وَلَوْ أَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ اُسْتُرِدَّ أَيْضًا (فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ) أَيْ يَدِ الرَّقِيقِ (ضَمِنَهُ فِي ذِمَّتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ وَلَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ فِيهِ (أَوْ) تَلِفَ فِي (يَدِ سَيِّدِهِ ضَمَّنَ الْمَالِكُ أَيَّهُمَا شَاءَ) لِوَضْعِ يَدِهِمَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ (وَ) لَكِنَّ (الرَّقِيقَ إنَّمَا يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ عِتْقٍ) لَهُ أَوْ لِبَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ.
(وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) سَيِّدُهُ (فِي تِجَارَةٍ تَصَرَّفَ بِحَسَبِ إذْنِهِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ بِقَدْرِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَهِيَ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ وَعَلَى السَّيِّدِ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ اسْتَرَدَّ) أَيْ الثَّمَنَ لَكِنْ إنْ رَدَّهُ الْآخِذُ لِلسَّيِّدِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا لَوْ رَدَّهُ إلَى الْعَبْدِ فَهَلْ يَبْرَأُ أَمْ لَا قَالَ شَيْخُنَا ع ش: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَالُ تَحْتَ يَدِ الْعَبْدِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ بَرِئَ بِرَدِّهِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ تَحْتَ يَدِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَا يَبْرَأُ بِرَدِّهِ لِلْعَبْدِ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ إنْ كَانَ بَائِعُهُ رَشِيدًا فَإِنْ كَانَ سَفِيهًا تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ لَا بِذِمَّتِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْدَعَهُ رَشِيدٌ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ فَرَّطَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا حَيْثُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ أَنَّهُ الْتَزَمَهُ هُنَا بِعَقْدٍ فَتَعَلَّقَ بِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ إذْ لَا الْتِزَامَ فِيهِ لِلْبَدَلِ وَإِنْ الْتَزَمَ الْحِفْظَ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ الضَّمَانِ فِي ذِمَّتِهِ لَا لِمُطْلَقِ الضَّمَانِ، إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا لَزِمَهُ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ وَلَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَمَا لَزِمَهُ بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ كَتَلَفٍ بِغَصْبٍ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَقَطْ أَيْ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي التَّلَفِ، وَمَا لَزِمَهُ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ وَأَذِنَ السَّيِّدُ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَكَسْبِهِ وَمَا بِيَدِهِ ز ي، وَلَا يَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ مَا لَمْ يَعْصِ بِهِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْفَلَسِ شَرْحُ م ر.
وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ حَاصِلَ مَا فِي هَذَا الْمَقَامِ بِقَوْلِهِ:
يَضْمَنُ عَبْدٌ تَالِفًا فِي ذِمَّتِهْ ... إنْ يَرْضَهُ الْمَالِكُ دُونَ سَادَتِهْ
وَإِنْ يَكُنْ بِلَا رِضَا مَنْ اسْتَحَقْ ... فَلَيْسَ إلَّا بِالرَّقِيبَةِ اعْتَلَقْ
وَبِرِضَا الْمَالِكِ مَعَ سَيِّدِهِ ... عَلِقَ بِذِمَّتِهِ وَمَا فِي يَدِهْ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْذَنْ) أَيْ وَالْحَالُ أَوْ هُوَ عَطْفٌ عَلَى ثَبَتَ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ فِي يَدِ سَيِّدِهِ) أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ وَضْعِ السَّيِّدِ يَدَهُ عَلَيْهِ س ل (قَوْلُهُ: ضَمَّنَ الْمَالِكُ إلَخْ) وَالْقَرَارُ عَلَى السَّيِّدِ لِتَعَدِّيهِ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ الرَّقِيقُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ
وَقَوْلُهُ بَعْدَ عِتْقٍ أَيْ وَيَسَارٍ وَعَلَيْهِ فَلَوْ غَرِمَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَدْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ السَّيِّدِ فَهَلْ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَأْذُونَ لَهُ إذَا غَرِمَ بَعْدَ عِتْقِهِ مَا لَزِمَهُ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَأْذُونَ لَهُ لَمَّا كَانَ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَنَشَأَ مِنْهُ الدَّيْنُ نُزِّلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا قَبْلَ إعْتَاقِهِ كَأَنْ أَجَّرَهُ مُدَّةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ لِصَيْدِهِ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ الْعَبْدُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ لَيْسَ نَاشِئًا عَنْ إذْنِ السَّيِّدِ وَلَا عُلْقَةَ لَهُ فَنُزِّلَ مَا يَغْرَمُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ مَنْزِلَةَ غُرْمِ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ لِبَعْضِهِ) مِثْلُهُ حَجّ قَالَ ع ش عَلَى م ر وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ مُطَالَبَتِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْأَدَاءِ بِعَدَمِ الْمِلْكِ فَحَيْثُ مَلَكَ مَا يَقْدِرُ بِهِ عَلَى الْوَفَاءِ وَلَوْ لِبَعْضِ مَا عَلَيْهِ فَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ عَلَى أَنَّ التَّأْخِيرَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِ الْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ رَأْسًا لِجَوَازِ تَلَفِ مَا بِيَدِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ اهـ. لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ مَا فِي شَرْحِ م ر أَنَّ عِتْقَ جَمِيعِهِ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ ح ف وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ عِتْقٍ لِجَمِيعِهِ لَا لِبَعْضِهِ وَكَلَامُ حَجّ وَجِيهٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) أَيْ أَوْ وَلِيُّهُ إنْ كَانَ سَيِّدُهُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَكَانَ الْقِنُّ ثِقَةً ز ي (قَوْلُهُ: فِي تِجَارَةٍ) بِأَنْ قَالَ اتَّجِرْ لِي أَوْ قَالَ اتَّجِرْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي بِخِلَافِ اتَّجِرْ لَك فَإِنَّهُ فَاسِدٌ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ احْتِمَالَاتٍ فِي ذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْقِنِّ لِلْإِذْنِ بَلْ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ لَا تَوْكِيلٌ يُعَابُ وَانْظُرْ لَوْ قَالَ اتَّجِرْ لِي وَلِنَفْسِك شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِحَسَبِ إذْنِهِ) فَإِنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى شَيْءٍ تَصَرَّفَ بِحَسْب الْمَصْلَحَةِ فِي الْأَنْوَاعِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْبُلْدَانِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فُهِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِإِنْ الشَّرْطِيَّةِ أَنَّ تَعْيِينَ النَّوْعِ لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَجُوزُ أَنْ يُوجَدَ وَأَنْ لَا يُوجَدَ وَلَا تُسْتَعْمَلُ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ بِخِلَافِ إذَا قَالَ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ. اهـ. س ل فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ مَالًا فَيَتَصَرَّفُ فِي الذِّمَّةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ السِّينِ) وَقَدْ يُسَكَّنُ لَكِنْ فِي الشِّعْرِ خَاصَّةً وَلَمْ يُقَيَّدْ بِذَلِكَ فِي الْقَامُوسِ. اهـ. ح ل
١ -