للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُؤَبَّرْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْبَائِعُ، وَكَوْنُهَا فِي الْأَوَّلِ لِلْبَائِعِ صَادِقٌ بِأَنْ تُشْتَرَطَ لَهُ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ ذَلِكَ وَكَوْنُهَا فِي الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي صَادِقٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَأُلْحِقَ تَأْبِيرُ بَعْضِهَا بِتَأْبِيرِ كُلِّهَا بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ لِلْمُؤَبَّرِ، لِمَا فِي تَتَبُّعِ ذَلِكَ مِنْ الْعُسْرِ وَالتَّأْبِيرِ، وَيُسَمَّى التَّلْقِيحُ تَشْقِيقَ طَلْعِ الْإِنَاثِ وَذَرَّ طَلْعِ الذُّكُورِ فِيهِ لِيَجِيءَ رُطَبُهَا أَجْوَدَ مِمَّا لَمْ يُؤَبَّرْ، وَالْمُرَادُ هُنَا تَشْقِيقُ الطَّلْعِ مُطْلَقًا لِيَشْمَلَ مَا تَأَبَّرَ بِنَفْسِهِ وَطَلْعَ الذُّكُورِ، وَالْعَادَةُ الِاكْتِفَاءُ بِتَأْبِيرِ الْبَعْضِ وَالْبَاقِي يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ وَيَنْبَثُّ رِيحُ الذُّكُورِ إلَيْهِ وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ شَيْءٌ وَيَتَشَقَّقُ الْكُلُّ، وَحُكْمُهُ كَالْمُؤَبَّرِ اعْتِبَارًا بِظُهُورِ الْمَقْصُودِ

(وَإِنَّمَا تَكُونُ) أَيْ الثَّمَرَةُ كُلِّهَا فِيمَا ذَكَرَ (لِبَائِعٍ إنْ اتَّحَدَ حَمْلٌ وَبُسْتَانٌ وَجِنْسٌ وَعَقْدٌ وَإِلَّا) بِأَنْ تَعَدَّدَ الْحَمْلُ فِي الْعَامِ غَالِبًا كَتِينٍ وَوَرْدٍ، أَوْ اخْتَلَفَ شَيْءٌ مِنْ الْبَقِيَّةِ بِأَنْ اشْتَرَى فِي عَقْدٍ بُسْتَانَيْنِ مِنْ نَخْلٍ مَثَلًا أَوْ نَخْلًا وَعِنَبًا فِي بُسْتَانٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِي عَقْدَيْنِ نَخْلًا مَثَلًا، وَالظَّاهِرُ مِنْ ذَلِكَ فِي أَحَدِهِمَا وَغَيْرُهُ فِي الْآخَرِ (فَلِكُلٍّ) مِنْ الظَّاهِرِ وَغَيْرِهِ (حُكْمُهُ) فَالظَّاهِرُ لِلْبَائِعِ، وَغَيْرُهُ لِلْمُشْتَرِي لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ وَاخْتِلَافِ زَمَنِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ) أَيْ الْمُشْتَرِي ع ش (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِمَا فِيهِ) أَيْ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُؤَبَّرْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَ التَّأْبِيرِ سُقُوطُ النَّوْرِ وَالْبُرُوزِ، لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَنْعَقِدْ تِلْكَ الثَّمَرَةُ الَّتِي لَمْ يَسْقُطْ نَوْرُهَا لَا يَصِحُّ شَرْطُهَا لِلْبَائِعِ وَفِيهِ نَظَرٌ ح ل (قَوْلُهُ وَكَوْنُهَا فِي الْأَوَّلِ) هُوَ مَنْطُوقُ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ مَنْ بَاعَ نَخْلًا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَكَوْنُهَا فِي الثَّانِي هُوَ مَفْهُومُهُ (قَوْلُهُ صَادِقٌ بِأَنْ تُشْرَطَ لَهُ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ دَقِيقٌ يُدْرِكُهُ مَنْ لَهُ فَهْمٌ أَنِيقٌ أَيْ حَسَنٌ سم وَوَجْه الْبَحْثِ أَنَّهُ كَيْفَ يَتَأَتَّى أَنْ تُشْرَطَ لِلْبَائِعِ مَعَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ» أَيْ الْمُشْتَرِي؟ إذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ تَكُونُ لِلْبَائِعِ وَلَوْ بِالشَّرْطِ لَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُشْتَرِي، وَهَذَا تَهَافُتٌ إذْ مَتَى شُرِطَتْ لِلْبَائِعِ لَا يَتَأَتَّى شَرْطُهَا لِلْمُشْتَرِي، فَلَا يَصِحُّ قَوْلُ الشَّارِحِ إنَّهُ صَادِقٌ بِالصُّورَتَيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ وَهُوَ الثَّانِيَةُ شَيْخُنَا سَجِينِيٌّ أَيْ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ أَمْرٍ عَامٍّ شَامِلٍ لِلسُّكُوتِ وَالتَّقْدِيرُ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ ثُمَّ رَأَيْت فِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ أَقُولُ وَوَجْهُ الْبَحْثِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَفْهُومَ الْحَدِيثِ مَا ذُكِرَ بَلْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ نَخْلًا لَمْ تُؤَبَّرْ لَا تَكُونُ ثَمَرَتُهَا عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، وَذَلِكَ صَادِقٌ بِأَنْ تَكُونَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ شُرِطَتْ لِلْبَائِعِ، وَيَلْغُو الشَّرْطُ وَبِأَنْ تَكُونَ لِلْمُشْتَرِي إذَا شُرِطَتْ لَهُ أَوْ سَكَتَ عَنْ الشَّرْطِ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ وَأُلْحِقَ تَأْبِيرُ بَعْضِهَا) وَلَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ ق ل (قَوْلُهُ بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ لِلْمُؤَبَّرِ) وَإِنَّمَا لَمْ يُعْكَسْ لِأَنَّ مَا لَمْ يَظْهَرْ آيِلٌ إلَى الظُّهُورِ س ل

(قَوْلُهُ وَالتَّأْبِيرُ) أَيْ لُغَةً وَقَوْلُهُ وَالْمُرَادُ أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ طَلْعَ الْإِنَاثِ أَوْ الذُّكُورِ وَسَوَاءٌ تَشَقَّقَ بِنَفْسِهِ أَمْ لَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِيَشْمَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَطَلْعَ الذُّكُورِ) أَيْ وَشَمِلَ طَلْعَ الذُّكُورِ أَيْ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ لِكَوْنِهِ يَذُرُّ فِي طَلْعِ الْإِنَاثِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَشَقَّقَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ النَّوْرُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَنَاثَرَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ حَيْثُ بَلَغَ أَوَانَ التَّنَاثُرِ بِأَنْ انْعَقَدَ وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَتَنَاثَرْ، وَيَلْزَمُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي تَأْبِيرِ طَلْعِ النَّخْلِ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ تَأْبِيرَ طَلْعِ النَّخْلِ قَبْلَ أَوَانِهِ لَا يُفْسِدُهُ، بِخِلَافِ أَخْذِ النَّوْرِ قَبْلَ أَوَانِهِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُهُ ح ل (قَوْلُهُ وَالْعَادَةُ الِاكْتِفَاءُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ ثَانٍ لِلْمُرَادِ الَّذِي ادَّعَاهُ أَيْ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ إلَخْ وَمَحَلُّ التَّعْلِيلِ قَوْلُهُ وَالْبَاقِي يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ

وَقَوْلُهُ وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ شَيْءٌ تَعْلِيلٌ ثَالِثٌ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ فِيهِ خُصُوصِيَّاتُ الْفِعْلِ وَكَوْنُ الْمُؤَبَّرِ طَلْعَ الْإِنَاثِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ بِقَيْدٍ فَلِذَلِكَ قَالَ: وَالْمُرَادُ إلَخْ وَعَلَّلَ بِالْعِلَلِ الثَّلَاثِ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ شَيْءٌ وَيَتَشَقَّقُ الْكُلُّ) فِيهِ أَنَّ التَّشَقُّقَ بِنَفْسِهِ يُقَالُ لَهُ تَأْبِيرٌ كَمَا ذَكَرَهُ فَكَيْفَ قَالَ: وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ إلَّا أَنْ يُرَادَ وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ أَيْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ،

وَقَوْلُهُ وَحُكْمُهُ كَالْمُؤَبَّرِ أَيْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ تَأَمَّلْ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَحُكْمُهُ كَالْمُؤَبَّرِ اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ هُنَا، فَإِنَّ الظَّاهِرَ الِاسْتِغْنَاءُ بِهَذَا عَنْهُ تَأَمَّلْ، لِأَنَّهُ يُقَالُ: لَهُ مُؤَبَّرٌ (قَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِيمَا بَعْدُ إلَّا وَهُوَ ظُهُورُ الْبَعْضِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَ حَمْلٌ) بِأَنْ كَانَتْ لَا تَحْمِلُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَأَمَّا مَا يَحْمِلُ مَرَّتَيْنِ، فَمَا ظَهَرَ لِلْبَائِعِ وَمَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ إلْحَاقٍ ح ل (قَوْلُهُ وَعَقْدٌ) قَالَ النَّاشِرِيُّ فِي نُكَتِهِ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ اتِّحَادُ الْعَقْدِ مَعَ تَعَدُّدِ الْمَالِكِ وَذَلِكَ بِالْوَكَالَةِ بِنَاءً عَلَى تَصْحِيحِهِمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْوَكِيلُ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ كَتِينٍ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشَّجَرَةَ وَقْتَ الْبَيْعِ كَانَ فِيهَا تِينٌ ظَاهِرٌ وَتِينٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ لَكِنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ حُبْلَانَةً بِهِ فَهُوَ مَوْجُودٌ وَكَانَ الظَّاهِرُ مِنْ بَطْنٍ وَمَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ بَطْنٍ آخَرَ فَغَيْرُ الظَّاهِرِ لِلْمُشْتَرِي وَالظَّاهِرُ لِلْبَائِعِ وَلَا تَبَعِيَّةَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا يَحْمِلُ مَرَّةً وَاحِدَةً بِأَنْ بَاعَ نَخْلًا عَلَيْهِ بَلَحٌ ظَاهِرٌ وَبَلَحٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ لَكِنَّهُ مَوْجُودٌ فَالْكُلُّ لِلْبَائِعِ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ أَوْ اخْتَلَفَ شَيْءٌ مِنْ الْبَقِيَّةِ) لَمْ يَقُلْ أَوْ تَعَدَّدَ كَمَا قَالَ فِي الْحَمْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفَنُّنٌ (قَوْلُهُ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ

وَقَوْلُهُ وَاخْتِلَافُ زَمَنِ الظُّهُورِ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ، مَا عَدَا تَعَدُّدَ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ وَانْتِفَاءِ عُسْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>