وَأَنْ يَغْرِزَ طَرَفَ رِدَائِهِ فِي طَرَفِ إزَارِهِ دَاخِلَ رِدَائِهِ بِنَحْوِ مِسَلَّةٍ وَلَا رَبْطُ طَرَفٍ بِآخَرَ بِنَحْوِ خَيْطٍ وَلَا رَبْطُ شَرَجٍ بِعُرًى وَقَوْلِي: وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) حَرُمَ بِهِ (عَلَى امْرَأَةٍ) حُرَّةٍ، أَوْ غَيْرِهَا (سَتْرُ بَعْضِ وَجْهِهَا) بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا وَعَلَى الْحُرَّةِ أَنْ تَسْتُرَ مِنْهُ مَا لَا يَتَأَتَّى سَتْرُ جَمِيعِ رَأْسِهَا إلَّا بِهِ. لَا يُقَالُ لِمَ لَا عَكْسُ ذَلِكَ بِأَنْ تَكْشِفَ مِنْ رَأْسِهَا مَا لَا يَتَأَتَّى كَشْفُ وَجْهِهَا إلَّا بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ السَّتْرُ أَحْوَطُ مِنْ الْكَشْفِ (وَلُبْسُ قُفَّازٍ) وَهُوَ مَا يُعْمَلُ لِلْيَدِ وَيُحْشَى بِقُطْنٍ وَيُزَرُّ عَلَى السَّاعِدِ لِيَقِيَهَا الْبَرْدَ فَلَهَا لُبْسُ الْمَخِيطِ فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ وَأَنْ تَسْدُلَ عَلَى وَجْهِهَا ثَوْبًا مُتَجَافِيًا عَنْهُ بِخَشَبَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا فَإِنْ وَقَعَتْ فَأَصَابَ الثَّوْبُ وَجْهَهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا وَرَفَعَتْهُ حَالًا فَلَا فِدْيَةَ، أَوْ عَمْدًا، أَوْ اسْتَدَامَتْهُ وَجَبَتْ وَلَيْسَ لِلْخُنْثَى سَتْرُ الْوَجْهِ مَعَ الرَّأْسِ، أَوْ بِدُونِهِ وَلَا كَشْفُهُمَا فَلَوْ سَتَرَهُمَا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ لِسَتْرِهِ مَا لَيْسَ لَهُ سَتْرُهُ لَا إنْ سَتَرَ الْوَجْهَ، أَوْ كَشَفَهُمَا وَإِنْ أَثِمَ فِيهِمَا وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعَلَى الْوَلِيِّ مَنْعُ الصَّبِيِّ مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَإِذَا وَجَبَتْ فِدْيَةٌ فَهِيَ عَلَى الْوَلِيِّ، نَعَمْ إنْ طَيَّبَهُ أَجْنَبِيٌّ فَعَلَيْهِ (إلَّا لِحَاجَةٍ) فَلَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ سَتْرُ، أَوْ لُبْسُ مَا مُنِعَ مِنْهُ لِعَدَمِ وُجْدَانِ غَيْرِهِ، أَوْ لِمُدَاوَاةٍ، أَوْ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ، أَوْ نَحْوِهَا. نَعَمْ لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ لِفَقْدِ الرِّدَاءِ بَلْ يَرْتَدِي بِهِ وَيَجِبُ بِمَا ذُكِرَ الْفِدْيَةُ كَمَا تَجِبُ بِهِ بِلَا حَاجَةٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالْإِزَارُ بَاقٍ بِحَالِهِ عَلَى عَدَمِ الْإِحَاطَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَغْرِزَ إلَخْ) أَيْ: مَعَ الْكَرَاهَةِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالْمُرَادُ بِالرِّدَاءِ مَا يُرْتَدَى بِهِ فِي أَعْلَى الْبَدَنِ. (قَوْلُهُ: دَاخِلَ رِدَائِهِ بِنَحْوِ مِسَلَّةٍ) بِأَنْ تُجْعَلَ الْمِسَلَّةُ جَامِعَةً لِطَرَفَيْهِ بِأَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَخِيطَ مِنْ حَيْثُ اسْتِمْسَاكِهِ بِنَفْسِهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا رَبْطُ شَرَجٍ) وَهِيَ الْأَزْرَارُ بِعُرًى أَيْ: فِي الرِّدَاءِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُحِيطِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَسْتَمْسِكُ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ رَبْطِهَا فِي الْإِزَارِ إنْ تَبَاعَدَتْ أَيْ: الْعُرَى، وَفَارَقَ الْإِزَارَ الرِّدَاءُ فِيمَا ذُكِرَ بِأَنَّ الْأَزْرَارَ الْمُتَبَاعِدَةَ تُشْبِهُ الْعُقَدَ وَهُوَ فِيهِ أَيْ الرِّدَاءِ مُمْتَنِعٌ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْإِزَارِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَجُوزُ فِيهِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ شَرْحُ م ر وَعِبَارَةُ ع ش وَلَا رَبْطِ شَرَجٍ الشَّرَجُ هِيَ الْأَزْرَارُ كَمَا لَوْ كَانَ لِخِفَّةِ أَزْرَارٍ وَعَرَاوِي اهـ، وَفِيهِ أَنَّهُ يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْخُفِّ مِنْ أَنَّ الشَّرَجَ هُوَ الْعُرَى فَلَعَلَّهُ مُشْتَرَكٌ لِأَنَّا لَوْ قُلْنَا الْمُرَادُ بِالشَّرَجِ هُنَا الْعُرَى يَكُونُ الْكَلَامُ مُتَهَافِتًا؛ لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ الْمَعْنَى وَلَا رَبْطِ عُرًى بِعُرًى فَتَعَيَّنَ حَمْلُ الشَّرَجِ هُنَا عَلَى الْأَزْرَارِ
. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْحُرَّةِ أَنْ تَسْتُرَ) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ رَأْسَهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فِي الصَّلَاةِ فَقَوْلُهُ: مَا لَا يَتَأَتَّى سَتْرُ جَمِيعِ رَأْسِهَا إلَّا بِهِ أَيْ: إذَا وَجَبَ عَلَيْهَا سَتْرُ ذَلِكَ وَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ ح ل وَهَذَا الْحُكْمُ دَخِيلٌ هُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي حَالَةِ الْإِحْرَامِ وَالْأَمَةُ فِيهِ كَالْحُرَّةِ.
(فَرْعٌ) إذَا لَبِسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا فَوْقَ آخَرَ مَعَ اخْتِلَافِ الزَّمَانِ فَإِنْ سَتَرَ الثَّانِي مَا لَمْ يَسْتُرْهُ الْأَوَّلُ تَعَدَّدَتْ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا لَوْ سَتَرَ رَأْسَهُ بِسَاتِرٍ فَوْقَ سَاتِرٍ فَإِنْ سَتَرَ الثَّانِي مَا لَمْ يَسْتُرْهُ الْأَوَّلُ تَعَدَّدَتْ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا م ر سم وَق ل (قَوْلُهُ: مَا يَعْمَلُ لِلْيَدِ) أَيْ: الْكَفِّ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُحْشِي بِقُطْنٍ) قَيَّدَ لِلتَّسْمِيَةِ لَا لِلْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى السَّاعِدِ) أَيْ: عَلَى طَرَفِهِ مِنْ جِهَةِ الْكَفِّ قَالَ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ: وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ لَهَا أَنْ تَسْدُلَ كُمَّيْهَا عَلَى يَدَيْهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ السَّتْرِ بِغَيْرِ الْقُفَّازِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ: تَسْدُلُ بَابُهُ نَصَرَ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْخُنْثَى) مُحَصَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا كَشْفُهُمَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ سَتْرُ رَأْسِهِ وَكَشْفُ وَجْهِهِ م ر. وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْخُنْثَى أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَسْتُرَ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ، أَوْ يَكْشِفَهُمَا أَوْ يَسْتُرَ الْوَجْهَ وَيَكْشِفَ الرَّأْسَ، أَوْ يَعْكِسَ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَأْثَمُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَفِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالَّةِ يَأْثَمُ وَلَا فِدْيَةَ، وَفِي الرَّابِعَةِ لَا إثْمَ وَلَا فِدْيَةَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ: حَاصِلُ مَا حُرِّرَ فِي مَسْأَلَةِ الْخُنْثَى أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِحْرَامِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا كَشْفُ وَجْهِهِ وَإِنْ اُسْتُحِبَّ لَهُ مَعَ ذَلِكَ تَرْكُ لُبْسِ الْمُحِيطِ فَلَوْ سَتَرَ وَجْهَهُ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ إنْ سَتَرَ مَعَهُ الرَّأْسَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَبِسَ الْمَخِيطَ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْأَجَانِبِ يَجِبُ عَلَيْهِ سَتْرُ رَأْسِهِ وَسَتْرُ بَدَنِهِ وَلَوْ بِمُحِيطٍ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَجْنَبِيٌّ جَازَ لَهُ كَشْفُهُ فِي الْخَلْوَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ سَتَرَ وَجْهَهُ وَإِنْ كَانَ رَجُلًا فَقَدْ سَتَرَ رَأْسَهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَثِمَ فِيهِمَا) أَيْ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِيهِمَا لِلشَّكِّ وَلَوْ اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ ع ش وَاعْتَرَضَ إثْمُهُ فِيمَا إذَا كَشَفَهُمَا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَقَدْ كَشَفَ رَأْسَهُ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَقَدْ كَشَفَ وَجْهَهُ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْوَلِيِّ مَنْعُ الصَّبِيِّ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ مُمَيِّزًا أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا فِدْيَةَ مُطْلَقًا ابْنُ شَوْبَرِيٍّ فَيَكُونُ تَقْيِيدُهُ بِالْمُمَيِّزِ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فَقَطْ وَأَمَّا الْمَنْعُ فَهُوَ عَامٌّ لِلْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ كَمَا قَرَّرَهُ ح ف. (قَوْلُهُ: فَهِيَ عَلَى الْوَلِيِّ) أَيْ: فَإِذَا وَطِئَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ فَسَدَ حَجُّهُ وَوَجَبَتْ الْبَدَنَةُ عَلَى الْوَلِيِّ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَهُ فِي الْإِحْرَامِ ع ش. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ) أَيْ: الْأَجْنَبِيِّ ع ش. (قَوْلُهُ: إلَّا لِحَاجَةٍ) وَيَظْهَرُ ضَبْطُهَا فِي هَذَا الْبَابِ بِمَا لَا يُطَاقُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ عَادَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ حَجّ وَمِنْ الْحَاجَةِ مَا لَوْ تَعَيَّنَ سَتْرُ وَجْهِ الْمَرْأَةِ طَرِيقًا فِي دَفْعِ النَّظَرِ إلَيْهَا الْمُحَرَّمِ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ بِمَا ذُكِرَ) رَاجِعٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute