كَبِعْتُكَ عَبْدِي بِأَلْفٍ بِشَرْطِ أَنْ تُقْرِضَنِي مِائَةً، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَلْفَ، وَرَفَقَ الْعَقْدَ الثَّانِيَ ثَمَنًا. وَاشْتِرَاطُ الْعَقْدِ الثَّانِي فَاسِدٌ فَبَطَلَ بَعْضُ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ حَتَّى يُفْرَضَ التَّوْزِيعُ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْبَاقِي فَبَطَلَ الْبَيْعُ (وَكَبَيْعِهِ زَرْعًا، أَوْ ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ) بِضَمِّ الصَّادِ، وَكَسْرِهَا (أَوْ يَخِيطَهُ) لِاشْتِمَالِ الْبَيْعِ عَلَى شَرْطِ عَمَلٍ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي بَعْدُ، وَذَلِكَ فَاسِدٌ. (وَصَحَّ بِشَرْطِ خِيَارٍ، أَوْ بَرَاءَةٍ مِنْ عَيْبٍ، أَوْ قَطْعِ تَمْرٍ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي مَحَالِّهَا.
(وَ) بِشَرْطِ (أَجَلٍ وَرَهْنٍ، وَكَفِيلٍ مَعْلُومَيْنِ لِعِوَضٍ) مِنْ مَبِيعٍ، أَوْ ثَمَنٍ (فِي ذِمَّته)
ــ
[حاشية البجيرمي]
ز ي وَشَرْحُ م ر وحج؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: كَبِعْتُك عَبْدِي بِأَلْفٍ) قَالَ: هُنَا عَبْدِي، وَفِيمَا قَبْلَهُ ذَا الْعَبْدِ وَقَالَ هُنَا أَيْضًا: بِشَرْطٍ إلَخْ، وَقَالَ أَوَّلًا عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي، وَقَالَ أَيْضًا هُنَا بِمِائَةٍ، وَقَالَ أَوَّلًا بِكَذَا كُلُّ ذَلِكَ لِلتَّفَنُّنِ ح ف.
(قَوْلُهُ: وَرَفَقَ الْعَقْدَ الثَّانِيَ) أَيْ: انْتِفَاعَهُ بِهِ. وَقَوْلُهُ بَعْضُ الثَّمَنِ وَهُوَ انْتِفَاعُهُ بِالْعَقْدِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَكَبَيْعِهِ زَرْعًا) أَيْ: شِرَائِهِ فَالْمُشْتَرِطُ الْمُشْتَرِي، وَالْبَائِعُ يُوَافِقُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ اشْتَرَى زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ، أَوْ ثَوْبًا وَيَخِيطَهُ فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ. اهـ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ إذَا شَرَطَ الْبَائِعُ ذَلِكَ وَالْمُشْتَرِي يُوَافِقُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى شَرْطِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُحْمَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الثَّانِي الْغَنِيِّ عَنْ التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ، لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَعَنْ بَيْعٍ بِشَرْطِ بَقَاءُ الْمَتْنِ بِحَالِهِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ مَا يَشْمَلُ الشِّرَاءَ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ. وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا جَعَلَ الْحَصَادَ، أَوْ الْخِيَاطَةَ عَلَى الْبَائِعِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ جَعَلَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَإِنْ شَرَطَ الْحَصَادَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ كَانَ الشَّارِطُ الْبَائِعَ خِلَافًا لِظَاهِرِ مَا فِي الْعُبَابِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ) الْبَائِعُ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ، أَوْ قَالَ: وَتَحْصُدُهُ بِخِلَافٍ وَاحْصُدْهُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ شَرْطًا؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مُبْتَدَأٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ لِمَا قَبْلَهُ فَلَمْ تَكُنْ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ بِخِلَافِ صِيغَةِ الْخَبَرِ فَإِنَّهَا مُقَيَّدَةٌ لِمَا قَبْلَهَا فَكَانَتْ بِمَعْنَى الشَّرْطِ. ح ل قَالَ الشَّوْبَرِيُّ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْحَطَبَ بِشَرْطِ أَنْ تَحْمِلَهُ إلَى الْبَيْتِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْتُ مَعْرُوفًا أَمْ لَا، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ حَمْلَ الْبِطِّيخَةِ الْمُشْتَرَاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِاشْتِمَالِ الْبَيْعِ عَلَى شَرْطِ عَمَلٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَضَمَّنَ إلْزَامَهُ بِالْعَمَلِ فِيمَا يَمْلِكُهُ أَيْ: الْمُشْتَرِي كَأَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطَهُ صَحَّ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْأَوْجَهُ الْبُطْلَانُ قَطْعًا كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِشَرْطِ بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ إذْ هُمَا مِثَالَانِ فَبَيْعٌ بِشَرْطِ إجَارَةٍ، أَوْ إعَارَةٍ بَاطِلٌ لِذَلِكَ سَوَاءٌ قَدَّمَ ذِكْرَ الثَّمَنِ عَنْ الشَّرْطِ أَمْ أَخَّرَهُ عَنْهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فِيمَا) أَيْ: فِي شَيْءٍ.
وَقَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْهُ أَيْ: ذَلِكَ الشَّيْءَ وَهُوَ الْمَبِيعُ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ) أَيْ: الْآنَ مَعَ أَنَّهُ آيِلٌ إلَى مِلْكِهِ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِي مِلْكِهِ فَلَا يُقَالُ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ، أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِي مِلْكِهِ الْمُسْتَقِرِّ جَازَ ح ل.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدَ أَيْ: الْآنَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَحْصُلُ لَهُ الْمِلْكُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ عَمَلًا فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْبَائِعُ بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ وَلِذَلِكَ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي عَمَلًا فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْبَائِعُ غَيْرَ الْمَبِيعِ بَطَلَ الْعَقْدُ قَطْعًا إذْ لَا تَبِعَةَ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ بِشَرْطِ خِيَارٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ، وَهَذَا كَالِاسْتِدْرَاكِ عَلَى قَوْلِهِ: بَيْعٌ وَشَرْطٌ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْهُ.
وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ صُوَرٌ كَبَيْعٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ إلَخْ.
وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ هَذِهِ الْأُمُورُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالرُّخَصِ فِي الْعِبَادَاتِ يُتَّبَعُ فِيهَا تَوْقِيفُ الشَّارِعِ وَلَا تَتَعَدَّى لِكُلِّ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ. اهـ وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ إحْدَى عَشْرَةَ صُورَةً. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي مَحَالِّهَا) أَيْ: مَبْسُوطًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا هُنَا لِيُبَيِّنَّ أَنَّهَا مِنْ الْمُسْتَثْنِيَاتِ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَبِشَرْطِ أَجَلٍ) أَيْ: فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ وَأَعَادَ الشَّارِحُ الْعَامِلَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ لِعِوَضٍ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ، وَلَمْ يُعِدْهُ الْمُصَنِّفُ لِعِلْمِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَفِيلٍ) أَيْ: كَفَالَةِ كَفِيلٍ لِلْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ لِلْبَائِعِ لِمَبِيعٍ فِي ذِمَّتِهِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَالْكَفِيلُ يَشْمَلُ الضَّامِنَ وَلَوْ أَسْقَطَ شَرْطَ الْأَجَلِ لَمْ يَسْقُطْ بِخِلَافِ شَرْطِ الرَّهْنِ، أَوْ الْكَفِيلِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِخِلَافِ كُلٍّ مِنْ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ ح ل. (قَوْلُهُ: مَعْلُومَيْنِ) أَيْ: لِلْعَاقِدَيْنِ إلَّا الْأَجَلَ فَيَكْفِي عِلْمُ عَدْلَيْنِ غَيْرِ الْعَاقِدَيْنِ كَمَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ فِي قَوْلِهِ: لِأَجَلٍ يَعْرِفَانِهِ، أَوْ عَدْلَانِ غَيْرُهُمَا وَمَعْنَى كَوْنِ الرَّهْنِ مَعْلُومًا مَعَ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْعَقْدِ أَنَّ مُتَعَلِّقَهُ مَعْلُومٌ وَهُوَ الْمَرْهُونُ شَيْخُنَا.
وَقَوْلُهُ: لِعِوَضٍ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ وَاللَّامُ فِيهِ بِالنَّظَرِ لِلْأَجَلِ لَامُ التَّقْوِيَةِ أَيْ: أَجْلِ عِوَضٍ وَبِالنَّظَرِ إلَى الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ لَامُ التَّعْلِيلِ أَيْ: لِأَجْلِ تَحْصِيلِ الْعِوَضِ فَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ اللَّامُ فِي مَعْنَيَيْهِ مَعًا، وَهُمَا التَّقْوِيَةُ وَالتَّعْلِيلُ