وَالْأَوْجَهُ اسْتِمْرَارُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَمَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ. وَالرُّكْبَانُ جَمْعُ رَاكِبٍ وَالتَّعْبِيرُ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ الْقَادِمُ وَلَوْ وَاحِدًا أَوْ مَاشِيًا.
(وَسَوْمٌ عَلَى سَوْمٍ) أَيْ سَوْمِ غَيْرِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ وَذِكْرُ الرَّجُلِ وَالْأَخِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ بَلْ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ، وَالثَّانِي لِلرِّقَّةِ وَالْعَطْفِ عَلَيْهِ وَسُرْعَةِ امْتِثَالِهِ فَغَيْرُهُمَا مِثْلُهُمَا وَإِنَّمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ (بَعْدَ تَقَرُّرِ ثَمَنٍ) بِالتَّرَاضِي بِهِ صَرِيحًا بِأَنْ يَقُولَ لِمَنْ أَخَذَ شَيْئًا لِيَشْتَرِيَهُ بِكَذَا رُدَّهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَإِنْ قِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ ضَرَرَ الْمُشْتَرِي انْدَفَعَ بِزَوَالِ عَيْبِ الْمَبِيعِ، وَالضَّرَرُ هُنَا بَاقٍ بِفَوَاتِ الْمَالِيَّةِ فَلَهُ مَنْدُوحَةٌ هُنَا فِي اسْتِمْرَارِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِأَنْ يَفْسَخَ وَيَدَّخِرَهُ إلَى عَوْدِ سِعْرِهِ فَتَأَمَّلْ. اط ف (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ اسْتِمْرَارُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: ظَاهِرُ الْخَبَرِ) إذْ ظَاهِرُهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِسِعْرِ الْبَلَدِ. ح ل (قَوْلُهُ: جَمْعُ رَاكِبٍ) وَهُوَ لُغَةً خَاصٌّ بِرَاكِبِ الْإِبِلِ لَكِنْ الْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ. ع ش
(قَوْلُهُ: وَسَوْمٌ عَلَى سَوْمٍ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْبُيُوعُ أَيْ: وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ سَوْمٌ إلَخْ فَهُوَ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا أَيْ: الْبُيُوعِ. ح ل وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَرُّ عَطْفًا عَلَى بَيْعٍ أَيْ: وَبَيْعٍ نَاشِئٍ عَنْ سَوْمٍ إلَخْ بِرْمَاوِيٌّ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا وَاقِعَةٌ عَلَى نَوْعٍ وَهُوَ يَشْمَلُ الْبَيْعَ وَغَيْرَهُ، وَالرَّفْعُ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِهَا وَاقِعَةً عَلَى بَيْعٍ، وَالْجَرُّ هُوَ الظَّاهِرُ وَالْمُرَادُ بِالسَّوْمِ مَا يَشْمَلُ الْإِسَامَةَ مِنْ صَاحِبِ السِّلْعَةِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا هُنَا طَلَبُ سَبَبِهِمَا كَالْأَمْرِ لِلْبَائِعِ بِالِاسْتِرْدَادِ وَالْمُشْتَرِي بِالرَّدِّ لَا حَقِيقَتُهُمَا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ السَّوْمِ أَنْ يَأْخُذَ السِّلْعَةَ لِيَتَأَمَّلَ فِيهَا أَتُعْجِبُهُ فَيَشْتَرِيهَا أَمْ لَا فَيَرُدَّهَا وَالْإِسَامَةُ كَوْنُ الْمَالِكِ يُعْطِيهَا لَهُ لِيَسُومَهَا. فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ يَقُولَ تَفْسِيرٌ مَجَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْإِسَامَةِ عَلَى التَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ وَلِلسَّوْمِ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ يَسُومُهَا قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا، وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ إنْ كَانَ السَّوْمُ الْأَوَّلُ جَائِزًا وَإِلَّا كَسَوْمِ نَحْوِ عِنَبٍ مِنْ عَاصِرِ الْخَمْرِ فَلَا يَحْرُمُ السَّوْمُ عَلَى سَوْمِهِ بَلْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبَكْرِيُّ يُسْتَحَبُّ الشِّرَاءُ بَعْدَهُ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَيَظْهَرُ أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ وَيُؤَيِّدُهُ جَوَازُ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ إذَا كَانَتْ الْأُولَى مُحَرَّمَةً وَلَوْ أَخَذَ مَتَاعًا غَيْرَ مُتَمَيِّزِ الْأَجْزَاءِ لِيَأْخُذَ بَعْضَهُ ضَمِنَ ذَلِكَ الْبَعْضَ فَقَطْ، وَالْبَاقِي أَمَانَةٌ وَذَلِكَ كَمَقْطَعِ قُمَاشٍ سَامَهُ لِيَأْخُذَ مِنْهُ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ فَلَوْ كَانَ مُتَمَيِّزَ الْأَجْزَاءِ كَمَقْطَعَيْنِ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا فَتَلِفَا وَلَوْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْكُلَّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مَأْخُوذٌ بِالسَّوْمِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ لِشَيْخِنَا وَلِلْأُجْهُورِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ.
لَكِنْ قَالَ: ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ لَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ بِالسَّوْمِ ثَوْبَيْنِ مُتَقَارِبَيْ الْقِيمَةِ وَقَدْ أَرَادَ شِرَاءَ أَعْجَبَهُمَا إلَيْهِ فَقَطْ وَتَلِفَا فَهَلْ يَضْمَنُ أَكْثَرَهُمَا قِيمَةً أَوْ أَقَلَّهُمَا قِيمَةً؟ لِجَوَازِ أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ الْأَقَلُّ قِيمَةً وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الزِّيَادَةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ سم عَلَى حَجّ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لِلْكُلِّ بَيْنَ كَوْنِ مَا يَسُومُهُ مُتَّصِلَ الْأَجْزَاءِ كَثَوْبٍ يُرِيدُ شِرَاءَ بَعْضِهِ وَكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ كَالثَّوْبَيْنِ اللَّذَيْنِ يُرِيدُ أَخْذَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يُقَالُ كُلٌّ مِنْ الثَّوْبَيْنِ مَأْخُوذٌ بِالسَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْآخَرَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَأْخُذَ هَذَا النِّصْفَ مِنْ الطَّرَفِ الْأَعْلَى يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْأَسْفَلِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَبَرًا مَحْضًا لَلَزِمَ الْخُلْفُ فِي خَبَرِ الصَّادِقِ لِمَا هُوَ مُشَاهَدٌ مِنْ أَنَّ الشَّخْصَ يَسُومُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ مَغْبُونًا وَالنَّصِيحَةُ الْوَاجِبَةُ تَحْصُلُ بِالتَّعْرِيفِ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ. (قَوْلُهُ: فَغَيْرُهُمَا مِثْلُهُمَا) فَالذِّمِّيُّ وَالْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ مِثْلُ الْمُسْلِمِ وَخَرَجَ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ فَلَا يَحْرُمُ وَمِثْلُهُمَا الزَّانِي الْمُحْصَنُ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ لَهُمَا احْتِرَامًا فِي الْجُمْلَةِ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ) وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ صَرِيحًا مَعَ الْمُوَاعَدَةِ عَلَى إيقَاعِ الْعَقْدِ بِهِ وَقْتَ كَذَا فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ ثُمَّ افْتَرَقَا مِنْ غَيْرِ مُوَاعَدَةٍ لَمْ يَحْرُمْ السَّوْمُ حِينَئِذٍ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ شَوْبَرِيٌّ وح ف (قَوْلُهُ: صَرِيحًا) فَفِي السُّكُوتِ لَا يَحْرُمُ كَمَا قَالَهُ الْجَلَالُ.
اهـ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُولَ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَشَارَ لَهُ بِمَا يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي فَالْإِشَارَةُ هُنَا وَلَوْ مِنْ النَّاطِقِ كَاللَّفْظِ وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ إشَارَةَ النَّاطِقِ لَغْوٌ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ بِالْعَقْدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِهَا بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ وَلَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَمَا هُنَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُ الْقَوْلِ أَنْ يُخْرِجَ لَهُ مِنْ جِنْسِ مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute