حَتَّى أَبِيعَك خَيْرًا مِنْهُ بِهَذَا الثَّمَنِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ مِثْلَهُ بِأَقَلَّ، أَوْ يَقُولَ لِمَالِكِهِ اسْتَرِدَّهُ لِأَشْتَرِيَهُ مِنْك بِأَكْثَرَ وَخَرَجَ بِالتَّقَرُّرِ مَا يُطَافُ بِهِ عَلَى مَنْ يُزِيدُ فِيهِ فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ.
(وَبَيْعٍ عَلَى بَيْعٍ) أَيْ: غَيْرِهِ فِي زَمَنِ خِيَارٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَهُ كَأَنْ يَأْمُرَ الْمُشْتَرِيَ بِالْفَسْخِ لِيَبِيعَهُ مِثْلَ الْمَبِيعِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أَوْ أَقَلَّ (وَشِرَاءٍ عَلَى شِرَاءٍ) أَيْ: شِرَاءِ غَيْرِهِ (زَمَنِ خِيَارٍ) أَيْ: خِيَارِ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ عَيْبٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ. (بِغَيْرِ إذْنٍ) مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ كَأَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعَ بِالْفَسْخِ لِيَشْتَرِيَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ.» زَادَ النَّسَائِيّ «حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ» وَفِي مَعْنَاهُ الشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ. وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ الْإِيذَاءُ فَقَوْلِي زَمَنِ خِيَارٍ إلَى آخِرِهِ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَخَرَجَ بِزَمَنِ الْخِيَارِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي فِي الثَّانِيَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَرْخَصُ مِنْهُ وَقَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الرَّدِّ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْأَقَلِّ لَا مَفْهُومَ لَهُ قَالَ شَيْخُنَا ح ف وَالْقَوْلُ الْمَذْكُورُ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ رَدٌّ وَلَا بَيْعٌ لِلْإِيذَاءِ وَصَرَّحَ فِي الزَّوَاجِرِ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ بِأَنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى أَبِيعَك إلَخْ) فَإِنْ سَكَتَ عَنْ هَذَا وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ رَدَّهُ قَالَ شَيْخُنَا م ر فَلَا حُرْمَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِغُلُوٍّ أَوْ عَيْبٍ وَإِعْلَامُهُ بِهِ جَائِزٌ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ الرَّدُّ كَمَا فِي ذِكْرِ الْمَسَاوِئِ فِي النِّكَاحِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ مِنْ الْبَائِعِ تَدْلِيسٌ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الْإِعْلَامُ إذْ لَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ. ق ل (قَوْلُهُ: أَوْ مِثْلُهُ بِأَقَلَّ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ ذَكَرُوهُ لِيَكُونَ أَدْعَى لِلْإِجَابَةِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى حُصُولِ الْإِيذَاءِ وَهُوَ حَاصِلٌ وَلَوْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَكَذَا قَوْلُهُ: فِيمَا سَيَأْتِي أَوْ بِأَكْثَرَ. شَيْخُنَا ق ل ح ل وَحِينَئِذٍ مَعْنَى كَوْنِهِ سَائِمًا عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ أَنَّهُ عَرَّضَ بِضَاعَتَهُ لِلسَّوْمِ الْوَاقِعِ لِسِلْعَةِ غَيْرِهِ، وَمِثْلُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ عَرْضُ سِلْعَتِهِ الَّتِي مِثْلَ الْمَبِيعِ بِأَنْقَصَ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ قَالَ شَيْخُنَا وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْمَبِيعِ فِي الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ لِأَجْلِهِ.
