للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا ذُكِرَ الْمُرْتَهِنُ

(وَعَلَيْهِ) أَيْ: الرَّاهِنِ الْمَالِكِ (مُؤْنَةُ مَرْهُونٍ) كَنَفَقَةِ رَقِيقِ وَكِسْوَتِهِ وَعَلَفِ دَابَّةٍ وَأُجْرَةِ سَقْيِ أَشْجَارٍ وَجُذَاذِ ثِمَارٍ وَتَجْفِيفِهَا وَرَدِّ آبِقٍ وَمَكَانِ حِفْظٍ فَيُجْبَرُ عَلَيْهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ

(وَلَا يُمْنَعُ) الرَّاهِنُ (مِنْ مَصْلَحَتِهِ) أَيْ: الْمَرْهُونِ (كَفَصْدٍ وَحَجْمٍ) وَمُعَالَجَةٍ بِأَدْوِيَةٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ إلَيْهَا حِفْظًا لِمِلْكِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا (وَهُوَ أَمَانَةٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ) لِخَبَرِ «الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ» أَيْ: مِنْ ضَمَانِهِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ؛ فَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ كَمَوْتِ الْكَفِيلِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ إلَّا إذَا تَعَدَّى فِيهِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ رَدِّهِ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ.

[دَرْس] (وَأَصْلُ فَاسِدِ كُلِّ عَقْدٍ) صَدَرَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الثَّالِثَ مُقَامَهُ وَجَعَلَ يَدَهُ كَيَدِهِ فَإِذَا فَرَّطَ فَقَدْ اسْتَقَلَّ بِالْعُدْوَانِ فَلْيَسْتَقِلَّ بِالضَّمَانِ ح ل.

(قَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ: فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ قَوْلِهِ، وَالثَّمَنُ عِنْدَهُ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ إلَى هُنَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا بَاعَهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ لَا يَمْلِكُ ثَمَنَهُ بِقَبْضِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِيهِ اتِّحَادَ الْقَابِضِ وَالْمَقْبِضِ تَأَمَّلْ، وَحَرِّرْ.

(قَوْلُهُ أَيْ: الرَّاهِنُ الْمَالِكُ) وَأَمَّا فِي الْمُسْتَعِيرِ فَعَلَى مَالِكِ الْمَرْهُونِ وَهُوَ الْمُعِيرُ. ح ل وَشَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ مَرْهُونٍ) أَيْ: الَّتِي بِهَا بَقَاؤُهُ فَخَرَجَ نَحْوُ أُجْرَةِ طَبِيبٍ وَثَمَنَ دَوَاءٍ، فَهِيَ وَاجِبَةٌ وَلَوْ لِغَيْرِ مَرْهُونٍ وَنَحْوُ مُؤْنَةِ سَمْنٍ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْمُؤْنَةُ مِنْ الرَّاهِنِ لِغَيْبَتِهِ أَوْ إعْسَارِهِ مَالَهُ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ إنْ رَأَى لَهُ مَالًا، وَإِلَّا فَيُقْتَرَضُ عَلَيْهِ أَوْ يَبِيعُ جُزْءًا مِنْهُ، وَلَوْ مَالَهُ الْمُرْتَهَنَ رَجَعَ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ بِإِشْهَادٍ عِنْدَ فَقْدِهِ، وَإِلَّا فَلَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ. .

(قَوْلُهُ كَنَفَقَةِ رَقِيقٍ) وَمِمَّا يَلْزَمُ كَالْمُؤَنِ إعَادَةُ مَا انْهَدَمَ مِنْ الْمَرْهُونِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ؛ لِأَنَّ تَخْيِيرَ الْمُسْتَأْجِرِ يَجْبُرُ تَضَرُّرَهُ بِذَلِكَ، وَالْمُرْتَهِنُ لَا جَابِرَ لِتَضَرُّرِهِ إلَّا إعَادَةُ الْمَرْهُونِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ هَذَا مَا يُتَّجَهُ فِي الْفَرْقِ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ شَوْبَرِيُّ.

(قَوْلُهُ فَيُجْبَرُ عَلَيْهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ: لَا مِنْ حَيْثُ الْمِلْكُ؛ لِأَنَّ لَهُ تَرْكَ سَقْيِ زَرْعِهِ وَعِمَارَةِ دَارِهِ وَلَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِاخْتِصَاصِهِ بِذِي الرُّوحِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الْمُؤَجَّرَ عِمَارَةُ الدَّارِ لِأَنَّ ضَرَرَ الْمُسْتَأْجِرِ يَنْدَفِعُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ. ز ي.

(قَوْلُهُ وَلَا يَمْنَعُ الرَّاهِنَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ) لَا مِنْ حَيْثُ الْمِلْكُ وَلَا مِنْ حَيْثُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِاخْتِصَاصِهِ بِذِي الرُّوحِ، وَلَهُ خِتَانُ الرَّقِيقِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا إنَّ لَمْ يَخَفْ مِنْهُ وَكَانَ يَنْدَمِلُ قَبْلَ الْحُلُولِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ السَّلَامَةُ وَلَهُ قَطْعُ سِلْعَةٍ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ، وَإِلَّا فَلَا ح ل وَق ل قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ وَلَمْ يُقَيَّدْ بِالْمَالِكِ كَسَابِقِهِ، وَلَعَلَّهُ حَذَفَهُ مِنْهُ لِدَلَالَةٍ سَابِقَةٍ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ حِفْظًا لِمِلْكِهِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي الْمُسْتَعِيرِ الرَّاهِنِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ؟ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ، وَمِثْلُهُ الْوَدِيعُ أَوْ لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ أَوْ الْمَالِكِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ كَفَصْدٍ وَحَجْمٍ) وَكَذَا خَتْنٌ وَلَوْ لِكَبِيرٍ مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ، وَقَطْعِ سِلْعَةٍ كَذَلِكَ. ق ل. (قَوْلُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ مُنِعَ مِنْ الْقَصْدِ دُونَ الْحَاجَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لِخَبَرٍ رُوِيَ «قَطْعُ الْعُرُوقِ مَسْقَمَةٌ وَالْحِجَامَةُ خَيْرٌ مِنْهُ» شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا) أَيْ: لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهَا عَلَى السَّيِّدِ لِحَقِّ الرَّقِيقِ كَمَا فِي النَّفَقَاتِ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ أَمَانَةٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ) وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَبَعًا لِلْمَحَامِلِيِّ ثَمَانِ مَسَائِلَ مَا لَوْ تَحَوَّلَ الْمَغْصُوبُ رَهْنًا أَوْ تَحَوَّلَ الْمَرْهُونُ غَصْبًا أَوْ تَحَوَّلَ الْمَرْهُونُ عَارِيَّةً أَوْ تَحَوَّلَ الْمُسْتَعَارُ رَهْنًا أَوْ رُهِنَ الْمَقْبُوضُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ، أَوْ رَهْنٍ مَقْبُوضٍ بِسَوْمٍ أَوْ رَهْنٍ مَا بِيَدِهِ بِإِقَالَةٍ أَوْ فَسْخٍ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ خَالَعَ عَلَى شَيْءٍ، ثُمَّ رَهَنَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِمَّنْ خَالَعَهُ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ أَيْ: مِنْ ضَمَانِهِ) أَيْ: لَا مِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فَالدَّلَالَةُ عَلَى الْمُدَّعِي مَفْهُومُ الْحَدِيثِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُمَا جَعَلَاهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ، وَأَنَّهُ يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ قَدْرُهُ مِنْ الدَّيْنِ عَنْ الرَّاهِنِ، وَلَوْ زَادَ فَلَا مُطَالَبَةَ بِالزِّيَادَةِ كَمَا فِي ق ل وَمَحَلُّ سُقُوطِ قَدْرِهِ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَخْفَى كَالدَّوَابِّ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّلَفِ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ) أَيْ: سَوَاءٌ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ أَوْ بِدُونِهِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ التَّفْرِيطِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَمَعَ ضَمَانِهِ لَهَا دَيْنُهُ بَاقٍ وَقَوْلُهُ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ الظَّاهِرِ أَنَّ الْمَعْنَى بِجَامِعِ فَوَاتِ التَّوَثُّقِ يَعْنِي مَعَ بَقَاءِ الدَّيْنِ بِحَالِهِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَسْقُطُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَالدَّيْنِ وَعِنْدَ مَالِكٍ كَذَلِكَ إنْ تَلِفَ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي ق ل (قَوْلُهُ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ رَدِّهِ) أَيْ: بَعْدَ طَلَبِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الِامْتِنَاعِ فَقِيلَ: طَلَبُهُ أَمَانَةٌ، وَالْمُرَادُ بِرَدِّهِ تَخْلِيَتُهُ ق ل.

وَعِبَارَةُ م ر أَوْ مُنِعَ مِنْ رَدِّهِ بَعْدَ سُقُوطِ الدَّيْنِ وَالْمُطَالَبَةِ. أَمَّا بَعْدَ سُقُوطِهِ وَقَبْلَ الْمُطَالَبَةِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى أَمَانَتِهِ. .

(قَوْلُهُ وَأَصْلُ فَاسِدِ كُلِّ عَقْدٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْأَصْلِ الْكَثِيرُ وَالْغَالِبُ قَالَ خ ط: وَلَوْ قِيلَ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ كُلُّ عَيْنٍ لَا تَعَدِّيَ فِيهَا، وَكَانَتْ مَضْمُونَةً بِعَقْدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>