فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الْخَفِيِّ دُونَ مَا يَعْلَمُهُ مُطْلَقًا فِي حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَلْبِيسِهِ فِيهِ وَمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الظَّاهِرِ فِيهِمَا لِنُدْرَةِ خَفَائِهِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الْخَفِيِّ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ إذْ الْغَالِبُ عَدَمُ تَغَيُّرِهِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ. وَالْبَيْعُ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْمَنَاهِي؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُؤَكِّدُ الْعَقْدَ وَيُوَافِقُ ظَاهِرَ الْحَالِ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ.
(وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَمَّا يَحْدُثُ) مِنْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ مَعَ الْمَوْجُودِ مِنْهَا (لَمْ يَصِحَّ) الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَنْ عَيْبٍ عَيَّنَهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَايَنُ كَزِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ إبَاقٍ بَرِئَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهَا إعْلَامٌ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعَايَنُ كَبَرَصٍ فَإِنْ أَرَاهُ إيَّاهُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ؛ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ قَدْرِهِ وَمَحَلِّهِ.
(وَلَوْ تَلِفَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ: فِي الْحَيَوَانِ. وَقَوْلُهُ: فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الْخَفِيِّ أَيْ: الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعَقْدِ فَهَذِهِ صُورَةُ الْمَنْطُوقِ فِي الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: دُونَ مَا يَعْلَمُهُ مُطْلَقًا فِيهِ ثَمَانُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ جُمْلَةِ تَفْسِيرِ الْإِطْلَاقِ، وَمِنْ جُمْلَتِهِ أَنْ يُقَالَ سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا وَسَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ،
وَقَوْلُهُ: وَمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الظَّاهِرِ فِيهِمَا أَيْ: وَدُونَ مَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الظَّاهِرِ فِيهِمَا أَيْ: فِي الْحَيَوَانِ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ
وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْخَفِيِّ فِيهِ صُورَتَانِ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ أَيْ: بِخِلَافِ الْخَفِيِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ فِي الْحَيَوَانِ أَيْ: وَكَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ فَهَذِهِ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ، فَأَنْتَ تَرَى الشَّارِحَ أَخَذَ الصُّوَرَ السِّتَّةَ عَشَرَ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا بِوَاسِطَةِ الضَّمِيمَةِ الَّتِي زَادَهَا تَأَمَّلْ. وَهَذَا حِكْمَةٌ ذَكَرَهَا ثَانِيًا.
(قَوْلُهُ: فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ) مُتَعَلِّقٌ بِيَحْتَاجَ أَوْ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ
وَقَوْلُهُ: لِتَلْبِيسِهِ أَيْ: تَدْلِيسِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فَلَا يَبْرَأُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ يَعْلَمُهُ لِتَلْبِيسِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَمَا لَا يَعْلَمُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَعْلَمُهُ مِنْ قَوْلِهِ دُونَ مَا يَعْلَمُهُ،
وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْخَفِيِّ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ الظَّاهِرِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ الَّذِي يَعْلَمُهُ مُطْلَقًا ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا فِي حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ لَا يَبْرَأُ مِنْ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الَّذِي فِي الظَّاهِرِ فِيهِمَا وَكَذَلِكَ لَا يَبْرَأُ مِنْ الْبَاطِنِ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ فَلَا يَبْرَأُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْهَا شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: صَحِيحٌ مُطْلَقًا) أَيْ: صَحَّ الشَّرْطُ أَوْ لَا ح ل أَيْ: فِي الصُّوَرِ السِّتَّةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْمَنَاهِي) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ هُنَاكَ أَوْ بَرَاءَةٌ مِنْ عَيْبٍ وَالْمُرَادُ عِلْمُهُ صَرِيحًا وَإِلَّا فَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا ضِمْنًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْبَرَاءَةِ تَارَةً وَبِعَدَمِهَا أُخْرَى فَرْعُ صِحَّةِ الْعَقْدِ. ح ل (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُؤَكِّدُ الْعَقْدَ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ كَوْنِهِ يُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَيَلْغُو الشَّرْطُ فِي غَالِبِ الصُّوَرِ فَأَيْنَ التَّأْكِيدُ؟ وَلَا يَظْهَرُ التَّأْكِيدُ إلَّا فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَبْرَأُ فِيهَا الْبَائِعُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ يُؤَكِّدُهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ أَوْ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ وَهُوَ الْعَيْبُ الْبَاطِنُ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْمَوْجُودِ) هَلْ يَبْطُلُ فِيهِ أَيْضًا أَوْ يَخْتَصُّ الْبُطْلَانُ بِمَا يَحْدُثُ وَيَصِحُّ فِي هَذَا وَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ قَالَ لَا يَبْعُدُ تَخْصِيصُ عَدَمِ الصِّحَّةِ بِمَا يَحْدُثُ وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَكْرِيِّ عَلَى الْمَحَلِّيّ الْبُطْلَانُ فِيهِمَا قَالَ؛ لِأَنَّ ضَمَّ الْفَاسِدِ إلَى غَيْرِهِ يَقْتَضِي فَسَادَ الْكُلِّ فِي الْأَغْلَبِ. شَوْبَرِيٌّ
وَقَوْلُهُ: هَلْ يَبْطُلُ فِيهِ الضَّمِيرُ فِي يَبْطُلُ رَاجِعٌ لِلشَّرْطِ لَا لِلْعَقْدِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ،
وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ فِي هَذَا، الضَّمِيرُ فِي يَصِحُّ عَائِدٌ عَلَى الشَّرْطِ أَيْضًا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ) وَأَمَّا الْبَيْعُ فَصَحِيحٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. ح ل وَق ل (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَنْ عَيْبِ عَيْنِهِ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ فَمَا تَقَدَّمَ بَرَاءَةٌ عَامَّةٌ وَهَذِهِ بَرَاءَةٌ خَاصَّةٌ، فَقَوْلُهُ: عَيْنُهُ صِفَةٌ لِعَيْبٍ أَيْ: عَيْبٌ مُعَيَّنٌ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَخَرَجَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ الْعَامَّةِ شَرْطُهَا مِنْ عَيْبٍ مُبْهَمٍ أَوْ مُعَيَّنٍ. إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَايَنُ إلَخْ) أَيْ: يُبْصَرُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ بَاعَهُ ثَوْرًا بِشَرْطِ أَنَّهُ يَرْقُدُ فِي الْمِحْرَاثِ أَوْ يَعْصِي فِي الطَّاحُونِ أَوْ بِشَرْطِ أَنَّ الْفَرَسَ جَمُوحٌ وَتَبَيَّنَ كَذَلِكَ فَيَبْرَأُ مِنْهُ الْبَائِعُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ: لِرِضَاهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَاهُ إيَّاهُ) أَيْ: بِالْمُشَاهَدَةِ فَلَا يَكْفِي إعْلَامُهُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي فِي بِطِّيخَةٍ هِيَ قَرْعَةٌ مَثَلًا ثُمَّ وَجَدَهَا كَذَلِكَ فَلَهُ رَدُّهَا حَيْثُ كَانَ فِي زَمَنٍ لَا يَغْلِبُ وُجُودُ الْقَرَعِ فِيهِ وَقِيلَ لَا رَدَّ؛ لِأَنَّ فِي ذِكْرِهِ إعْلَامًا بِهِ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ:؛ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا رَدُّ مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ فِي بَائِعٍ أَقْبَضَهُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَقَالَ لَهُ اُنْقُدْهُ فَإِنَّ فِيهِ زَيْفًا أَيْ: عَيْبًا فَقَالَ الْبَائِعُ رَضِيتُ بِزَيْفِهِ فَظَهَرَ فِيهِ زَيْفٌ بِأَنَّهُ لَا رَدَّ لَهُ بِهِ وَوَجْهُ رَدِّهِ أَنَّ الزَّيْفَ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ فِي الدِّرْهَمِ بِمُجَرَّدِ مُشَاهَدَتِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ الرِّضَا بِهِ. شَرْحُ حَجّ وم ر قِ ل
(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَلِفَ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ فَلَا أَرْشَ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي. ع ش (حَادِثَةٌ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا) وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا اشْتَرَى حَبًّا وَبَذَرَهُ فَنَبَتَ بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ لَمْ يَنْبُتْ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ أَنَّ عَدَمَ نَبَاتِ