للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَافُ مُقْتَضَاهَا

(وَ) شَرْطٌ (فِي الصِّيغَةِ) لِلضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ (لَفْظٌ) صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ (يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ) ؛ لِأَنَّ الرِّضَا لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ وَفِي مَعْنَاهُ الْكِتَابَةُ مَعَ نِيَّةٍ وَإِشَارَةِ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٍ (كَضَمِنْتُ دَيْنَكَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى فُلَانٍ (أَوْ تَحَمَّلْتُهُ أَوْ تَقَلَّدْتُهُ ` أَوْ تَكَلَّفْتُ بِبَدَنِهِ أَوْ أَنَا بِالْمَالِ) الْمَعْهُودِ (أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ) الْمَعْهُودِ (ضَامِنٌ أَوْ كَفِيلٌ) أَوْ زَعِيمٌ وَكُلُّهَا صَرَائِحُ بِخِلَافِ دَيْنُ فُلَانٍ إلَيَّ وَنَحْوِهِ أَمَّا مَا لَا يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ نَحْوُ أُؤَدِّي الْمَالَ أَوْ أُحْضِرُ الشَّخْصَ وَخَلَا عَنْ قَرِينَةٍ فَلَيْسَ بِضَمَانٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَالَ: أَرَدْتُ بِهِ الشَّرْطِيَّةَ بَطَلَتْ إنْ وَافَقَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ، وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ تَقْدِيمًا لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ وَفَارَقَ بُطْلَانَهَا هُنَا بِالشَّرْطِ عَدَمُ بُطْلَانِ الْقَرْضِ بِشَرْطِ رَدِّ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ وَصْفٌ تَابِعٌ فَقَصَرَ الْإِلْغَاءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَتَأَمَّلْ وَأَيْضًا الْكَفَالَةُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: ضَعِيفَةٌ مِنْ حَيْثُ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهَا الْتِزَامُ أَبْدَانِ الْأَحْرَارِ فَتَأَثَّرَتْ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَلَوْ قَالَ: كَفَلْتُ لَكَ نَفْسَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ فَأَنَا ضَامِنُهُ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ وَالضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِيهَا أَيْضًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَلَوْ قَالَ كَفَلْتُ بَدَنَهُ وَضَمِنْتُ مَا عَلَيْهِ فَهِيَ كَفَالَةٌ وَضَمَانٌ صَحِيحَانِ. اهـ. ح ف.

(قَوْلُهُ: مُقْتَضَاهَا) ، وَهُوَ عَدَمُ الْغُرْمِ

. (قَوْلُهُ: لِلضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ) عَطْفُ الْكَفَالَةِ عَلَى الضَّمَانِ يُوهِمُ أَنَّهَا قَسِيمٌ لِلضَّمَانِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ أَنَّهَا قِسْمٌ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ جَرَى هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْكَفَالَةَ قَسِيمُهُ أَوْ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْأَخَصِّ عَلَى الْأَعَمِّ وَنُكْتَتُهُ الِاهْتِمَامُ بِهَا لِضَعْفِهَا بِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهَا وَأَصْلُهُ قَوْلُ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّهَا ضَعِيفَةٌ أَيْ: مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَاهُ الْكِتَابَةُ) أَيْ: سَوَاءٌ صَدَرَتْ مِنْ نَاطِقٍ أَوْ أَخْرَسَ وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْأَخْرَسِ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ أَوْ لَا فَهِيَ أَيْ: الْكِتَابَةُ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا، وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهَا قَرَائِنُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ ذَكَرَ الْكِتَابَةَ وَالْإِشَارَةَ فِي الضَّمَانِ دُونَ غَيْرِهِ وَأَحَالَ حُكْمَهُمَا فِي غَيْرِهِ عَلَيْهِ؟ . قُلْتُ: فَعَلَ ذَلِكَ تَبَعًا لِلْأَصْحَابِ حَيْثُ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي الضَّمَانِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ. (قَوْلُهُ: وَإِشَارَةِ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٍ) ، وَهِيَ صَرِيحَةٌ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَإِنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ فَكِنَايَةٌ، وَإِلَّا فَلَغْوٌ ق ل.

(قَوْلُهُ: كَضَمِنْتُ دَيْنَكَ عَلَيْهِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ اتَّحَدَ الدَّيْنُ وَتَوَافَقَا عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ قَرْضٍ وَثَمَنُ مَبِيعٍ وَطَالَبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ فَقَالَ الْكَفِيلُ: ضَمِنْتُ دَيْنَكَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: بَعْدَ ذَلِكَ ضَمِنْتُ شَيْئًا خَاصًّا كَدَيْنِ الْقَرْضِ مَثَلًا فَهَلْ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْكَفِيلِ إنْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ كَمَا لَوْ طَالَبَ بِدَيْنِ الْقَرْضِ فَقَالَ ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا لِجَمِيعِ الدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ إلَى مَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ ع ش اط ف

وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ: الْكَائِنِ عَلَيْهِ، فَهُوَ صِفَةٌ لِدَيْنٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَقَلَّدْتُهُ) أَوْ الْتَزَمْتُهُ قَالَ شَيْخُنَا: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصَرَاحَةِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ذِكْرُ الْمَالِ فَنَحْوُ ضَمِنْتُ فُلَانًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَالِ كِنَايَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ ح ل فَإِنْ نَوَى بِهِ ضَمَانَ الْمَالِ وَعَرَفَ قَدْرَهُ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ عَمِيرَةُ مَا حَاصِلُهُ إنَّهُ إنْ لَمْ يُرِدْ ضَمَانَ الْمَالِ حُمِلَ عَلَى كَفَالَةِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا مَعْرِفَةُ قَدْرِ الْمَالِ انْتَهَى، وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ بِمَا ذَكَرَهُ الْتِزَامًا كَانَ لَغْوًا، وَإِنْ نَوَى الْتِزَامَ الْمَالِ أَوْ الْبَدَنِ عَمِلَ بِمَا نَوَاهُ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الِالْتِزَامَ لَا بِقَيْدِ الْمَالِ وَلَا الْبَدَنِ حُمِلَ عَلَى الْبَدَنِ اهـ، وَلَوْ قَالَ كَفَلْتُك: إنْ شِئْتَ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَةٍ بِخِلَافِ بِعْتُكَ إنْ شِئْتَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَةٍ، فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَاهُ فَلَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ إنْ شِئْتَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَصِحَّا.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَنَا بِالْمَالِ) الْبَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ لِتَزْيِينِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ لِضَامِنٍ. (قَوْلُهُ: الْمَعْهُودِ) لَيْسَ مِنْ لَفْظِ الضَّامِنِ، بَلْ مُرَادُهُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ اللَّامَ عَهْدِيَّةٌ لِمَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ وَكَفَالَتُهُ لَا مُطْلَقُ الْمَالِ أَوْ الشَّخْصِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْمَالُ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ الشَّخْصِ الَّذِي هُوَ فُلَانٌ بِدَلِيلِ أَنَّهَا كُلُّهَا صَرَائِحُ كَمَا يَأْتِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ،.

وَعِبَارَةُ حَجّ مَعَ الْمَتْنِ أَوْ أَنَا بِالْمَالِ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ الَّذِي هُوَ فُلَانٌ، وَإِنَّمَا قَيَّدْتُ الْمَالَ وَالشَّخْصَ بِمَا ذَكَرْتُهُ لِمَا هُوَ وَاضِحٌ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذِكْرُ مَا فِي الْمَتْنِ وَحْدَهُ فَإِنْ قُلْتَ: يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ ذِكْرِهِمَا وَتَكُونُ أَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ، بَلْ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُمَا ذِكْرًا حُمِلَا لَهُمَا عَلَى الْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ قُلْتُ: لَا يَصِحُّ هَذَا الْحَمْلُ، وَإِنْ أَوْهَمَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْمَعْهُودِ، بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ فِيهِمَا كِنَايَةٌ لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْقَرِينَةِ فِي الصَّرَاحَةِ اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ دَيْنِ فُلَانٍ إلَيَّ وَنَحْوُهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>