فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَالْأَبُ وَإِنْ عَلَا كَالْأُمِّ فَإِنْ اجْتَمَعَا حُرِّمَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَحَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ. وَالْجَدَّةُ فِي هَذَا كَالْأَبِ وَإِذَا اجْتَمَعَ الْأَبُ، وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ فَهُمَا سَوَاءٌ فَيُبَاعُ الْوَلَدُ مَعَ أَيِّهِمَا كَانَ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا، أَوْ مَالِكُ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مَالِكِ الْآخَرِ لَمْ يَحْرُمْ التَّفْرِيقُ وَكَذَا لَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ التَّمْيِيزِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ أَمَّا سَائِرُ الْمَحَارِمِ فَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ. وَالْجَدُّ لِلْأُمِّ أَلْحَقَهُ الْمُتَوَلِّي بِالْجَدِّ لِلْأَبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ بِسَائِرِ الْمَحَارِمِ، وَقَوْلِي لَا بِنَحْوِ وَصِيَّةٍ، وَعِتْقٍ مِنْ زِيَادَتِي. (فَإِنْ فَرَّقَ) بَيْنَهُمَا (بِنَحْوِ بَيْعٍ) كَهِبَةٍ، وَقِسْمَةٍ، وَقَرْضٍ (بَطَلَ) الْعَقْدُ لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ شَرْعًا بِالْمَنْعِ مِنْ التَّفْرِيقِ، وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ بَيْعٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ.
(وَ) عَنْ (بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (كَبِعْتُكَ) هَذَا (بِأَلْفٍ نَقْدًا، أَوْ بِأَلْفَيْنِ لِسَنَةٍ) فَخُذْهُ بِأَيِّهِمَا شِئْت، أَوْ أَشَاءُ، وَعَدَمُ الصِّحَّةِ فِيهِ لِلْجَهْلِ بِالْعِوَضِ. (وَ) عَنْ (بَيْعٍ وَشَرْطٍ) رَوَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ (كَبَيْعٍ بِشَرْطِ بَيْعٍ) كَبِعْتُكَ ذَا الْعَبْدِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَك بِكَذَا (أَوْ قَرْضٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
الشَّدِيدِ فِيهِ ع ش، وَأَمَّا الْعَقْدُ فَحَرَامٌ مِنْ الصَّغَائِرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ إنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُهُ. (قَوْلُهُ: فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ) فَإِنْ قُلْت: التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ إنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ فَهُوَ تَعْذِيبٌ، وَالْجَنَّةُ لَا تَعْذِيبَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَوْقِفِ فَكُلُّ أَحَدٍ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يَضُرُّهُ التَّفْرِيقُ. وَأُجِيبُ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَيْسُوا مَشْغُولِينَ فِي جَمِيعِ أَزْمِنَةِ الْمَوْقِفِ بَلْ فِيهَا أَحْوَالٌ يَجْتَمِعُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَالتَّفْرِيقُ فِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ تَعْذِيبٌ، أَوْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الزَّجْرِ وَيُمْكِنُ اخْتِيَارُ الْأَوَّلِ وَيُنْسِيهِ اللَّهُ تَعَالَى أَحِبَّتَهُ فَلَا تَعْذِيبَ ع ش وح ف.
(قَوْلُهُ: وَالْأَبُ كَالْأُمِّ) أَيْ: فَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرْعِهِ كَمَا يَحْرُمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُمِّ فَإِذَا كَانَ لَهُ أَبٌ وَجَدٌّ جَازَ بَيْعُهُ مَعَ جَدِّهِ لِانْدِفَاعِ ضَرَرِهِ بِبَقَائِهِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا ع ش.
(قَوْلُهُ: وَالْجَدَّةُ) أَيْ: لِأُمٍّ، أَوْ لِأَبٍ. وَقَوْلُهُ: فِي هَذَا أَيْ: فِي الِاجْتِمَاعِ مَعَ الْأُمِّ. (قَوْلُهُ: وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ) وَكَذَا لِلْأَبِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَهُمَا سَوَاءٌ) أَيْ: فَإِذَا بَاعَهُمَا دُونَهُ، أَوْ عَكَسَ بَطَلَ وَلَوْ اجْتَمَعَ الْأَبُ، وَالْجَدُّ فَهَلْ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا، أَوْ يُعْتَبَرُ الْأَبُ؟ فَقَدْ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ سم وَاسْتَقْرَبَ ع ش اعْتِبَارَ الْأَبِ بِرْمَاوِيٌّ.
وَهَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَالِكُ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مَالِكِ الْآخَرِ) كَأَنْ وَرَّثَاهُمَا، أَوْ أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا بِالْأُمِّ وَلِلْآخَرِ بِالْفَرْعِ وَهَذَا مَفْهُومُ قَيْدٍ مَلْحُوظٍ أَيْ: إنْ اتَّحَدَ الْمَالِكُ. فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ مَالِكُ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مَالِكِ الْآخَرِ فَالتَّفْرِيقُ حَاصِلٌ أَلْبَتَّةَ فَكَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ لَمْ يَحْرُمْ التَّفْرِيقُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا مُجْتَمَعَانِ؟ قُلْت يُمْكِنُ الِاجْتِمَاعُ بِأَنْ يَكُونَ أَخَوَانِ فِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ وَأَحَدُهُمَا مَالِكُ الْأُمِّ وَالثَّانِي مَالِكُ الْوَلَدِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنْ يَبِيعَ مَمْلُوكَهُ مِنْهُمَا ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُكْرَهُ) أَيْ: وَلَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا سَائِرُ الْمَحَارِمِ) مَفْهُومُ الضَّمِيرِ الَّذِي فِي فَرْعِهَا. (قَوْلُهُ: وَالْجَدُّ لِلْأُمِّ) الظَّاهِرُ تَقْدِيمُ جَدِّ الْأَبِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْهُ بِدَلِيلِ إلْحَاقِهِ بِهِ وَأَمَّا الْجَدَّةُ لِلْأُمِّ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ الْجَدَّةِ لِلْأَبِ ح ل. (قَوْلُهُ: بِالْجَدِّ لِلْأَبِ) مُعْتَمَدٌ ع ش. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ بَيْعٍ) لِأَحَدِهِمَا كُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ كَمَا فِي ح ل وَالْأَوْجَهُ صِحَّةُ بَيْعِهِ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ دُونَ بَيْعِهِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ بِشَرْطِ عِتْقِهِ. اهـ. م ر وَيَجُوزُ بَيْعُ جُزْءٍ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ إنْ اتَّحَدَ الْجُزْءُ كَثُلُثِهِمَا لِانْتِفَاءِ التَّفْرِيقِ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَ كَثُلُثٍ، وَرُبُعٍ م ر.
(قَوْلُهُ: وَقِسْمَةٍ) أَيْ: قِسْمَةِ رَدٍّ، أَوْ تَعْدِيلٍ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْإِفْرَازِ فَلَا تَتَأَتَّى هُنَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. لَكِنْ قَالَ ع ش: وَلَوْ إفْرَازًا. اهـ وَفِي الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا يَعْنِي: الْقِسْمَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْعًا وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَلَوْ إفْرَازًا ضَعِيفًا، وَصُورَتُهَا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ وَلَدِهَا تُسَاوِي قِيمَتَهَا، وَصُورَةُ التَّعْدِيلِ أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلَدَانِ وَكَانَتْ قِيمَتُهُمَا تُسَاوِي قِيمَتَهَا. (قَوْلُهُ: لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ) أَيْ: فَالنَّهْيُ عَنْهُ لِلَازِمِهِ فَاقْتَضَى الْفَسَادَ، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: عَنْ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ.
. (قَوْلُهُ: وَبِيعَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ عَلَى مَعْنَى الْهَيْئَةِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ كَمَا فِي فَتْحِ الْبَارِي.
وَقَوْلُهُ فِي بَيْعَةٍ بِفَتْحِ الْبَاءِ فَقَطْ ع ش عَلَى م ر. قَالَ شَيْخُنَا وَفِي تَسْمِيَةِ هَذَا بِيعَتَيْنِ تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّهَا بِيعَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا سَمَّاهَا بِيعَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ التَّرْدِيدِ فِي الثَّمَنِ، وَمِثْلُهُ فِي حَجّ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَلْفَيْنِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: وَأَلْفَيْنِ بِالْوَاوِ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ بَعْضُ الثَّمَنِ حَالًّا وَهُوَ أَلْفٌ، وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا وَهُوَ أَلْفَانِ م ر شَوْبَرِيٌّ.
وَمَحَلُّهُ إذَا حُذِفَ قَوْلُهُ: فَخُذْ بِأَيِّهِمَا شِئْت وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَعَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ) الْحَاصِلُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ مَنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ إنَّمَا يُبْطِلُهُ إذَا وَقَعَ فِي صُلْبِهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ لُزُومِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ فِي مَجْلِسِهِ شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ: وَقَبْلَ لُزُومِهِ شَامِلٌ لِخِيَارِ الشَّرْطِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ حَجّ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي) فَإِذَا بَاعَهُ وَاشْتَرَى مِنْهُ فَإِنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ بَاطِلٌ، وَأَمَّا بَيْعُ الدَّارِ فَإِنْ تَبَايَعَاهَا مُعْتَقِدَيْنِ صِحَّةَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ بَطَلَ وَإِنْ اعْتَقَدَا فَسَادَهُ صَحَّ