للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُشْتَرَطُ فِي الْأَجَلِ أَنْ لَا يَبْعُدَ بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ بِنَحْوِ أَلْفِ سَنَةٍ وَفِي تَعْبِيرِي بِمَعْلُومَيْنِ تَغْلِيبُ الْعَاقِلِ عَلَى غَيْرِهِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ الَّذِي عَبَّرَ فِيهِ بِقَوْلِهِ مُعَيَّنَاتٍ.

(وَ) بِشَرْطِ (إشْهَادٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الشُّهُودَ) إذْ لَا يَتَفَاوَتُ الْغَرَضُ فِيهِمْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِأَيِّ عُدُولٍ كَانُوا بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ.

(وَبِفَوْتِ رَهْنٍ) بِمَوْتِ الْمَشْرُوطِ رَهْنُهُ، أَوْ إعْتَاقِهِ، أَوْ كِتَابَتِهِ، أَوْ امْتِنَاعٍ مِنْ رَهْنِهِ، أَوْ نَحْوِهَا وَكَفَوْتِهِ عَدَمُ إقْبَاضِهِ، وَتَعَيُّبُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَظُهُورُ عَيْبٍ قَدِيمٍ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَبْضِ مَا يُضْمَنُ وَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ جَوَابُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: فَمَشْرُوطٌ بِقَبْضِهِ أَيْ: فَلَيْسَ وَاقِعًا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بَلْ بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر كَابْنِ حَجَرٍ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ صِحَّةُ ضَمَانِ الْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ وَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ الْقَبْضِ فِيهِمَا وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي بَابِ الضَّمَانِ. اهـ أَيْ: فَيَكُونُ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ ضَمَانِ الْمُعَيَّنِ. وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف: قَوْلُهُ: فَمَشْرُوطٌ بِقَبْضِهِ أَيْ: فَهُوَ فِي قُوَّةِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَأُلْحِقَ بِهِ وَمِثْلُهُ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْأَجَلِ أَنْ لَا يَبْعُدَ إلَخْ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِزَمَنِ الْمُؤَلِّفِ

وَقَوْلُهُ: بَقَاءُ الدُّنْيَا وَإِنْ بَعُدَ بَقَاءُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا إلَيْهِ لِقِيَامِ وَارِثِهِمَا مَقَامَهُمَا سم ع ش.

(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ أَلْفِ سَنَةٍ) لِلْعِلْمِ حَالَ الْعَقْدِ بِسُقُوطِ بَعْضِهِ، وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِهِ الْمُسْتَلْزِمِ الْجَهْلَ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ ح ل وم ر. وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: مَعْلُومَيْنِ أَنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ بِالْأَجَلِ الْمَجْهُولِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر كَإِلَى الْحَصَادِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ) لِشَرَفِ الْعَاقِلِ لَكِنَّ الْأَصْلَ لَاحَظَ كَوْنَ الرَّهْنِ غَيْرَ عَاقِلٍ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مِمَّا يُجْمَعُ قِيَاسًا مُطَرِّدًا بِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ وَصْفُ الْمُذَكَّرِ الَّذِي لَا يُعْقَلُ وَلَوْ بِالتَّغْلِيبِ ح ل.

(قَوْلُهُ: مُعَيَّنَاتٍ) يُجَابُ عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّهُ غَلَّبَ الْأَكْثَرَ ع ش.

وَعِبَارَةُ حَجّ: غَلَّبَ غَيْرَ الْعَاقِلِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ إذْ الْأَكْثَرُ فِي الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ عَاقِلٍ وَأَنَّثَ نَظَرًا فِي الْأَجَلِ إلَى أَنَّهُ مُدَّةٌ وَفِي الرَّهْنِ إلَى أَنَّهُ عَيْنٌ وَفِي الْكَفِيلِ إلَى أَنَّهُ نَسَمَةٌ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: صَوَابُ الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى أَنَّ مَا جُمِعَ بِأَلِفٍ وَتَاءٍ قَدْ يَكُونُ مُفْرَدُهُ مُذَكَّرًا فَتَصْوِيبُهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ.

(قَوْلُهُ: وَبِشَرْطِ إشْهَادٍ) أَيْ: عَلَى الْعَقْدِ خَوْفًا مِنْ الْجُحُودِ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مُعَيَّنًا ع ش.

(قَالَ بَعْضُهُمْ: مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُرَادَ الشَّرْطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ) فَحِينَئِذٍ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي يَكُونُ إشْهَادُ الْمُشْتَرِي عَلَى إقْرَارِهِمَا بِالْعَقْدِ بِأَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ الْعَقْدِ بِالشُّهُودِ فَيُقِرُّ هُوَ، وَالْبَائِعُ لَهُمْ بِأَنَّهُمَا تَبَايَعَا كَذَا بِكَذَا فَيَشْهَدُونَ عَلَى إقْرَارِهِمَا. هَذَا غَايَةُ مَا يُمْكِنُ وَأَمَّا الْإِشْهَادُ عَلَى أَصْلِ صُدُورِ الْعَقْدِ وَحُضُورِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ فِيمَا إذَا شَرَطَ الْإِشْهَادَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَلَعَلَّ فِيمَا كَتَبَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ إشَارَةٌ إلَى مَا قُلْنَا حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ: وَبِشَرْطِ الْإِشْهَادِ أَيْ: عَلَى جَرَيَانِ الْعَقْدِ وَفَصْلِهِ عَمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ خَاصٌّ بِالْمَعْلُومَيْنِ وَهَذَا عَامٌّ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِالْغَايَةِ وَشَامِلٌ أَيْضًا لِلْإِشْهَادِ عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى الْعِوَضِ. قَوْلُهُ: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] وَنُزُولُهَا فِي السَّلَمِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِدْلَالَ بِهَا فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ. فَإِنْ قُلْت: أَيُّ عُمُومٍ هُنَا قُلْت الْفِعْلُ كَالنَّكِرَةِ وَهِيَ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ لِلْعُمُومِ فَكَذَا الْفِعْلُ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ، أَوْ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: {وَأَشْهِدُوا} [البقرة: ٢٨٢] رَاجِعٌ لِلْأَشْخَاصِ، وَالْعُمُومُ فِي الْأَشْخَاصِ يَسْتَلْزِمُ الْعُمُومَ فِي الْأَحْوَالِ شَيْخُنَا بَابِلِيٌّ اط ف وَصَرَفَ الْأَمْرَ فِي الْآيَةِ عَنْ الْوُجُوبِ الْإِجْمَاعُ وَهُوَ أَمْرُ إرْشَادٍ لَا ثَوَابَ فِيهِ إلَّا لِمَنْ قَصَدَ بِهِ الِامْتِثَالَ كَذَا قِيلَ فَلْيُرَاجَعْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الشُّهُودَ) أَيْ: أَوْ لَمْ يَكُنْ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ ع ش.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ) وَلِذَلِكَ لَوْ عَيَّنَهُمْ لَمْ يَتَعَيَّنُوا كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَلَا أَثَرَ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِتَفَاوُتِهِمْ وَجَاهَةً وَنَحْوَهَا، وَهَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ جَوَازَ إبْدَالِهِمْ بِدُونِهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ ع ش عَلَى م ر وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ جَوَازُ إبْدَالِهِمْ بِمِثْلِهِمْ أَوْ فَوْقِهِمْ فَقَطْ.

. (قَوْلُهُ: أَوْ كِتَابَتُهُ) أَيْ: وَلَوْ فَاسِدَةً، أَوْ تَدْبِيرُهُ وَمِثْلُهُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ إنْ كَانَ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ ح ل.

(قَوْلُهُ: أَوْ امْتِنَاعٌ مِنْ رَهْنِهِ) أَيْ: عَقْدُ الرَّهْنِ عَلَيْهِ عَقْدًا مُسْتَقِلًّا. وَقَوْلُهُ: وَكَفَوْتِهِ عَدَمُ إقْبَاضِهِ أَيْ: اُمْتُنِعَ مِنْ إقْبَاضِهِ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ فَلَا تَكْرَارَ. اهـ. ع ش بِالْمَعْنَى فَالْمُرَادُ بِالرَّهْنِ فِي قَوْلِهِ: وَبِفَوْتِ رَهْنٍ مَا يَشْمَلُ الْمَرْهُونَ وَالْعَقْدَ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَوْ امْتِنَاعٌ مِنْ رَهْنِهِ أَيْ: امْتِنَاعُ الْمُشْتَرِي مِنْ رَهْنِ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ رَهْنُهُ وَإِنْ أَتَى بِرَهْنِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَلَوْ أَعْلَى قِيمَةٍ مِنْهُ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تَقْبَلُ الْإِبْدَالَ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِذَوَاتِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهَا) كَأَنْ تَعَلَّقَ أَرْشُ جِنَايَتِهِ بِرَقَبَتِهِ وَإِنْ عَفَا عَنْهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ، وَكَأَنْ وَقَفَهُ، أَوْ رَهَنَهُ وَأَقْبَضَهُ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَكَفَوْتِهِ عَدَمُ إقْبَاضِهِ) بَعْدَ رَهْنِهِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ اشْتِرَاطَ

<<  <  ج: ص:  >  >>