للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لِيَبِيعَهُ حَالًّا فَيَقُولُ الْحَاضِرُ اُتْرُكْهُ لِأَبِيعَهُ تَدْرِيجًا) أَيْ: شَيْئًا فَشَيْئًا (بِأَغْلَى) مِنْ بَيْعِهِ حَالًّا فَيُجِيبُهُ لِذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» زَادَ مُسْلِمٌ: «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ.» وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَوْ دَوَابِّهِمْ حَالًا أَوْ مَآلًا وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ الْبَلَدِ لِاعْتِيَادِهِمْ الِانْتِفَاعَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِمْ مِثْلَهُ فِي احْتِيَاجِ عَامَّةِ أَهْلِ الْبَلَدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الطَّائِفَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ. ع ش (قَوْلُهُ: لِيَبِيعَهُ حَالًا) يَظْهَرُ أَنَّهُ تَصْوِيرٌ فَلَوْ قَدِمَ لِيَبِيعَهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَالَ لَهُ: اُتْرُكْهُ لِأَبِيعَهُ لَك بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِلْمَعْنَى الْآتِي فِيهِ وَيُحْتَمَلُ التَّقْيِيدُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُرِيدُ بَيْعَهُ بِسِعْرِ الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فَسَأَلَهُ تَأْخِيرَهُ عَنْهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ التَّضْيِيقُ إلَّا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ إنَّمَا تَتَشَوَّفُ لِلشَّيْءِ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ. اهـ. حَجّ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِظُهُورِ الْعِلَّةِ فِيهِ وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْإِجَارَةُ فَلَوْ أَرَادَ شَخْصٌ أَنْ يُؤَجِّرَ مَحَلَّا حَالًا فَأَرْشَدَهُ شَخْصٌ إلَى تَأْخِيرِ الْإِجَارَةِ لِوَقْتِ كَذَا كَزَمَنِ النِّيلِ مَثَلًا حَرُمَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ. ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: لِيَبِيعَهُ حَالًا وَمِثْلُهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: فَيَقُولُ الْحَاضِرُ) وَلَوْ اسْتَشَارَهُ الْبَدَوِيُّ فِيمَا فِيهِ حَظُّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْشَادُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّصِيحَةِ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ. وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ، وَثَانِيهِمَا: لَا أَيْ: لَا يَجِبُ إرْشَادُهُ تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ وَمَعْنَى عَدَمِ وُجُوبِ إرْشَادِهِ أَنَّهُ يَسْكُتُ لَا أَنَّهُ يُخْبِرُهُ بِخِلَافِ نَصِيحَتِهِ كَذَا أَشَارَ إلَيْهِ. م ر وَقَضِيَّةُ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِرْشَادِ الْإِبَاحَةُ وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ع ش حَيْثُ قَالَ: وَقَالَ: ابْنُ الْوَكِيلِ لَا يُرْشِدُهُ تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ وَامْتِنَاعُ الْإِرْشَادِ هُوَ الظَّاهِرُ انْتَهَى.

ع ش وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيّ وَلَوْ اسْتَشَارَهُ صَاحِبُ الْمَتَاعِ فِي التَّأْخِيرِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِالنَّصِيحَةِ وَلَوْ بِمَا فِيهِ التَّضْيِيقُ تَقْدِيمًا لَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْقَائِلُونَ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا أَثِمُوا كُلُّهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: اُتْرُكْهُ) أَيْ: عِنْدِي أَوْ عِنْدَك أَوْ عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَيَحْرُمُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ التَّضْيِيقُ فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ بِعِنْدِي جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَوْ قَالَ الْحَاضِرُ مِنْ غَيْرِ اسْتِشَارَةِ بَيْعُكَ لَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ أَحَظُّ حَرُمَ أَيْضًا. اط ف (قَوْلُهُ: لِأَبِيعَهُ) أَيْ: أَوْ لِيَبِيعَهُ لَك فُلَانٌ بَلْ وَلَوْ قَالَ لَهُ لِتَبِيعَهُ أَنْتَ بَعْدَ يَوْمٍ لِوُجُودِ الْمَعْنَى. ح ل.

وَعِبَارَةُ اط ف قَوْلُهُ: لِأَبِيعَهُ أَوْ لِيَبِيعَهُ فُلَانٌ مَعِي أَوْ بِنَظَرِي أَوْ لِيَبِيعَهُ فُلَانٌ فَقَطْ وَذِكْرُ الْبَيْعِ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ، فَلَوْ قَالَ لَهُ اُتْرُكْهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْبَيْعِ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ وَافَقَهُ صَاحِبُ الْمَتَاعِ عَلَى التَّرْكِ. ع ش (قَوْلُهُ: تَدْرِيجًا) أَيْ: أَوْ دَفْعَةً وَاحِدَةً بَعْدَ يَوْمٍ ح ل وَهُوَ أَيْ: التَّدْرِيجُ مَأْخُوذٌ مِنْ الدَّرْجِ كَأَنَّهُ يَصْعَدُ شَيْئًا فَشَيْئًا. (قَوْلُهُ: بِأَغْلَى) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَإِنَّمَا قَيَّدُوا بِهِ لِيَكُونَ أَدْعَى لِإِجَابَةِ الْبَادِي ح ل وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَأَلَهُ الْحَضَرِيُّ أَنْ يُفَوِّضَ لَهُ بَيْعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ عَلَى التَّدْرِيجِ لَمْ يَحْمِلْهُ ذَلِكَ عَلَى مُوَافَقَتِهِ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِلتَّضْيِيقِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَأَلَهُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِأَغْلَى فَالزِّيَادَةُ رُبَّمَا حَمَلَتْهُ عَلَى الْمُوَافَقَةِ فَيُؤَدِّي لِلتَّضْيِيقِ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَيُجِبْهُ) لَيْسَ قَيْدًا فِي الْحُرْمَةِ فَالْقَوْلُ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يُجِبْهُ بَلْ وَإِنْ خَالَفَهُ بَعْدَ امْتِثَالِهِ بِالْبَيْعِ حَالًا (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ: لِلتَّرْكِ (قَوْلُهُ: لَا بَيْعٌ) يَصِحُّ بِالرَّفْعِ وَالْجَزْمِ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ: الرِّوَايَةُ بِالْجَزْمِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَذْفُ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ. ع ش أَيْ: لَا يَتَسَبَّبُ حَاضِرٌ فِي بَيْعِ مَتَاعٍ لِبَادٍ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ سَبَبُ الْبَيْعِ لَا الْبَيْعُ وَالْحَدِيثُ مُقَيَّدٌ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: زَادَ مُسْلِمٌ إلَخْ) أَتَى بِالزِّيَادَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ لِعُمُومِهَا وَوَقَعَ لِلشَّارِحِ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ فِي غَفَلَاتِهِمْ وَنَسَبَهُ لِمُسْلِمٍ وَهُوَ غَلَطٌ إذْ لَا وُجُودَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي مُسْلِمٍ بَلْ وَلَا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ كَمَا قَضَى بِهِ سَبْرُ مَا بِأَيْدِي النَّاسِ مِنْهَا. اهـ. حَجّ ز ي وَقِ ل وح ل

وَقَوْلُهُ: سَبْرُ مَا بِأَيْدِي النَّاسِ أَيْ: تَتَبُّعُ وَتَفْتِيشُ مَا بِأَيْدِيهِمْ. (قَوْلُهُ: دَعُوا النَّاسَ) فَإِنَّكُمْ إنْ تَرَكْتُمُوهُمْ بَاعَ ذُو الْمَتَاعِ أَهْلَ السُّوقِ بَيْعًا مُرْبِحًا وَحِينَئِذٍ تَسْلَمُونَ مِنْ الْإِثْمِ وَيَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ. وَقَوْلُهُ: يَرْزُقُ اللَّهُ حَالٌ أَيْ: دَعُوا النَّاسَ فِي حَالٍ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَعَلَيْهِ فَيَرْزُقُ مَرْفُوعٌ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ جَزْمِهِ فِي جَوَابِ الطَّلَبِ قَصْدُ الْجَزَاءِ وَهَذَا الْقَصْدُ مُفْسِدٌ لِلْمَعْنَى هُنَا؛ لِأَنَّ الرِّزْقَ مِنْ اللَّهِ لَا يَتَسَبَّبُ عَنْ تَرْكِ النَّاسِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِالْجَزْمِ فَيُؤَوَّلُ بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِيِّ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ إنْ تَدَعُوهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>