للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ إذْ الْمُوجِبُ لِدَمِ التَّمَتُّعِ تَرْكُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ كَمَا مَرَّ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَغَيْرِهِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرَيْنِ فَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ وَمَا فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ الشَّاةِ طَعَامًا فَإِنْ عَجَزَ صَامَ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا ضَعِيفٌ. وَالدَّمُ عَلَيْهِ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ (وَكَذَا) أَيْ: وَكَدَمِ التَّمَتُّعِ (دَمُ فَوَاتٍ) لِلْحَجِّ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي وُجُوبُهُ مَعَ الْإِعَادَةِ (وَيَذْبَحُهُ فِي حَجَّةِ الْإِعَادَةِ) لَا فِي عَامِ الْفَوَاتِ كَمَا أَمَرَ بِذَلِكَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَاهُ مَالِكٌ وَسَيَأْتِي بِطُولِهِ فِي الْبَابِ الْآتِي.

(وَدَمُ الْجُبْرَانِ لَا يَخْتَصُّ) ذَبْحُهُ (بِزَمَنٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّخْصِيصِ وَلَمْ يَرِدْ مَا يُخَالِفُهُ لَكِنَّهُ يُسَنُّ أَيَّامَ التَّضْحِيَةِ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ إلَيْهِ إذَا حَرُمَ السَّبَبُ كَمَا فِي الْكَفَّارَة فَيُحْمَلُ مَا أَطْلَقُوهُ هُنَا عَلَى الْإِجْزَاءِ. أَمَّا الْجَوَازُ فَأَحَالُوهُ عَلَى مَا قَرَّرُوهُ فِي الْكَفَّارَاتِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَالدَّمُ الْوَاجِبُ بِفِعْلٍ حَرَامٍ، أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ لِشُمُولِهِ دَمَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَغَيْرِهِمَا كَالْحَلْقِ بِعُذْرٍ وَتَرْكِ الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي الْمَوْقِفِ

. (وَيَخْتَصُّ) ذَبْحُهُ (بِالْحَرَمِ) حَيْثُ لَا حَصْرَ. قَالَ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] فَلَوْ ذُبِحَ خَارِجَهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ (وَ) يَخْتَصُّ (صَرْفُهُ كَبَدَلِهِ) مِنْ طَعَامٍ (بِمَسَاكِينِهِ) أَيْ: الْحَرَمِ الْقَاطِنِينَ وَالطَّارِئِينَ، وَالصَّرْفُ إلَى الْقَاطِنِينَ أَفْضَلُ. وَقَوْلِي: وَصَرْفُهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَصَرْفُ لَحْمِهِ وَقَوْلِي: كَبَدَلِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ الصَّرْفِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ

(وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) مِنْ الْحَرَمِ (لِذَبْحِ مُعْتَمِرٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (غَيْرِ قَارِنٍ) بِأَنْ كَانَ مُفْرِدًا، أَوْ مُرِيدَ تَمَتُّعٍ (الْمَرْوَةُ وَ) لِذَبْحِ (حَاجٍّ) بِأَنْ كَانَ مُرِيدَ إفْرَادٍ، أَوْ قَارِنًا، أَوْ مُتَمَتِّعًا وَلَوْ عَنْ دَمِ تَمَتُّعِهِ (مِنًى) ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ تَحَلُّلِهِمَا.

(وَكَذَا الْهَدْيُ) أَيْ: حُكْمُ الْهُدَى الَّذِي سَاقَهُ الْمُعْتَمِرُ الْمَذْكُورُ وَالْحَاجُّ تَقَرُّبًا (مَكَانًا) فِي الِاخْتِصَاصِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ.

(وَوَقْتُهُ) أَيْ: ذَبْحِ هَذَا الْهَدْيِ (وَقْتُ أُضْحِيَّةٍ) مَا لَمْ يُعَيِّنْ غَيْرَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَمَعْنَى كَوْنِهِ مُقَدَّرًا أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الذَّبْحِ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ) فِيهِ أَنَّ تَرْكَ الْمَأْمُورِ هُوَ الْمُوجِبُ فَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّ مُوجِبَ كُلِّ تَرْكُ مَأْمُورٍ تَأَمَّلْ، وَقِيلَ إنَّ الْمَعْنَى لِاشْتِرَاكِ السَّبَبِ الَّذِي أَوْجَبَهُمَا فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ أَيْ: فِي هَذَا الْمَفْهُومِ الْكُلِّيِّ الشَّامِلِ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ الشَّاةِ) ضَمِنَهُ مَعْنَى أَعْطَى فَعَدَاهُ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ: وَكَدَمِ التَّمَتُّعِ دَمُ الْفَوَاتِ؛ لِأَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ لِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالْوُقُوفُ الْمَتْرُوكُ فِي الْفَوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَدَمُ الْجُبْرَانِ) وَهُوَ مَا يُجْبِرُ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ فِي الْحَجِّ كَتَرْكِ الْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ وَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ سَوَاءٌ كَانَ الْخَلَلُ فِعْلَ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، أَوْ تَرْكَ مَأْمُورٍ بِهِ فَيَشْمَلُ سَائِرَ أَنْوَاعِ الدِّمَاءِ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي) هَذَا بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِدْرَاكِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَعِبَارَةُ حَجّ نَعَمْ إنْ عَصَى بِسَبَبِهِ لَزِمَهُ الْفَوْرِيَّةُ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الْكَفَّارَاتِ مُبَادَرَةً لِلْخُرُوجِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ مَا أَطْلَقُوهُ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ. (قَوْلُهُ: فَأَحَالُوهُ عَلَى مَا قَرَّرُوهُ فِي الْكَفَّارَاتِ) فَيَفْصِلُ بَيْنَ كَوْنِهِ عَصَى بِسَبَبِهِ، أَوْ لَا فَيَجِبُ الْفَوْرُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَمَا لَوْ حَلَقَ لِعُذْرٍ (قَوْلُهُ: دَمَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ) وَهُوَ لَا حُرْمَةَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَتَرْكِ الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ع ش فَكَلَامُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِاسْتِحْبَابِهِ فَإِذَا تَرَكَهُ نُدِبَ جَبْرُهُ بِدَمٍ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي دَمِ الْجُبْرَانِ فَيَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ فَيَكُونُ كَلَامُ الْأَصْلِ شَامِلًا لَهُ فَلَا يَكُونُ وَارِدًا عَلَيْهِ ز ي مُلَخَّصًا

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا حَصْرَ) وَأَمَّا فِي الْحَصْرِ فَمَحَلُّ الذَّبْحِ الْمَكَانُ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ لِغَيْرِهِ إلَّا لِلْحَرَمِ فَيَجُوزُ نَقْلُهُ لَهُ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ إحْصَارِهِ صَارَ فِي حَقِّهِ كَالْحَرَمِ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الدَّلِيلَ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّ الْكَعْبَةَ بَعْضُ الْحَرَمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَطْلَقَ الْجُزْءَ عَلَى الْكُلِّ، أَوْ يُقَالُ يُقَاسُ غَيْرُ الْكَعْبَةِ مِنْ بَقِيَّةِ أَجْزَاءِ الْحَرَمِ عَلَيْهَا ح ف.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ ذَبَحَ خَارِجَهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) أَيْ: وَإِنْ نَقَلَ لَحْمَهُ، وَفَرَّقَهُ فِي الْحَرَمِ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ ز ي. (قَوْلُهُ: وَالصَّرْفُ إلَى الْقَاطِنِينَ أَفْضَلُ) مَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُمْ أَحْوَجَ إلَيْهِ ب ر وَمِّ ر. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَصَرَفَ لَحْمَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْجِلْدَ وَبَقِيَّةَ أَجْزَائِهِ مِنْ شَعْرٍ وَغَيْرِهِ مَعَ أَنَّ الْكُلَّ يَخْتَصُّ صَرْفُهُ بِمَسَاكِينِهِ وَأَجَابَ م ر بِأَنَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا يُقْصَدُ مِنْهُ فَهُوَ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ الصَّرْفِ) ، أَوْ عِنْدَ الذَّبْحِ، أَوْ عِنْدَ عَزْلِهَا ح ل وَق ل

(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ مُفْرِدًا) بِأَنْ قَدَّمَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فَهُوَ مُعْتَمِرٌ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُرِيدُ تَمَتُّعٍ بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ أَوَّلًا وَقَصَدَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ فَهُوَ مُعْتَمِرٌ الْآنَ حَقِيقَةً ز ي وَلَا يُقَالُ لَهُ مُتَمَتِّعٌ إلَّا إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَعْدَ الْعُمْرَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُرِيدُ تَمَتُّعٍ أَيْ: فَيَذْبَحُ الدِّمَاءَ الَّتِي لَزِمَتْهُ فِي عُمْرَتِهِ بِالْمَرْوَةِ وَأَمَّا دَمُ التَّمَتُّعِ نَفْسُهُ فَالْأَفْضَلُ ذَبْحُهُ بِمِنًى كَمَا سَيَأْتِي. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ مُرِيدَ إفْرَادٍ) بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوَّلًا وَقَصْدُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قَارِنًا بِأَنْ أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا وَقَوْلُهُ: أَوْ مُتَمَتِّعًا بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ ز ي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا) أَيْ: الْمَرْوَةَ وَمِنًى وَقَوْلُهُ: مَحَلُّ تَحَلُّلِهِمَا أَيْ: الْمُعْتَمِرِ الْمَذْكُورِ وَالْحَاجِّ. (قَوْلُهُ: فِي الِاخْتِصَاصِ) أَيْ: يَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ وَقَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلِيَّةُ أَيْ: الْمَرْوَةُ لِلْمُعْتَمِرِ غَيْرِ الْقَارِنِ وَمِنًى لِلْحَاجِّ

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُعَيِّنْ غَيْرَهُ) فَإِنْ عَيَّنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>