للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي انْتَهَى. وَالْبَادِي سَاكِنُ الْبَادِيَةِ، وَالْحَاضِرُ سَاكِنُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ وَهُوَ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ وَذَلِكَ خِلَافُ الْبَادِيَةِ، وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا بَدَوِيٌّ وَإِلَى الْحَاضِرَةِ حَضَرِيٌّ. وَالتَّعْبِيرُ بِالْحَاضِرِ وَالْبَادِي جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ أَيُّ شَخْصٍ كَانَ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِكَوْنِ الْقَادِمِ غَرِيبًا وَلَا بِكَوْنِ الْمَتَاعِ عِنْدَ الْحَاضِرِ وَإِنْ قَيَّدَ بِهِمَا الْأَصْلُ.

(وَتَلَقِّي رُكْبَانٍ) بِأَنْ (اشْتَرَى) شَخْصٌ (مِنْهُمْ بِغَيْرِ طَلَبِهِمْ) وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهَا فِي عَدَمِ تَمْكِينِهِ فَرَاجِعْهُ. ق ل قَالَ: حَجّ وَلَا يُقَالُ هَذَا بِإِجَابَتِهِ مُعِينٌ لَهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَيْ: شَرْطَ كَوْنِهِ مُعِينًا عَلَى الْمَعْصِيَةِ أَنْ لَا تُوجَدَ الْمَعْصِيَةُ إلَّا مِنْهُمَا كَلَعِبِ الشَّافِعِيِّ الشِّطْرَنْجَ مَعَ مَنْ يُحَرِّمُهُ وَمُبَايَعَةِ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ مَعَ مَنْ تَلْزَمُهُ بَعْدَ نِدَائِهَا وَهُنَا الْمَعْصِيَةُ تَمَّتْ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَهُ الْمَالِكُ سُلْطَانٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ: وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ لَوْ اشْتَرَاهُ عِنْدَ الْقُدُومِ لَاشْتَرَاهُ بِأَرْخَصَ ح ف وَلَوْ قَدِمَ الْبَادِي يُرِيدُ الشِّرَاءَ بِثَمَنٍ تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فَتَعَرَّضَ لَهُ حَاضِرٌ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رَخِيصًا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالسِّمْسَارِ فَهَلْ يَحْرُمُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْبَيْعِ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ فِي الْمَطْلَبِ وَاخْتَارَ الْبُخَارِيُّ التَّحْرِيمَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ قَالَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ سم فَإِنْ الْتَمَسَ الْقَادِمُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا لَوْ الْتَمَسَ الْقَادِمُ لِلْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَبِيعَ لَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ. اط ف (قَوْلُهُ: وَالْبَادِي سَاكِنُ الْبَادِيَةِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ فِي بَابِ اللَّقِيطِ الْبَادِيَةُ خِلَافُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ الْعِمَارَةُ فَإِنْ قَلَّتْ فَقَرْيَةٌ أَوْ كَبُرَتْ فَبَلَدٌ أَوْ عَظُمَتْ فَمَدِينَةٌ أَوْ كَانَتْ ذَاتَ زَرْعٍ وَخِصْبٍ فَرِيفٌ شَوْبَرِيٌّ.

ظَاهِرُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَلَدِ وَالْقَرْيَةِ لَا يُسَمَّى رِيفًا بَلْ الرِّيفُ الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ مِنْ السُّكْنَى الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى زَرْعٍ وَخِصْبٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا اُشْتُهِرَ فِي عُرْفِ النَّاسِ أَنَّ الرِّيفَ مَا عَدَا الْمُدُنَ، وَالْبَادِيَةَ عَلَى كَلَامِ حَجّ أَرْضٌ قَفْرَاءُ لَا عِمَارَةَ فِيهَا وَلَا زَرْعَ وَلَا ثَمَرَ. (قَوْلُهُ: وَخِصْبٌ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ كَثْرَةُ الثِّمَارِ وَنَحْوِهَا وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْخِصْبُ وَزَّانُ حِمْلٍ الثِّمَارُ وَالْبَرَكَةُ وَهُوَ خِلَافُ الْجَدْبِ وَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَخْصَبَ الْمَكَانُ بِالْأَلِفِ فَهُوَ مُخْصِبٌ وَفِي لُغَةٍ خَصِبَ يَخْصَبُ مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ خَصِيبٌ وَأَخْصَبَ اللَّهُ الْمَوْضِعَ إذَا أَنْبَتَ فِيهِ الْعُشْبَ وَالْكَلَأَ. ع ش (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: الْمَذْكُورُ مِنْ الْمُدُنِ وَالْقُرَى وَالرِّيفِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بَدَوِيٌّ) أَيْ: عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَالْقِيَاسُ بَادِيٌّ وَحَاضِرِيٌّ؛ لِأَنَّ فَعَلِيٌّ مُطَّرِدٌ فِي فَعِيلَةٍ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

وَفَعَلِيٌّ فِي فَعِيلَةٍ الْتَزِمْ

أَيْ: وَفَعِيلَةٌ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا فَيَكُونُ فَعَلِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. (قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى غَيْرِ الْغَالِبِ) فَلَوْ قَالَ حَاضِرٌ لِحَاضِرٍ أَوْ بَادٍ لِبَادٍ أَوْ بَادٍ لِحَاضِرٍ أَوْ بِالْعَكْسِ حَرُمَ عَلَى الْقَائِلِ لَا الْمَقُولِ لَهُ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَا بِكَوْنِ الْمَتَاعِ عِنْدَ الْحَاضِرِ) مَعْنَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَلَا بِكَوْنِ الْحَاضِرِ يَطْلُبُ كَوْنَ الْمَتَاعِ عِنْدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَتَلَقِّي رُكْبَانٍ) أَيْ: لِلشِّرَاءِ مِنْهُمْ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا لَا يَبْطُلُ أَيْ: وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ تَلَقِّي إلَخْ وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى بَيْعٍ فِي قَوْلِهِ كَبَيْعٍ إلَخْ أَيْ: وَكَبَيْعٍ مُتَسَبِّبٍ عَنْ تَلَقِّي رُكْبَانٍ أَوْ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَى التَّلَقِّي بَيْعًا؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لَهُ. شَيْخُنَا ح ف وَالتَّلَقِّي لَيْسَ قَيْدًا فَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْهُمْ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ ح ل وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ بَعْضَ الْعُرْبَانِ يَقْدُمُ إلَى مِصْرَ وَيُرِيدُ شِرَاءَ شَيْءٍ مِنْ الْغَلَّةِ فَيَمْنَعُهُمْ حُكَّامُ مِصْرَ مِنْ الدُّخُولِ وَالشِّرَاءِ خَوْفًا مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ وَارْتِفَاعِ الْأَسْعَارِ فَهَلْ يَجُوزُ الْخُرُوجُ لَهُمْ وَالْبَيْعُ لَهُمْ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ أَيْضًا الشِّرَاءُ مِنْ الْمَارِّينَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ قُدُومِهِمْ إلَى مِصْرَ أَمْ لَا؟ ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ سِعْرَ مِصْرَ؟ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ فِيهِمَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهِمْ إذْ الْغَالِبُ عَلَى مَنْ يَقْدُمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ سِعْرَ الْبَلَدِ وَأَنَّ الْعَرَبَ إذَا أَرَادُوا الشِّرَاءَ يَأْخُذُونَ بِأَكْثَرَ مِنْ سِعْرِهِ فِي الْبَلَدِ لِاحْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ نَعَمْ إنْ مَنَعَ الْحَاكِمُ مِنْ الْبَيْعِ لَهُمْ حَرُمَ لِمُخَالَفَةِ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ التَّلَقِّي الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِأَنْ اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْهُمْ) أَيْ: وَلَوْ بِصُورَةِ اسْتِفْهَامٍ مِنْهُ فَيَعْصِي بِالشِّرَاءِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُجِيبُوهُ لِلْبَيْعِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ع ش وَلَوْ تَلَقَّاهُمْ لِلْبَيْعِ عَلَيْهِمْ كَانَ كَالشِّرَاءِ مِنْهُمْ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ شَرْحُ م ر وز ي وَمَحَلُّ حُرْمَةِ مَا ذُكِرَ إذَا بَاعَهُمْ بِأَزْيَدَ مِنْ سِعْرِ الْبَلَدِ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اط ف وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَوَاضِعَ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ مُلَاقِي الْحُجَّاجَ بِالنُّزُولِ فِيهَا كَالْعَقَبَةِ مَثَلًا تُعَدُّ بَلَدُ الْقَادِمِينَ فَتَحْرُمُ مُجَاوَزَتُهَا وَتَلَقِّي الْحُجَّاجِ لِلْبَيْعِ عَلَيْهِمْ وَالشِّرَاءُ مِنْهُمْ قَبْلَ وُصُولِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>