وَدُخُولِ مَنْزِلٍ وَإِرَادَةِ نَوْمٍ وَتَيَقُّظٍ مِنْهُ لِخَبَرِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» وَخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» أَيْ: أَمْرَ إيجَابٍ فِيهِمَا وَخَبَرِهِمَا أَيْضًا «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ» أَيْ: يَدْلُكُهُ بِهِ وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ الْبَيْتَ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ» وَيُقَاسُ بِمَا فِيهَا مَا فِي مَعْنَاهُ وَقَوْلِي وَتَأَكَّدَ إلَى آخِرِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيُسَنُّ لِلصَّلَاةِ وَتَغَيُّرِ الْفَمِ.
(وَسُنَّ لِوُضُوءٍ تَسْمِيَةٌ أَوَّلَهُ) أَيْ: الْوُضُوءِ لِلْأَمْرِ بِهَا وَلِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَأَمَّا خَبَرُ «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ عَلَيْهِ» فَضَعِيفٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَامِلِ. وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم (فَإِنْ تُرِكَتْ) عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا (فَفِي أَثْنَائِهِ) يَأْتِي بِهَا تَدَارُكًا لَهَا فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
إلَّا بِمَنْعِ نَدْبِ التَّسْمِيَةِ لَهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حَصَلَ هُنَا مَانِعٌ مِنْهَا وَهُوَ عَدَمُ التَّأَهُّلِ لِكَمَالِ النُّطْقِ بِهَا اهـ. بِالْحَرْفِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُتَأَهَّلُ لِذَلِكَ إلَّا بِالسِّوَاكِ. (قَوْلُهُ: وَدُخُولِ مَنْزِلٍ) وَلَوْ لِغَيْرِهِ شَوْبَرِيٌّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ خَالِيًا وَقَيَّدَهُ حَجّ بِغَيْرِ الْخَالِي وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ ع ش أَيْ بِأَنَّ مَلَائِكَةَ الْمَسْجِدِ أَشْرَفُ. (قَوْلُهُ: وَتَيَقُّظٍ مِنْهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَتَغَيُّرِ فَمٍ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ لِأَنَّ النَّوْمَ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ، وَقَدْ يُقَالُ أَتَى بِهِ لِيُسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِالْحَدِيثِ وَيَثْبُتُ بِهِ التَّأَكُّدُ لِتَغَيُّرِ الْفَمِ وَلَوْ بِغَيْرِ نَوْمٍ ح ل وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَتَيَقُّظٍ مِنْهُ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَغَيُّرٌ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهُ وَكَذَا السُّكُوتُ وَكَذَا الْجُوعُ وَعَطَشٌ لِمَا قِيلَ إنَّهُ يُغَذِّي الْجَائِعَ وَيَرْوِي الْعَطْشَانَ وَبَعْدَ الْأَكْلِ لِمَا قِيلَ إنَّهُ يَهْضِمُ الطَّعَامَ اهـ وَيَتَأَكَّدُ أَيْضًا لِلصَّائِمِ قَبْلَ وَقْتِ الْخُلُوفِ كَمَا يُسَنُّ التَّطَيُّبُ لِلْإِحْرَامِ فَيْضٌ شَوْبَرِيٌّ أَيْ فَيَتَأَكَّدُ وَقْتَ الزَّوَالِ. (قَوْلُهُ: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ إلَخْ) أَيْ لَوْلَا خَوْفُ الْمَشَقَّةِ مَوْجُودٌ إلَخْ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ لَوْلَا حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِوُجُودٍ وَهَذَا يَقْتَضِي الْعَكْسَ وَفِي عَمِيرَةَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ مُفَادُ الْحَدِيثِ نَفْيُ أَمْرِ الْإِيجَابِ لِمَكَانِ الْمَشَقَّةِ وَلَيْسَ مِنْ لَازِمِ ذَلِكَ ثُبُوتُ الطَّلَبِ النَّدْبِيِّ فَمَا وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْخَبَرِ نَعَمْ السِّيَاقُ وَقُوَّةُ الْكَلَامِ تُعْطِي ذَلِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَفَادَهُ مِنْ انْتِفَاءِ الْأَمْرِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ الْمُرَادُ مِنْهُ عُمُومُ السَّلْبِ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْهُ كَمَا تَرَى سَلْبَ الْعُمُومِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ) . (فَرْعٌ)
لَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَةِ قَفَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا تُطْلَبُ مَضْمَضَةُ الْفَمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَهَلْ يُطْلَبُ السِّوَاكُ لِلْفَمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَيَتَأَكَّدُ لِتَغَيُّرِهِ وَلِلصَّلَاةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالطَّلَبُ غَيْرُ بَعِيدٍ سم ع ش وَقَوْلُهُ: لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَلِمَا صَحَّ مِنْ خَبَرِ «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلَا سِوَاكٍ» وَالْمُعْتَمَدُ تَفْضِيلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ قُلْنَا بِسُنِّيَّتِهَا عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا وَلِأَنَّ الدَّرَجَاتِ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ قَدْ تَعْدِلُ الْوَاحِدَةَ كَثِيرًا مِنْ الرَّكَعَاتِ بِسِوَاكٍ شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ بِخَمْسٍ، أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً مَعَ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ. وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَفْضُلُ الْفَرْضَ كَمَا فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ وَمِنْهَا أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَا يُقَاوِمُ خَبَرَ الْجَمَاعَةِ فِي الصِّحَّةِ وَمِنْهَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا صَلَّى جَمَاعَةً بِسِوَاكٍ وَصَلَّى صَلَاةً مُنْفَرِدَةً بِلَا سِوَاكٍ فَهَذِهِ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْ تِلْكَ بِخَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَيَكُونُ لِلسِّوَاكِ عَشَرَةٌ وَلِلْجَمَاعَةِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ. (قَوْلُهُ: وَخَبَرِ مُسْلِمٍ إلَخْ) فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى تَأَكُّدِ السِّوَاكِ لِأَنَّ التَّرْغِيبَ فِي الشَّيْءِ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِهِ كَمَا أَنَّ التَّرْغِيبَ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ وَكَانَ مَعَ الْمُضَارِعِ يُفِيدُ التَّكْرَارَ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِهِ ح ل. (قَوْلُهُ: إذَا دَخَلَ الْبَيْتَ) أَيْ الْمَنْزِلَ وَقِيلَ الْكَعْبَةَ. (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِمَا فِيهَا إلَخْ) فَالْقِرَاءَةُ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ وَدُخُولِ الْمَنْزِلِ وَإِرَادَةِ النَّوْمِ فِي مَعْنَى الْوُضُوءِ وَأَمَّا تَغَيُّرُ الْفَمِ بِغَيْرِ النَّوْمِ فَفِي مَعْنَى تَغَيُّرِهِ بِالنَّوْمِ ح ل وَقَوْلُهُ: فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ وَدُخُولِ الْمَنْزِلِ فِيهِ أَنَّهُ لَا جَامِعَ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَدُخُولِ الْمَنْزِلِ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَأْنَفًا كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الْوُضُوءِ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ الرَّابِعِ، فَلَا حَاجَةَ لِقِيَاسِهِ.
. (قَوْلُهُ: تَسْمِيَةٌ) وَهِيَ سُنَّةُ عَيْنٍ بِخِلَافِهَا فِي الْأَكْلِ فَسُنَّةُ كِفَايَةٍ قَالَ م ر وَتُسَنُّ وَلَوْ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَالْعِصْيَانُ لِعَارِضٍ. (قَوْلُهُ: وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم) ، ثُمَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَنِعْمَتِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ جَعَلَ الْمَاءَ طَهُورًا زَادَ الْغَزَالِيُّ {رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} [المؤمنون: ٩٧] {وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون: ٩٨] وَيُسَنُّ التَّعَوُّذُ قَبْلَهَا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَفِي أَثْنَائِهِ) جَمْعُ ثِنْيٍ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ وَهُوَ تَضَاعِيفُ الشَّيْءِ وَخِلَالُهُ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: جَمْعُ ثِنْيٍ أَيْ كَأَحْمَالٍ جَمْعُ حِمْلٍ. (قَوْلُهُ: فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ مِنْهُ التَّسْمِيَةُ حِينَئِذٍ إلَّا إنْ قَالَ مَا ذُكِرَ وَأَمَّا الْجِمَاعُ، فَلَا يَأْتِي بِهَا فِي أَثْنَائِهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَهُ مَكْرُوهٌ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute