(وَيَبْدَأُ) فِي الْيَمِينِ (بِنَفْيٍ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهَا (وَبَائِعٌ) مَثَلًا؛ لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَعُودُ إلَيْهِ بَعْدَ الْفَسْخِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى التَّحَالُفِ؛ وَلِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَى الثَّمَنِ قَدْ تَمَّ بِالْعَقْدِ، وَمِلْكُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ فَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُعَيَّنًا وَالثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ فَفِي الْعَكْسِ يَبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي وَفِيمَا إذَا كَانَا مُعَيَّنَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ يَسْتَوِيَانِ فَيَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ بِأَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْبُدَاءَةِ بِأَيِّهِمَا (نَدْبًا) لَا وُجُوبًا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.
(ثُمَّ) بَعْدَ تَحَالُفِهِمَا (إنْ أَعْرَضَا) عَنْ الْخُصُومَةِ (أَوْ تَرَاضَيَا) بِمَا قَالَهُ أَحَدُهُمَا فَظَاهِرُ بَقَاءِ الْعَقْدِ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْهُمَا فِي الْأُولَى وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي (وَإِلَّا فَإِنْ سَمَحَ أَحَدُهُمَا) لِلْآخَرِ بِمَا ادَّعَاهُ (أُجْبِرَ الْآخَرُ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَإِلَّا فَسَخَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِي الطَّرَفَيْنِ فَقَوْلُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَيْ فِي النَّفْيِ وَعَلَى الْبَتِّ فِي الْإِثْبَاتِ وَلَوْ حَلَفَ عَلَى الْإِثْبَاتِ كَفَى بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَيَبْدَأُ بِنَفْيٍ) أَيْ لِيَكُونَ لِلْإِثْبَاتِ بَعْدَهُ فَائِدَةٌ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ مَا بِعْتُهُ لَك بِتِسْعِينَ يَبْقَى لِقَوْلِهِ وَلَقَدْ بِعْتُهُ لَك بِمِائَةٍ فَائِدَةٌ لَمْ تُسْتَفَدْ مِنْ النَّفْيِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُهُ لَك بِمِائَةٍ يَبْقَى قَوْلُهُ: وَمَا بِعْتُهُ لَك بِتِسْعِينَ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ وَالتَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنْهُ اهـ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ اهـ عَبْدُ الْبَرِّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِالْإِثْبَاتِ نَظَرًا لِإِغْنَائِهِ عَنْ النَّفْيِ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِاللَّازِمِ وَالْمَفْهُومِ وَمِنْ ثَمَّ اُتُّجِهَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِمَا بِعْت إلَّا بِكَذَا وَمَا اشْتَرَيْتُ إلَّا بِكَذَا؛ لِأَنَّ النَّفْيَ فِيهِ صَرِيحٌ وَالْإِثْبَاتَ مَفْهُومٌ كَمَا حُقِّقَ فِي الْأُصُولِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبَائِعٍ مَثَلًا) كَالزَّوْجِ قَالَ م ر وَالزَّوْجُ فِي الصَّدَاقِ كَالْبَائِعِ فَيُبْدَأُ بِهِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِبَقَاءِ التَّمَتُّعِ لَهُ كَمَا قَوِيَ جَانِبُ الْبَائِعِ بِعَوْدِ الْمَبِيعِ لَهُ وَلِأَنَّ أَثَرَ التَّحَالُفِ يَظْهَرُ فِي الصَّدَاقِ لَا فِي الْبُضْعِ وَهُوَ بَاذِلٌ لَهُ فَكَانَ كَبَائِعِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَبْدَأَ بِالزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا نَظِيرُ الْبَائِعِ ز ي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَعُودُ إلَيْهِ) أَيْ عَيْنُ الْمَبِيعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَا يَأْتِي مِثْلُ هَذَا فِي الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ فِي الذِّمَّةِ كَمَا فَرَضَهُ وَلَوْ قَبَضَهُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّ الْعَائِدَ لَيْسَ عَيْنَ الثَّمَنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ وَالْمَقْبُوضُ بَدَلٌ عَنْهُ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَيْضًا يَعُودُ لَهُ الثَّمَنُ إذَا قَبَضَهُ الْبَائِعُ سم (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَى الثَّمَنِ) أَيْ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ قَدْ تَمَّ بِالْعَقْدِ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُحِيلَ عَلَيْهِ وَيَسْتَبْدِلَ عَنْهُ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: قَالَ: قُلْت مَا فِي الذِّمَّةِ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ بِتَلَفِ مُقَابِلِهِ الْمُعَيَّنِ فَمَا مَعْنَى تَمَامِ مِلْكِهِ وَاسْتِقْرَارِهِ بِالْعَقْدِ أُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى اسْتِقْرَارِهِ جَوَازُ الْحَوَالَةِ بِهِ وَعَلَيْهِ وَالِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ الْبُدَاءَةِ بِالْبَائِعِ وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَى الثَّمَنِ قَدْ تَمَّ بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَجْرِي إلَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: فَفِي الْعَكْسِ يَبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي) أَيْ لِأَنَّهُ صَارَ قَوِيًّا حِينَئِذٍ فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ السَّلَمَ يُبْدَأُ فِيهِ بِالْمُسْلِمِ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ الَّذِي هُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ وَالثَّمَنُ الَّذِي هُوَ رَأْسُ الْمَالِ إمَّا مُعَيَّنٌ فِي الْعَقْدِ أَوْ فِي الْمَجْلِسِ وَالتَّعْيِينُ فِيهِ كَالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: فَفِي الْعَكْسِ وَهُوَ كَوْنُ الثَّمَنِ مُعَيَّنًا وَالْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ يُبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي لِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَى الْمَبِيعِ قَدْ تَمَّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِانْقِطَاعِهِ وَإِلَّا فَالْحَوَالَةُ عَلَيْهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: مُعَيَّنَيْنِ) أَيْ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ فِي الْعَقْدِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِي الذِّمَّةِ) فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ (قَوْلُهُ: نَدْبًا) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مَنْدُوبًا أَوْ ذَا نَدْبٍ أَوْ يُنْدَبُ نَدْبًا فَهُوَ عَلَى الْأَخِيرِ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ كَذَا فِي الْإِيعَابِ وَعَلَيْهِ فَلْيُحَرَّرْ صَاحِبُ الْحَالِ وَعَامِلُهَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَالٌ مِنْ الْبَدْءِ الْمَفْهُومِ مِنْ يَبْدَأُ (قَوْلُهُ: لَا وُجُوبًا) لَعَلَّ الْإِتْيَانَ بِذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ قِرَاءَةُ نَدْبًا بِأَلْفِ التَّثْنِيَةِ مَعَ الْفِعْلِ الْمَاضِي الْمَبْنِيِّ لِلْمَجْهُولِ أَوْ لِرَدِّ مُقَابِلِهِ وَهُوَ الْوُجُوبُ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ شَوْبَرِيٌّ وح ل (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ) تَعْلِيلٌ لِنَفْيِ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ نَفْيَ الْوُجُوبِ مَعَ أَنَّهُ لَازِمٌ لِلنَّدَبِ قَصْدًا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ وَوَسِيلَةً لِلتَّعْلِيلِ لِيَتِمَّ بِهِ الرَّدُّ وَلَوْ ذَكَرَ التَّعْلِيلَ دُونَ نَفْيِ الْوُجُوبِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ النَّدْبَ يُفِيدُ الطَّلَبَ وَالتَّعْلِيلُ لَا يَقْتَضِيهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَوْ تَرَاضَيَا) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ بَعْدَ رِضَاهُ سم (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَمَحَ أَحَدُهُمَا) أَيْ وَبَقِيَ الْآخَرُ عَلَى النِّزَاعِ قَالَ الْقَاضِي وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ رِضَاهُ كَمَا لَوْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ حَجّ ع ش
وَقَوْلُهُ: بِمَا ادَّعَاهُ أَيْ ادَّعَاهُ الْآخَرُ (قَوْلُهُ: أُجْبِرَ الْآخَرُ عَلَيْهِ) فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُجْبَرُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مُدَّعَاهُ وَمَطْلُوبُهُ. أُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى إجْبَارِهِ إجْبَارُهُ عَلَى بَقَاءِ الْعَقْدِ وَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَخَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا) عُلِمَ مِنْ عَدَمِ انْفِسَاخِهِ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ جَوَازُ وَطْءِ الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ حَالَ النِّزَاعِ وَقَبْلَ التَّحَالُفِ وَبَعْدَهُ أَيْضًا عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ بَلْ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ جَوَازُهُ أَيْضًا بَعْدَ الْفَسْخِ