للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَشَاهِدَهُ» وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: رِبَا الْفَضْلِ وَهُوَ: الْبَيْعُ مَعَ زِيَادَةِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَرِبَا الْيَدِ وَهُوَ: الْبَيْعُ مَعَ تَأْخِيرِ قَبْضِهِمَا، أَوْ قَبْضِ أَحَدِهِمَا، وَرِبَا النَّسَاءِ وَهُوَ: الْبَيْعُ لِأَجَلٍ، وَالْقَصْدُ بِهَذَا الْبَابِ بَيْعُ الرِّبَوِيِّ وَمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ.

(إنَّمَا يَحْرُمُ) الرِّبَا (فِي نَقْدٍ) أَيْ: ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَلَوْ غَيْرَ مَضْرُوبَيْنِ كُحْلِيٍّ، وَتِبْرٍ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ كَفُلُوسٍ وَإِنْ رَاجَتْ وَذَلِكَ لِعِلَّةِ الثَّمَنِيَّةِ الْغَالِبَةِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهَا أَيْضًا بِجَوْهَرِيَّةِ الْأَثْمَانِ غَالِبًا وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ عَنْ الْعُرُوضِ. (وَ) فِي (مَا قُصِدَ لِطُعْمٍ) بِضَمِّ الطَّاءِ مَصْدَرُ طَعِمَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَكْتُبُ الْوَثِيقَةَ بَيْنَ الْمُرَابِيَيْنِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَشَاهِدَهُ) بِالْإِفْرَادِ أَيْ: حَاضِرَهُ وَلَوْ غَيْرَ شَاهِدٍ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَشَرْحِ مُسْلِمٍ وَشَاهِدَيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ، وَهُمَا اللَّذَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى الْعَقْدِ إذَا عَلِمَا ذَلِكَ أَيْ: بِأَنَّهُ رِبًا وَأَنَّهُ بَاطِلٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِثْمُ الْكَاتِبِ وَالشَّاهِدِ أَخَفُّ مِنْ إثْمِ الْآكِلِ وَالْمُوكِلِ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا الْإِقْرَارُ فَقَطْ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَمَحَلُّ إثْمِهِمَا إذَا رَضِيَا بِهِ، وَأَقَرَّا عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَرْضَيَا وَلَمْ يَنْهَيَا مَعَ قُدْرَتِهِمَا عَلَى النَّهْيِ ع ش مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ) وَكُلُّهَا مُجْمَعٌ عَلَى بُطْلَانِهَا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: رِبَا الْفَضْلِ) وَمِنْهُ رِبَا الْقَرْضِ بِأَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ مَا فِيهِ نَفْعٌ لِلْمُقْرِضِ غَيْرُ نَحْوِ الرَّهْنِ شَرْحُ م ر. وَإِنَّمَا جُعِلَ رِبَا الْقَرْضِ مِنْ رِبَا الْفَضْلِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَنَّهُ بَاعَ مَا أَقْرَضَهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَيْهِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: مَعَ زِيَادَةِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ) وَلَوْ احْتِمَالًا، وَمِنْهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ مَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَرِبَا الْيَدِ) إنَّمَا نُسِبَ إلَيْهَا لِعَدَمِ الْقَبْضِ بِهَا حَالًا بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْضِ أَحَدِهِمَا) أَيْ: بِلَا تَأْجِيلٍ. (قَوْلُهُ: وَرِبَا النَّسَاءِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمَدِّ أَيْ: الْأَجَلِ، وَأَمَّا النَّسَا بِالْقَصْرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْمَرَضِ الْمَخْصُوصِ الَّذِي يُقَالُ: فِيهِ عِرْقُ الْأُنْثَى، وَمِمَّا جُرِّبَ لَهُ أَنْ يُؤْخَذَ الْوَزَغُ الصَّغِيرُ وَيُوضَعُ فِي غَابَةِ بُوصٍ وَيُسَدُّ فَمُهَا وَتُرْبَطُ عَلَى الْمَوْضِعِ فَيَبْرَأُ بِرْمَاوِيٌّ وَقِ ل.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْبَيْعُ لِأَجَلٍ) وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ.

