ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ عُمَرَ «فَجَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُهْدَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.» وَخِلَابَةُ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ الْغَبْنُ، وَالْخَدِيعَةُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا اُشْتُهِرَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ قَوْلَهُ لَا خِلَابَةَ عِبَارَةٌ عَنْ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْوَاقِعَةُ فِي الْخَبَرِ الِاشْتِرَاطُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَقِيسَ بِهِ الِاشْتِرَاطُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَصْدُقُ ذَلِكَ بِالِاشْتِرَاطِ مِنْهُمَا مَعًا وَبِكُلِّ حَالٍ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ وَتُحْسَبُ الْمُدَّةُ الْمَشْرُوطَةُ (مِنْ) حِينِ (الشَّرْطِ) لِلْخِيَارِ سَوَاءٌ أَشُرِطَ فِي الْعَقْدِ أَمْ فِي مَجْلِسِهِ فَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ الْعَقْدِ وَلَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ الْخِيَارُ مِنْ الْغَدِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى جَوَازِهِ بَعْدَ لُزُومِهِ وَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ يَوْمٌ وَلِلْآخِرِ يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ جَازَ.
(وَالْمِلْكُ) فِي الْمَبِيعِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ إلَخْ أَتَى بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ لِأَجْلِ التَّفْسِيرِ الَّذِي فِيهَا وَهُوَ قَوْلُهُ: ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ إلَخْ فَإِنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ لَا خِلَابَةَ
وَقَوْلُهُ: ابْتَعْتُهَا أَيْ: اشْتَرَيْتُهَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ إلَخْ) هَذَا كَالتَّفْسِيرِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَا خِلَابَةَ. اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ: ثَلَاثَ لَيَالٍ لَمَّا كَانَ الْمَدَارُ هُنَا عَلَى الْأَيَّامِ وَإِنْ لَمْ تَتِمَّ اللَّيَالِي ثَلَاثًا بِخِلَافِ مَسْحِ الْخُفِّ أَتَى بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِلتَّصْرِيحِ فِيهَا بِالْأَيَّامِ شَيْخُنَا قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ وَإِنَّمَا عَبَّرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِاللَّيَالِيِ وَإِنْ كَانَ الْمَدَارُ هُنَا عَلَى الْأَيَّامِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يَحْسِبُونَ التَّوَارِيخَ بِاللَّيَالِيِ. (قَوْلُهُ: عُهْدَةً) بِالتَّنْوِينِ وَعَدَمِهِ بِإِبْدَالِ مَا بَعْدَهَا مِنْهَا بَدَلَ اشْتِمَالٍ وَإِضَافَتِهِ إلَيْهَا عَلَى مَعْنَى فِي وَمَعْنَاهَا الْعَلَقَةُ وَالتَّبَعَةُ أَيْ: جَعَلَ لَهُ عَلَقَةً أَيْ: تَعَلُّقًا بِالْبَيْعِ مِنْ جِهَةِ الْفَسْخِ أَوْ الْإِجَازَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَأَمَّا عَلَى الْإِبْدَالِ فَالْمَعْنَى أَنَّ الثَّلَاثَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى هَذَا التَّعَلُّقِ. وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّ الْعُهْدَةَ الرَّجْعَةُ تَقُولُ لَا عُهْدَةَ أَيْ: لَا رَجْعَةَ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: الْغَبْنُ) أَيْ: فِي الْأَصْلِ وَعَطْفُ الْخَدِيعَةِ عَلَى مَا قَبْلَهُ عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ. (قَوْلُهُ: وَالْوَاقِعَةُ) أَيْ: الْخَصْلَةُ الْوَاقِعَةُ وَهِيَ الِاشْتِرَاطُ.
وَقَوْلُهُ: مِنْ الْمُشْتَرِي أَيْ: وَحْدَهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ ذَلِكَ) أَيْ: الِاشْتِرَاطُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالِاشْتِرَاطُ مِنْ الْبَائِعِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالصِّدْقِ الْإِفَادَةَ أَيْ: وَيُفِيدُ ذَلِكَ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَهُ مَقِيسًا كَمَا فَعَلَهُ فِي النُّكَتِ. ح ل (قَوْلُهُ: كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ لَهُمَا شَرْطُ خِيَارٍ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَشُرِطَ فِي الْعَقْدِ إلَخْ) فَإِذَا شَرَطَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَكَانَ مَضَى مِنْ حِينِ الْعَقْدِ يَوْمَانِ وَهُمَا بِالْمَجْلِسِ صَحَّ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ، فَلَوْ مَضَتْ تِلْكَ الثَّلَاثَةُ وَهُمَا بِالْمَجْلِسِ لَيْسَ لَهُمَا اشْتِرَاطُ ثَلَاثَةٍ أُخْرَى، وَأَمَّا لَوْ شَرَطَاهُ أَيْ: الْخِيَارَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ فَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَزِيدَ مَجْمُوعُ الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ مَعَ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. ح ل (قَوْلُهُ: أَعَمُّ) أَيْ: وَأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا شُرِطَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ تُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مُتَّصِلَةً.
وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا لَأَدَّى مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ يُعْلَمُ بُطْلَانُ عَدَمِ الْمُتَوَالِيَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرَزَهُ، وَسَكَتُوا عَنْ اشْتِرَاطِ تَعْيِينِ مَنْ يُشْتَرَطُ لَهُ الْخِيَارُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْخِيَارِ كَانَ لَهُمَا، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الْأَصْلِ مَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ تَعْيِينِ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ. ح ل وَعِبَارَتُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَشْرُوطِ لَهُ بِأَنْ يَتَلَفَّظَ هُوَ بِهِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُبْتَدِئُ بِالْإِيجَابِ أَوْ الْقَبُولِ وَيُوَافِقُهُ الْآخَرُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ. اهـ قَالَ: ع ش قَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِشَرْطِ الْخِيَارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لِي أَوْ لَك أَوْ لَنَا وَيُوَجَّهُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطُ لَهُ أَحَدَهُمَا وَهُوَ مُبْهَمٌ. اهـ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ التَّفْرِيعَ، وَقَوْلُهُ: فِي الْعَقْدِ لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى جَوَازِهِ بَعْدَ لُزُومِهِ) أَيْ: جَوَازِهِ مِنْ جِهَةِ الْعَاقِدَيْنِ بَعْدَ اللُّزُومِ مِنْ جِهَتِهِمَا فَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ حَدَثَ عَيْبٌ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مُدَّةٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ.
شَوْبَرِيٌّ أَيْ:؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ مِنْ جِهَةِ الْعَيْبِ لَا مِنْ جِهَتِهِمَا وَحِينَئِذٍ صَارَ جَائِزًا بَعْدَ لُزُومِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ يَوْمٌ وَلِلْآخَرِ يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا بِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِ لَهُمَا لَا أَنَّهُ مَنْفِيٌّ خِيَارُهُ عَمَّنْ شُرِطَ لَهُ الْيَوْمَانِ أَوْ الثَّلَاثَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَنَّ الْيَوْمَ الثَّانِيَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ شُرِطَ لَهُ الْيَوْمَانِ وَأَنَّ الْيَوْمَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ شُرِطَ لَهُ الثَّلَاثَةُ فَلَيْسَ فِي الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ زِيَادَةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ مِنْ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ وَغَيْرِهِمْ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَقَوْلُهُ: وَلِلْآخَرِ يَوْمَانِ أَيْ: مِنْهُمَا الْيَوْمُ الْأَوَّلُ فَيَكُونُ الْيَوْمُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَمَا بَعْدَهُ مُخْتَصٌّ بِمَنْ شُرِطَ لَهُ الْيَوْمَانِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ شُرِطَ لِلْبَائِعِ يَوْمٌ وَلِلْمُشْتَرِي يَوْمَانِ بَعْدَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَكَذَا لَوْ شُرِطَ لِلْبَائِعِ يَوْمٌ وَلِلْمُشْتَرِي يَوْمٌ بَعْدَهُ وَلِلْبَائِعِ الْيَوْمُ الثَّالِثُ بِخِلَافِ مَا لَوْ شُرِطَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا مُعَيَّنًا الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى اشْتَمَلَ الْعَقْدُ عَلَى شَرْطٍ يُؤَدِّي لِجَوَازِ الْعَقْدِ بَعْدَ لُزُومِهِ بَطَلَ وَإِلَّا فَلَا وَمِنْهُ لَوْ شُرِطَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ لِلْبَائِعِ مَثَلًا وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ لِلْأَجْنَبِيِّ عَنْهُ فَيَصِحُّ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ وَجْهَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute