرُهُمْ حَتَّى يُصَلُّوا الصُّبْحَ بِغَلَسٍ) بِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيَتَأَكَّدُ طَلَبُ التَّغْلِيسِ هُنَا عَلَى بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «وَلِيَتَّسِعَ الْوَقْتُ لِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ أَعْمَالِ يَوْمِ النَّحْرِ» (ثُمَّ يَقْصِدُوا مِنًى) وَشِعَارُهُمْ مَعَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ التَّلْبِيَةُ قَالَ الْقَفَّالُ: مَعَ التَّكْبِيرِ (فَإِذَا بَلَغُوا الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ) وَهُوَ جَبَلٌ فِي آخِرهِ مُزْدَلِفَةُ يُقَالُ لَهُ قُزَحٌ (اسْتَقْبَلُوا) الْقِبْلَةَ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.
(وَوَقَفُوا) عِنْدَهُ (وَهُوَ) أَيْ وُقُوفُهُمْ بِهِ (أَفْضَلُ) مِنْ وُقُوفِهِمْ بِغَيْرِهِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَمِنْ مُرُورِهِمْ بِهِ بِلَا وُقُوفٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي. (وَذَكَرُوا) اللَّهَ تَعَالَى (وَدَعَوْا إلَى إسْفَارٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَوْلِي: وَذَكَرُوا مِنْ زِيَادَتِي: كَأَنْ يَقُولُوا: اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (ثُمَّ يَسِيرُوا) بِسَكِينَةٍ فَإِذَا وَجَدُوا فُرْجَةً أَسْرَعُوا وَإِذَا بَلَغُوا وَادِيَ مُحَسِّرٍ أَسْرَعَ الْمَاشِي وَحَرَّكَ الرَّاكِبُ دَابَّتَهُ وَذَلِكَ قَدْرُ رِمْيَةِ حَجَرٍ حَتَّى يَقْطَعُوا عُرْضَ الْوَادِي
(وَيَدْخُلُونَ مِنًى بَعْدَ طُلُوعِ شَمْسٍ فَيَرْمِي كُلٌّ) مِنْهُمْ حِينَئِذٍ (سَبْعَ حَصَيَاتٍ إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ نَحْوِ رَمْيٍ) مِمَّا لَهُ دَخْلٌ فِي التَّحَلُّلِ لِأَخْذِهِ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ كَمَا أَنَّ الْمُعْتَمِرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ طَوَافِهِ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَيُكَبِّرُ) بَدَلَ التَّلْبِيَةِ (مَعَ كُلِّ رَمْيَةٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهَذَا الرَّمْيُ تَحْتَهُ مِنًى فَلَا يَبْدَأُ فِيهَا بِغَيْرِهِ وَيُبَادِرُ بِالرَّمْيِ كَمَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ حَتَّى إنَّ السُّنَّةَ لِلرَّاكِبِ أَنْ لَا يَنْزِلَ لِلرَّمْيِ وَالسُّنَّةَ لِلرَّامِي إلَى الْجَمْرَةِ أَنْ يَسْتَقْبِلَهَا (وَ) مَعَ (حَلْقٍ وَعَقِبَهُ) لِفِعْلِ السَّلَفِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَيَذْبَحُ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ) تَقَرُّبًا (وَيَحْلِقُ) لِلْآيَةِ الْآتِيَةِ وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْحَصَى مِنْ الْمَرْمَى فَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهِ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ الْمَقْبُولَ مِنْهَا يُرْفَعُ ح ف وَيُكْرَهُ أَيْضًا أَخْذُهَا مِنْ الْمَسْجِدِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَجْزَائِهِ وَيُكْرَهُ أَخْذُهَا مِنْ الْحِلِّ أَيْضًا ز ي. (قَوْلُهُ: قَالَ لَهُ غَدَاةَ يَوْمِ نَحْرٍ) وَكَانَ إذْ ذَاكَ بِمُزْدَلِفَةَ وَهَذَا الدَّلِيلُ يَدُلُّ عَلَى أَصْلِ الْمُدَّعَى وَهُوَ أَخْذُ حَصَى يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَلَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْأَخْذِ لَيْلًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: حَصَى الْخَذْفِ) بِالْخَاءِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الَّذِي يُخْذَفُ بِهِ عَادَةً أَيْ: يُرْمَى بِهِ وَهُوَ قَدْرُ الْأُنْمُلَةِ ح ف.