(قَوْلُهُ: وَالْقَصْدُ بِهَذَا الْبَابِ إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ تَبْوِيبَ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِ غَيْرِهِ لَهُ فَصْلًا كَالْمُحَرَّرِ،

وَقَوْلُهُ: بَيْعُ الرِّبَوِيِّ أَيْ: بَيَانُ بَيْعِهِ أَيْ: بَيَانُ مَا يَصِحُّ مِنْهُ مَعَ الْحِلِّ وَمَا يَفْسُدُ مَعَ الْحُرْمَةِ فَإِذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ الْآتِي بَيَانُهَا كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا حَلَالًا وَإِنْ اخْتَلَّ مِنْهَا وَاحِدٌ كَانَ فَاسِدًا حَرَامًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ: مِنْ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي بَيْعِ غَيْرِ الرِّبَوِيِّ مِنْ كَوْنِهِ طَاهِرًا إلَخْ

. (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَحْرُمُ الرِّبَا فِي نَقْدٍ) أَيْ: إنَّمَا يُوجَدُ، وَيَتَحَقَّقُ الرِّبَا الْحَرَامُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ مُقْتَضَى هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ الْمَحْصُورُ فِيهِ يَتَحَقَّقُ الرِّبَا دُونَ الْحُرْمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ،

وَقَوْلُهُ: الْحَرَامُ صِفَةٌ لَازِمَةٌ، وَأَتَى الْمُصَنِّفُ بِإِنَّمَا لِلرَّدِّ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الرِّبَا يُوجَدُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ كَالْجِبْسِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الرِّبَا عِنْدَهُمْ الْكَيْلُ لَا الطَّعْمُ، وَلَوْ قَالَ: إنَّمَا يُوجَدُ فِي نَقْدٍ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى.

وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: إنَّمَا يَحْرُمُ الرِّبَا أَيْ: إنَّمَا يُوجَدُ وَيَتَحَقَّقُ الرِّبَا الْحَرَامُ فِي نَقْدٍ إلَخْ، وَإِنَّمَا وَصَفَهُ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْعُقُودَ الْفَاسِدَةَ كُلَّهَا حَرَامٌ لِاخْتِصَاصِهِ بِمَزِيدِ الْإِثْمِ عَنْ بَقِيَّةِ الْعُقُودِ، أَوْ الْمُرَادُ بِالرِّبَا اللُّغَوِيِّ وَهُوَ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ اسْتِخْدَامٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي التَّرْجَمَةِ بِمَعْنًى وَهُوَ: الرِّبَا الشَّرْعِيُّ، وَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهِ بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ: الرِّبَا اللُّغَوِيُّ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا يُقَالُ: عِبَارَتُهُ تَقْتَضِي أَنَّ الرِّبَا قِسْمَانِ: قِسْمٌ حَرَامٌ وَهُوَ: مَا كَانَ فِي النُّقُودِ، وَالْمَطْعُومَاتِ، وَالْآخَرُ جَائِزٌ وَهُوَ: مَا كَانَ فِي غَيْرِهِمَا وَلَيْسَ مُرَادًا، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُحَرَّمَ إنَّمَا هُوَ الزِّيَادَةُ مَعَ أَنَّ الْمُحَرَّمَ الْعَقْدُ فَتَأَمَّلْ، وَأَيْضًا يَكُونُ قَاصِرًا عَلَى رِبَا الْفَضْلِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعُرُوضِ) أَيْ: فَلَا رِبَا فِيهَا فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا ع ش.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: اخْتِصَاصُ الرِّبَا بِالنَّقْدِ ح ل.

(قَوْلُهُ: لِعِلَّةِ الثَّمَنِيَّةِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ: وَفِي بَيْعِ بَعْضِ النَّقْدِ بِبَعْضِهِ تَضْيِيقٌ لِلْأَثْمَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا جُعِلَ كُلُّهُ ثَمَنًا لِغَيْرِهِ، وَالْعِلَّةُ مَعْنَاهَا الْحِكْمَةُ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ حُرْمَةِ الرِّبَا مِنْ الْأُمُورِ التَّعَبُّدِيَّةِ شَيْخُنَا.

وَمِثْلُهُ ح ل.

(قَوْلُهُ: بِجَوْهَرِيَّةِ الْأَثْمَانِ) أَيْ: أَعْلَاهَا. (قَوْلُهُ: غَالِبًا) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْفُلُوسِ إذَا رَاجَتْ فَإِنَّهُ لَا رِبَا فِيهِ خ ط.

(قَوْلُهُ: وَمَا قُصِدَ لِطُعْمٍ) أَيْ: قَصَدَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعَالَى عِلْمًا ضَرُورِيًّا لِبَعْضِ أَصْفِيَائِهِ كَآدَمَ بِأَنَّ هَذَا لِلْآدَمِيِّينَ، وَهَذَا لِلْبَهَائِمِ، وَخَرَجَ بِهِ الزَّيْتُ الْحَارُّ فَلَا رِبَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قُصِدَ لِلِاسْتِصْبَاحِ بِهِ ز ي.

(قَوْلُهُ: بِضَمِّ الطَّاءِ) وَأَمَّا بِفَتْحِهَا فَهُوَ مَا يُدْرَكُ بِالذَّوْقِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَصْدَرُ طَعِمَ) أَيْ: مَصْدَرٌ سَمَاعِيٌّ، وَالْقِيَاسُ الْفَتْحُ. قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

فَعَلَ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى ... مِنْ ذِي ثَلَاثَةٍ كَرَدَّ رَدَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>