فَلْيَصِحَّ رَهْنُهُمَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ يُمْنَعُ كَمَا مَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ مُقْتَضَى إطْلَاقِ النُّصُوصِ انْتَهَى، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمُدَبَّرِ آكَدُ مِنْهُ فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ بَيْعِهِ دُونَ الْمُعَلَّقِ بِصِفَةٍ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ صِحَّةِ رَهْنِ مَا لَا يُبَاعُ كَمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمَوْقُوفٍ.
[دَرْس] (وَصَحَّ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ إنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ) كَرُطَبٍ وَعِنَبٍ يَتَجَفَّفَانِ (أَوْ رَهَنَ بِحَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا)
ــ
[حاشية البجيرمي]
تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ لِأَنَّ صِيغَتَهُ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ، وَفِي قَوْلٍ وَصِيَّةٌ لِلْعَبْدِ بِالْعِتْقِ نَظَرًا إلَى أَنَّ إعْتَاقَهُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ بِقَوْلٍ وَمِثْلُهُ إشَارَةُ أَخْرَسَ وَكِتَابَةٌ مَعَ نِيَّةٍ كَأَبْطَلْتُهُ فَسَخْته نَقَضْته رَجَعْت فِيهِ صَحَّ الرُّجُوعُ إنْ قُلْنَا: بِالْمَرْجُوحِ إنَّهُ وَصِيَّةٌ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الرُّجُوعِ عَنْهَا بِالْقَوْلِ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ نَقُلْ وَصِيَّةٌ بَلْ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ بِالْقَوْلِ بَلْ بِالْفِعْلِ نَحْوُ بَيْعِهِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ. (قَوْلُهُ فَلْيُصَحِّحْ رَهْنَهُمَا) أَيْ: مُطْلَقًا أَوْ يَمْنَعْ رَهْنَهُمَا أَيْ: مُطْلَقًا أَيْ: فَكَيْفَ بَطَلَ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ مُطْلَقًا وَصَحَّ رَهْنُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ عُلِمَ الْحُلُولُ قَبْلَ الصِّفَةِ؟ . ح ل (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) قَدَّمَ الْبُلْقِينِيُّ مَعَ تَأَخُّرِهِ عَنْ السُّبْكِيّ لِجَزْمِهِ بِمَا قَالَهُ، وَتَرَدُّدِ السُّبْكِيّ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ كَمَا مَال إلَيْهِ السُّبْكِيُّ ع ش (قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ: كَلَامُ الْمُسْتَشْكِلِ أَوْ كَلَامُ السُّبْكِيّ.
(قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ إلَخْ) هَلَّا فَرَّقَ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يَسْلَمُ مِنْ الْغَرَرِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَجْأَةً فَتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمُدَبَّرِ آكَدُ مِنْهُ) اُنْظُرْ وَجْهَ الْآكَدِيَّةِ فَإِنَّهُ جَعَلَ جَرَيَانَ الْخِلَافِ دَلِيلًا عَلَى الْآكَدِيَّةِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الْآكَدِيَّةِ الَّتِي تَرَتَّبَ عَلَيْهَا جَرَيَانُ الْخِلَافِ. ع ش وَوَجَّهَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُدَبَّرَ مُعَلَّقٌ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ. وَهِيَ الْمَوْتُ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ فَكَانَ الْغَرَرُ فِيهِ أَقْوَى. (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْمَرْهُونِ كَوْنه عَيْنًا يَصِحّ بَيْعُهَا قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ اُنْظُرْ هَلْ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَشُرِطَ فِي الْمَرْهُونِ كَوْنُهُ عَيْنًا إلَخْ فَتَأَمَّلْ، وَلَا يَظْهَرُ إلَّا تَكْرَارُهُ لَكِنْ أَخْبَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ مَضْرُوبٌ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ انْتَهَى. وَقَالَ س ل: ذَكَرَهُ جَوَابًا عَنْ كَوْنِهِ أَسْقَطَ مِنْ شُرُوطِ الْمَرْهُونِ كَوْنَهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ. اهـ (قَوْلُهُ وَمَوْقُوفٌ) هَذَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عِنْدَ شَرْحٍ قَوْلُهُ وَشُرِطَ فِي الْمَرْهُونِ كَوْنِهِ عَيْنًا يَصِحُّ بَيْعُهَا فَهُوَ مُكَرَّرٌ زي ع ش.
