بَلْ وَعْدٌ
(وَلَا يَصِحَّانِ) أَيْ: الضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ (بِشَرْطِ بَرَاءَةِ أَصِيلٍ) لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَاهُمَا وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَا بِتَعْلِيقٍ) نَحْوُ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَقَدْ ضَمِنْتُ مَا عَلَى فُلَانٍ أَوْ كَفَلْتُ بَدَنَهُ (وَ) لَا (تَوْقِيتٍ) نَحْوُ أَنَا ضَامِنٌ مَا عَلَى فُلَانٍ أَوْ كَفِيلٌ بِبَدَنِهِ إلَى شَهْرٍ فَإِذَا مَضَى بَرِئْتُ وَهَذِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّمَانِ مِنْ زِيَادَتِي
(وَلَوْ كَفَلَ) بَدَنَ غَيْرِهِ (وَأَجَّلَ إحْضَارًا) لَهُ (بِ) أَجَلٍ (مَعْلُومٍ صَحَّ) لِلْحَاجَةِ نَحْوُ أَنَا كَفِيلٌ بِفُلَانٍ أُحْضِرُهُ بَعْدَ شَهْرٍ (كَضَمَانِ حَالٍ مُؤَجَّلًا بِهِ) أَيْ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الضَّامِنِ (وَعَكْسُهُ) أَيْ: ضَمَانُ الْمُؤَجَّلِ حَالًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ تَبَرُّعٌ فَيُحْتَمَلُ فِيهِ اخْتِلَافُ الدَّيْنَيْنِ فِي الصِّفَةِ
لِلْحَاجَةِ
(وَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ تَعْجِيلٌ) لِلْمَضْمُونِ وَإِنْ الْتَزَمَهُ حَالًا كَمَا لَوْ الْتَزَمَهُ الْأَصِيلُ، وَلَوْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ إلَى شَهْرٍ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرَيْنِ فَهُوَ كَضَمَانِ الْحَالِ مُؤَجَّلًا أَوْ عَكْسُهُ فَكَضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَعِنْدِي أَوْ مَعِي فَهِيَ كِنَايَةٌ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الضَّمَانَ وَالْوَكَالَة وَقَوْلُهُ: أَمَّا مَا لَا يُشْعِرُ أَيْ: لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمُشْعِرَ شَامِلًا لَهُمَا بِقَوْلِهِ وَخَلَا عَنْ قَرِينَةٍ أَيْ: تَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ فَإِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى الِالْتِزَامِ كَمُخَاصَمَةٍ بَيْنَ الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ مِنْ جِهَةِ الدَّيْنِ وَأَرَادَ حَبْسَهُ فَقَالَ الضَّامِنُ: أُؤَدِّي الْمَالَ عَنْهُ فَيَكُونُ كِنَايَةً إنْ نَوَى بِهِ الضَّمَانَ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا فَالْمُرَادُ بِهَا غَيْرُ النِّيَّةِ فَيَكُونُ هَذَا وَنَحْوُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ كَلَامُهُ، وَأَمَّا حَمْلُ الْقَرِينَةِ فِيهِ عَلَى النِّيَّةِ كَمَا فِي م ر فَلَا يُنَاسِبُ سِيَاقَ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى التَّقْيِيدِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ عِنْدَ النِّيَّةِ يَكُونُ كِنَايَةً، وَهُوَ قَدْ جَعَلَهُ خَارِجًا عَنْ الْمُشْعِرِ الشَّامِلِ لِلصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ اسْتِوَاءُ مَا يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ وَغَيْرِهِ ح ل بِإِيضَاحٍ.
(وَقَوْلُهُ: بَلْ وَعَدَ) أَيْ: مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الِالْتِزَامَ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ سم وَقِ ل
. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ بَرَاءَةِ أَصِيلٍ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الضَّمَانِ وَمَعْنَاهُ فِي الْكَفَالَةِ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْكَفِيلِ بِأَنْ يَقُولَ: تَكَفَّلْتُ بِإِحْضَارِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَكَفَّلَ بِهِ قَبْلُ بَرِئَ ع ش أَيْ: بِأَنْ كَانَ كَفَلَهُ إنْسَانٌ قَبْلُ وَفِي كَوْنِ هَذَا يُسَمَّى أَصِيلًا نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَصِيلٌ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي فَتَأَمَّلْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِالْأَصِيلِ فِي الْكَفَالَةِ الْمَكْفُولُ. (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ) أَيْ: الْكَفَالَةِ مِنْ زِيَادَتِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْكَفَالَةِ بِالْأُولَى فَكَأَنَّهَا مَذْكُورَةٌ فِي كَلَامِ الْأَصْلِ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلضَّامِنِ أَوْ الْكَفِيلِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لِمَا فَاتَهُ مَقْصُودُهُمَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَلَّقُ) أَعَادَ الْبَاءَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى بَرَاءَةٍ شَوْبَرِيٌّ
وَقَوْلُهُ: أَوْ كَفَلْتُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا كَمَا مَرَّ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِذَا مَضَى) لَا حَاجَةَ لِهَذَا؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ فَاسِدَةٌ بِدُونِهِ. (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) أَيْ: مَسْأَلَةُ تَوْقِيتِ الضَّمَانِ
وَقَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَخْ هَذِهِ تُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ وَسِيلَةٌ وَلَمْ تَصِحَّ مُؤَقَّتَةً وَالضَّمَانُ مَقْصِدٌ وَمِنْ الْقَوَاعِدِ يُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ بِمَنْعِ تَوْقِيتِ الضَّمَانِ وَجَرَى فِي الْكَفَالَةِ خِلَافٌ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ
. (قَوْلُهُ: مُؤَجَّلًا بِهِ) وَيُفَارِقُ مَا لَوْ رَهَنَ بِدِينٍ حَالَ وَشَرَطَ فِي الرَّهْنِ أَجَلًا وَعَكْسُهُ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ مَعَ أَنَّ كُلًّا وَثِيقَةٌ بِأَنَّ الرَّهْنَ عَيْنٌ، وَهِيَ لَا تَقْبَلُ تَأْجِيلًا وَلَا حُلُولًا وَالضَّمَانُ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ وَالذِّمَّةُ قَابِلَةٌ لِالْتِزَامِ الْحَالِ مُؤَجَّلًا وَعَكْسُهُ انْتَهَى شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ: وَكَعَكْسِهِ إنْ جُرَّ وَبِنَصْبِهِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ إنْ نُصِبَ، وَإِنْ رُفِعَ فَعَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ صَحَّ الْمُقَدَّرُ أَيْ صَحَّ عَكْسُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ ع ش الِاخْتِلَافُ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ ضَمِنَ الْحَالَ مُؤَجَّلًا أَمَّا عَكْسُهُ فَلَا يَظْهَرُ فِيهِ ذَلِكَ لِعَدَمِ لُزُومِ التَّعْجِيلِ لِلضَّامِنِ فَالتَّخَالُفُ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ التَّسْمِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ فِيهِ اخْتِلَافُ الدَّيْنَيْنِ) تَسْمِيَتُهُمَا دَيْنَيْنِ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِمَا، وَإِلَّا، فَهُوَ دَيْنٌ وَاحِدٌ قَالَ السُّبْكِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْأَصِيلِ هُوَ الَّذِي عَلَى الضَّامِنِ كَفَرْضِ الْكِفَايَةِ الْوَاجِبِ عَلَى جَمَاعَةٍ، فَهُوَ وَاحِدٌ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ وَيَتَعَدَّدُ بِالْإِضَافَةِ إلَى هَذَا وَإِلَى هَذَا فَلِذَا حَلَّ عَلَى هَذَا دُونَ هَذَا وَأَمْكَنَ ثُبُوتُهُ فِي هَذَا مُؤَجَّلًا وَفِي حَقِّ الْآخَرِ حَالًا سم فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ الدَّيْنَ وَاحِدٌ وَلَا دَيْنَانِ
. (قَوْلُهُ: تَعْجِيلٌ لِلْمَضْمُونِ) فَيَلْزَمُ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ مُوَرِّثِهِ تَبَعًا وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ تَبَعًا أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ حَلَّ عَلَى الضَّامِنِ أَيْضًا لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ، وَهَذَا فَائِدَةُ صِحَّةِ ضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ حَالًا، وَأَمَّا إذَا مَاتَ الضَّامِنُ وَحْدَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَحِلُّ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ م ر لِبَقَاءِ التَّبَعِيَّةِ ع ش وح ل مُلَخَّصًا.
وَعِبَارَةُ ح ل وَإِذَا مَاتَ الْأَصِيلُ حَلَّ عَلَيْهِمَا، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَضَمَانِ الْحَالِ مُؤَجَّلًا) أَيْ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الضَّامِنِ اسْتِقْلَالًا لَكِنْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ الْأَقْصَرِ، وَهُوَ الشَّهْرُ فِي هَذَا الْمِثَالِ
وَقَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ أَيْ: بِأَنْ ضَمِنَ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرَيْنِ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ وَقَوْلُهُ: فَكَضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ حَالًا أَيْ: فِي أَنَّهُ يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ تَعْجِيلٌ وَلَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ فِيمَا لَوْ ضَمِنَ مُؤَجَّلًا لِشَهْرَيْنِ مُؤَجَّلًا