للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ صَرْفِهِ) وَإِنْ قَلَّ (فِي مُحَرَّمٍ لَا) صَرْفِهِ فِي (خَيْرٍ) كَصَدَقَةٍ (وَ) لَا فِي (نَحْوِ مُلَابِسٍ وَمَطَاعِمَ) كَهَدَايَا وَشِرَاءِ إمَاءٍ كَثِيرَةٍ لِلتَّمَتُّعِ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يُتَّخَذُ لِيُنْتَفَعَ وَيُلْتَذَّ بِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَهُوَ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ صَرْفَهُ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الِاقْتِرَاضِ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَفِي بِهِ فَحَرَامٌ، وَنَحْوٌ مِنْ زِيَادَتِي

(وَيُخْتَبَرُ رُشْدُهُ) أَيْ الصَّبِيِّ فِي الدِّينِ وَالْمَالِ لِيُعْرَفَ رُشْدُهُ وَعَدَمُ رُشْدِهِ (قَبْلَ بُلُوغِهِ) لِآيَةِ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: ٦] إنَّمَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْبَالِغِ (فَوْقَ مَرَّةٍ) بِحَيْثُ يُظَنُّ رُشْدُهُ لَا مَرَّةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ فِيهَا اتِّفَاقًا أَمَّا فِي الدِّينِ فَبِمُشَاهَدَةِ حَالِهِ فِي الْعِبَادَاتِ بِقِيَامِهِ بِالْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِهِ الْمَحْظُورَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، وَأَمَّا فِي الْمَالِ فَيَخْتَلِفُ بِمَرَاتِبِ النَّاسِ (فَ) يُخْتَبَرُ (وَلَدُ تَاجِرٍ بِمُمَاكَسَةٍ) أَيْ مُشَاحَّةٍ (فِي مُعَامَلَةٍ) وَيُسَلَّمُ لَهُ الْمَالُ لِيُمَاكِسَ لَا لِيَعْقِدَ (ثُمَّ) إنْ أُرِيدَ الْعَقْدُ (يَعْقِدُ وَلِيُّهُ وَ) يُخْتَبَرُ وَلَدُ (زَرَّاعٍ بِزِرَاعَةٍ وَنَفَقَةٍ عَلَيْهَا) أَيْ الزِّرَاعَةِ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْقِوَامِ بِمَصَالِحِ الزَّرْعِ كَالْحَرْثِ وَالْحَصْدِ وَالْحِفْظِ.

(وَالْمَرْأَةُ بِأَمْرِ غَزْلٍ وَصَوْنِ نَحْوِ أَطْعِمَةٍ) كَقُمَاشٍ (عَنْ نَحْوِ هِرَّةٍ) كَفَأْرَةٍ كُلُّ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ عَلَى الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ وَنَحْوِ الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِي. وَيُخْتَبَرُ الْخُنْثَى بِمَا يُخْتَبَرُ بِهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى

(فَلَوْ فَسَقَ بَعْدَ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا (فَلَا حَجْرَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يَحْجُرُوا عَلَى الْفَسَقَةِ (أَوْ بَذَّرَ) بَعْدَ ذَلِكَ (حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي) لَا غَيْرُهُ وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ التَّبْذِيرَ يَتَحَقَّقُ بِهِ تَضْيِيعُ الْمَالِ بِخِلَافِ الْفِسْقِ (وَهُوَ وَلِيُّهُ) وَتَقْيِيدُ الْحَجْرِ بِالْقَاضِي مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ جُنَّ) بَعْدَ ذَلِكَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: أَوْ صَرْفِهِ فِي مُحَرَّمٍ) أَيْ وَلَوْ صَغِيرَةً كَإِعْطَائِهِ أُجْرَةً لِصَوْغِ إنَاءِ نَقْدٍ أَوْ لِمُنَجِّمٍ أَوْ لِرِشْوَةٍ عَلَى بَاطِلٍ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ: فَحَرَامٌ) أَيْ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ ع ش