ح ل (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالتَّقَرُّرِ مَا يُطَافُ بِهِ عَلَى مَنْ يَزِيدُ فِيهِ) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ يُرِيدُ الشِّرَاءَ وَإِلَّا حَرُمَتْ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ النَّجْشِ الْآتِي بَلْ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ الشِّرَاءَ أَخْذُ الْمَتَاعِ الَّذِي يُطَافُ بِهِ لِمُجَرَّدِ التَّفَرُّجِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ إنَّمَا يَأْذَنُ عَادَةً فِي تَقْلِيبِهِ لِمَنْ يُرِيدُ الشِّرَاءَ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ غَيْرِهِ كَانَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: وَبَيْعٍ عَلَى بَيْعٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى بَيْعٍ فِي قَوْلِهِ كَبَيْعٍ حَاضِرٍ ح ل وَمِثْلُ الْبَيْعِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْعُقُودِ كَالْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَمَنْ أُنْعِمَ عَلَيْهِ بِكِتَابٍ لِيُطَالِعَ فِيهِ حَرُمَ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَسْأَلَ صَاحِبَهُ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ فَقَوْلُهُ: أَنْ يَسْأَلَ فِيهِ أَيْ: أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ لِيُطَالِعَ فِيهِ هُوَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَأْمُرَ الْمُشْتَرِي بِالْفَسْخِ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ مَغْبُونًا وَالنَّصِيحَةُ الْوَاجِبَةُ تَحْصُلُ بِالتَّعْرِيفِ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ م ر وَسُمِّيَ هَذَا بَيْعًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي بَعْدَ الْفَسْخِ إلَيْهِ ع ش فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ وَالْأَمْرُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَنَّ مِثْلَهُ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ سِلْعَةً مِثْلَهَا بِأَرْخَصَ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهَا بِمِثْلِ ثَمَنِ الْأُولَى بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يَحْرُمُ عَلَيْهِ طَلَبُ السِّلْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِزِيَادَةٍ مَعَ حُضُورِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى النَّدَمِ أَوْ الْفَسْخِ وَالْأَمْرُ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يُفْسَخْ لِلْإِيذَاءِ بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَشِرَاءٍ عَلَى شِرَاءٍ) هُوَ بِالْجَرِّ أَيْضًا عَطْفًا عَلَى بَيْعٍ الْأَوَّلِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَفْسِيرِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ لَيْسَ بَيْعًا وَشِرَاءً حَقِيقِيَّيْنِ بَلْ هُوَ سَبَبٌ لَهُمَا فَيَحْرُمُ لِذَلِكَ. ز ي (قَوْلُهُ: أَعَمُّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ خِيَارَ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ لُزُومِهِ) أَمَّا بَعْدَ لُزُومِهِ فَلَا مَعْنَى لَهُ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْإِقَالَةِ بِتَخْوِيفٍ أَوْ مُحَابَاةٍ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْجَوْجَرِيِّ شَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعَ بِالْفَسْخِ) وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ مَعَ أَنَّ الرَّدَّ بِهِ فَوْرِيٌّ بِمَا إذَا وُجِدَ عُذْرٌ كَأَنْ يَكُونَ فِي اللَّيْلِ. ح ف وع ش وَيُتَصَوَّرُ فَسْخُ الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ بِمَا إذَا وُجِدَ عَيْبٌ بِالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْتَاعَ) حَتَّى تَعْلِيلِيَّةٌ أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ يَبْتَاعَ إلَخْ لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ: أَوْ يَذَرَ فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ تَعْلِيلِيَّةً بِالنَّظَرِ لِيَبْتَاعَ؛ وَغَائِيَّةً بِالنَّظَرِ لِيَذَرَ فَهُوَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ وَاسْتُشْكِلَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ فِي يَبْتَاعَ إلَى الْبَعْضِ بِأَنَّ الْبَعْضَ بَائِعٌ لَا مُشْتَرٍ فَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ حَتَّى يَشْتَرِيَ الْبَائِعُ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ بَيْعَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي أَيْ: عَلَى بَيْعِ أَحَدٍ لِبَعْضٍ، وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لَهُ حِينَئِذٍ أَوْ يُقَالُ إنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ مَعْلُومٌ مِنْ الْمَقَامِ كَمَا قَالَهُ س ل وَهَذَا عَلَى كَوْنِ يَبْتَاعُ بِمَعْنَى يَشْتَرِي فَإِذَا قُلْنَا مَعْنَاهُ يَتِمُّ الْبَيْعُ فَلَا إشْكَالَ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْتَاعَ لَعَلَّ الْمُرَادَ حَتَّى يَنْظُرَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْأَمْرُ بِأَنْ يَبْتَاعَ أَيْ: يَلْزَمَ الْبَيْعَ فَيَتْرُكَهُ أَوْ يَذَرَ أَيْ: فَيَفْسَخَ الْبَيْعَ فَيَبِيعُهُ غَيْرُهُ فَهُوَ غَايَةٌ لِمُدَّةِ مَنْعِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَنَّ لَفْظَةَ يَبْتَاعُ مُقْحَمَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي النَّهْيِ عَنْ الِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ وَبَيْعٍ عَلَى بَيْعٍ وَشِرَاءٍ عَلَى شِرَاءٍ وَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ مَا ذُكِرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَلَغَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute