أَوْ وَرْسٌ» زَادَ الْبُخَارِيُّ «وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ» وَكَخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْقَمِيصِ وَالْأَقْبِيَةِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْخُفَّيْنِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ النَّعْلَيْنِ» .
(حَرُمَ بِهِ) أَيْ: بِالْإِحْرَامِ (عَلَى رَجُلٍ سَتْرُ بَعْضِ رَأْسِهِ بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا) مِنْ مَخِيطٍ وَغَيْرِهِ كَقَلَنْسُوَةٍ وَخِرْقَةٍ وَعِصَابَةٍ وَطِينٍ ثَخِينٍ بِخِلَافِ مَا لَا يُعَدُّ سَاتِرًا كَاسْتِظْلَالِهِ بِمَحْمِلٍ وَإِنْ مَسَّهُ وَحَمْلِهِ قُفَّةً، أَوْ عَدْلًا وَانْغِمَاسِهِ فِي مَاءٍ وَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ بِكَفِّهِ، أَوْ بِكَفِّ غَيْرِهِ، نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِحَمْلِ الْقُفَّةِ وَنَحْوِهَا السَّتْرَ حَرُمَ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْفُورَانِيِّ وَغَيْرِهِ
(وَلُبْسِ مُحِيطٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِمُهْمَلَةٍ أَيْ: لُبْسِهِ عَلَى مَا يُعْتَادُ فِيهِ وَلَوْ بِعُضْوٍ (بِخِيَاطَةٍ) كَقَمِيصٍ (أَوْ نَسْجٍ) كَزَرَدٍ (أَوْ عَقْدٍ) كَجُبَّةِ لَبَدٍ (فِي بَاقِي بَدَنِهِ وَنَحْوِهِ) كَلِحْيَتِهِ بِأَنْ جَعَلَهَا فِي خَرِيطَةٍ لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَخِيطِ الْمَذْكُورِ كَإِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ إزَارَهُ وَيَشُدَّ خَيْطَهُ عَلَيْهِ لِيَثْبُتَ وَأَنْ يَجْعَلَهُ مِثْلَ الْحُجْزَةِ وَيُدْخِلَ فِيهَا التِّكَّةَ إحْكَامًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
يَجْعَلَهُمَا كَالْبَابُوجِ قَالَ حَجّ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الِاكْتِفَاءِ بِقِطْعَةِ الْخُفِّ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يُحِيطُ بِالْعَقِبِ وَالْأَصَابِعِ وَظَهْرِ الْقَدَمَيْنِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُنَافِيهِ تَحْرِيمُ السَّرْمُوزَةِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا وَالْغَيْرُ مَفْقُودٌ هُنَا اهـ وَهَذَا بِخِلَافِ السَّرَاوِيلِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ يَلْبَسُهُ وَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهُ مِنْ الْخِيَاطَةِ وَالِاتِّزَارِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَشُقُّ شَيْخُنَا ح ف. وَالسِّرُّ فِي تَحْرِيمِ الْمَخِيطِ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ مُخَالَفَةُ الْعَادَةِ وَالْخُرُوجُ عَنْ الْمَأْلُوفِ لِإِشْعَارِ النَّفْسِ بِأَمْرَيْنِ: الْخُرُوجُ عَنْ الدُّنْيَا، وَالتَّذَكُّرُ لِلُبْسِ الْأَكْفَانِ عِنْدَ نَزْعِ الْمَخِيطِ وَتَنْبِيهُهَا عَلَى التَّلَبُّسِ بِهَذِهِ الْعِبَادَةِ الْعَظِيمَةِ بِالْخُرُوجِ عَنْ مُعْتَادِهَا وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلْإِقْبَالِ عَلَيْهَا وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى قَوَانِينِهَا وَأَرْكَانِهَا وَشَرَائِطِهَا وَآدَابِهَا اهـ قَسْطَلَّانِيٌّ بِحُرُوفِهِ
(قَوْلُهُ: أَوْ وَرْسٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا سِينٌ مُهْمَلَةٌ نَبْتٌ أَصْفَرُ مِثْلُ نَبَاتِ السِّمْسِمِ طَيِّبُ الرِّيحِ يُصْبَغُ بِهِ بَيْنَ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ أَشْهَرُ طِيبٍ فِي بِلَادِ الْيَمَنِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْوَرْسُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طِيبًا فَلَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُنَبِّهَ بِهِ عَلَى اجْتِنَابِ الطِّيبِ وَمَا يُشْبِهُهُ اهـ قَسْطَلَّانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا تَنْتَقِبُ) أَيْ: لَا تَضَعُ سَاتِرًا عَلَى وَجْهِهَا. (قَوْلُهُ: وَكَخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ) أَشَارَ بِهَذَا الْحَدِيثِ إلَى أَنَّ الْجَمْعَ فِيمَا قَبْلَهُ لَيْسَ مُرَادًا كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ قَالَ شَيْخُنَا ح ف: وَأَيْضًا الْأَوَّلُ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ عَلَى التَّحْرِيمِ بِخِلَافِ الثَّانِي وَعِبَارَةُ ع ش عَبَّرَ فِيهِ بِالْمُفْرَدِ، وَفِيمَا قَبْلَهُ بِالْجَمْعِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ لُبْسِ الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ فَاللَّامُ فِيهِمَا لِلْجِنْسِ اهـ. (قَوْلُهُ: النَّعْلَيْنِ) وَالْمُرَادُ بِالنَّعْلِ هُنَا مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمُحْرِمِ مِنْ غَيْرِ الْمُحِيطِ كَالْمَدَاسِ الْمَعْرُوفِ الْيَوْمَ وَالتَّاسُومَةِ وَالْقَبْقَابِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْتُرَا جَمِيعَ أَصَابِعِ الرِّجْلِ وَإِلَّا حَرُمَا كَمَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ تَحْرِيمِهِمْ كِيسَ الْأَصَابِعِ بِخِلَافِ السَّرْمُوزَةِ فَإِنَّهَا مُحِيطَةٌ بِالرِّجْلِ جَمِيعِهَا وَالزُّرْبُولِ الْمِصْرِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَعْبٌ لِإِحَاطَتِهِمَا بِالْأَصَابِعِ فَامْتَنَعَ لُبْسُهُمَا مَعَ وُجُودِ مَا لَا إحَاطَةَ فِيهِ حَجّ وَم ر والسُّرْمُوزَةُ هِيَ السُّرْمُوجَةُ وَالزُّرْبُولُ الْبَابُوجُ الَّذِي لَا كَعْبَ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: سَتَرَ بَعْضَ رَأْسِهِ) ، أَوْ شَعْرٍ فِي حَدِّهِ بِخِلَافِ الْخَارِجِ عَنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسَتَرَ كُلَّهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ز ي وَلَوْ تَعَدَّدَ الرَّأْسُ اُعْتُبِرَ بِمَا فِي الْوُضُوءِ كَمَا فِي ق ل. (قَوْلُهُ: وَحَمْلِهِ قُفَّةً) وَنَحْوَهَا بِخِلَافِ الِاسْتِظْلَالِ بِالْمَحْمَلِ وَوَضْعِ يَدِهِ، أَوْ يَدِ غَيْرِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَإِنْ قَصَدَ السَّتْرَ بِذَلِكَ، وَفَارَقَ نَحْوَ الْقُفَّةِ بِأَنَّ تِلْكَ يُقْصَدُ السَّتْرُ بِهَا عُرْفًا بِخِلَافِ هَذِهِ وَنَحْوِهَا كَمَا قَالَهُ م ر فِي شَرْحِهِ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ حَجّ أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ كَحَمْلِ الْقُفَّةِ فَمَتَى قَصَدَ السَّتْرَ بِوَضْعِهَا حَرُمَ مَعَ الْفِدْيَةِ وَاسْتَوْجَهَهُ ع ش شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: أَوْ عِدْلًا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ وَهُوَ الْغِرَارَةُ، أَوْ الْحِمْلُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فِي مَاءٍ) وَلَوْ كَدِرًا كَمَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ وَإِنَّمَا عُدَّ نَحْوُ الْمَاءِ الْكَدِرِ سَاتِرًا فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى مَا مَنَعَ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ وَهُنَا عَلَى السَّاتِرِ الْعُرْفِيِّ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ إدْرَاكَهَا وَمِنْ ثَمَّ كَانَ السِّتْرُ بِالزُّجَاجِ هُنَا كَغَيْرِهِ شَرْحُ م ر وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَحْوَ الْقُفَّةِ لَوْ اسْتَرْخَى عَلَى رَأْسِهِ بِحَيْثُ صَارَ كَالْقَلَنْسُوَةٍ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ يُحْمَلُ يَحْرُمُ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ سَتْرَهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا يُعْتَادُ) فَلَوْ ارْتَدَى بِقَمِيصٍ، أَوْ اتَّزَرَ بِسَرَاوِيلَ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: كَلِحْيَتِهِ) فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ بَدَنِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ: مِنْ الْأَخْبَارِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ ضَابِطَ مَا يَحْرُمُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إحَاطَةٌ لِلْبَدَنِ، أَوْ لِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ ز ي. (قَوْلُهُ: أَنْ يَعْقِدَ إزَارَهُ) بِأَنْ يَعْقِدَ طَرَفَهُ بِطَرَفِهِ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: وَيَشُدَّ خَيْطَهُ) بِأَنْ يَجْعَلَ خَيْطًا فِي وَسَطِهِ فَوْقَ الْإِزَارِ لِيَثْبُتَ. (قَوْلُهُ: مِثْلَ الْحُجْزَةِ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ وَجِيمٍ سَاكِنَةٍ وَزَايٍ مُعْجَمَةٍ وَهِيَ بِإِثْبَاتِ الْجِيمِ كَمَا هُنَا وَبِحَذْفِهَا كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ ذَكَرَهُمَا صَاحِبُ الْمُجْمَلِ وَالصِّحَاحِ وَهِيَ الَّتِي تُجْعَلُ فِيهَا التِّكَّةُ بِكَسْرِ التَّاءِ ع ش عَلَى م ر وَقَالَ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: مِثْلَ الْحُجْزَةِ بِأَنْ يَثْنِيَ طَرَفَهُ وَيَخِيطَهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ كَمَوْضِعِ التِّكَّةِ مِنْ اللِّبَاسِ وَهَذِهِ الْخِيَاطَةُ لَا تَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحِيطًا بِالْبَدَنِ بِسَبَبِهَا بَلْ هِيَ فِي نَفْسِ الْإِزَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute