للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِي بِهِمَا أُسْوَةٌ فِي التَّوَقُّفِ فِي الْعِنَبِ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ مَعَ التِّينِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْوَاقِعِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْمِلُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ، وَلَعَلَّ الْعِنَبَ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَحْمِلُ مَرَّةً، وَنَوْعٌ يَحْمِلُ مَرَّتَيْنِ، وَذِكْرُ حُكْمِ ظُهُورِ الْبَعْضِ فِي غَيْرِ النَّخْلِ مَعَ ذِكْرِ اتِّحَادِ الْحِمْلِ وَالْجِنْسِ مِنْ زِيَادَتِي

(وَإِذَا بَقِيَتْ ثَمَرَةٌ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ شَرَطَ قَطْعَهَا لَزِمَهُ، وَإِلَّا) بِأَنْ شَرَطَ الْإِبْقَاءَ أَوْ أَطْلَقَ (فَلَهُ تَرْكُهَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْقَطْعِ أَيْ زَمَنِهِ لِلْعَادَةِ وَإِذَا جَاءَ زَمَنُ الْجَذَاذِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ أَخْذِ الثَّمَرَةِ عَلَى التَّدْرِيجِ، وَلَا مِنْ تَأْخِيرِهَا إلَى نِهَايَةِ النُّضْجِ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ نَوْعٍ يُعْتَادُ قَطْعُهُ قَبْلَ النُّضْجِ، كُلِّفَ الْقَطْعَ عَلَى الْعَادَةِ، وَلَوْ تَعَذَّرَ سَقْيُ الثَّمَرَةِ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ وَعَظُمَ ضَرَرُ الشَّجَرِ بِإِبْقَائِهَا، فَلَيْسَ لَهُ إبْقَاؤُهَا، وَكَذَا لَوْ أَصَابَهَا آفَةٌ وَلَا فَائِدَةَ فِي تَرْكِهَا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ، أَطْلَقَهُمَا الشَّيْخَانِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ

(وَلِكُلٍّ) مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْإِبْقَاءِ (سَقْيٌ) إنْ (لَمْ يَضُرَّ الْآخَرَ) ، وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إنْ انْتَفَعَ بِهِ شَجَرٌ وَثَمَرٌ (وَإِنْ ضَرَّهُمَا حَرُمَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ وَلِيَ بِهِمَا أُسْوَةٌ) أَيْ اقْتِدَاءٌ قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] (قَوْلُهُ فِي التَّوَقُّفِ فِي الْعِنَبِ) أَيْ بَلْ يُلْحَقُ مَا لَمْ يَظْهَرْ بِمَا ظَهَرَ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ فِي السَّنَةِ ح ل (قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الرُّويَانِيُّ) فِي الْبَحْرِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ ح ل (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْعِنَبَ إلَخْ) أَيْ فَمَا فِي التَّهْذِيبِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَحْمِلُ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْعِنَبِ كَالتِّينِ وَرَدَّ هَذَا شَيْخُنَا بِأَنَّ حَمْلَهُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ نَادِرٌ كَالنَّخْلِ، فَلْيَكُنْ مِثْلَهُ فِي التَّبَعِيَّةِ لِأَنَّ هَذَا التَّعَدُّدَ نَادِرٌ لَا عِبْرَةَ بِهِ ح ل وَفِي هَذَا الرَّدِّ بُعْدٌ بَعْدَ التَّسْلِيمِ أَنَّهُ نَوْعَانِ قَالَ ع ش وَقَدْ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ مُشَاهَدَةِ الْمَرَّةِ بَعْدَ الْمَرَّةِ أَنَّ فِيهِ نَوْعًا يَحْمِلُ سَبْعَةَ بُطُونٍ

(قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ قَطْعَهَا) أَيْ وُجُوبًا وَذَلِكَ فِيمَا إذَا غَلَبَ اخْتِلَاطُ حَادِثِهَا بِمَوْجُودِهَا أَوْ جَوَازًا وَذَلِكَ فِي غَيْرِهِ ح ل قَالَ شَيْخُنَا وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي بَيْعِ الشَّجَرَةِ وَمَا سَيَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ فِيمَا يَغْلِبُ فِيهِ اخْتِلَاطٌ إنَّمَا هُوَ فِي بَيْعِ الثَّمَرِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ إلَى الْقَطْعِ) أَيْ زَمَنِهِ الْمُعْتَادِ فَمَا اُعْتِيدَ قَطْعُهُ قَبْلَ نُضْجِهِ قُطِعَ كَذَلِكَ وَمَا اُعْتِيدَ قَطْعُهُ بَعْدَهُ قُطِعَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ نَوْعٍ إلَخْ رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَا تَشْمَلُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مِنْ نَوْعٍ يُعْتَادُ قَطْعُهُ قَبْلَ نُضْجِهِ كَاللَّوْزِ الْأَخْضَرِ فِي بِلَادٍ لَا يَنْتَهِي فِيهَا، كُلِّفَ الْبَائِعُ قَطْعَهَا عَلَى الْعَادَةِ وَلَا تُرَدُّ هَذِهِ الصُّورَةُ لِأَنَّ هَذَا وَقْتُ جَذَاذِهَا عَادَةً وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى قُيُودٍ ثَلَاثَةٍ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ، فَلَهُ تَرْكُهَا إلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ: مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ نَوْعٍ يُعْتَادُ إلَخْ وَمَا لَمْ يَتَعَذَّرْ السَّقْيُ وَمَا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا آفَةٌ، وَسَيَأْتِي قَيْدٌ رَابِعٌ بِقَوْلِهِ وَلَوْ اُمْتُصَّ إلَخْ (قَوْلُهُ لِلْعَادَةِ) فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعَادَةُ كَأَنْ اعْتَادَ قَوْمٌ تَرْكَهُ إلَى النُّضْجِ، وَقَوْمٌ قَطْعَهُ قَبْلَهُ فَفِي الِاسْتِذْكَارِ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِ الْبَائِعِ قَالَ الْفَارِقِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْأَكْثَرِ مِنْ الْبَلَدِ قَالَ فِي الْإِيعَابِ: وَمَا قَالَهُ الْفَارِقِيُّ أَوْجَهُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ فَالْأَوْجَهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ ع ش (قَوْلُهُ زَمَنُ الْجَذَاذِ) هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا، وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ وَإِعْجَامِهِمَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ أَخْذِ الثَّمَرَةِ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَخْذِهَا كَذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ الْأَخْذُ بِالْإِطْلَاقِ قَالَهُ ح ل فَإِنْ أَخَّرَ لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ لِمَا بَعْدَ الْعَادَةِ وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ

(قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَذَّرَ سَقْيُ الثَّمَرَةِ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا تَقْيِيدُ قَوْلِهِ فَلَهُ تَرْكُهَا إلَيْهِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ اهـ شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ وَقَدْ لَا تَلْزَمُ التَّبْقِيَةُ، كَأَنْ تَعَذَّرَ السَّقْيُ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ وَعِظَمِ ضَرَرِ النَّخْلِ بِبَقَائِهَا، أَوْ أَصَابَتْهَا آفَةٌ وَلَمْ يَبْقَ فِي تَرْكِهَا فَائِدَةٌ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ سَقْيٌ إلَخْ) أَيْ وَيُمَكَّنُ الْبَائِعُ مِنْ السَّقْيِ مِمَّا اُعْتِيدَ سَقْيُهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي كَبِئْرٍ دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ يَصِيرُ شَارِطًا لِنَفْسِهِ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِذَلِكَ لَمَّا كَانَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ اغْتَفَرُوهُ شَرْحُ م ر فَإِنْ لَمْ يَأْتَمِنْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ نَصَّبَ الْحَاكِمُ أَمِينًا وَمُؤْنَتُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَأْتَمِنْ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ

وَلَوْ لَمْ يَسْقِ الْبَائِعُ وَطَلَبَ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ يَسْقِي بِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ أَخْذِهِ ق ل (قَوْلُهُ فِي الْإِبْقَاءِ) وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَلَهُ تَرْكُهَا بِصُورَتَيْهِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَعَمُّ) لِأَنَّهُ يَشْمَلُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرٌ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ لَا يَسْقِي أَحَدُهُمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَّا بِالرِّضَا، فَكَلَامُ الْأَصْلِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَإِنْ ضَرَّهُمَا حَرُمَ) عَلَى كُلٍّ بِرِضَاهُمَا لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْغَيْرِ، وَقَدْ ارْتَفَعَ بِرِضَاهُ وَإِنْ بَقِيَتْ الْحُرْمَةُ مِنْ جِهَةِ إتْلَافِ الْمَالِ لِغَيْرِ غَرَضٍ ح ل لَا يُقَالُ: فِيهِ إفْسَادٌ لِلْمَالِ وَهُوَ حَرَامٌ وَلَوْ مَعَ تَرَاضِيهِمَا لِأَنَّا نَقُولُ: الْإِفْسَادُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَلِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْغَيْرِ ارْتَفَعَ بِالرِّضَا وَيَبْقَى ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مَالِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ بِفِعْلٍ فَأَشْبَهَ إحْرَاقَ الْمَالِ شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَلَيْسَ هُنَا إضَاعَةُ مَالٍ لِأَنَّ مَحَلَّ حُرْمَتِهَا إذَا كَانَ سَبَبُهَا فِعْلًا وَمُسَامَحَتُهُ هُنَا أَشْبَهَ بِالتَّرْكِ عَلَى أَنَّ هُنَا غَرَضًا وَهُوَ حِرْصُهُ عَلَى نَفْعِ صَاحِبِهِ وَعَلَى نَفْعِ نَفْسِهِ بِإِبْقَاءِ الْعَقْدِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ ضَرَّهُمَا) قَدْ يُرَادُ بِهِ عَدَمُ نَفْعِهِمَا بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ انْتَفَى النَّفْعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>