(قَوْلُهُ: وَيُخْتَبَرُ رُشْدُهُ) أَيْ يَخْتَبِرُهُ الْوَلِيُّ وَلَوْ غَيْرُ أَصْلٍ وُجُوبًا قَبْلَ بُلُوغِهِ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ لِلْبُلُوغِ ح ل (قَوْلُهُ: قَبْلَ بُلُوغِهِ) وَالْمُرَادُ بِالْقَبْلِيَّةِ الزَّمَنُ الْمُقَارِبُ لِلْبُلُوغِ بِحَيْثُ يَظْهَرُ رُشْدُهُ لِيُسَلِّمَ إلَيْهِ الْمَالَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: ٦] أَيْ اخْتَبِرُوهُمْ (قَوْلُهُ: وَالشُّبُهَاتِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ارْتَكَبَ الشُّبُهَاتِ لَا يَكُونُ رَشِيدًا وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا مَرَّ أَنَّ صَلَاحَ الدِّينِ أَنْ لَا يَفْعَلَ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةُ فِي اسْتِكْشَافِ حَالِ الصَّبِيِّ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَيُخْتَبَرُ وَلَدُ تَاجِرٍ) وَيَكْفِي اخْتِبَارُهُ فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ حِرْفَةٌ وَإِلَّا اُخْتُبِرَ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحِرْفَةِ نَفْسِهِ وَلَمْ يُنْظَرْ لِحِرْفَةِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَتَطَلَّعُ إلَيْهَا وَلَا يُحْسِنُهَا س ل وَمَنْ لَا حِرْفَةَ لَهُ وَلَا لِأَبِيهِ يُخْتَبَرُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ وَيُخْتَبَرُ وَلَدُ الْفَقِيهِ فِي نَحْوِ شِرَاءِ الْكُتُبِ وَنَفَقَةِ الْعِيَالِ، وَوَلَدُ الْأَمِيرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ وَالْجُنْدِ وَغَيْرِهِمْ ق ل (قَوْلُهُ: أَيْ مُشَاحَّةٍ) بِالنُّقْصَانِ عَمَّا يَطْلُبُ الْبَائِعُ وَالزِّيَادَةُ عَمَّا يَطْلُبُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ لَهُ الْمَالَ) قَالَ سم أَيْ حَاجَةً لِتَسْلِيمِ الْمَالِ مَعَ أَنَّ الْمُمَاكَسَةَ بِدُونِهِ مُمْكِنَةٌ اهـ وَقَدْ يُقَالُ فِي تَسْلِيمِهِ قُوَّةٌ دَاعِيَةٌ لَهُ عَلَى الْمُمَاكَسَةِ وَتَنْشِيطٌ لَهُ فِي الْمُعَامَلَةِ وَزِيَادَةُ رَغْبَةٍ وَأَقْدَمُ عَلَى إجَابَتِهِ مِمَّنْ يُمَاكِسُهُ شَوْبَرِيٌّ قَالَ س ل.

وَلَا يَضْمَنُهُ الْوَلِيُّ إنْ تَلِفَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَلَوْ قِيلَ يَلْزَمُهُ مُرَاقَبَتُهُ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ إغْفَالُهُ حَامِلًا عَلَى تَضْيِيعِهِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ لَمْ يَبْعُدْ اهـ (قَوْلُهُ: يَعْقِدُ وَلِيُّهُ) وَهَلْ بَعْدَ عَقْدِ وَلِيِّهِ يَدْفَعُ الْمَالَ أَوْ يَدْفَعُهُ مَنْ فِي يَدِهِ أَوْ يَدْفَعُهُ الْوَلِيُّ ح ل.

وَعِبَارَةُ ق ل عَقْدُ الْوَلِيِّ ثُمَّ يَدْفَعُ الْوَلِيُّ الْمَالَ إنْ كَانَ مَعَهُ أَوْ يَأْخُذُهُ مِنْ الصَّبِيِّ وَيَدْفَعُهُ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَيَصِحُّ دَفْعُ الصَّبِيِّ بِأَمْرِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لِمُعَيَّنٍ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْقَوَّامِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ النَّفَقَةَ بِنَفْسِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ حَجّ وَمَالَ شَيْخُنَا إلَى أَنَّ الْوَلِيَّ يُمَاكِسُ فَقَطْ وَالْوَلِيُّ هُوَ الَّذِي يَعْقِدُ وَيُسَلِّمُ الْأُجْرَةَ اهـ شَوْبَرِيٌّ فَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ بِأَمْرِ غَزْلٍ) بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ أَوْ بِمَعْنَى الْمَغْزُولِ فِيمَنْ يَلِيقُ بِهَا ذَلِكَ بِخِلَافِ بَنَاتِ الْمُلُوكِ وَالْمُخْتَبِرُ لَهَا الْوَلِيُّ وَالْمَحَارِمُ أَوْ غَيْرُهُمْ بِنَاءً عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَجَانِبِ لَهَا بِالرُّشْدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ح ل.

وَعِبَارَةُ ق ل بِالْغَزْلِ أَيْ الْمَغْزُولِ مِنْ عَمَلٍ وَحِفْظٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ بَقَائِهِ عَلَى الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَهَذَا فِي غَيْرِ بَنَاتِ الْمُلُوكِ فَهُنَّ يُخْتَبَرْنَ بِمَا يُنَاسِبُهُنَّ اهـ (قَوْلُهُ: وَصَوْنِ نَحْوِ أَطْعِمَةٍ) يُشَارِكُهَا فِيهِ الذَّكَرُ

وَقَوْلُهُ كَقُمَاشٍ فَإِنَّهُ يُصَانُ عَنْ الْفَأْرِ (قَوْلُهُ: هِرَّةٍ) هِيَ الْأُنْثَى وَجَمْعُهَا هِرَرٌ كَقِرْبَةٍ وَقِرَبٍ وَالذَّكَرُ هِرٌّ وَجَمْعُهُ هِرَرَةٌ كَقِرْدٍ وَقِرَدَةٍ ق ل وز ي

(قَوْلُهُ: فَلَوْ فَسَقَ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَالرُّشْدُ ابْتِدَاءً وَالْمُرَادُ فَسَقَ بِغَيْرِ التَّبْذِيرِ بِدَلِيلِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَذَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا (قَوْلُهُ: حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي) أَيْ وُجُوبًا فَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ أَثِمَ وَإِذَا رَشَدَ بَعْدَ هَذَا الْحَجْرِ لَمْ يَنْفَكَّ إلَّا بِفَكِّ الْقَاضِي لِلِاحْتِيَاطِ لِلِاجْتِهَادِ حِينَئِذٍ س ل وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ هَذَا مَا دَامَ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَهَذَا هُوَ مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ مُلْحَقٌ بِالرَّشِيدِ.

فَمَتَى أَطْلَقُوا السَّفِيهَ الْمُهْمَلَ اخْتَصَّ بِهَذَا شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ وَلِيُّهُ) فَإِذَا جُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ مِنْ الْقَاضِي لِلْأَبِ أَوْ الْجَدِّ كَمَا اعْتَمَدَهُ زي وَيُقَالُ ارْتَفَعَ حَجْرُ السَّفَهِ وَخَلَفَهُ حَجْرُ الْجُنُونِ كَمَا فِي خَطِّ شَيْخِنَا م ر شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ جُنَّ) لَوْ أَفَاقَ مِنْ هَذَا الْجُنُونِ مُبَذِّرًا فَهَلْ الْوِلَايَةُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ اسْتِصْحَابًا لِمَا قَبْلَ الرُّشْدِ كَمَا لَوْ بَلَغَ مُبَذِّرًا أَوْ لِلْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَلِيَّهُ قَبْلَ الْجُنُونِ فِيهِ نَظَرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>