للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ أَوْ وَقْتٍ أَوْ مَكَان لَمْ يَتَجَاوَزْهُ وَيَسْتَفِيدُ بِالْإِذْنِ فِيهَا مَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِهَا كَنَشْرٍ وَطَيٍّ وَحَمْلِ مَتَاعٍ إلَى حَانُوتٍ وَرَدٍّ بِعَيْبٍ وَمُخَاصَمَةٍ فِي عُهْدَةٍ (وَإِنْ أَبَقَ) فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِحَسَبِ إذْنِهِ لَهُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَلَا تُوجِبُ الْحَجْرَ وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي أَبَقَ إلَيْهَا إلَّا إنْ خَصَّ سَيِّدُهُ الْإِذْنَ بِغَيْرِهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ تَصَرُّفِ الرَّقِيقِ بِالْإِذْنِ كَوْنُهُ بِحَيْثُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا.

(وَلَيْسَ لَهُ) بِالْإِذْنِ فِيهَا (نِكَاحٌ وَلَا تَبَرُّعٌ وَلَا تَصَرُّفٌ فِي نَفْسِهِ) رَقَبَةً وَمَنْفَعَةً وَلَا فِي كَسْبِهِ (وَلَا إذْنٌ) لِرَقِيقِهِ أَوْ غَيْرِهِ (فِي تِجَارَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُ شَيْئًا مِنْهَا وَلَا يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ وَتَعْبِيرِي بِالتَّبَرُّعِ وَالتَّصَرُّفِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتَّصَدُّقِ وَالْإِجَارَةِ.

(وَلَا يُعَامِلُ سَيِّدَهُ) بِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لِسَيِّدِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ وَسَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ صِحَّةُ إقْرَارِهِ بِدُيُونِ مُعَامَلَةٍ وَبِغَيْرِهَا.

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ إلَخْ) كَالْوَكِيلِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَسَكَتَ عَنْ الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ وَالْحُلُولِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ قَدْ يَقْتَضِي إبْدَالَ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ كَمَا فِي الْوَكِيلِ قَالَهُ ابْنُ الْحَنَّاطِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَمُخَاصَمَةٍ فِي عُهْدَةٍ) أَيْ عُلْقَةٍ نَاشِئَةٍ عَنْ الْمُعَامَلَةِ فَلَا يُخَاصِمُ نَحْوُ سَارِقٍ وَغَاصِبٍ أَيْ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ. اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ) وَبَقِيَ مَا لَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ وَتَرَدَّدَ فِيهِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي أَبَقَ إلَيْهَا) وَهَلْ يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا تَسَاوِي نَقْدَاهُمَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِمَا يَتَصَرَّفُ بِهِ فِي مَحَلِّ الْإِذْنِ مِنْ نَقْدِ بَلَدِهِ أَوْ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ وَقُلْنَا يَبِيعُ بِالْعَرْضِ كَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا يَزِيدُ عَنْهُ فِي مَحَلِّ الشِّرَاءِ عَلَى ثَمَنِهِ فِي مَحَلِّ الْإِذْنِ لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ رِبْحٍ فِيهِ كَأَنْ يَتَيَسَّرَ بَيْعُهُ فِي مَحَلِّ الشِّرَاءِ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا اشْتَرَاهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفَا رَشِيدًا ز ي.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَبَرُّعٌ) أَيْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ رِضَا السَّيِّدِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا فِي كَسْبِهِ) أَيْ الْحَاصِلِ مِنْ غَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ س ل (قَوْلُهُ: وَلَا إذْنٌ لِرَقِيقِهِ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ جَازَ وَيَنْعَزِلُ الثَّانِي بِعَزْلِ السَّيِّدِ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْزِعْهُ مِنْ يَدِ الْأَوَّلِ هَذَا كُلُّهُ فِي التَّصَرُّفِ الْعَامِّ فَإِنْ أَذِنَ الْمَأْذُونُ لِعَبْدِ التِّجَارَةِ فِي تَصَرُّفٍ خَاصٍّ كَشِرَاءِ ثَوْبٍ جَازَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ع ش عَلَى م ر وَهَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي تِجَارَةٍ وَلَهُ الشِّرَاءُ نَسِيئَةً لَا الْبَيْعُ بِهَا س ل (قَوْلُهُ: لِرَقِيقِهِ) سَمَّاهُ رَقِيقَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَالْإِضَافَةُ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ التِّجَارَةَ لَا تَتَنَاوَلُ شَيْئًا مِنْهَا أَيْ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ) ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ فِي غَيْبَةِ سَيِّدِهِ لِيَأْذَنَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ جَازَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالْإِنْفَاقِ لِلضَّرُورَةِ وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِرَاضُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ز ي، وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَهُ كَمَا قَالَهُ ع ش وَانْظُرْ النَّفَقَةَ عَلَى أَمْوَالِ التِّجَارَةِ كَالْعَبِيدِ وَالْبَهَائِمِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُعَامِلُ سَيِّدَهُ) وَلَوْ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْغَيْرِ بِأَنْ يُوَكِّلَ الْغَيْرُ السَّيِّدَ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ صَارَ يَشْتَرِي مَالَ نَفْسِهِ اهـ عَبْدُ الْبَرِّ وَمِثْلُ السَّيِّدِ مَأْذُونٌ لَهُ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لَهُ م ر ع ش.

وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ سُلْطَانٍ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لِسَيِّدِهِ يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ الْغَيْرِ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ وَوَجَدَهُ عِنْدَ عَبْدِهِ كَانَ لَهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ) فَإِنَّهُ يُعَامِلُ سَيِّدَهُ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ فَقَطْ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ التَّعْلِيلِ أَيْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لِسَيِّدِهِ إذْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الَّذِي تَصَرَّفَهُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ الْمُكَاتَبُ يَصِحُّ أَنْ يُعَامِلَ سَيِّدَهُ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِتَابَةِ الْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَلَا يُعَامِلُ سَيِّدَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ شَوْبَرِيٌّ وَاعْتَمَدَ ع ش التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا وَعِبَارَتُهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ وَلَوْ فَاسِدَةً لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّارِحِ كَالرَّمْلِيِّ وَقَالَ ح ل: قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ فَالْمُكَاتَبُ مُسْتَثْنًى مِنْ الرَّقِيقِ فِي قَوْلِهِ: الرَّقِيقُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الرَّقِيقُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِيٍّ وَهُوَ بَعِيدٌ فَكَلَامُ الشَّوْبَرِيِّ أَوْلَى بَلْ صَوَابٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ ح ل يَقْتَضِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَصِحُّ تَزَوُّجُهُ وَتَبَرُّعُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمَتْنُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ) مُرَادُهُ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ يَصِحُّ بِالْإِذْنِ وَبِغَيْرِهِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ أَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ تَصَرُّفًا.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِيهِ نَقْلَ الْمَقَرِّ بِهِ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ وَمُرَادُهُ أَيْضًا الِاعْتِذَارُ عَنْ تَرْكِ ذِكْرِهِ هُنَا مَعَ ذِكْرِ الْأَصْلِ لَهُ شَيْخُنَا وَعِبَارَتُهُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَقُبِلَ إقْرَارُ رَقِيقٍ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ وَيَدِينُ جِنَايَةً وَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ سَيِّدُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>