بَعْدَ قَبْضِهِ) أَيْ: الْمُشْتَرِي (مَبِيعٌ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (غَيْرُ رِبَوِيٍّ بِيعَ بِجِنْسِهِ) حِسِّيًّا كَانَ التَّلَفُ أَوْ شَرْعِيًّا كَأَنْ أَعْتَقَهُ أَوْ أَوْقَفَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ (ثُمَّ عَلِمَ عَيْبًا بِهِ فَلَهُ أَرْشٌ) ؛ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ بِفَوَاتِ الْمَبِيعِ وَسُمِّيَ الْمَأْخُوذُ أَرْشًا لِتَعَلُّقِهِ بِالْأَرْشِ وَهُوَ الْخُصُومَةُ فَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَأَعْتَقَهُ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ اسْتَحَقَّ الْأَرْشَ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ لَا تَرْجِيحَ فِيهِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، أَمَّا الرِّبَوِيُّ الْمَذْكُورُ كَحُلِيِّ ذَهَبٍ بِيعَ بِوَزْنِهِ ذَهَبًا فَبَانَ مَعِيبًا بَعْدَ تَلَفِهِ فَلَا أَرْشَ فِيهِ وَإِلَّا لَنَقَصَ الثَّمَنُ فَيَصِيرُ الْبَاقِي مِنْهُ مُقَابَلًا بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَذَلِكَ رِبًا (وَهُوَ) أَيْ: الْأَرْشُ (جُزْءٌ مِنْ ثَمَنِهِ) أَيْ: الْمَبِيعِ (نَسَبْتُهُ إلَيْهِ) أَيْ: نِسْبَةَ الْجُزْءِ إلَى الثَّمَنِ (كَنِسْبَةِ مَا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْ الْقِيمَةِ لَوْ كَانَ) الْمَبِيعُ (سَلِيمًا) إلَيْهَا فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِلَا عَيْبٍ مِائَةً، وَبِهِ تِسْعِينَ فَنِسْبَةُ النَّقْصِ إلَى الْقِيمَةِ عُشْرٌ فَالْأَرْشُ عُشْرُ الثَّمَنِ، وَإِنَّمَا كَانَ الرُّجُوعُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَيَكُونُ جُزْؤُهُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ رَدَّ جُزْأَهُ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِطَلَبِهِ.
(وَلَوْ رَدَّهُ) الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ (وَقَدْ تَلِفَ الثَّمَنُ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا كَأَنْ أَعْتَقَهُ أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَرَهْنٍ وَشُفْعَةٍ (أَخَذَ بَدَلَهُ) مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْبَعْضِ لِعَيْبٍ فِيهِ مَنَعَ مِنْ إنْبَاتِهِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ بَذْرَ الْحَبِّ الْمَذْكُورِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يُعَدُّ إتْلَافًا لَهُ فَإِنْ أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي عَيْبَ الْمَبِيعِ اسْتَحَقَّ أَرْشَهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِعَدَمِ الْعَيْبِ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيَحْلِفُ أَنَّ بِهِ عَيْبًا مَنَعَ مِنْ إتْيَانِهِ وَيُقْضَى لَهُ بِالْأَرْشِ وَعَلَى كُلٍّ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ شَيْئًا مِمَّا صَرَفَهُ عَلَى حَرْثِ الْأَرْضِ وَأُجْرَتِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُصْرَفُ بِسَبَبِ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُلْجِئْهُ إلَى مَا فَعَلَهُ بَلْ ذَلِكَ نَاشِئٌ عَنْ مُجَرَّدِ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي مِلْكِهِ. .
اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَبْضِهِ) أَيْ: الشَّرْعِيِّ أَيْ: بِأَنْ كَانَ عَنْ جِهَةِ الْبَيْعِ فَإِنْ قَبَضَهُ لَا عَنْ جِهَةِ الْبَيْعِ كَأَنْ قَبَضَهُ رَهْنًا فَإِنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ. ع ش مَعَ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَعْتَقَهُ) وَلَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ وَالْعَتِيقُ كَافِرَيْنِ أَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ وَوُجِدَتْ وَلَا نَظَرَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْكَافِرِ إنَّهُ قَدْ يَلْتَحِقُ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ يُرَقُّ فَلَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ مِنْ رَدِّهِ. ق ل (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلِمَ عَيْبًا) أَيْ: عَيْبًا يَنْقُصُ الْقِيمَةَ بِخِلَافِ مَا يَنْقُصُ الْعَيْنَ كَالْخِصَاءِ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ ثَمَنِهِ إلَخْ حَيْثُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ حَصَلَ فِيهَا نَقْصٌ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَرْشٌ) فِي الْمُخْتَارِ الْأَرْشُ بِوَزْنِ الْعَرْشِ دِيَةُ الْجِرَاحَاتِ. اهـ فَلَعَلَّ إطْلَاقَهُ عَلَى الْخُصُومَةِ هُوَ الْأَصْلُ ثُمَّ نُقِلَ مِنْهُ إلَى دِيَةِ الْجِرَاحَاتِ ثُمَّ تُوَسِّعَ فِيهِ فَاسْتُعْمِلَ فِي التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيَمِ الْأَشْيَاءِ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَلَوْ اشْتَرَى) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ تَلِفَ بَعْدَ إلَخْ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّارِحُ كحج وم ر لِمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ شَهِدَ بِهَا وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ هَلْ يَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَا افْتَدَى بِهِ فِي مُقَابَلَةِ السَّلِيمِ وَقَدْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَفِي عَدَمِ أَخْذِهِ الْأَرْشَ إضْرَارٌ عَلَيْهِ. ع ش (قَوْلُهُ: مَنْ يُعْتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ: بِقَرَابَةٍ لَا بِنَحْوِ سَبْقِ إقْرَارِهِ أَوْ شَهَادَتِهِ بِحُرِّيَّتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَإِنَّ الْوَجْهَ عَدَمُ رُجُوعِهِ بِالْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَقْدَ بَيْعٍ بَلْ عَقْدَ عَتَاقَةٍ وَالْأَرْشُ فَرْعُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَالْوَجْهُ أَنَّ الْخِيَارَ هُنَا لَا يَثْبُتُ لِمَا تَقَدَّمَ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَعْتَقَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ قَبْلَ عِتْقِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إسْقَاطِ الشَّرْطِ لِلُزُومِهِ بِإِعْتَاقِهِ شَرْعًا وَعَلَيْهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ بِمُجَرَّدِ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لِلْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ. ع ش فَقَوْلُهُ: وَأَعْتَقَهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِيَكُونَ مِثَالًا لِلتَّلَفِ الَّذِي كَلَامُنَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا أَرْشَ) سَوَاءٌ كَانَ الْأَرْشُ مِنْ الْجِنْسِ وَهُوَ وَاضِحٌ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ وَالتَّفَاضُلُ فِي ذَلِكَ مُحَقَّقٌ، ح ل وَمَعَ هَذَا فَالْخِيَارُ ثَابِتٌ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ أَبْقَاهُ فَذَاكَ أَوْ فَسَخَ اسْتَرَدَّ الثَّمَنَ وَغَرِمَ بَدَلَ التَّالِفِ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ رِبًا) بَلْ طَرِيقُهُ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ وَيَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ وَغَرِمَ بَدَلَ التَّالِفِ عَلَى الْأَصَحِّ. م ر (قَوْلُهُ: كَنِسْبَةِ مَا نَقَصَ) أَيْ: كَنِسْبَةِ الْجُزْءِ الَّذِي نَقَصَهُ الْعَيْبُ
وَقَوْلُهُ: لَوْ كَانَ سَلِيمًا مُتَعَلِّقٌ بِالْقِيمَةِ أَيْ: مِنْ الْقِيمَةِ بِاعْتِبَارِ حَالِ السَّلَامَةِ وَقَوْلُهُ: إلَيْهَا مُتَعَلِّقٌ بِنِسْبَةِ الْمَجْرُورَةِ بِالْكَافِ أَيْ: كَنِسْبَةِ الَّذِي نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ الْقِيمَةِ إلَيْهَا أَيْ: إلَى تِلْكَ الْقِيمَةِ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ: أَقَلَّ قِيمَةً بِلَا عَيْبٍ إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ: بِطَلَبِهِ) أَيْ: طَلَبِ الْمُشْتَرِي بِالْأَرْشِ فَيَسْقُطُ الْأَرْشُ عَنْ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِإِعْطَاءِ الْأَرْشِ.
شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَقَدْ تَلِفَ الثَّمَنُ) وَلَوْ أَدَّاهُ أَصْلٌ عَنْ مَحْجُورِهِ رَجَعَ بِالْفَسْخِ لِلْمَحْجُورِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى تَمْلِيكِهِ وَقَبُولِهِ لَهُ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ رَجَعَ لِلْمُؤَدِّي؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إسْقَاطُ الدَّيْنِ مَعَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّمْلِيكِ وَإِنَّمَا قُدِّرَ الْمِلْكُ لِضَرُورَةِ السُّقُوطِ عَنْ الْمُؤَدَّى عَنْهُ. اهـ شَرْحُ حَجّ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ م ر أَنَّهُ يَرْجِعُ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَشُفْعَةٍ) كَأَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِشِقْصٍ مَشْفُوعٍ وَأَخَذَهُ الشَّرِيكُ بِالشُّفْعَةِ، ثُمَّ رَدَّ الْعَبْدَ بِعَيْبٍ فَيَرُدُّ الْبَائِعُ قِيمَةَ الثَّمَنِ وَهُوَ الشِّقْصُ. (قَوْلُهُ: أَخَذَ بَدَلَهُ) هَلْ وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ مِنْ بَعْضِ الثَّمَنِ أَوْ كُلِّهِ قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ بِشَيْءٍ وَفِي الْإِبْرَاءِ مِنْ بَعْضِهِ إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute