وَالسُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ وَالدِّبْسِ وَاللِّبَأِ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا كَمَا مَالَ إلَى تَرْجِيحِهِ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ فِي كُلِّ مَا دَخَلَتْهُ نَارٌ لَطِيفَةٌ وَمَثَّلَ بِالْمَذْكُورَاتِ غَيْرَ الْعَسَلِ لَكِنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى الْمَنْعِ كَمَا فِي الرِّبَا وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ صِحَّةُ السَّلَمِ فِي الْآجُرِّ كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِضِيقِ بَابِ الرِّبَا (وَلَا) فِي (مُخْتَلِفٍ) أَجْزَاؤُهُ (كَبُرْمَةٍ) أَيْ قَدْرٍ (وَكُوزٍ وَطَسٍّ) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا وَيُقَالُ فِيهِ طَسْتٌ (وَقُمْقُمٍ وَمَنَارَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (وَطِنْجِيرٍ) بِكَسْرِ الطَّاءِ الدُّسَتُ وَفَتْحِهَا النَّوَوِيُّ وَقَالَ الْحَرِيرِيُّ فَتْحُهَا مِنْ لَحْنِ النَّاسِ (مَعْمُولَةٍ) كُلٌّ مِنْهَا لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهَا وَخَرَجَ بِمَعْمُولَةٍ الْمَصْبُوبَةُ فِي قَالَبٍ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا كَمَا شَمِلَهُ الْكَلَامُ الْآتِي (وَجِلْدٍ) لِاخْتِلَافِ الْأَجْزَاءِ فِي الرِّقَّةِ وَالْغِلَظِ نَعَمْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي قِطَعٍ مِنْهُ مَدْبُوغَةٍ وَزْنًا (وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (فِيمَا صُبَّ مِنْهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ أَيْ مِنْ أَصْلِهَا الْمُذَابِ (فِي قَالَبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا (وَ) يَصِحُّ فِي (أَسْطَالٍ) مُرَبَّعَةٍ أَوْ مُدَوَّرَةٍ فَإِطْلَاقِي لَهَا عَنْ تَقْيِيدِهَا بِالْمُرَبَّعَةِ مَعَ تَأْخِيرِهَا عَمَّا صُبَّ مِنْهَا فِي قَالَبٍ أَوْلَى مِمَّا صَنَعَهُ، وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ بِغَيْرِهِمَا لَا بِمِثْلِهِمَا وَلَا فِي أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ حَالًّا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا.
(وَشُرِطَ فِي) السَّلَمِ فِي (رَقِيقٍ ذِكْرُ نَوْعِهِ كَتُرْكِيٍّ) أَوْ حَبَشِيٍّ فَإِنْ اخْتَلَفَ صِنْفُ النَّوْعِ وَجَبَ ذِكْرُهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ عَسَلِ النَّحْلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْصَرِفُ إلَيْهِ الِاسْمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مَدَابِغِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَالسُّكَّرِ) أَيْ وَالصَّابُونِ وَالْجِصِّ وَالنُّورَةِ وَالزُّجَاجِ وَالْفَحْمِ إذَا انْضَبَطَ وَمَاءُ الْوَرْدِ وَالشَّمْعِ وَقَدْ يُقَالُ فِي انْضِبَاطِ نَارِ الْعَسَلِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا لِتَمْيِيزِ شَهْدِهِ فَالتَّمْيِيزُ حَاصِلٌ بِهَا خَفَّتْ أَوْ كَثُرَتْ تَأَمَّلْ ح ل (قَوْلُهُ: وَالْفَانِيدِ) وَهُوَ الْعَسَلُ الْمَأْخُوذُ مِنْ أَطْرَافِ الْقَصَبِ الْمُسَمَّاةِ بِاللَّكَالِيكِ أَيْ الزَّعَازِيعِ وَهُوَ غَيْرُ حُلْوٍ وَقِيلَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْقَصَبِ جَمِيعِهِ وَالدِّبْسُ مَاءُ الْعِنَبِ بَعْدَ طَبْخِهِ (قَوْلُهُ: وَاللِّبَأِ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ أَوَّلُ مَا يُحْلَبُ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَا دَخَلَتْهُ نَارٌ لَطِيفَةٌ) الْمُرَادُ بِاللَّطِيفَةِ الْمُنْضَبِطَةُ وَإِنْ أَثَّرَتْ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَمَثَّلَ بِالْمَذْكُورَاتِ غَيْرِ الْعَسَلِ) وَهُوَ السُّكَّرُ وَالْفَانِيدُ وَالدِّبْسُ وَاللِّبَأُ ح ل (قَوْلُهُ: يَمِيلُ إلَى الْمَنْعِ) أَيْ فِي الْمَذْكُورَاتِ غَيْرِ الْعَسَلِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الرِّبَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ السَّلَمِ فِي الْآجُرِّ) وَمِثْلُهُ أَوَانِي الْخَزَفِ ح ل (قَوْلُهُ: وَمَنَارَةٍ) تُجْمَعُ عَلَى مَنَائِرَ بِالْهَمْزِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ تَشْبِيهًا لِلْأَصْلِيِّ بِالزَّائِدِ وَأَصْلُهُ مَنَاوِرُ كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ وَنَظِيرُهُ مَصَائِبُ أَصْلُهُ مَصَاوِبُ فَزَعْمُ بَعْضِهِمْ أَنَّ الصَّوَابَ مُنَاوِرُ لَا مَنَائِرُ غَيْرُ صَحِيحٍ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَادُ بِالْمَنَارَةِ الْمِسْرَجَةُ الَّتِي يُقَالُ فِيهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ النُّورِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَعْمُولَةٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَصِحُّ فِيمَا صُبَّ مِنْهَا فِي قَالِبٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْمَفْهُومَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَأَسْطَالٍ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ السَّلَمَ يَصِحُّ فِيهَا مُطْلَقًا وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ قَوْلِهِ وَيَصِحُّ عَلَى الْجِلْدِ لِيَتَّصِلَ الْمَفْهُومُ بِالْمَنْطُوقِ أَوْ تَقْدِيمَ الْجِلْدِ عَلَى الْبُرْمَةِ (قَوْلُهُ: فِي قَالَبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ إذْ مَكْسُورُهَا الْبُسْرُ الْأَحْمَرُ وَقِيلَ يَجُوزُ هُنَا الْكَسْرُ أَيْضًا حَجّ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَهُوَ آلَةٌ يُعْمَلُ بِهَا الْأَوَانِي تُصَبُّ الْمَعَادِنُ الْمُذَابَةُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ طَرْقٍ وَلَا دَقٍّ اهـ وَالْجَمْعُ قَوَالِبُ بِكَسْرِ اللَّامِ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مُفْرَدُهُ عَلَى فَاعَلٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فَجَمْعُهُ فَوَاعِلُ بِكَسْرِهَا كَعَالَمٍ بِالْفَتْحِ وَعَوَالِمَ بِالْكَسْرِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: كَمَا شَمِلَهُ الْكَلَامُ الْآتِي) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَا يَأْتِي أَعَمُّ مِنْ هَذَا مَعَ أَنَّهُ عَيَّنَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ مِنْهَا فَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْكَلَامِ الْآتِي (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِمَّا صَنَعَهُ) ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَهَا يُفِيدُ أَنَّ مِثْلَ الْمُرَبَّعَةِ الْمُدَوَّرَةُ اهـ وَتَأْخِيرُهَا يُفِيدُ صِحَّةَ السَّلَمِ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مَعْمُولَةً وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَعْمُولَ مِنْهَا لَا تَخْتَلِفُ أَجْزَاؤُهُ رِقَّةً وَغِلَظًا ح ل وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الطِّنْجِيرِ وَقَدْ يُقَالُ: الْفَرْقُ أَنَّ الطِّنْجِيرَ لَمَّا كَانَ شَأْنُهُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي النَّارِ كَانَ اخْتِلَافُ أَجْزَائِهِ بِالرِّقَّةِ وَالثِّخَنِ مُضِرًّا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَسْرَعَ إلَيْهِ الْخَلَلُ مِنْ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ وَأَنَّ السَّطْلَ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ الْأَغْلَبُ اسْتِعْمَالَهُ فِي غَيْرِ النَّارِ كَانَ اخْتِلَافُ أَجْزَائِهِ بِمَا ذُكِرَ غَيْرَ مُضِرٍّ لَكِنْ يَرِدُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ نَحْوُ الطَّشْتِ وَالْقُمْقُمِ.
(قَوْلُهُ: لَا بِمِثْلِهِمَا) لِتَضَادِّ أَحْكَامِ السَّلَمِ وَالصَّرْفِ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ يَقْتَضِي قَبْضَ الْعِوَضَيْنِ، وَالسَّلَمُ إنَّمَا يَقْتَضِي قَبْضَ أَحَدِهِمَا فِي الْمَجْلِسِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضَانِ يُسْتَحَقُّ قَبْضُهُمَا وَلَا يُسْتَحَقُّ قَبْضُهُمَا فِي الْمَجْلِسِ. اهـ. ح ل وَقَوْلُ ح ل يُسْتَحَقُّ قَبْضُهُمَا إلَخْ أَيْ فَيَكُونُ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ يُسْتَحَقُّ قَبْضُهُ وَلَا يُسْتَحَقُّ وَفِيهِ بَحْثٌ بِأَنَّ ذَلِكَ بِجِهَتَيْنِ وَلَا مَحْذُورَ فِي مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْجِهَتَانِ الْمُسْتَنِدَتَانِ لِعَقْدٍ وَاحِدٍ فِي حُكْمِ الْجِهَةِ الْوَاحِدَةِ. اهـ. سم قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: ثُمَّ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْوِيَا بِالسَّلَمِ عَقْدَ الصَّرْفِ وَإِلَّا صَحَّ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَلَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضِعِهِ يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَهَذَا أَيْ كَلَامُ الْحَلَبِيِّ الْمُتَقَدِّمُ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ كَانَ السَّلَمُ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْقَبْضِ عَلَى الْمَجْلِسِ كَمَا لَا يَخْفَى مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا حَالُهُ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْقَبْضَ وَلَا عَدَمَهُ أَيْ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِي رَقِيقٍ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي تَفْصِيلِ مَا أَجْمَلَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَذِكْرُهَا أَيْ الصِّفَاتِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ وَلَيْسَ الْأَصْلُ عَدَمَهَا فِي الْعَقْدِ ع ش وَيَلْزَمُ أَنَّ النَّوْعَ مِنْ الصِّفَاتِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَتُرْكِيٍّ) إنْ قُلْت التُّرْكِيُّ لَيْسَ نَوْعًا وَإِنَّمَا هُوَ صِنْفٌ مِنْ النَّوْعِ الَّذِي هُوَ إنْسَانٌ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْمَنْطِقِ وَكَلَامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute