عَضُدِهِ) يَجِبُ غَسْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْمِرْفَقِ إذْ الْمِرْفَق مَجْمُوعُ الْعِظَامِ الثَّلَاث (أَوْ) مِنْ (فَوْقِهِ سُنَّ) غَسْلُ (بَاقِي عَضُدِهِ) مُحَافَظَةً عَلَى التَّحْجِيلِ وَسَيَأْتِي وَلِئَلَّا يَخْلُوَ الْعُضْوُ عَنْ طَهَارَةٍ.
(وَ) رَابِعُهَا (مَسْحُ بَعْضِ بَشَرِ رَأْسِهِ، أَوْ) بَعْضِ (شَعْرٍ) وَلَوْ وَاحِدَةً، أَوْ بَعْضَهَا (فِي حَدِّهِ) أَيْ: الرَّأْسَ بِأَنْ لَا يَخْرُجَ بِالْمَدِّ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ نُزُولِهِ فَلَوْ خَرَجَ بِهِ عَنْهُ مِنْهَا لَمْ يَكْفِ الْمَسْحُ عَلَى الْخَارِجِ قَالَ تَعَالَى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦] وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمَسْحِ الْبَعْضِ. لَا يُقَالُ لَوْ اكْتَفَى بِالْبَعْضِ لَاكْتَفَى بِمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ لِخَبَرِ «الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ» لِأَنَّا نُعَارِضُهُ بِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ الِاسْتِيعَابُ لَوَجَبَ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ بِعَيْنِ مَا قُلْتُمْ. فَإِنْ قُلْت صِيغَةُ الْأَمْرِ بِمَسْحِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ وَاحِدَةٌ فَهَلَّا أَوْجَبْتُمْ التَّعْمِيمَ أَيْضًا. قُلْنَا الْمَسْحُ ثَمَّ بَدَلٌ لِلضَّرُورَةِ وَهُنَا أَصْلٌ وَاحْتَرَزْنَا بِالضَّرُورَةِ عَنْ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ فَإِنَّهُ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ (وَلَهُ غَسْلُهُ) لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ (وَ) لَهُ (بَلُّهُ) كَوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِلَا مَدٍّ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ وُصُولِ الْبَلَلِ إلَيْهِ. .
(وَ) خَامِسُهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمَرْفِقُ إلَخْ) وَالْعَضُدُ مَا بَيْنَ الْمَرْفِقِ إلَى الْكَتِفِ ع ش. (قَوْلُهُ: الثَّلَاثِ) أَيْ الْعَظْمَانِ الْمُسَمَّيَانِ رَأْسَ الْعَضُدِ وَالْإِبْرَةُ الدَّاخِلَةُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: مُحَافَظَةً عَلَى التَّحْجِيلِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ التَّابِعُ بِسُقُوطِ الْمَتْبُوعِ كَرَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ أَيَّامَ الْجُنُونِ لِأَنَّ سُقُوطَ الْمَتْبُوعِ ثَمَّ رُخْصَةٌ فَالتَّابِعُ أَوْلَى بِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَلَيْسَ سُقُوطُهُ رُخْصَةً، بَلْ لِتَعَذُّرِهِ فَحَسُنَ الْإِتْيَانُ بِالتَّابِعِ مُحَافَظَةً عَلَى الْفِعْلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ كَإِمْرَارِ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِ الْمُحْرِمِ عِنْدَ عَدَمِ شَعْرِهِ وَلِأَنَّ التَّابِعَ شَرْعٌ، ثُمَّ تَكْمِلَةٌ لِنَقْصِ الْمَتْبُوعِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَتْبُوعٌ فَلَا تَكْمِلَةَ بِخِلَافِهِ هُنَا لَيْسَ تَكْمِلَةٌ لِلْمَتْبُوعِ لِأَنَّهُ كَامِلُ الْمُشَاهَدَةِ أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَقْطُوعِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبًا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ قُطِعَ مِنْ مَنْكِبِهِ نُدِبَ غَسْلُ مَحَلِّ الْقَطْعِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ ع ش.
. (قَوْلُهُ: مَسْحُ بَعْضِ بَشَرِ رَأْسِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِمَّا وَجَبَ غَسْلُهُ مَعَ الْوَجْهِ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ فَيَكْفِي مَسْحُهُ لِأَنَّهُ مِنْ الرَّأْسِ، وَإِنْ سَبَقَ لَهُ غَسْلُهُ مَعَ الْوَجْهِ لِأَنَّ غَسْلَهُ أَوَّلًا كَانَ لِيَتَحَقَّقَ بِهِ غَسْلُ الْوَجْهِ لَا لِكَوْنِهِ فَرْضًا مِنْ فُرُوضِ الْوُضُوءِ اهـ.
ع ش عَلَى م ر وَبِهِ يُجَابُ عَنْ تَوَقُّفِ الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ وَلَوْ مَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ أَوْ خِرْقَةٍ عَلَى رَأْسِهِ فَوَصَلَ الْبَلَلُ لِلرَّأْسِ فَالْوَجْهُ أَنَّ فِيهِ تَفْصِيلَ الْجُرْمُوقِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ يَكْفِي مُطْلَقًا قَصَدَ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْجُرْمُوقِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُرْمُوقِ بِأَنَّ ثَمَّ صَارِفًا وَهُوَ مُمَاثَلَةُ غَيْرِ الْمَمْسُوحِ عَلَيْهِ لَهُ فَاحْتِيجَ لِقَصْدٍ مُمَيَّزٍ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا بِرْمَاوِيٌّ وَعِ ش. (قَوْلُهُ: فِي حَدِّهِ) وَهُوَ مُذَكَّرٌ كَكُلِّ مَا لَمْ يُثَنَّ مِنْ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ نَحْوِ الْأَنْفِ وَالْقَلْبِ بِخِلَافِ مَا ثُنِّيَ كَالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَالْأُذُنِ فَإِنَّهُ مُؤَنَّثٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ نُزُولِهِ) ، وَإِنْ كَانَ فِي حَدِّ الرَّأْسِ لِكَوْنِهِ مَعْقُوصًا أَوْ مُجَعَّدًا ح ل. (قَوْلُهُ: فَلَوْ خَرَجَ) أَيْ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ؛ بِأَنْ كَانَ مَعْقُوصًا، أَوْ مُجَعَّدًا لَمْ يَكْفِ الْمَسْحُ عَلَى الْخَارِجِ أَيْ: لِأَنَّ الْمَاسِحَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَاسِحٍ عَلَى الرَّأْسِ وَالْمَأْمُورُ بِهِ فِي التَّقْصِيرِ فِي النُّسُكِ إنَّمَا هُوَ شَعْرُ الرَّأْسِ وَهُوَ صَادِقٌ بِالنَّازِلِ فَلِهَذَا اكْتَفَى بِهِ هُنَاكَ لَا هُنَا. (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالْمَدِّ وَقَوْلُهُ: عَنْهُ أَيْ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ وَقَوْلُهُ: مِنْهَا أَيْ مِنْ جِهَةِ نُزُولِهِ.
(قَوْلُهُ: وَرَوَى مُسْلِمٌ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ إنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ تَطَرَّقَ إلَيْهَا احْتِمَالُ أَنَّهُ لِلضَّرُورَةِ فَيَجُوزُ مَسْحُ النَّاصِيَةِ أَوْ قَدْرِهَا وَالتَّكْمِيلُ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا فَمِنْ أَيْنَ يَثْبُتُ الِاكْتِفَاءُ بِالْبَعْضِ مُطْلَقًا، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الرَّاوِيَ فَهِمَ تَكَرُّرَ ذَلِكَ وَكَثْرَةَ وُقُوعِهِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَطْلَقَهُ فَأَخَذَ بِمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ كَانَ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ عَلَى الْعِمَامَةِ مُتَكَرِّرًا حَتَّى كَانَتْ هَذِهِ عَادَتَهُ وَالْقَرِينَةُ عَلَى هَذَا كَوْنُ الرَّاوِي ذَكَرَهُ فِي بَيَانِ وُضُوئِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرْمَاوِيٌّ وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ: فَدَلَّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ إلَخْ، وَالِاكْتِفَاءُ بِمَسْحِ النَّاصِيَةِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الِاسْتِيعَابِ وَيَمْنَعُ وُجُوبَ التَّقْدِيرِ بِالرُّبُعِ، أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهَا دُونَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ إلَخْ) إشَارَةٌ لِرَدِّ اعْتِرَاضٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ وَكَذَا قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت إلَخْ، وَجَوَابُنَا وَجَوَابُهُمْ أَنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: بِعَيْنِ مَا قُلْتُمْ) فِيهِ الْتِفَاتٌ مِنْ الْغَيْبَةِ إلَى الْخِطَابِ. (قَوْلُهُ: الْمَسْحُ، ثَمَّ بُدِّلَ) أَيْ فَأُعْطِيَ حُكْمَ مُبْدَلِهِ وَهُنَا أَصْلٌ أَيْ فَعُمِلَ فِيهِ بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَقِيلَ إنَّ الْبَاءَ إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُتَعَدِّدٍ كَمَا فِي الْآيَةِ تَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] تَكُونُ لِلْإِلْصَاقِ قَالَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ شَوْبَرِيٌّ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ خَرْمًا لِتِلْكَ الْقَاعِدَةِ لِأَنَّهَا هُنَا دَخَلَتْ عَلَى مُتَعَدِّدٍ فِي قَوْلِهِ {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} [المائدة: ٦] . وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ صَدَّنَا عَنْ الْأَخْذِ بِالْقَاعِدَةِ أَنَّ الْمَسْحَ بَدَلٌ. (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ الِاسْتِيعَابِ بِخِلَافِ مَا جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ فَإِنَّ فِيهِ مَانِعًا مِنْ الِاسْتِيعَابِ وَهُوَ تَعَيُّبُ الْخُفِّ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَانَ الْمُنَاسِبُ الْعَكْسَ وَهُوَ الِاسْتِيعَابُ فِيمَا جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ وَعَدَمُهُ فِيمَا كَانَ لِلضَّرُورَةِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ) أَيْ بَعْدَ تَسْلِيمِ أَنَّهُ بَدَلٌ، وَقِيلَ إنَّهُ أَصْلٌ وَأُجِيبَ عَلَى هَذَا بِأَنَّ الشَّارِعَ نَاظِرٌ لِحِفْظِ الْأَمْوَالِ وَفِي تَعْمِيمِ الْخُفِّ نَقْصٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ غَسْلُهُ) وَإِذَا غَسَلَهُ لَا نَدْبَ فِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ شَوْبَرِيٌّ وَعِ ش. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ) إنْ قُلْت إنَّهُ مُغَايِرُهُ قَطْعًا فَكَيْفَ يَكُونُ نَفْسَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute