للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْحَالِ فَإِنْ شَرَطَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُؤَجَّلُ؛ وَلِأَنَّ سُدُسَ الْجِدَارِ قَبْلَ شُخُوصِهِ مَعْدُومٌ. وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْعَرْصَةِ وَثُلُثَ آلَتِهِ

(وَلَهُ صُلْحٌ بِمَالٍ عَلَى إجْرَاءِ مَاءٍ غَيْرِ غُسَالَةٍ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ) أَرْضًا أَوْ سَطْحًا (أَوْ إلْقَاءِ ثَلْجٍ فِي أَرْضِهِ) أَيْ: أَرْضِ غَيْرِهِ كَأَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى أَنْ يُجْرِيَ مَاءِ الْمَطَرِ مِنْ سَطْحِهِ إلَى سَطْحِ جَارِهِ لِيَنْزِلَ الطَّرِيقَ أَوْ أَنْ يُجْرِيَ مَاءَ النَّهْرِ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ لِيَصِلَ إلَى أَرْضِهِ أَوْ أَنْ يُلْقِيَ الثَّلْجَ مِنْ سَطْحِهِ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ، وَهَذَا الصُّلْحُ فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ يَصِحُّ بِلَفْظِهَا، وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِقَدْرِ مَاءِ الْمَطَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَوْضِعِ الْإِجْرَاءِ، وَطُولِهِ وَعَرْضِهِ وَعُمْقِهِ وَمَعْرِفَةِ قَدْرِ السَّطْحِ الَّذِي يَنْحَدِرُ مِنْهُ الْمَاءُ وَالسَّطْحِ الَّذِي يَنْحَدِرُ إلَيْهِ مَعَ مَعْرِفَةِ قُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ وَتَقْيِيدِي بِغَيْرِ الْغُسَالَةِ فِي الْأُولَى وَبِالْأَرْضِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي، فَخَرَجَ بِهِمَا الصُّلْحُ بِمَالٍ عَلَى إجْرَاءِ مَاءِ الْغُسَالَةِ، وَإِلْقَاءِ الثَّلْجِ عَلَى السَّطْحِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ وَفِي الثَّانِيَةِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ

(وَلَوْ تَنَازَعَا جِدَارًا أَوْ سَقْفًا بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ بُنِيَ مَعَ بِنَاءِ أَحَدِهِمَا) كَأَنْ دَخَلَ نِصْفُ لَبِنَاتِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ أَوْ كَانَ السَّقْفُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ: الْجَوَازَ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ كَالْمَطْلَبِ: وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ بِصِيغَةِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْجِعَالَةِ صَحَّ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ يَجِبُ فِيهَا إمْكَانُ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ عَقِبَ عَقْدِهَا بِخِلَافِ الْجِعَالَةِ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْجُعْلَ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَيْنِ تَأْجِيلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِحْقَاقَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَكَيْفَ يُعْقَلُ تَأْجِيلٌ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ م ر بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ جَازَ وَمَحَلُّ هَذَا إذَا جَعَلَ لَهُ الزِّيَادَةَ مِنْ النَّقْضِ وَالْعَرْصَة حَالًا فَإِنْ شَرَطَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَمْ يَصِحَّ قَالَهُ الْإِمَامُ. (قَوْلُهُ: فِي الْحَالِ) أَيْ: وَعُلِمَتْ الْآلَةُ وَوَصْفَ الْجِدَارِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ ق ل.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ إلَخْ) ، وَلَوْ لِلْبَعْضِ، وَإِنْ قَلَّ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ سُدُسَ الْجِدَارِ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَشْرِطْ سُدُسَ الْجِدَارِ، بَلْ سُدُسَ النَّقْضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِسُدُسِ النَّقْضِ الْمَشْرُوطِ بَعْدَ الْبِنَاءِ سُدُسُ الْجِدَارِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَأْتِي مِثْلُهُ) أَيْ: مِثْلُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَيْ: بِأَنْ شَرَطَ لَهُ ثُلُثَ الْآلَةِ فِي الْحَالِ فَقَوْلُهُ فِي الْعَرْصَةِ وَثُلُثُ الْآلَةِ أَيْ: بِالنَّظَرِ لِثُلُثِ الْآلَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْعَرْصَةَ مُشْتَرَكَةٌ

وَقَوْلُهُ: وَثُلُثِ الْآلَةِ أَيْ: آلَةِ نَفْسِهِ فَأَلْ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْعَرْصَةِ أَيْضًا إنْ شَرَطَ لَهُ مَا ذُكِرَ فِي الْحَالِ فَإِنْ شَرَطَ لَهُ مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُؤَجَّلُ

. (قَوْلُهُ: أَنْ يُجْرِيَ مَاءَ الْمَطَرِ مِنْ سَطْحِهِ) أَيْ: حَيْثُ كَانَ لَا مَصْرِفَ لَهُ إلَّا ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ ح ل. (قَوْلُهُ: فِي أَرْضِ غَيْرِهِ) أَيْ: أَوْ سَطْحِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَهَذَا الصُّلْحُ إلَخْ) وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ فِي الْمَوْقُوفِ وَالْمُؤَجَّرِ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ وَتَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَأَنَّهُ فِي غَيْرِهِمَا يَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي عَقْدِ حَقِّ الْبِنَاءِ فَيَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَبِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، وَلَوْ بِتَقْدِيرِ مُدَّةٍ وَبِلَفْظِ الْعَارِيَّةُ وَبِلَفْظِ الصُّلْحِ فَيَنْعَقِدُ بَيْعًا وَيَمْلِكُ بِهِ مَحَلَّهُ، وَكَذَا لَوْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَفَارَقَ حَقَّ الْمَمَرِّ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا مُتَوَجِّهٌ إلَى الْعَيْنِ وَلِذَلِكَ شَرَطَ هُنَا بَيَانَ مَوْضِعِ الْإِجْرَاءِ طُولًا وَعَرْضًا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ق ل. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَوْضِعِ الْإِجْرَاءِ) ، وَهِيَ الْقَنَاةُ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ فَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ: وَالسَّطْحُ الَّذِي يَنْحَدِرُ مِنْهُ الْمَاءُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ عِبَارَةٌ عَنْ مَعْرِفَةِ طُولِهِ وَعَرْضِهِ وَمَعْرِفَةُ عَرْضِهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا غَرَضٌ وَمَعْرِفَةُ طُولِهِ مُسْتَغْنًى عَنْهَا بِمَعْرِفَةِ طُولِ الْقَنَاةِ سم بِنَوْعِ إيضَاحٍ. (قَوْلُهُ: وَمَعْرِفَةُ قَدْرِ السَّطْحِ) أَيْ: مَسَافَةِ عُلُوِّهِ وَسَعَتِهِ إلَى الْأَرْضِ أَوْ إلَى السَّطْحِ الْآخَرِ ح ل، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى سَعَتِهِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَعْرِفَةِ ارْتِفَاعِهِ عَلَى السَّطْحِ الَّذِي يَنْزِلُ فِيهِ الْمَاءُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَظُمَ ارْتِفَاعُهُ يَنْزِلُ الْمَاءُ بِقُوَّةٍ فَيَحْصُلُ الْخَلَلُ فِي السَّطْحِ الْأَسْفَلِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ سَعَتِهِ لِيَعْرِفَ قَدْرَ مَا يَحْوِيهِ مِنْ الْمَطَرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ سَعَتُهُ كَثِيرَةً حَوَى مَاءً كَثِيرًا، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً حَوَى مَاءً قَلِيلًا.

(قَوْلُهُ: الَّذِي يَنْحَدِرُ مِنْهُ) أَيْ: إلَى الْقَنَاةِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَوْضِعِ الْإِجْرَاءِ وَقَوْلُهُ: يَنْحَدِرُ مِنْهُ أَيْ: يَجْرِي فِيهِ وَيَنْزِلُ مِنْهُ

وَقَوْلُهُ: يَنْحَدِرُ إلَيْهِ أَيْ: يَنْزِلُ مِنْهُ إلَى الطَّرِيقِ. (قَوْلُهُ: لَا تَدْعُو إلَيْهِ) مَنَعَهُ الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى الْبِنَاءِ فَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَبْنِي وَغَسْلُ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي لَا بُدَّ مِنْهُ لِكُلِّ النَّاسِ أَوْ الْغَالِبِ، وَهُوَ بِلَا شَكٍّ يَزِيدُ عَلَى حَاجَةِ الْبِنَاءِ ح ل وَفِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَا بِنَاءٌ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر أَنَّ مَاءَ الْغُسَالَةِ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى إجْرَائِهِ لِسَطْحِ الْغَيْرِ بِمَالُ إنْ بَيَّنَ قَدْرَ الْمَاءِ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ دُونَ مَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَهُ، وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَيَكُونُ فِي مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَفْصِيلٌ وَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ الْمَخْصُوصَةِ فِي حُشِّ غَيْرِهِ وَعَلَى جَمْعِ الْقُمَامَاتِ وَلَا زِبْلًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَلَوْ بِمَالٍ وَفِي عَقْدِهِ مَا مَرَّ فِي ق الْبِنَاءُ ق ل

(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَنَازَعَا جِدَارًا) الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَا عَقِبَ الْجِدَارِ بَيْنَ مَالِكَيْنِ بِأَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى الصُّلْحِ عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ لِلْمُنَاسَبَةِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ دَخَلَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ جِدَارًا

وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَ السَّقْفُ أَزَجًّا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ سَقْفًا وَقَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ: مِنْ الْجِدَارِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَبِنَاءِ الْآخَرِ وَفِي ق ل قَوْلُهُ: كَأَنْ دَخَلَ إلَخْ بِأَنْ دَخَلَ جَمِيعُ أَنْصَافِ لِبَنَاتِ طَرَفِ جِدَارِ أَحَدِهِمَا فِي مُحَاذَاةِ جَمِيعِ أَنْصَافِ لَبِنَاتِ طَرَفِ جِدَارِ الْآخَرِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَلَا يَكْفِي بَعْضُ لَبِنَاتٍ فِي طَرَفٍ أَوْ أَكْثَرُ لِإِمْكَانِ حُدُوثِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>