بَعْضُ مَا بِيعَ صَفْقَةً) وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ الْبَعْضُ بِرَدِّهِ فَلَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعِيبَيْنِ أَوْ سَلِيمًا وَمَعِيبًا صَفْقَةً فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا قَهْرًا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَلَهُ رَدُّهُمَا لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْبَعْضِ فِيمَا إذَا تَعَدَّدَتْ الصَّفْقَةُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ وَأَنَّهُ لَا رَدَّ إنْ لَمْ يَتَعَدَّدْ فِيمَا لَا يَنْقُصُ بِالتَّبْعِيضِ كَالْحُبُوبِ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي وَغَيْرِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. وَأَمَّا نَصُّهُ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ فَمَحْمُولٌ عَلَى تَرَاضِي الْعَاقِدَيْنِ بِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِعَبْدَيْنِ.
(وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ عَيْبٍ) يُمْكِنُ حُدُوثُهُ (حَلَفَ بَائِعٌ) فَيَصْدُقُ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ مِنْ اسْتِمْرَارِ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْمُشْتَرِي. نَعَمْ لَوْ ادَّعَى قِدَمَ عَيْبَيْنِ فَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِقَدَمِ أَحَدِهِمَا وَادَّعَى حُدُوثَ الْآخَرِ، فَالْمُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الرَّدَّ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ بِأَحَدِهِمَا فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ وَيَحْلِفُ (كَجَوَابِهِ) عَلَى الْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالشَّرْطِ سَوَاءٌ تَوَقَّفَ نَفْعُهُ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ كَأَحَدِ خُفَّيْنِ أَوْ لَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ الْبَعْضُ أَيْ: الْمَرْدُودُ.
ح ل (قَوْلُهُ: بَعْضُ مَا بِيعَ صَفْقَةً) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ كَأَنْ بَاعَهُ عَبْدَيْنِ مَثَلًا صِفَتُهُمَا كَذَا وَكَذَا وَأَحْضَرَهُمَا لَهُ بِالصِّفَةِ ثُمَّ اطَّلَعَ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى عَيْبٍ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ فِي أَحَدِهِمَا؛ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ
وَقَوْلُهُ: الْبَعْضُ أَيْ: الْمَرْدُودُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ) أَيْ: جَاهِلًا بِالْحَالِ ح ل (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا) أَيْ: وَإِنْ خَرَجَ الْآخَرُ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَلَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ وَارِثِهِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ كَمَا تَمَلَّكَ فَلَوْ قَالَ رَدَدْت الْمَعِيبَ مِنْهُمَا فَهَلْ يَكُونُ رَدًّا لَهُمَا؟ الْأَصَحُّ لَا وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ مَا لَا يَقْبَلُ التَّبْعِيضَ يَكُونُ اخْتِيَارُ بَعْضِهِ كَاخْتِيَارِ كُلِّهِ، وَإِسْقَاطُ بَعْضِهِ كَإِسْقَاطِ كُلِّهِ فَمِنْ الْأَوَّلِ بَعْضُكِ طَالِقٌ، وَمِنْ الثَّانِي عَفْوُ مُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ عَنْ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَيْ: الْمَبِيعَ صَفْقَةً وَاحِدَةً لَا يَقْبَلُ التَّبْعِيضَ قَهْرًا وَإِنْ كَانَ يَقْبَلُهُ بِالرِّضَا. ح ل قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ مَاتَ مَنْ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَخَلَفَ ابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمُشْتَرِي هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَخِيهِ نَصِيبَهُ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ م ر ع ش وَلَهُ الْأَرْشُ فِي مُقَابَلَةِ النِّصْفِ الَّذِي خَصَّ أَخَاهُ وَسَقَطَ عَنْهُ مَا قَابَلَ النِّصْفَ الَّذِي خَصَّهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ وَمَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ وَإِلَّا تَعَلَّقَ جُمْلَةُ الْأَرْشِ بِالتَّرِكَةِ فَيُزَاحِمُ مَعَ أَرْبَابِ الدُّيُونِ. ع ش
(قَوْلُهُ: فَعَلِمَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ صَفْقَةً شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ قَالَ وَخَرَجَ بِالصَّفْقَةِ لَكَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ إلَخْ) وَلَوْ اشْتَرَى ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَكُلٌّ مُشْتَرٍ مِنْ كُلٍّ تِسْعَةٌ وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنْ تَضْرِبَ عَدَدَ الْبَائِعِينَ فِي عَدَدِ الْمُشْتَرِينَ عِنْدَ التَّعَدُّدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، أَوْ أَحَدَهُمَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ فَمَا حَصَلَ فَهُوَ عَدَدُ الْعُقُودِ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ) أَيْ: مَعَ الْمُثَمَّنِ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا رَدَّ) أَيْ: وَعَلِمَ أَنَّهُ إلَخْ وَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ الْبَعْضُ بِرَدِّهِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ الْبَعْضُ بِرَدِّهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي كَمَا فِي ع ش. (قَوْلُهُ: أَطْلَقَهُمَا) أَيْ: عَنْ التَّرْجِيحِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَرْجِيحِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَالْبُوَيْطِيِّ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: وَكِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ أَوْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ التَّسَمُّحِ حَيْثُ سُمِّيَ الْكِتَابُ بِاسْمِ صَاحِبِهِ كَقَوْلِ النَّاسِ قَرَأْت الْخَطِيبَ، أَوْ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْكِتَابِ وَمُؤَلِّفِهِ. وَالْبُوَيْطِيُّ نِسْبَةً إلَى بُوَيْطٍ قَرْيَةٍ بِصَعِيدِ مِصْرَ الْأَدْنَى وَهُوَ أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى الْقُرَشِيُّ كَانَ خَلِيفَةَ الشَّافِعِيِّ وَمَاتَ مَحْبُوسًا مُقَيَّدًا لِامْتِنَاعِهِ مِنْ الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ) أَيْ: جَوَازِ رَدِّ بَعْضِ مَا بِيعَ صَفْقَةً مِمَّا لَا يَنْقُصُ بِالتَّبْعِيضِ. ع ش (قَوْلُهُ: فَمَحْمُولٌ) فِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ رَدَّ قَهْرًا عَلَى الْبَائِعِ، وَأَمَّا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ فَلَا خِلَافَ فِيهِ. حَجّ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَظَرٌ أَوْلَى مِنْ التَّضْعِيفِ. ح ل (قَوْلُهُ: أَوْلَى) أَيْ: أَوْلَوِيَّةَ عُمُومٍ لَا أَوْلَوِيَّةَ إيهَامٍ؛ لِأَنَّ إيهَامَ الْأَوْلَوِيَّةِ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَقَبٌ أَيْ: جَامِدٌ لَا مَفْهُومَ لَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ عَيْبٍ) أَيْ: وَحُدُوثِهِ أَيْ: وَادَّعَى الْبَائِعُ الْحُدُوثَ
وَقَوْلُهُ: فِي قِدَمِ عَيْبٍ أَيْ: وَاحِدٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ ادَّعَى قِدَمَ عَيْبَيْنِ. (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ حُدُوثُهُ) أَيْ: وَقِدَمُهُ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَاحْتُمِلَ صِدْقُ كُلٍّ. (قَوْلُهُ: حَلَفَ بَائِعٌ) وَكَذَا يَحْلِفُ لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي حُدُوثَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِيَرُدَّ بِهِ وَادَّعَى الْبَائِعُ قِدَمَهُ حَتَّى لَا يَرُدَّ بِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَصُورَةُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ فَإِنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِمَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ لَا لِمَا حَدَثَ فَالْبَائِعُ يَدَّعِي قِدَمَهُ حَتَّى لَا يَرُدَّ بِهِ لِشُمُولِ الشَّرْطِ لَهُ. ز ي (قَوْلُهُ: فَالْمُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ) فَلَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ تُرَدَّ عَلَى الْبَائِعِ وَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ نُكُولَ الْمُشْتَرِي يُثْبِتُ كَوْنَ الْعَيْبِ حَادِثًا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْعِ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ فَلَا فَائِدَةَ فِي يَمِينِهِ فَلَوْ فُسِخَ الْبَيْعُ بِتَحَالُفٍ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّ الْعَيْبَ حَادِثٌ لِيَأْخُذَ أَرْشَهُ. حَجّ ح ل.
وَعِبَارَةُ ق ل؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُرَدُّ إذَا كَانَتْ تُثْبِتُ