بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ: الْأَصْلَ عَدَمُ فَسَادِهِ قَبْلَ الْحُلُولِ وَاسْتُشْكِلَتْ صُورَةُ الِاحْتِمَالِ بِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ رَهْنِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ يُحْتَمَلُ سَبْقُهَا الْحُلُولَ، وَتَأَخُّرُهَا عَنْهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ (أَوْ) يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ أَوْ مَعَهُ لَكِنْ (شَرَطَ بَيْعَهُ) عِنْدَ إشْرَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ (وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا) مَكَانَهُ، وَاغْتُفِرَ هُنَا شَرْطُ جَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا لِلْحَاجَةِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْإِذْنَ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ بِشَرْطِ جَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا لَا يَصِحُّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ احْتِمَالًا لِانْتِفَاءِ عِلْمِ الْبَعْدِيَّةِ وَانْتِفَاءِ عِلْمِ الْمَعِيَّةِ وَانْتِفَاءِ احْتِمَالِ الْأَمْرَيْنِ فَقَطْ إذَا عَلِمْتَ هَذَا عَلِمْتَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ: بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ مَعَ الْفَسَادِ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ انْتَفَى هَاتَانِ الصُّورَتَانِ: وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: أَيْضًا وَبِأَنْ لَمْ يَحْتَمِلْ الْبَعْدِيَّةَ وَالْمَعِيَّةَ مَعًا؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ بِالْقَبْلِيَّةِ الْمُحَقَّقَةِ وَالْمُحْتَمَلَةِ صُوَرٌ ثَلَاثَةٌ كَمَا عَلِمْت، وَأَمَّا صُورَةُ الْقَبْلِيَّةِ الَّتِي نَفَاهَا بِقَوْلِهِ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ فَهِيَ الْمَطْلُوبَةُ تَحْتَ الْغَايَةِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا فَهِيَ مُرَادَةٌ فِي الْعِبَارَةِ فَلَا يَصِحُّ نَفْيُهَا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) بِأَنْ اُحْتُمِلَ حُلُولُهُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَمَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَمَعَهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَاسْتُشْكِلَتْ صُورَةُ الِاحْتِمَالِ) الْإِضَافَة لِلْجِنْسِ لِأَنَّ صُورَةَ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ الدَّاخِلَةُ تَحْتَ الْغَايَةِ كَمَا عَلِمْت،
وَقَوْلُهُ يُحْتَمَلُ سَبْقُهَا الْحُلُولَ وَتَأَخُّرُهَا عَنْهُ أَيْ: مِنْ غَيْرِ مَعِيَّةٍ أَوْ مَعَهَا فَعِبَارَتُهُ مُحْتَمِلَةٌ لِصُورَتَيْنِ مِنْ السِّتَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ صُوَرِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ فَإِذَا كَانَ بِدُونِ مَعِيَّةٍ فَهِيَ الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ هُنَاكَ، وَإِذَا كَانَ مَعَهَا فَالرَّابِعَةُ هُنَاكَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِعِبَارَةٍ تَصْدُقُ بِصُورَةٍ ثَالِثَةٍ، وَهِيَ السَّادِسَةُ مِنْ الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ احْتِمَالُ سَبْقِ الْحُلُولِ عَلَى الصِّفَةِ وَمُقَارَنَتِهِ لَهَا كَأَنْ يَقُولَ: يُمْكِنُ سَبْقُهَا حُلُولَ الدَّيْنِ وَتَأَخُّرُهَا عَنْهُ أَوْ يُمْكِنُ تَأَخُّرُهَا عَنْهُ وَمُقَارَنَتُهَا لَهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِشْكَالَ هُنَا فِي صُوَرِ الِاحْتِمَالِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ مُشْكِلَةٌ بِصُوَرٍ ثَلَاثَةٍ مُنَاظِرَةٍ لَهَا مِنْ صُوَرِ الصِّفَةِ لَا اثْنَتَيْنِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ) وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ عَلَامَةَ الْفَسَادِ هُنَا تَظْهَرُ دَائِمًا بِخِلَافِهِ س ل. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ سَبَبَ الْفَسَادِ ثَمَّ وَهُوَ التَّعْلِيقُ مَوْجُودٌ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الرَّهْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا انْتَهَى شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَهَلَّا فَرَّقَ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يَسْلَمُ مِنْ الْغَرَرِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَجْأَةً (قَوْلُهُ أَوْ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ) أَيْ: يَقِينًا
وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَهُ أَيْ: وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ احْتَمَلَ حُلُولَهُ بَعْدَهُ وَمَعَهُ فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ ح ل (قَوْلُهُ لَكِنْ شُرِطَ بَيْعُهُ) كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَا بِشَرْطِ أَنْ تَبِيعَهُ إذَا أَشْرَفَ عَلَى الْفَسَادِ فَلَوْ شُرِطَ بَيْعُهُ الْآنَ بَطَلَ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يُبَاعُ قَطْعًا وَبَيْعُهُ الْآنَ أَحَظُّ وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ قَبْلَ الْمَحَلِّ الْمَنْعِ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَهِيَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا عِنْدَ إشْرَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ فَلَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْفَسَادِ وَتَرَكَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَهُ حِينَئِذٍ ضَمِنَ وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ سَيَأْتِي لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُرْتَهِنِ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ عِنْدَ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِالِاسْتِعْجَالِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ غَرَضَهُ الِاسْتِيثَاقُ بِثَمَنِهِ فَهُوَ يَطْلُبُ زِيَادَتَهُ. انْتَهَى شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ عِنْدَ إشْرَافِهِ) ظَرْفٌ لِلْبَيْعِ لَا لِلشَّرْطِ إذْ الشَّرْطُ فِي الْعَقْدِ، وَأَمَّا الْبَيْعُ فَعِنْدَ خَوْفِ الْفَسَاد وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ إشْرَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ مَا لَوْ عَرَضَ مَا يَقْتَضِي بَيْعَهُ فَيُبَاعُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ بَيْعَهُ وَقْتَ الرَّهْنِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْمَشْرُوطِ حُكْمًا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي قُرَى مِصْرَ مِنْ قِيَامِ طَائِفَةٍ عَلَى طَائِفَةٍ وَأَخْذِ مَا بِأَيْدِيهِمْ، فَإِذَا كَانَ مَنْ أُرِيدَ الْأَخْذُ مِنْهُ مَرْهُونًا عِنْدَهُ دَابَّةٌ مَثَلًا وَأُرِيدَ أَخْذُهَا مِنْهُ أَوْ عَرَضَ إبَاقُ الْعَبْدِ مَثَلًا جَازَ لَهُ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَجَعَلَ الثَّمَنَ مَكَانَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَسْأَلَةُ الْحِنْطَةِ الْمُبْتَلَّةِ الْآتِيَةِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا مَكَانَهُ) بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعِهِ أَيْ: شَرْطِ بَيْعِهِ وَشَرْطِ جَعْلِ ثَمَنِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ هَذَا الْجَعْلِ حَتَّى يَكُونَ رَهْنًا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ قَالَ: يَكُونُ رَهْنًا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَهُ رَهْنًا وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ بَيْعِهِ انْفِكَاكُ رَهْنه. ح ل.
(قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ الْإِذْنَ) أَيْ: مِنْ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ صِحَّةِ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ جَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا لَا يَصِحُّ أَيْ: الْإِذْنُ فَمَا هُنَا كَانَ أَوْلَى بِالْفَسَادِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ وَتَأَثُّرُ الْعُقُودِ بِالشُّرُوطِ أَكْثَرُ، وَالْفَارِقُ الْحَاجَةُ شَيْخُنَا، وَعِبَارَتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute