مَوْجُودٍ) فِيهِ (حَالَ الْعَقْدِ جَهِلَهُ) بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَلَا فِيهِ لَكِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا؛ لِانْصِرَافِ الشَّرْطِ إلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا عَنْ عَيْبٍ ظَاهِرٍ فِي الْحَيَوَانِ عَلِمَهُ الْبَائِعُ أَوَّلًا، وَلَا عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ فِي الْحَيَوَانِ عَلِمَهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بَاعَ عَبْدًا لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالْبَرَاءَةِ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي بِهِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي، فَاخْتَصَمَا إلَى عُثْمَانَ فَقَضَى عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ ". دَلَّ قَضَاءُ عُثْمَانَ عَلَى الْبَرَاءَةِ فِي صُورَةِ الْحَيَوَانِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ وَافَقَ اجْتِهَادَهُ فِيهَا اجْتِهَادُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ: الْحَيَوَانُ يَتَغَذَّى فِي الصِّحَّةِ، وَالسَّقَمِ وَيُحَوِّلُ طِبَاعَهُ فَقَلَّمَا يَنْفَكُّ عَنْ عَيْبٍ خَفِيٍّ أَوْ ظَاهِرٍ أَيْ: فَيَحْتَاجُ الْبَائِعُ فِيهِ إلَى شَرْطِ الْبَرَاءَةِ؛ لِيَثِقَ بِلُزُومِ الْبَيْعِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْمَذْكُورِ ثُمَّ تَفْصِيلًا بِقَوْلِهِ فَلَا يَبْرَأُ عَنْ الْعَيْبِ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ فَهَذِهِ ثَمَانُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا ظَاهِرٌ أَوْ بَاطِنٌ مَوْجُودٌ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبْضِ وَعَلَى كُلٍّ عَلِمَهُ الْبَائِعُ أَمْ لَا.
وَقَوْلُهُ: وَلَا فِيهِ لَكِنْ إلَخْ فِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا ظَاهِرٌ أَوْ بَاطِنٌ عَلِمَهُ أَمْ لَا كَمَا يُفْهَمُ جَمِيعُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ مُطْلَقًا.
وَقَوْلُهُ: وَلَا عَنْ عَيْبٍ ظَاهِرٍ فِيهِ صُورَتَانِ وَقَوْلُهُ: وَلَا عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ فِيهِ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ فَهَذِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مُطْلَقًا رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومَيْنِ لَكِنْ يُفَسَّرُ فِي الْأَوَّلِ بِالظَّاهِرِ أَوْ الْخَفِيِّ عَلِمَهُ الْبَائِعُ أَوْ لَا مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ، أَوْ لَا وَفِي الثَّانِي بِأَنْ يُقَالَ سَوَاءٌ كَانَ خَفِيًّا أَوْ ظَاهِرًا وَسَوَاءٌ عَلِمَهُ الْبَائِعُ أَوْ جَهِلَهُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ فِي الْحَيَوَانِ وَأَنَّهُ مَوْجُودٌ عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا فِي هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِئَلَّا يَحْصُلَ التَّكْرَارُ مَعَ بَعْضِ الصُّوَرِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ وَلَا فِيهِ لَكِنْ حَدَثَ إلَخْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَوْجُودٍ حَالَ الْعَقْدِ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَعَدَمِهِ فَوَجْهَانِ رَجَّحَ حَجّ مِنْهُمَا تَصْدِيقَ الْمُشْتَرِي وَشَيْخُنَا كَوَالِدِهِ تَصْدِيقَ الْبَائِعِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِ الْبَرَاءَةِ بِأَنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَأَنْكَرَهُ الْمُشْتَرِي تَحَالَفَا؛ لِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي صِفَةِ الْعَقْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا) أَيْ: ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا. ح ل (قَوْلُهُ: وَلَا عَنْ عَيْبٍ ظَاهِرٍ فِي الْحَيَوَانِ) وَمِنْهُ الْكُفْرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اشْتَرَى رَقِيقًا بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ فَوَجَدَهُ الْمُشْتَرِي كَافِرًا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ، وَمِنْهُ الْجُنُونُ وَإِنْ كَانَ مُتَقَطِّعًا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِيمَا ذُكِرَ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا مِنْ الصُّوَرِ السِّتَّةَ عَشَرَ
وَقَوْلُهُ: مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ إلَخْ أَيْ: مَعَ ضَمِيمَةِ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ أَيْ: وَمَعَ الضَّمِيمَةِ الَّتِي زَادَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ: فَيَحْتَاجُ إلَخْ شَيْخُنَا قَالَ: ح ل فَإِنَّ الْوَاقِعَةَ فِي حَيَوَانٍ وَأَنَّ ذَلِكَ الْعَيْبَ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَوْ كَانَ ظَاهِرًا لَاطَّلَعَ عَلَيْهِ وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ لَمْ يُخْفِهِ. (قَوْلُهُ: بِالْبَرَاءَةِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ: بَاعَ مَعَ شَرْطِ الْبَرَاءَةِ أَيْ: بَرَاءَتِهِ هُوَ أَيْ: الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي) وَفِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ تَرَكْت يَمِينًا لِلَّهِ فَعَوَّضَنِي اللَّهُ عَنْهَا خَيْرًا. .
اهـ. م ر
وَقَوْلُهُ: بِهِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي أَيْ: وَهُوَ خَفِيٌّ لِيُوَافِقَ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ. اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: دَلَّ قَضَاءُ عُثْمَانَ) أَيْ: الْمَشْهُورُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَصَارَ مِنْ الْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ وَإِذَا نُظِرَ لِلْإِجْمَاعِ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَوْلِهِ. وَقَدْ وَافَقَ إلَخْ بَلْ كَانَ الْأَوْلَى تَرْكَهُ وَذِكْرَ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ دَلِيلًا أَيْ: ذِكْرَ قَوْلِهِ الْمَشْهُورِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ. ح ل مَعَ زِيَادَةٍ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ قَضَاءَهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ بِأَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ وَالِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ مُرَتَّبٌ عَلَى شَرْطِ الْبَرَاءَةِ فِي الْبَيْعِ إذْ لَوْ لَمْ يَشْرِطْهَا الْبَائِعُ لَمْ يَكْتَفِ مِنْهُ بِالْحَلِفِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ عَلَى الْبَتِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ عَيْبٍ حَلَفَ بَائِعٌ كَجَوَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَكْفِي فِي الْحَلِفِ وَالْجَوَابُ مَا عَلِمْت بِهَذَا الْعَيْبِ عِنْدِي؛ لِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ مَا سَيَأْتِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ الِاخْتِلَافُ فِي وُجُودِ الْعَيْبِ وَعَدَمِهِ وَمَا سَيَأْتِي فِي الِاخْتِلَافِ فِي قِدَمِ الْعَيْبِ وَحُدُوثِهِ لَكِنَّهُ مِثْلُهُ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ وَافَقَ اجْتِهَادَهُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُجْتَهِدٌ كَالصَّحَابَةِ وَالْمُجْتَهِدُ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّوَافُقِ فِي الِاجْتِهَادِ لَا مِنْ بَابِ التَّقْلِيدِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّ الْقِصَّةَ اُشْتُهِرَتْ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَصَارَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا. شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ ق ل (قَوْلُهُ: يَغْتَذِي فِي الصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَعْنَاهُ يَنْتَقِلُ مِنْ الصِّحَّةِ إلَى السَّقَمِ كَثِيرًا وَقَالَ حَجّ إنَّهُ يَأْكُلُ غَدَاءَهُ وَعَشَاءَهُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَسَقَمِهِ فَلَا أَمَارَةَ ظَاهِرَةً عَلَى سَقَمِهِ حَتَّى يُعْرَفَ بِهَا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالسَّقَمِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ سَقِمَ سَقَمًا مِنْ بَابِ تَعِبَ طَالَ مَرَضُهُ وَسَقُمَ سَقَمًا مِنْ بَابِ قَرُبَ فَهُوَ سَقِيمٌ وَجَمْعُهُ سِقَامٌ مِثْلُ كَرِيمٍ وَكِرَامٍ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزِ وَالتَّضْعِيفِ.
ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَتَحَوُّلٍ) هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ وَضَمِّ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ مَجْرُورٌ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ أَوْ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ مُضَارِعٌ وَطِبَاعُهُ نَائِبُ فَاعِلٍ أَيْ: تَتَغَيَّرُ أَحْوَالُهُ فَهُوَ عَطْفٌ عَامٌّ.
ق ل (قَوْلُهُ: لِيَثِقَ بِلُزُومِ الْبَيْعِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute