للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ جَبْرِهِ بِدَمٍ كَالطَّوَافِ وَالْمُرَادُ إزَالَةُ الشَّعْرِ كَمَا مَرَّ (وَتَرْتِيبُ الْمُعَظَّمِ) بِأَنْ يُقَدِّمَ الْإِحْرَامَ عَلَى الْجَمِيعِ وَالْوُقُوفَ عَلَى طَوَافِ الرُّكْنِ وَالْحَلْقِ، أَوْ التَّقْصِيرِ، وَالطَّوَافَ عَلَى السَّعْيِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَدَلِيلُهُ الِاتِّبَاعُ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَقَدْ عَدَّهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا رُكْنًا وَفِي الْمَجْمُوعِ شَرْطًا وَالْأَوَّلُ أَنْسَبُ بِمَا فِي الصَّلَاةِ وَقَوْلِي: أَوْ تَقْصِيرٌ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَلَا تُجْبَرُ) أَيْ: الْأَرْكَانُ أَيْ: لَا دَخْلَ لِلْجَبْرِ فِيهَا وَتَقَدَّمَ مَا يُجْبَرُ بِدَمٍ وَيُسَمَّى بَعْضًا وَغَيْرُهُمَا يُسَمَّى هَيْئَةً (وَغَيْرُ الْوُقُوفِ) مِنْ السِّتَّةِ (أَرْكَانُ الْعُمْرَةِ) لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ لَهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحَلْقَ، أَوْ التَّقْصِيرَ يَجِبُ تَأْخِيرُهُ عَنْ سَعْيِهَا فَالتَّرْتِيبُ فِيهَا مُطْلَقٌ.

(وَيُؤَدَّيَانِ) أَيْ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا، أَوْ يَبْدَأَ بِحَجٍّ، أَوْ بِعُمْرَةٍ «قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَحَدُهَا: أَنْ يُؤَدَّيَا (بِإِفْرَادٍ بِأَنْ يَحُجَّ ثُمَّ يَعْتَمِرَ) بِأَنْ يُحْرِمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجّ بِالْعُمْرَةِ وَيَأْتِيَ بِعَمَلِهَا (وَ) ثَانِيهَا: (بِتَمَتُّعٍ بِأَنْ يَعْكِسَ) بِأَنْ يَعْتَمِرَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مِيقَاتِ بَلَدِهِ، ثُمَّ يَحُجَّ سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ أَمْ مِنْ مِيقَاتٍ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ أَمْ مِنْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ أَمْ مِنْ مِيقَاتٍ أَقْرَبَ مِنْهُ وَإِنْ، أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ مِنْ مَكَّةَ، أَوْ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ وَكَوْنِ الْعُمْرَةِ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ.

وَيُسَمَّى الْآتِي بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ. قُلْت أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ فِيهِ وَضْعَ زِينَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى فَأَشْبَهَ الطَّوَافَ مِنْ حَيْثُ أَعْمَالِ النَّفْسِ فِي الْمَشْيِ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ التَّحَلُّلَ مِنْ الْعِبَادَةِ إمَّا بِالْإِعْلَامِ بِغَايَتِهَا كَالْغُلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ الْمُعَلَّمِ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الْآفَاتِ لِلْمُصَلِّي وَإِمَّا بِتَعَاطِي ضِدِّهَا كَتَعَاطِي الْمُفْطِرِ فِي الصَّوْمِ وَدُخُولِ وَقْتِهِ وَالْحَلْقُ مِنْ جِهَةِ مَا فِيهِ مِنْ التَّرَفُّهِ ضِدُّ الْإِحْرَامِ الْمُوجِبِ لِكَوْنِ الْمُحْرِمِ أَشْعَثَ أَغْبَرَ فَكَانَ لَهُ دَخْلٌ فِي تَحَلُّلِهِ مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ شَرْحُ حَجّ.

وَقَوْلُهُ: فَلِأَنَّ فِيهِ وَضْعَ زِينَةٍ هَذَا لَا يُنْتِجُ خُصُوصَ الرُّكْنِيَّةِ وَأَيْضًا فَهُوَ مُعَارَضٌ بِالتَّجَرُّدِ عَنْ الْمُحِيطِ فَإِنَّ فِيهِ وَضْعَ زِينَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى مَعَ أَنَّهُ وَاجِبٌ لَا رُكْنٌ. (قَوْلُهُ: لِتَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ جَبْرِهِ بِدَمٍ) أَخْرَجَ بِهِ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَإِنَّ التَّحَلُّلَ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ لَكِنْ يُجْبَرُ بِدَمٍ فَتَأَمَّلْ. شَوْبَرِيٌّ وَزي

(قَوْلُهُ: وَتَرْتِيبُ الْمُعَظَّمِ) أَقُولُ: لِي هُنَا شُبْهَةٌ وَهِيَ أَنَّ شَأْنَ رُكْنِ الشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ إذَا انْعَدَمَ انْعَدَمَ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ إذَا حَلَقَ قَبْلَ الْوُقُوفِ، ثُمَّ وَقَفَ وَأَتَى بِبَقِيَّةِ الْأَعْمَالِ حَصَلَ الْحَجُّ وَكَانَ الْحَلْقُ سَاقِطًا لِعَدَمِ إمْكَانِهِ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ وَإِنْ أَثِمَ بِفِعْلِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَيَفُوتُ مَعَ انْتِفَاءِ التَّرْتِيبِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَيُمْكِنُ انْدِفَاعُهَا بِأَنْ يُقَالَ: الْحَلْقُ إنَّمَا سَقَطَ لِعَدَمِ شَعْرٍ بِرَأْسِهِ لَا لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْوُقُوفِ لِأَنَّ حَلْقَهُ قَبْلَهُ لَمْ يَقَعْ رُكْنًا وَالْإِثْمُ إنَّمَا هُوَ لِتَرَفُّهِهِ بِإِزَالَةِ الشَّعْرِ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَهَذَا كَمَا لَوْ اعْتَمَرَ وَحَلَقَ لِلْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ عَقِبَهُ وَلَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَلْقِ فَإِنَّ الْحَلْقَ سَاقِطٌ عَنْهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِحَلْقِ الْعُمْرَةِ بَلْ لِعَدَمِ شَعْرٍ يُزِيلُهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُقَدِّمَ إلَخْ) اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَلْقَ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّعْيِ وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي خَرَجَ بِالْمُعَظَّمِ فَالْمُرَادُ بِالْمُعَظَّمِ مَا عَدَا الْحَلْقَ وَالطَّوَافَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَفْعَلْ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ التَّرْتِيبِ فِي الْمُعَظَّمِ إذَا أَخَّرَ السَّعْيَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَإِنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ فَلَا يَكُونُ التَّرْتِيبُ فِي الْمُعَظَّمِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَدَّهُ) أَيْ: التَّرْتِيبَ. (فَقَوْلُهُ: أَيْ: لَا دَخْلَ لِلْجَبْرِ فِيهَا) أَيْ: لِانْعِدَامِ الْمَاهِيَّةِ بِانْعِدَامِهَا حَجّ فَلَوْ جُبِرَتْ بِالدَّمِ مَعَ عَدَمِ فِعْلِهَا لَلَزِمَ عَلَيْهِ وُجُودُ الْمَاهِيَّةِ بِدُونِ أَرْكَانِهَا وَهُوَ مُحَالٌ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ مَا يُجْبَرُ بِدَمٍ) وَهِيَ الْوَاجِبَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ كَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالْمَبِيتِ بِمِنًى وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَالرَّمْيِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ ز ي.

(قَوْلُهُ: لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ) أَيْ: الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ وَقَوْلُهُ: لَهَا أَيْ: لِلْعُمْرَةِ أَيْ: لِوُجُوبِهَا فِيهَا. (قَوْلُهُ: فَالتَّرْتِيبُ فِيهَا مُطْلَقٌ) أَيْ: فِي كُلِّ أَرْكَانِهَا لَا مُقَيَّدٌ بِالْمُعَظَّمِ

(قَوْلُهُ: وَيُؤَدَّيَانِ أَيْ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ) يَرِدُ عَلَى الْحَصْرِ مَا لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا. قُلْت هُوَ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِصَرْفِهِ لِوَاحِدٍ مِنْهَا فَالْإِحْرَامُ مُطْلَقًا مَعَ الصَّرْفِ لِوَاحِدٍ مِنْهَا فِي مَعْنَى الْإِحْرَامِ ابْتِدَاءً بِذَلِكَ الْوَاحِدِ سم. (قَوْلُهُ: قَالَتْ عَائِشَةُ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْحَصْرِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرَ هَذَا الدَّلِيلِ عَنْ كَلَامِ الْمَتْنِ عَلَى عَادَتِهِ (قَوْلُهُ: مَنْ أَهَلَّ) أَيْ: أَحْرَمَ بِحَجٍّ. (قَوْلُهُ: أَحَدُهَا أَنْ يُؤَدَّيَا إلَخْ) فَالْكَلَامُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ بَيَانُ الْجَوَازِ وَبَيَانُ الْأَفْضَلِ وَوُجُوبُ الدَّمِ وَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: بِإِفْرَادٍ) أَيْ: مُتَلَبِّسِينَ بِإِفْرَادٍ، أَوْ الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُحْرِمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ) أَيْ بِأَنْ يَخْرُجَ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ وَيُحْرِمَ بِهَا ز ي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ وَيَفْرُغُ مِنْهَا، ثُمَّ يُنْشِئُ حَجًّا مِنْ مَكَّةَ وَأَنْ لَا يَعُودَ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ إلَى الْمِيقَاتِ أَيْ: الَّذِي أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ. اهـ. ز ي وَيُجَابُ عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ مَكَّةَ فِي قَوْلِهِ، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>