(قَوْلُهُ وَصَحَّ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ) يَنْتَظِمُ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ كَلَامِهِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُمْكِنَ تَجْفِيفُهُ أَوْ لَا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ ثَمَانِ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ إمَّا أَنْ يَرْهَنَ بِحَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ عُلِمَ حُلُولُهُ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ اُحْتُمِلَ اثْنَانِ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَيْ: اُحْتُمِلَ حُلُولُهُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَمَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَمَعَهُ أَوْ الثَّلَاثَةُ هَذِهِ ثَمَانِ صُوَرٍ، وَاعْتُبِرَ مِثْلُهَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ ثُمَّ الْكَلَامُ فِيهَا فِي مَقَامَيْنِ الْأَوَّلُ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ، وَالثَّانِي فِيمَا يُفْعَلُ فِيهَا بَعْدَ الرَّهْنِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ فِي جَمِيعِهَا لَكِنْ بِشَرْطِ فِي الْبَعْضِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ إلَخْ فَقَوْلُهُ وَصَحَّ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ إنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ فِيهِ ثَمَانِ صُوَرٍ تُعْلَمُ مِنْ الْبَيَانِ السَّابِقِ وَأَشَارَ إلَى خَمْسَةٍ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ بِقَوْلِهِ أَوْ رُهِنَ بِحَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٌ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا أَيْ: يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا فَالْحَالُّ وَاحِدَةٌ، وَالْمُؤَجَّلُ إمَّا أَنْ يُعْلَمَ الْحُلُولُ قَبْلَهُ أَوْ يُحْتَمَلُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَمَعَهُ أَوْ الثَّلَاثَةُ،
وَقَوْلُهُ أَوْ شُرِطَ إلَخْ إشَارَةً إلَى ثَلَاثَةٍ بِأَنْ عُلِمَ الْحُلُولُ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ احْتَمَلَ الْأَمْر أَنْ يَجْعَلَ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَقَامِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَيُجَفَّف فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ الثَّمَانِيَةِ الْأُولَى كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إنْ رَهَنَ بِمُؤَجَّلٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ فِي قَوْلِهِ لَا يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ صَادِقٌ بِأَنْ حَلَّ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ وَيُبَاعُ فِي ثَلَاثَةَ عَشْرَةَ دَاخِلَةٍ تَحْتَ الْغَيْرِ فِي قَوْلِهِ وَبِيعَ فِي غَيْرِهَا، وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا فِي ثَلَاثَةٍ مِنْهَا الَّتِي هِيَ صُوَرُ الشَّرْطِ السَّابِقَةُ، وَيُحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ رَهْنٍ لِلثَّمَنِ فِي الْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ.
(قَوْلُهُ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ) أَيْ: بِزَمَنٍ يَسَعُ الْبَيْعَ عُرْفًا شَيْخُنَا ح ف
وَقَوْلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا الْمَعْنَى أَوْ احْتِمَالًا أَيْ: احْتِمَالًا لِلْقَبْلِيَّةِ بِأَنْ اُحْتُمِلَ الْحُلُولُ قَبْلَهُ وَمَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ وَخَرَجَ مَا إذَا انْتَفَتْ الْقَبْلِيَّةُ الْمُحَقَّقَةُ وَالْمُحْتَمَلَةُ بِأَنْ عُلِمَ الْحُلُولُ بَعْدَ الْفَسَادِ أَوْ عُلِمَ مَعَهُ أَوْ احْتَمَلَ أَنَّهُ يَحِلُّ بَعْدَ الْفَسَادِ وَمَعَهُ، فَالْمَنْفِيُّ ثَلَاثُ صُوَرٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا بِاللَّازِمِ إذَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْقَبْلِيَّةِ يَقِينًا