للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مِنْ رَشِيدٍ كَصَحِيحِهِ فِي ضَمَانٍ) وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ إنْ اقْتَضَى صَحِيحُهُ الضَّمَانَ فَفَاسِدُهُ أَوْلَى أَوْ عَدَمُهُ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ: وَاضِعَ الْيَدِ أَثْبَتَهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَلَمْ يَلْتَزِمْ بِالْعَقْدِ ضَمَانًا فَالْمَقْبُوضُ بِفَاسِدٍ بَيْعٌ أَوْ إعَارَةٌ مَضْمُونٌ، وَبِفَاسِدٍ رَهْنٌ أَوْ هِبَةٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مِنْ رَشِيدٍ مَا لَوْ صَدَرَ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَقْتَضِي صَحِيحُهُ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ وَنَبَّهْت بِزِيَادَتِي أَصْلُ تَبَعًا لِلْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

صَحِيحٍ كَانَتْ مَضْمُونَةً بِفَاسِدِ الْعَقْدِ وَمَالًا فَلَا لَمْ يَرِدُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بَعْدُ. (قَوْلُهُ مِنْ رَشِيدٍ) بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ رَشِيدًا أَيْ: غَيْرُ مَحْجُور عَلَيْهِ فَيَشْمَلُ السَّفِيهَ الْمُهْمَلَ، وَالْمُرَادُ صَدَرَ مِنْ رَشِيدٍ مَعَ رَشِيدٍ فَلَوْ صَدَرَ مَعَ سَفِيهٍ فَلَا يَضْمَنُ السَّفِيهُ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَلَا يَضْمَنُ أَيْ: السَّفِيهُ مَا قَبَضَهُ مِنْ رَشِيدٍ وَتَلَفٍ وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ فِي غَيْرِ أَمَانَةٍ وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ أَيْ: لَا يَضْمَنُ مَا قَبَضَهُ وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِي شُرُوطِ الْعَاقِدِ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ

وَقَوْلُهُ فِي ضَمَانٍ أَيْ: فِي مُطْلَقِ الضَّمَان وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ يُضْمَنُ بِالثَّمَنِ، وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَضْمَنُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَبِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ فَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ التَّسْوِيَةُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ لَا فِي الضَّامِنِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ اسْتَأْجَرَ لِمُوَلِّيهِ فَاسِدًا تَكُونُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ، وَفِي الصَّحِيحَةِ عَلَى مُوَلِّيهِ وَلَا فِي الْقَدْرِ فَلَا يَرِدُ كَوْنُ صَحِيحِ الْبَيْعِ مَضْمُونًا بِالثَّمَنِ، وَفَاسِدُهُ بِالْبَدَلِ وَالْقَرْضُ بِمِثْلِ الْمُتَقَوِّمِ الصُّورِيِّ وَفَاسِدُهُ بِالْقِيمَةِ وَنَحْوُ الْقَرْضِ، وَالْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ بِالْمُسَمَّى وَفَاسِدُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنْ اقْتَضَى صَحِيحُهُ إلَخْ) الْمَقَامُ لِلتَّفْرِيعِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ فَفَاسِدُهُ أَوْلَى) لِأَنَّ الصَّحِيحَ قَدْ أَذِنَ فِيهِ الشَّارِعُ وَالْمَالِك، وَالْفَاسِدُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الشَّارِعُ بَلْ فِيهِ التَّجَرُّؤُ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ) أَيْ: يَقْتَضِي عَدَمَ الضَّمَانِ لَا أَنَّهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ تَعْلِيلَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ وَاضِعَ إلَخْ لَا يُفِيدُ إلَّا ذَلِكَ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر

وَقَوْلُهُ فَفَاسِدَة كَذَلِكَ قَالَ سم: وَلَمْ يَقُلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَيْسَ أَوْلَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ بَلْ بِالضَّمَانِ. انْتَهَى، وَوَجْه ذَلِكَ أَنْ عَدَمَ الضَّمَانِ تَخْفِيف وَلَيْسَ الْفَاسِدَ أَوْلَى بِهِ بَلْ حَقُّهُ أَنْ يَكُونُ أَوْلَى بِالضَّمَانِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْر بِلَا حَقٍّ، فَكَانَ أَشْبَهَ بِالْغَصْبِ. اهـ فَيَكُونُ قِيَاسُ الْفَاسِدِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ قِيَاسًا أَدْوَنَ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ وَاضِعَ الْيَدِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: الصَّحِيحُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِيهِ كُلٌّ مِنْ الشَّارِعِ، وَالْمَالِكِ، وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الشَّارِعُ فَكَانَ يُنَاسِبُهُ الضَّمَانُ لِنَهْيِ الشَّارِعِ عَنْهُ فَأَجَابَ بِأَنَّ وَاضِعَ الْيَدِ لَمَّا كَانَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ،

وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ بِالْعَقْدِ ضَمَانًا لِكَوْنِ صَحِيحِهِ غَيْرَ مُضَمَّنٍ فَقَوْلُهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ بِالْعَقْدِ أَيْ: الْفَاسِدِ.

(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مِنْ رَشِيدٍ) اعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ التَّقْيِيدَ بِالرَّشِيدِ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ غَيْرِهِ بَاطِلٌ لِاخْتِلَالِ رُكْنِهِ لَا فَاسِدٌ، وَالْكَلَامُ فِي الْفَاسِدِ، وَأَقُولُ هَذَا الِاعْتِرَاضُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْفَاسِدَ وَالْبَاطِلَ عِنْدَنَا سَوَاءٌ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ الْحَجُّ، وَالْعَارِيَّةُ وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامٍ مَخْصُوصَةٍ، فَالتَّقْيِيدُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَالِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مَا لَوْ صَدَرَ إلَخْ) مَا الْأُولَى مَصْدَرِيَّةٌ، وَلَوْ زَائِدَةٌ، وَالثَّانِيَةُ وَاقِعَةٌ عَلَى عَقْدٍ أَيْ: وَخَرَجَ صُدُورُ عَقْدِ لَا يَقْتَضِي إلَخْ وَصَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ رَشِيدٍ قَيْدٌ فِي الشِّقِّ الثَّانِي فَقَطْ، وَهُوَ قَوْله وَعَدَمُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ مُحْتَرَزًا فِي الْأَوَّلِ بَلْ فِي الثَّانِي، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ لِأَنَّ الْبَيْعَ الصَّادِرَ مِنْ رَشِيدٍ إذَا كَانَ مُضَمَّنًا يَكُونُ الصَّادِرُ مِنْ غَيْرِهِ مُضَمَّنًا بِالْأَوْلَى. .

(قَوْلُهُ مَا لَا يَقْتَضِي صَحِيحُهُ الضَّمَانَ) كَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ) أَيْ: مُتَعَلَّقُهُ، وَهُوَ الْمَقْبُوضُ فِيهِ عَلَى الْقَابِضِ الرَّشِيدِ. (قَوْلُهُ تَبَعًا لِلْأَصْحَابِ) أَيْ: فِي قَوْلِهِمْ الْأَصْلُ أَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: مُرَادُ الْأَصْحَابِ بِالْأَصْلِ الضَّابِطُ: وَحَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ مُسْتَنِدًا لَهُ. (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ) أَجَابَ م ر وَغَيْرُهُ عَنْ خُرُوجِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ الضَّمَانُ وَعَدَمُهُ فِي الْمَالِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَأَمَّا فِي الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ فَمَالُ الْقِرَاضِ وَالثَّمَرَةِ الَّتِي فِي الْمُسَاقَاةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَكَذَا مَالُ الشَّرِكَةِ لَا ضَمَانَ فِيهِ وَضَمَانُ الْمَرْهُونِ وَالْمُكْتَرِي الْمَغْصُوبَيْنِ لِعَارِضِ الْغَصْبِ لَا مِنْ حَيْثُ الْفَسَادُ وَالصِّحَّةُ فَلَمْ تَدْخُلْ حَتَّى تَخْرُجَ. اهـ. ح ف. أَيْ: فَالْكَلَامُ فِي الْأَعْيَانِ الْمَقْبُوضَةِ الَّتِي لَا تَعَدِّيَ فِيهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فَالْمَقْبُوضُ إلَخْ وَأَمَّا عَمَلُ الْعَامِلِ فَلَيْسَ عَيْنًا مَقْبُوضَةً حَتَّى يُرَدَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>