للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآخَرِ إنْ كَانَتْ (مِنْ رَجُلٍ) فَلَا يَجِبُ لِعُسْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ فَيَكْفِي غَسْلُ ظَاهِرِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ الْبَعْضُ الْكَثِيفُ عَنْ الْخَفِيفِ فَيَجِبُ غَسْلُ الْجَمِيعِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي اللِّحْيَةِ وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا وَإِنْ تَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلُ بَاطِنِ بَقِيَّةِ الشُّعُورِ الْكَثِيفَةِ لِنُدْرَةِ كَثَافَتِهَا فَأُلْحِقَتْ بِالْغَالِبَةِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يُوهِمُ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِغَسْلِ ظَاهِرِ الْخَارِجِ الْكَثِيفِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا. وَاللِّحْيَةِ الشَّعْرَ النَّابِتَ عَلَى الذَّقَنِ وَهِيَ مَجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ وَالْعَارِضُ مَا يَنْحَطُّ عَنْ الْقَدْرِ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنِ وَذِكْرُهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَيَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْهُمَا كَمَا عُلِمَ أَوَّلًا لِنُدْرَتِهَا وَنُدْرَةِ كَثَافَتِهَا وَلِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ نَتْفُهَا، أَوْ حَلْقُهَا لِأَنَّهَا مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا وَالْأَصْلُ فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى الْعَمَلُ بِالْيَقِينِ. وَالْخَفِيفُ مَا تُرَى بَشَرَتُهُ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَالْكَثِيفُ مَا يَمْنَعُ رُؤْيَتَهَا فِيهِ، وَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ وَجَبَ غَسْلُهُمَا أَوْ رَأْسَانِ كَفَى مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْوَجْهِ غَسْلُ جَمِيعِهِ فَيَجِبُ غَسْلُ مَا يُسَمَّى وَجْهًا وَفِي الرَّأْسِ مَسْحُ بَعْضِ مَا يُسَمَّى رَأْسًا وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِبَعْضِ أَحَدِهِمَا. .

(وَ) ثَالِثُهَا (غَسْلُ يَدَيْهِ) مِنْ كَفَّيْهِ وَذِرَاعَيْهِ (بِكُلِّ مِرْفَقٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ الْعَكْسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦] وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيَجِبُ غَسْلُ مَا عَلَيْهِمَا مِنْ شَعْرٍ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ قُطِعَ بَعْضُ يَدٍ وَجَبَ) غَسْلُ (مَا بَقِيَ) مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ (أَوْ مِنْ مِرْفَقِهِ) بِأَنْ سُلَّ عَظْمُ الذِّرَاعِ وَبَقِيَ الْعَظْمَانِ الْمُسَمَّيَانِ بِرَأْسِ الْعَضُدِ (فَرَأْسُ) عَظْمِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقَوْلُهُ: مِنْ رَجُلٍ قَيْدٌ فِي جَمِيعِ مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ لَا بَاطِنٍ كَثِيفٍ إلَخْ، فَيُفِيدُ أَنَّ بَاطِنَ الْكَثِيفِ الْخَارِجِ لِغَيْرِ الرَّجُلِ يَجِبُ غَسْلُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَيَكُونُ مِنْ رَجُلٍ قَيْدًا فِي غَيْرِ الْأُولَى عَلَى الصَّحِيحِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ بَاطِنَ الْكَثِيفِ الْخَارِجِ لَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهِ لِلرَّجُلِ وَلِلْمَرْأَةِ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ شُعُورِ الْوَجْهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إلَّا بَاطِنَ كَثِيفِ اللِّحْيَةِ وَالْعَارِضِ مِنْ الرَّجُلِ وَإِلَّا بَاطِنَ الْكَثِيفِ الْخَارِجِ عَنْهُ مِنْ رَجُلٍ وَمِنْ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ) أَيْ الثَّلَاثَةُ مِنْ رَجُلٍ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْأُنْثَى وَلَوْ صَبِيًّا وَلَا يُقَالُ إنَّ لِحْيَتَهُ نَادِرَةٌ كَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ فَتَنَبَّهْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ؛ بِأَنْ كَانَ الْكَثِيفُ مُتَفَرِّقًا فِي أَثْنَاءِ الْخَفِيفِ اهـ.

وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمْيِيزِ كَوْنُهُ فِي جَانِبٍ وَاحِدٍ مَثَلًا تَأَمَّلْ سم ع ش وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمْيِيزِ أَنْ يَسْهُلَ إفْرَادُ كُلٍّ بِالْغُسْلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَقِيَّةِ الشُّعُورِ) أَيْ مَا عَدَا اللِّحْيَةَ وَالْعَارِضَ مِنْ الرَّجُلِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الذَّقَنِ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ إسْكَانِهَا ب ر. (قَوْلُهُ: عَنْ الْقَدْرِ إلَخْ) وَهَذَا الْقَدْرُ هُوَ الْمُسَمَّى بِالْعِذَارِ م ر ح ف. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْخُنْثَى لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا غَسْلُ بَاطِنِ الْخَارِجِ الْكَثِيفِ وَلَوْ نَادِرَ الْكَثَافَةِ بِخِلَافِ الْخَفِيفِ يَجِبُ غَسْلُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: غَسْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فِي بَاطِنِ الْكَثِيفِ الْخَارِجِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ) أَيْ مَا لَمْ يَأْمُرْهَا الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ وَإِلَّا وَجَبَ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا تَرْكُ أَكْلِ مَالَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ، أَوْ اسْتِعْمَالُهُ إذَا أَمَرَهَا بِتَرْكِهِ وَمِنْهُ إزَالَةُ نَحْوِ صُنَانٍ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُهُمَا) أَيْ إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ أَمَّا إذَا تَمَيَّزَ الزَّائِدُ فَيَجِبُ غَسْلُ الْأَصْلِيِّ دُونَ الزَّائِدِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَمْتِهِ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُ أَيْضًا وَيَكْفِي قَرْنُ النِّيَّةِ بِأَحَدِهِمَا إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا وَاشْتَبَهَ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا ع ش عَلَى م ر وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الرَّأْسَيْنِ فَيُقَالُ إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ اكْتَفَى بِمَسْحِ بَعْضِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ تَعَيَّنَ مَسْحُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ تَمَيَّزَ الْأَصْلِيُّ مِنْ الزَّائِدِ تَعَيَّنَ مَسْحُ بَعْضِ الْأَصْلِيِّ وَهَلْ يَكْفِي مَسْحُ بَعْضِ الزَّائِدِ فَقَطْ مَحَلُّ نَظَرٍ وَهَذَا كُلُّهُ بِحَسَبِ الْفَهْمِ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الطَّنْدَتَائِيُّ قِيَاسًا عَلَى الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ ز ي قَالَ ع ش لَا يَكْفِي لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِيِّ.

. (قَوْلُهُ: مِنْ كَفَّيْهِ وَذِرَاعَيْهِ) أَتَى بِهِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْيَدِ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْمَنْكِبِ فَدَفَعَهُ بِقَوْلِهِ مِنْ كَفَّيْهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِكُلٍّ) أَيْ مَعَ كُلِّ مَرْفِقٍ، وَإِنْ نَبَتَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا قَالَهُ ع ش وَسُمِّيَا مَرْفِقَيْنِ لِأَنَّهُ يُرْتَفَقُ بِهِمَا فِي الْإِتْكَاءِ عَلَيْهِمَا وَنَحْوِهِ بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦] الْأَيْدِي جَمْعُ الْيَدِ الَّتِي هِيَ الْجَارِحَةُ وَالْأَيَادِي جَمْعُ الْيَدِ الَّتِي هِيَ النِّعْمَةُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُمَا عَوَامُّ الْعُلَمَاءِ بِاللُّغَةِ عَنْ أَصْلِهِمَا فَاسْتَعْمَلُوا الْأَيَادِي فِي جَمْعِ الْيَدِ لِلْجَارِحَةِ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَكْتُبُ إلَى صَاحِبِهِ الْمَمْلُوكُ يُقَبِّلُ الْأَيَادِيَ الْكَرِيمَةَ أَوْ الْكِرَامَ وَهُوَ لَحْنٌ وَالصَّوَابُ الْأَيْدِيَ الْكَرِيمَةَ قَالَهُ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ وَشَوْبَرِيٌّ وَفِي الْفَنَارِيِّ عَلَى الْمُطَوَّلِ مَا يُخَالِفُهُ وَنَصُّهُ وَالْأَيَادِي جَمْعُ الْأَيْدِي جَمْعُ الْيَدِ وَهِيَ الْجَارِحَةُ تُسْتَعْمَلُ فِي النِّعْمَةِ مَجَازًا مُرْسَلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْبَيَانِ، وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَمَا قِيلَ إنَّ الْيَدَ بِمَعْنَى الْجَارِحَةِ يُجْمَعُ عَلَى أَيْدِي وَبِمَعْنَى النِّعْمَةِ عَلَى الْأَيَادِي يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ أَصْلَ يَدٍ يَدْيٌ وَمَا كَانَ عَلَى وَزْنِ فَعْلٍ لَا يُجْمَعُ عَلَى أَفَاعِلَ اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَلِلِاتِّبَاعِ) أَيْ وَلِلْأَمْرِ بِالِاتِّبَاعِ فِي قَوْلِهِ {فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: ٣١] لِأَنَّ الِاتِّبَاعَ وَصْفٌ لَنَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا، أَوْ الْمُرَادُ بِالِاتِّبَاعِ الْمُتَّبَعُ وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ أَوْ فِعْلُهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ شَعْرٍ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِنْ كَثُفَ قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ بَلْ، وَإِنْ طَالَ وَخَرَجَ عَنْ الْحَدِّ الْمُعْتَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>