للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتَثْنَى الْجُورِيُّ الْمُصَرَّاةَ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ خِيَارِ الثَّلَاثَةِ فِيهَا لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْحَلْبَ وَتَرْكُهُ مُضِرٌّ بِالْبَهِيمَةِ حَكَاهُ عَنْهُ فِي الْمَطْلَبِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ شَرْطُهُ (مُدَّةً مَعْلُومَةً) مُتَّصِلَةً بِالشَّرْطِ مُتَوَالِيَةً (ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَيَّامِ (فَأَقَلَّ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أُطْلِقَ أَوْ قُدِّرَ بِمُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ أَوْ زَائِدَةٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ لَهُ: مَنْ بَايَعْت فَقُلْ لَهُ لَا خِلَابَةَ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ بِلَفْظِ «إذَا بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

إلَيْهِ الْفَسَادُ فِي الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ وَهَذَا يُفْهِمُ جَوَازَ شَرْطِهِ مُدَّةً لَا يَحْصُلُ فِيهَا الْفَسَادُ.

(قَوْلُهُ: الْجُورِيُّ) هُوَ بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَمَا ضَبَطَهُ حَجّ فِي بَعْضِ الْمَحَلَّاتِ مِنْ أَنَّهُ بِالزَّايِ لَعَلَّهُ شَخْصٌ آخَرُ. وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ رَأَيْت فِي طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ لِلْإِسْنَوِيِّ مَا نَصُّهُ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ الْجُورِيُّ بِضَمِّ الْجِيمِ وَبِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: كَانَ مِنْ أَكَابِرِ الشَّافِعِيَّةِ لَهُ كِتَابُ الْمُرْشِدِ فِي عَشْرِ مُجَلَّدَاتٍ فَاتَّضَحَ أَنَّ مَا قَالَهُ حَجّ وَمَا فِي الْإِيعَابِ وَهِيَ وَأَنَّ الصَّوَابَ مَا اُشْتُهِرَ. اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: لِلْبَائِعِ) وَلَوْ مَعَ الْمُشْتَرِي فَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا وَالْأَوْجَهُ أَنَّ شَرْطَهُ فِيهَا لَهُمَا كَذَلِكَ وَأَنَّ مِثْلَ الثَّلَاثِ مَا قَارَبَهَا مِمَّا شَأْنُهُ الْإِضْرَارُ بِهَا فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَعْلَمُ الْمُشْتَرِي بِتَصْرِيَتِهَا حَتَّى يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ؟ أُجِيبُ بِأُمُورٍ أَحْسَنُهَا عَلَى مَا فِيهِ أَنَّهُ ظَنَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَحَقَّقْهُ. ح ل وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر

وَقَوْلُهُ: إنَّهُ ظَنَّ ذَلِكَ أَيْ: ظَنًّا مُسَاوِيًا لِلطَّرَفِ الْآخَرِ أَوْ مَرْجُوحًا فَإِنْ كَانَ رَاجِحًا فَلَا؛ لِأَنَّهُ كَالْيَقِينِ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْحَلْبَ) أَيْ: لِأَنَّهُ مُحَافِظٌ عَلَى تَرْكِ الْحَلْبِ لِيَبْقَى اللَّبَنُ عَلَى مَا أَشْعَرَتْ بِهِ التَّصْرِيَةُ فَلَا يَفُوتُ غَرَضُهُ أَيْ: مِنْ تَزْوِيجِهَا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَيْفَ يَمْتَنِعُ الْبَائِعُ مِنْ حَلْبِهَا وَالْمِلْكُ لَهُ، وَاللَّبَنُ فِي زَمَنَيْ الْخِيَارِ لِمَنْ لَهُ الْمِلْكُ؟ كَمَا يَأْتِي وَيَمْتَنِعُ قِيَاسُ الْحَلُوبِ عَلَى الْمُصَرَّاةِ فِي ذَلِكَ. اهـ. ح ل وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ حَلْبُهَا؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ الْمَوْجُودَ حَالَ الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا الَّذِي لِلْبَائِعِ الْمَوْجُودُ بَعْدَهُ فَإِذَا تَمَّ الْبَيْعُ اصْطَلَحَا. م ر وَيَمْتَنِعُ الْحَلْبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَيْسَ لَهُ فَيَكُونُ الْمَانِعُ عَلَى الْجَوَابِ الثَّانِي شَرْعِيًّا وَعَلَى الْأَوَّلِ غَيْرَ شَرْعِيٍّ. (قَوْلُهُ: مُدَّةً مَعْلُومَةً) فِيهِ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ فَأَقَلُّ فَهَلَّا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِيُنَاسِبَ الِاخْتِصَارَ إلَّا أَنْ يُقَالَ رَاعَى الْإِجْمَالَ ثُمَّ التَّفْصِيلَ وَلَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِمَا فَهَلْ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ أَرْضًا بِالْمُدَّةِ أَوْ لَا؟ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا دُونَهُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي أَقْرَبُ. حَجّ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: مُتَوَالِيَةً) قَدْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: مُتَّصِلَةً إذْ يَلْزَمُ مِنْ اتِّصَالِ الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ تَوَالِيهَا وَإِلَّا فَالِاتِّصَالُ لِبَعْضِهَا وَلَعَلَّ الْغَرَضَ مِنْ ذِكْرِهِ دَفْعُ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاتِّصَالِ مَا يَشْمَلُ اتِّصَالَ بَعْضِهَا وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْحِكْمَةُ فِي عَدَمِ بَيَانِ مُحْتَرَزِهِ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: مُتَّصِلَةً بِالشَّرْطِ أَيْ: ابْتِدَاءً لَا دَوَامًا وَمِنْ ثَمَّ احْتَاجَ إلَى قَوْلِهِ مُتَوَالِيَةً. (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَيَّامِ) وَيَدْخُلُ فِي الْأَيَّامِ الْمَشْرُوطَةِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ اللَّيَالِي لِلضَّرُورَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ وَقْتَ الْفَجْرِ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ مَسْحِ الْخُفِّ، وَفَرَّقَ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ الْخُفَّ وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ عَلَى الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي بِخِلَافِ الْخِيَارِ. س ل.

وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ هُوَ أَيْ: دُخُولُ اللَّيَالِي حَيْثُ كَانَتْ اللَّيَالِي دَاخِلَةً فِي الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَلَوْ شَرَطَا وَقْتَ الْفَجْرِ الْخِيَارَ يَوْمًا لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ الَّتِي بَعْدَهُ أَوْ يَوْمَيْنِ لَمْ تَدْخُلْهُ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ أَوْ ثَلَاثَةً لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ فَإِنْ شَرَطَ دُخُولَ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بَطَلَ الْعَقْدُ وَفَارَقَ دُخُولَهَا فِي مَسْحِ الْخُفِّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ) أَيْ: بِأَنْ قَالَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَا يُقَالُ هَلَّا حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَعْهُودَةِ شَرْعًا الَّتِي هِيَ الثَّلَاثَةُ لِأَنَّا نَقُولُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَاخْتُصَّ بِالْمَحْدُودِ لِمَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْإِبْهَامِ ح ل فَلَوْ زَادَ الْخِيَارُ عَلَى الثَّلَاثَةِ بَطَلَ الْعَقْدُ. اهـ. ز ي وس ل وَهَذَا شُرُوعٌ فِي مُحْتَرَزِ الْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي فِي الْمَتْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَا مُحْتَرَزَ الْقَيْدَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي الشَّرْحِ؛ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ مِنْ الشَّرْطِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرَزَ الثَّانِي اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِالتَّعْلِيلِ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى جَوَازِهِ بَعْدَ لُزُومِهِ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى قَوْلِهِ لَهُمَا شَرْطُ خِيَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا يُفْهِمُهُ صَنِيعُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: يُخْدَعُ) أَيْ: يُغْبَنُ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً يَشْتَرِيهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا، وَإِذَا بَاعَ سِلْعَةً بَاعَهَا بِأَرْخَصَ مِنْ ثَمَنِهَا. (قَوْلُهُ: مَنْ بَايَعْت) أَيْ: بَايَعْته أَيْ: اشْتَرَيْت مِنْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ابْتَعْتهَا؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَشْتَرِي، وَقَوْلُهُ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ أَيْ: فَاشْتَرِطْ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَوْ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ إنْ عَرَفَا مَعْنَاهَا وَإِلَّا بَطَلَ الْعَقْدُ. ع ن عَنْ الْعُبَابِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت مِنْك لَا خِلَابَةَ لِي كَأَنَّهُ قَالَ وَالْخِيَارُ لِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.

وَقَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>