للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ يُقَصِّرُ) لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحَلْقِ (وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ لِلذَّكَرِ وَالتَّقْصِيرُ) أَفْضَلُ (لِغَيْرِهِ) مِنْ أُنْثَى وَخُنْثَى قَالَ تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: ٢٧] إذْ الْعَرَبُ تَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ وَالْأَفْضَلِ رَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: وَالْمُقَصِّرِينَ» ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ الْحَلْقُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى وَذِكْرُ حُكْمِهَا مِنْ زِيَادَتِي وَالْمُرَادُ مِنْ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ إزَالَةُ الشَّعْرِ فِي وَقْتِهِ وَهِيَ نُسُكٌ لَا اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْأَفْضَلِيَّةِ هُنَا وَمِنْ عَدِّهِ رُكْنًا فِيمَا يَأْتِي وَيَدُلُّ لَهُ الدُّعَاءُ لِفَاعِلِهِ بِالرَّحْمَةِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ فَيُثَابُ عَلَيْهِ

(تَنْبِيهٌ)

يُسْتَثْنَى مِنْ أَفْضَلِيَّةِ الْحَلْقِ مَا لَوْ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ فِي وَقْتٍ لَوْ حَلَقَ فِيهِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَلَمْ يَسْوَدَّ رَأْسُهُ مِنْ الشَّعْرِ فَالتَّقْصِيرُ لَهُ أَفْضَلُ (وَأَقَلُّهُ) أَيْ: كُلٍّ مِنْ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ (ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ) أَيْ إزَالَتُهَا (مِنْ) شَعْرِ (رَأْسٍ) وَلَوْ مُسْتَرْسِلَةً عَنْهُ، أَوْ مُتَفَرِّقَةً لِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِإِزَالَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ وَاكْتِفَاءً بِمُسَمَّى الْجَمْعِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} [الفتح: ٢٧] أَيْ: شَعْرَهَا وَقَوْلِي: مِنْ رَأْسٍ مِنْ زِيَادَتِي

(وَسُنَّ لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ إمْرَارُ مُوسًى عَلَيْهِ) تَشْبِيهًا بِالْحَالِقِينَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الطَّوَافَ أَوْ الْحَلْقَ عَلَى الرَّمْيِ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ عِنْدَهُ ز ي. (قَوْلُهُ: أَوْ يُقَصِّرُ) وَهُوَ أَخْذُ الشَّعْرِ بِنَحْوِ مِقَصٍّ ح ل. (قَوْلُهُ: إذْ الْعَرَبُ إلَخْ) وَالْقُرْآنُ نَزَلَ عَلَى لُغَتِهِمْ وَبَدَأَ فِيهِ بِالْحَلْقِ ع ش. (قَوْلُهُ: إنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ) لَمْ يَقُلْ إنَّمَا عَلَيْهِنَّ التَّقْصِيرُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْإِضْمَارِ إذَا كَانَ الضَّمِيرُ وَمَرْجِعُهُ فِي جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الضَّمِيرَ وَمَرْجِعَهُ فِي جُمْلَتَيْنِ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ ع ش

(قَوْلُهُ: يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ) إلَّا إذَا كَانَتْ أَمَةً وَمَنَعَهَا سَيِّدُهَا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا وَكَذَا الْمُزَوَّجَةُ إذَا مَنَعَهَا زَوْجُهَا وَكَانَ الْحَلْقُ يُنْقِصُ الِاسْتِمْتَاعَ شَوْبَرِيٌّ وَزي. (قَوْلُهُ: إزَالَةُ الشَّعْرِ) وَلَوْ بِنَتْفٍ، أَوْ نُورَةٍ وَقَوْلُهُ: فِي وَقْتِهِ أَيْ الْحَلْقِ وَسَيَأْتِي أَنَّ وَقْتَهُ يَدْخُلُ بِنِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِإِزَالَةِ الشَّعْرِ وَقَوْلُهُ: نُسُكٌ أَيْ: عِبَادَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا لَا اسْتِبَاحَةُ أَمْرٍ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ وَيُسَنُّ أَنْ يَجْلِسَ الْمَحْلُوقُ رَأْسَهُ مُحْرِمًا كَانَ، أَوْ لَا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَيَبْدَأُ الْحَالِقُ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ فَيَسْتَوْعِبُهُ، ثُمَّ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ ز ي. (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِنْ الْأَفْضَلِيَّةِ) أَيْ: لِأَنَّ الْأَفْضَلِيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْعِبَادَاتِ لَا فِي الْإِبَاحَاتِ قَالَ ع ش: وَعَلَيْهِ فَإِذَا طَافَ، أَوْ رَمَى حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ فَيُبَاحُ لَهُ مَا يُبَاحُ بِهِ مِنْ التَّطَيُّبِ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا قُلْنَا الْحَلْقُ لَيْسَ بِنُسُكٍ حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِوَاحِدٍ مِنْ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالتَّحَلُّلُ الثَّانِي بِالْآخَرِ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيُثَابُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِزَالَةِ وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَهِيَ نُسُكٌ إلَخْ

. (قَوْلُهُ: لَوْ حَلَقَ فِيهِ) أَيْ: لِلْعُمْرَةِ وَقَوْلُهُ: فَالتَّقْصِيرُ لَهُ أَفْضَلُ أَيْ: لِيَحْلِقَ يَوْمَ النَّحْرِ لِلْحَجِّ وَقَدْ يُقَالُ هَلَّا قِيلَ الْأَفْضَلُ أَنْ يَحْلِقَ بَعْضَ رَأْسِهِ لِلْعُمْرَةِ وَيَبْقَى الْبَعْضُ الْآخَرُ لِيَحْلِقَهُ لِلْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ إزَالَةُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ) كُلًّا، أَوْ بَعْضًا كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. وَأَفْهَمَ كَلَامُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ الثَّلَاثِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ بِرَأْسِهِ شَعْرَةٌ، أَوْ شَعْرَتَانِ كَانَ الرُّكْنُ فِي حَقِّهِ إزَالَةَ ذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر فَقَوْلُهُ: ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ أَيْ: إنْ كَانَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثٌ فَأَكْثَرُ. (قَوْلُهُ: أَيْ: إزَالَتُهَا) احْتَاجَ لِهَذَا لِصِحَّةِ الْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ فِعْلٌ وَالثَّلَاثُ لَيْسَتْ فِعْلًا قَالَ فِي الْقُوتِ: وَهَذَا فِيمَنْ لَمْ يَنْذِرْ الْحَلْقَ فِي وَقْتِهِ فَإِنْ نَذَرَهُ فِي وَقْتِهِ لَمْ يَجْزِ إلَّا حَلْقُ شَعْرِ الرَّأْسِ جَمِيعِهِ أَيْ: إذَا نَذَرَ الِاسْتِيعَابَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا يَكْفِي عَنْ نَذْرِهِ اسْتِئْصَالُهُ بِالْقَصِّ وَلَا إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ بِلَا اسْتِئْصَالٍ اهـ وَمَحَلُّ صِحَّةِ نَذْرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلذَّكَرِ أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَصِحُّ نَذْرُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِ وَالْمَكْرُوهُ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ وَنَذْرُ الْمَرْأَةِ التَّقْصِيرَ كَنَذْرِ الذَّكَرِ الْحَلْقَ وَلَوْ نَذَرَ الرَّجُلُ التَّقْصِيرَ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ لِلْمُقَصِّرِينَ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ فَهُوَ كَنَذْرِ الْمَشْيِ فِي الْحَجِّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ انْضَمَّ لِكَوْنِهِ مَفْضُولًا كَوْنُهُ شِعَارًا لِلنِّسَاءِ عُرْفًا بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَشْيِ حَجّ. (قَوْلُهُ: مِنْ شَعْرِ رَأْسٍ) نَعَمْ لَوْ كَانَ لَهُ رَأْسَانِ فَحَلَقَ وَاحِدَةً فِي الْعُمْرَةِ وَأَخَّرَ الْأُخْرَى إلَى الْحَجِّ فَالْحَلْقُ أَفْضَلُ قَالَهُ الشَّيْخُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَاكْتِفَاءً بِمُسَمَّى الْجَمْعِ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي فِي الْآيَةِ جَمْعُ الرُّءُوسِ لَا جَمْعُ الشَّعْرِ وَالْمُضَافُ الَّذِي قَدَّرَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ: شَعْرِهَا اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ فَهُوَ مَحَلُّ الِاسْتِدْلَالِ وَعِبَارَةُ م ر وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الصَّحَابَةَ أَنْ يَحْلِقُوا، أَوْ يُقَصِّرُوا» وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِحُصُولِ أَقَلِّ مُسَمَّى اسْمِ الْجِنْسِ الْجَمْعِيِّ الْمُقَدَّرِ فِي مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ أَيْ شَعْرَ رُءُوسِكُمْ إذْ هِيَ لَا تُحْلَقُ وَأَقَلُّ مُسَمَّاهُ ثَلَاثَةٌ فَمُرَادُ الشَّارِحِ بِمُسَمَّى الْجَمْعِ أَيْ: الْمُقَدَّرِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ، وَتَسْمِيَتُهُ جَمْعًا نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَإِلَّا فَهُوَ اصْطِلَاحًا اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٌّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِالتَّاءِ

. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ إمْرَارُ مُوسَى) وَكَذَا مَنْ يُرِيدُ التَّقْصِيرَ يُسَنُّ لَهُ إمْرَارُ آلَةِ التَّقْصِيرِ عَلَيْهِ شَوْبَرِيٌّ وَح ف وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لَهُ إمْرَارُ إلَخْ اهـ فَعُلِمَ أَنَّ عَدَّهُمْ أَرْكَانَ الْحَجِّ فِيمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>