(قَوْلُهُ: سَبْعَ حَصَيَاتٍ) لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ لَا سَبْعُونَ لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنَّ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِيهِ رَمْيُ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ كُلُّ جَمْرَةٍ سَبْعَةٌ فَفِي كُلِّ يَوْمٍ إحْدَى وَعِشْرُونَ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ فَهَذِهِ سَبْعُونَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ الزَّحْمَةِ) أَيْ: إنْ أَرَادُوا تَعْجِيلَ الرَّمْيِ وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ لَهُمْ تَأْخِيرُهُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ كَغَيْرِهِمْ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَلَا النَّفَرَ) النَّفَرُ بِفَتْحَتَيْنِ عِدَّةُ رِجَالٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى عَشَرَةٍ اهـ مُخْتَارٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ سَوْدَةَ يَزِيدُونَ عَلَى هَذَا فَإِطْلَاقُ النَّفَرِ عَلَيْهِمْ مَجَازٌ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: بِغَلَسٍ) أَيْ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّ التَّغْلِيسَ بِالْغَيْنِ شِدَّةُ الظُّلْمَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا فَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي وَعِبَارَةُ ع ش بِأَنْ يُصَلُّوا عَقِبَ الْفَجْرِ فَوْرًا اهـ. (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ: بِمُزْدَلِفَةَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِيُصَلُّوا. (قَوْلُهُ: الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَعْنَى الْحَرَامِ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الصَّيْدُ وَغَيْرُهُ فَإِنَّهُ مِنْ الْحُرْمِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ ذَا الْحُرْمَةِ أَيْ: التَّعْظِيمِ شَرْحُ الْمُهَذَّبِ وَسُمِّيَ مَشْعَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّعَائِرِ أَيْ: مَعَالِمِ الدِّينِ ز ي. (قَوْلُهُ: وَهُوَ جَبَلٌ) أَيْ: عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَأَمَّا عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْمُفَسِّرِينَ فَهُوَ جَمِيعُ مُزْدَلِفَةَ بِرْمَاوِيٌّ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْآنَ الْبِنَاءُ وَالْمَنَارَةُ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَهُ. (قَوْلُهُ: قُزَحَ) بِوَزْنِ عُمَرَ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعَدْلِ كَجُشَمِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَادِي مُحَسِّرٍ) بِكَسْرِ السِّينِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْفِيلَ الَّذِي جِيءَ بِهِ لِهَدْمِ الْكَعْبَةِ حَسُرَ وَامْتَنَعَ قَرِيبًا مِنْهُ عَنْ التَّوَجُّهِ إلَيْهَا لَا أَنَّهُ حَسُرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ وَادِي مُحَسِّرٍ مِنْ الْحَرَمِ وَالْفِيلُ لَا يَدْخُلُ الْحَرَمَ وَإِنَّمَا أَسْرَعَ عِنْدَهُ لِمَا قِيلَ: إنَّ النَّصَارَى كَانَتْ تَقِفُ بِهِ أَيْ: فَأُمِرْنَا بِالْمُبَالَغَةِ فِي مُخَالَفَتِهِمْ وَقِيلَ أَنَّ رَجُلًا صَادَ صَيْدًا فِيهِ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ نَارٌ فَأَحْرَقَتْهُ كَمَا قَرَّرَهُ ح ف، وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَحِكْمَتُهُ أَنَّ أَصْحَابَ الْفِيلِ أُهْلِكُوا ثَمَّ عَلَى قَوْلٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا الْحَرَمَ وَإِنَّمَا أُهْلِكُوا قُرْبَ أَوَّلِهِ، أَوْ أَنَّ رَجُلًا اصْطَادَ ثَمَّ فَنَزَلَتْ نَارٌ فَأَحْرَقَتْهُ وَمِنْ ثَمَّ تُسَمِّيهِ أَهْلُ مَكَّةَ وَادِي النَّارِ فَهُوَ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ نُزُولِ عَذَابٍ «كَدِيَارِ ثَمُودَ الَّتِي صَحَّ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمَارِّينَ بِهَا أَنْ يُسْرِعُوا لِئَلَّا يُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَ أَهْلَهَا» وَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي الْإِسْرَاعُ فِيهِ لِغَيْرِ الْحَاجِّ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ قَدْرُ رَمْيَةٍ) أَيْ: وَمَسَافَةُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: رِمْيَةِ حَجَرٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ: هَيْئَةِ رَمْيَةٍ مِنْ انْتِهَاءِ بُعْدِهِ قِيلَ وَالْفَتْحُ لَا يُنَاسِبُ هُنَا
. (قَوْلُهُ: مِمَّا لَهُ دَخْلٌ) أَيْ: مِنْ طَوَافٍ وَحَلْقٍ فَإِذَا قَدَّمَ